شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الصومعات بمدينة تونس


ثروت كتبي
02-03-2011, 07:29 PM
الصومعات بمدينة تونس


الموقع الإلكترونية لعميد الآثاريين بتونس الاستاذ سليمان مصطفى زبيس
http://www.smzbiss.org/ (http://www.smzbiss.org/)






الصومعات بمدينة تونس


إن من الظواهر الخاصة بمواقع المدن الإسلامية وجود العدد الوفير من تلك الأبراج المرتفعة فوق المستوى العام للمباني الموجودة والمتمثلة في القباب والصومعات. وسوف نتحدث في فرصة أخرى عن القباب أما هذه المرة فلنحصر الحديث حول الصومعات.
وإن الصومعة لهي عضو من أعضاء المسجد من حيث ينادي للمصلين إلى الصلاة. وهي على الأقل الوظيفة الوحيدة التي انحصرت فيها في هذا العصر. أما في القديم فكانت للصومعة وظيفتان أخريان إذ كانت تصلح أيضا للرقابة وللمخابرة بمختلف الإشارات كما كان ذلك في الرباطات أي في تلك القلاع التي كان يقيم فيها المرابطون للذود عن حرمة البلاد من الهجمات الواردة عن طريق البحر وقد كان هذا البرج المرتفع يسمى حسب العصور وحسب البلدان كان يسمى المنار أو المنارة أو الصومعة أو المئذنة وقد اختصت اليوم البلاد التونسية بتسميته (الصومعة) على أننا مازلنا نجد في تعابيرنا التونسية بقايا من التسميات القديمة كالمنار (منار خلف بالقصبة بسوسة) والمنارة (وهي تسمية لعدة مواقع كانت فيها رباطات هي اليوم على حالة خراب أو صارت قرى متواضعة).
وتختلف أشكال الصومعات بحسب البلدان التي أنشئت فيها وحسب عصور الإنشاء وفي كل بلد نرى كذلك اختلافات في الزخارف وفي طرق البناء. وبديهي أن يختص كل بلد بتقاليده الخاصة فيما يرجع ذلك إلى الفنون الخاصة بالبنائين من حيث تهيئة البرامج ذهنيا وتطبيقها وتقديمها جاهزة في مظهرها الفني الرائع.
وتلوح صومعات مدينة تونس في صورة مجموعة مختلفة الأشكال تتراوح من القرن السابع هـ. (الثالث عشر م.) إلى عصرنا هذا بينما يمكننا بالنسبة إلى بعض المدن التونسية الأخرى التأخير بهذا التاريخ إلى بداية القرن الثالث هـ. (التاسع م.) مثل منارة قصر الرباط بسوسة بل ولعل إلى نهاية القرن الأول (القرن السابع م.) في صومعة الجامع الكبير بالقيروان. وعندما سنتحدث عن صومعات تونس سوف نحصر حديثنا في مظهرها الخارجي تاركين عمدا – حرصا على الإيجاز – المظهر الداخلي كوضعية المدارج وكيفية اندراجها في المبنى ووسائل تنويرها وكيفية تسقيفها الخ.
وإن أقدم صومعات مدينة تونس هي صومعة جامع القصبة الذي يشرف على البلد والذي تلوح منه قبل كل صلاة الإشارة إلى الصومعات الأخرى إلى أن وقت الآذان قد حان. ويعود إنشاء صومعة القصبة – أو جامع الموحدين – إلى الأمير الحفصي أبي زكرياء الأكبر وكان الوالي على الأقطار الشرقية التابعة للدولة الموحدية حتى انشق عنها سنة627هـ/1229م .وأسس الجامع المذكور واعتلى صومعته في غرة رمضان من سنة 630 هـ. / 1233 م. فكان أول من نادى منها إلى الصلاة. ومن خاصيات هذه الصومعة أنها أقيمت على قاعدة مربعة وأن قامتها ترتفع عن سطح الأرض في طول يساوي تقريبا أربعة أضعاف عرضها وقد أدخل هذا الشكل تجديدات في أكثر من عنصر من عناصر الهندسة المعمارية للصومعات التونسية فبينما كانت الصومعات السابقة لهذه تظهر في أبسط ما يكون من المظاهر لا يلوح عليها زخرف يلفت النظر إذا بالصومعة الحفصية الأولى تجلبالأنظار بإلحاح من جراء ما تكتسي به من الزخارف الخارجية الزاخرة المتمثلة في كسو كامل لواجهاتها الأربع بجهاز من التساطير المتكونة