شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : دارا عثمان بن عفان رضي الله عنه .. المدينة المنورة


سلسبيل كتبي
02-03-2011, 03:40 PM
دارا عثمان بن عفان رضي الله عنه .. المدينة المنورة


يفهم من تواريخ المدينة أنه كان لعثمان بن عفان داران متصلتان ببعضهما تقعان في الناحية الشرقية للمسجد النبوي .

إحداهما : الدار الصغرى ، والثانية : الدار الكبرى .. وكلتاهما بنيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد نص صاحب " وفاء الوفا " على أن الدار الأولى قد حل محلها الرباط المعروف برباط سيدنا عثمان ، وذكر أن هذا الرباط للمغاربة .. وبهذا التنصيص كفانا مؤونة البحث والتنقيب .. فرباط سيدنا عثمان موجود بعينه إلى ما قبل التوسعة السعودية للمسجد النبوي .
وكان هذا الرباط من أوقاف المغاربة ، وكانت به مكتبة تحوي كتب الفقه المالكي وغيره . وأكثرها خطي ، وكانت في خزائن خشبية عتيقة ، أخبرني بعض نظار الرباط بأنها أخرجت من الحجرة النبوية ، وأنها من مصنوعات الدولة العباسية ومما أهدته إلى الحجرة النبوية الشريفة .

وهياكل هذه الخزائن ونقوشها وحلقاتها - تؤيد كلها قول الناظر المشار إليه . وقد أفادنا السمهودي بأن قتلة عثمان رضي الله عنه تسوروا عليه من هذه الدار الصغرى إلى جاره الكبرى التي كان يقطنها يومئذ وهو خليفة . ويقول لنا إن دار عثمان الكبرى يقع في محلها رباط الأصفهاني وتربة أسد الدين شيركوه عم السلطان صلاح الدين الأيوبي بن أيوب ومعه فيها والد صلاح الدين أيضاً ، وفي محل الدار الكبرى أيضاً دار مشايخ الخدام وبعدها جنوباً الطريق خمسة أذرع أو نحو ذلك ثم منزل أبي أيوب الأنصاري .

ونحن نقول تمهيداً لتحديد هذه الدار تحديداً علمياً : إننا نرى أن رباط الأصفهاني الذي ذكره السمهودي ، وقال عنه إنه جزء من الدار : هو الرباط المعروف اليوم برباط العجم ، لما ورد في " وفاء الوفا " من كون بانيه وقفه على فقراء الحجم ولا نطباق ما حكاه من أن الواقف جعل لنفسه قبراً ذا شباك مقابلاً للقبر الشريف - على الرباط المذكور ، حيث إن فيه لليوم شباكاً هذا وصفه .

كما أننا نرتئي أن الدار التي ذكر أنها دار مشايخ الخدام : هي المعروفة الآن بدار مشيخة الحرم النبوي ، وكانت مخصصة لإقامة شيخ الحرم النبوي في عهد الحكومة العثمانية .. وشيخ الحرم النبوي هو شيخ الخدام بعينه في الاصطلاح القديم .

والطريق الذي ذكر أنه في جنوب الدار لا يزال موجوداً ، وهو زقاق الحبشة الذي أصبح عرضه اليوم مرتين .

بعد هذا التمهيد في وسعنا أن نقدم للقراء ، صورة حقيقية لدار عثمان الكبرى التي استشهد في بعض غرفها ، بزاويتها الجنوبية ، فنقول : يحد هذه الدار شرقاً داره الصغرى ( رباط سيدنا عثمان اليوم ) ، وغرباً موضع الجنائز ( فرش الحجر ) ، وشمالاً طريق البقيع ، وجنوباً زقاق الحبشة . ويُفهم من قول ابن جبير في رحلته : " ويقابل باب جبريل عليه السلام دار عثمان رضي الله عنه ، وهي التي استشهد فيها " أنها كانت موجودة معروفة بهذا الاسم إلى أواخر القرن السادس الهجري ولا بد أن عدة تجديدات وترميمات قد أجريت بها فيما بعد .


المرجع :
عبد القدوس الأنصاري ، آثار المدينة المنورة ، الطبعة الثالثة 1393 هـ - 1973 م .