من معينات بارزة الكذان مرتبطة ببعضها عموديا وأفقيا وفي أسفلها أقواس قائمة على أسطوانات رخامية. ويبرز مجموع ما ذكر على أرضية من حجارة (الحرش) الرملية المرصفة ترصيفا فنيا محكما وأن التعاقب بين اللونين لون الكذان الأبيض ولون الحرش الأصفر مع تفاعل الظل والنور كل ذلك يعطي واجهات الصومعة الصاعدة في السماء والضاربة عليها أشعة الشمس مظهرا خصيبا بالجمال والروعة. ويتوج أعلى الكتلة المربعة تاج من الشرافات على شكل أسنان المنشار في صورة أكليل بديع التقاطيع. اما المبنى الصغير- وهو الجامور – الذي يعلو هذه الكتلة فقد جاء مغطى بغطاء هرمي الشكل وموضوعا في دائرة أضيق وفيه ما يؤكد مظهرا للتجديد أدخله الفن الموحدي الحفصي إلى تونس ذلك الفن الذي أخذ عن الفن الاسباني المغربي.
وسوف يصبح هذا المثال إلى هذا اليوم المثال النموذجي الذي ينسج على منواله لبناء الصومعات التونسية. وعلى هذا النمط تظهر بالخصوص أبرز الصومعات في مدينة تونس ويبدو في مجموعاتها ثلاث فصائل لا يختلف بعضها عن البعض إلا من حيث مقدار ما صرف من عناية لزخرفتها.
الفصيلة الأولى: تتمثل في الصومعات التي كسيت جوانبها بالتساطير المتألفة من المعينات البارزة على أرضيات (الحرش) مثل صومعة جامع باب الجزيرة البراني (القرن السابع هـ. الثالث عشر م.) وصومعة جامع الزيتونة التي بنيت في أواخر القرن الماضي.
الفصيلة الثانية: وهي تلك التي ليس عليها تساطير بارزة ولكنها تتكون من أرضية مسطحة من حجارة (الحرش) الصفراء المرصفة ترصيفا فنيا محكما، ومنها صومعة جامع أبي محمد وصومعة جامع التوفيق أو جامع الهواء في ناحية القصبة (القرن السابع هـ. / الثالث عشر م.) وصومعة جامع الحلق بسوق السلاح قرب الباب الجديد (القرن الثامن هـ./ الرابع عشر م.) وصومعة مسجد الأشبيلي بسوق البلاط (القرن الثامن هـ./ الرابع عشر م.) وصومعة جامع باب الأقواس قرب باب أبي سعدون (القرن التاسع هـ./ الخامس عشر م.) وصومعة جامع القصر ببطحاء القصر (القرن التاسع هـ./ السابع عشر م.) وصومعة جامع الملاسين في ضاحية المدينة (القرن التاسع هـ./ الخامس عشر م.).
الفصيلة الثالثة: وتتمثل جميع المنارات التي كسيت جوانبها بالملاط ودهنت بالجير الأبيض وهي تبدو في أبسط ما يكون من المظاهر ليس فيها من الزخارف إلا ما جاء في الإطار النمق الذي يحيط في كل جانب بالشبابيك المتوأمة (السلامات في التعبير التونسي) التي ينادي منهما إلى الصلاة. ومن هذه الفصيلة التونسي) التي ينادي منهما إلى الصلاة. ومن هذه الفصيلة نذكر صومعة جامع الزراعية قرب باب البحر (القرن السابع هـ./الثالث عشر م.) وصومعة جامع سبحان الله بشارع الحلفاء قرب بطحاء الخلفاوين (القرن الحادي عشر هـ./السابع عشر م.) وصومعة جامع السبخاء قرب باب الجزيرة (القرن الحادي عشر هـ./السابع عشر م.) وعلى هذا النحو تبدوا صومعات المساجد الصغرى التي أنشئت في مختلف أحياء المدينة منذ القرن السابع هـ./ الثالث عشر م.) إلى قبيل الحرب العالمية الثانية. وتجلب النظر صومعة جامع باردو (القرن الثاني عشر هـ./الثامن عشر م.) بالزليج الذي يكسو جوانبها وهذه ظاهرة جديدة في زخرفة الجوانب الخارجية للصوامع. وقد جاءت الحرب العالمية الأخيرة وأعقبتها فترة أعيدت فيها البناءات المتهدمة اتسعت فيها دائرة المدينة سابقا وكثر فيها بالخصوص ظهور المنشآت التمصيرية التابعة لمدينة تونس في ضواحيها فنتج عن ذلك ظهور عدد كبير م%

الكاتب
أ. سليمان مصطفى زبيس

المصدر
موقع سليمان مصطفى زبيس