جمانة كتبي
06-23-2011, 01:07 AM
نصير الدين الطوسي
( 672-597هـ
1202 - 1274م )
أحد الأفذاذ القلائل الذين ظهروا في القرن السادس للهجرة، وأحد حكماء الإسلام المشار إليه بالبنان، وهو من الذين اشتهروا بلقب "العلامة".
واسمه الكامل هو : أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي، ولد في مدينة طوس، قرب نيسابور (فارس) سنة 597هـ (1201م)، وتوفي في بغداد سنة 672هـ (1274م). ودرس على كمال الدين بن يونس الموصلي وعلى عبد المعين سالم بن بدران المعتزلي.
بدأ حياته العملية كفلكي للوالي نصير الدين عبد الرحمن بن أبي منصور في سرتخت. وبلغ الطوسي مكانة كبيرة في عصره، فقد كرمه الخلفاء وجالس الأمراء والوزراء، وهو ما أثار عليه حسد الحاسدين، فوشوا به وحكم عليه بالسجن في قلعة "ألموت"، مع السماح له بمتابعة أبحاثه، فكتب معظم مصنفاته العلمية في هذه القلعة.
ولما استولى هولاكو، ملك المغول، على بغداد (656هـ1258-م)، أراد أن يستفيد من علماء أعدائه العباسيين، فأطلق سراح الطوسي وقربه إليه وأسند إليه نظارة الوقف. ثم عينه على رأس مرصد مدينة مراغة (إيران) الذي تم إنشاؤه بطلب من الطوسي. وفي هذا المرصد، كان الطوسي يشرف على أعمال عدد كبير من الفلكيين الذين استدعاهم هولاكو من مختلف أنحاء العالم. ومنهم المؤيد العُرْضِي من دمشق، والفخر المراغى من الموصل، ونجم الدين القزويني، ومحيى الدين المغربي. وقد اشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرته في الرصد. وبنى بالمرصد مكتبة عظيمة ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة. وقدر عدد الكتب بها بنحو أربعمائة ألف مجلد.
إسهاماته العلمية
كتب الطوسي في المثلثات، وفي الهيئة، والجبر، وإنشاء الأسطرلابات وكيفية استعمالها. ففي المثلثات كان الطوسي أول من جعلها مستقلة عن الفلك. كما ابتكر براهين جديدة لمسائل فلكية متنوعة. وهو أول من استعمل الحالات الست للمثلث الكروي القائم الزاوية. ويقول كارادي فو إن الطوسى قد بسط في كتابه "الشكل الرباعي" : علم المثلثات بأوضح أسلوب وأسهله، أولاً على طريقة منالاووس وبطليموس، ثم على طرق استنبطها هو مشيراً إلى نتائجها. وقاعدته التي سماها "قاعدة الأشكال المتتامة"، تخالف استعمال نظرية بطليموس في الأشكال الرباعية''.
وتساوي عبقرية نصير الدين الطوسي الهندسية عبقريته الفلكية. فقد برع الطوسي في معالجة المتوازيات الهندسية، وجرب أن يبرهنها، وبنى برهانه على فروض. وقد ذكر سارطون أن الطوسى برهن في "كتاب التذكرة" على عدد من المسائل الهندسية. ويمتاز الطوسى في بحوثه الهندسية بإحاطته الكلية بالمبادئ والقضايا الأساس التي تقوم عليها الهندسة، ولا سيما ما يتعلق بالمتوازيات.
وله في الفلك إسهامات وإضافات مهمة، فقد أوضح كثيراً من النظريات الفلكية، وانتقد كتاب "المجسطي"، واقترح نظاماً فلكياً أبسط من النظام الذي وضعه بطليموس، فمهد بذلك الطريق أمام الإصلاحات التي جاء بها كوبرنيك فيما بعد. وللطوسي أيضاً بحوث في الكرة السماوية ونظام الكواكب.
مؤلفاته
كتب نصير الدين في المثلثات، والفلك، والجبر، والهندسة، والحساب، والتقاويم، والطب، والجغرافية، والمنطق، والأخلاق، والموسيقي، وغيرها من المواضيع. كما ترجم بعض كتب اليونان وعلق على مواضيعها شارحاً ومنتقداً. ومن أشهر مؤلفاته :
ــ "كتاب شكل القطاع"، وهو أول مؤلف فرق بين حساب المثلثات وعلم الفلك. يقول عنه كارادي فو : "وهو مؤلف من الصنف الممتاز في علم المثلثات الكروية". ترجم إلى اللاتينية والفرنسية والإنجليزية، وظل الأوربيون يعتمدون عليه لعدة قرون.
ــ "التذكرة النصيرية"، وهو كتاب عام لعلم الفلك. أوضح فيه كثيراً من النظريات الفلكية، وفيه انتقد "كتاب المجسطي" لبطليموس. ويعترف "سارطون" بأن هذا الانتقاد يدل على عبقرية الطوسي وطول باعه في الفلك.
ــ "زيج الإيلخاني" يشتمل على حسابات أرصاده التي قام بها خلال اثنتي عشرة سنة ؛
ــ "كتاب قواعد الهندسة" ؛
ــ "كتاب في الجبر والمقابلة" ؛
ــ "كتاب ظاهرات الفلك" ؛
ــ "كتاب تحرير المناظر" في البصريات.
وقد كتب نصير الدين مصنفاته بالعربية والفارسية، وترجمت إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها.
وخلاصة القول، فقد كان الطوسي من أعظم علماء الإسلام ومن أكبر رياضييهم، فقد أسهم بشكل كبير في تطوير العلوم ولا سيما الفلك والرياضيات، وظلت كتبه مراجع لعدة قرون، ونالت شهرة كبيرة بفضل ما قدم مؤلفها من إسهامات غنية.
المصدر كتاب : بناة الفكر في الحضارة الإسلامية / حليمة الغراري .
( 672-597هـ
1202 - 1274م )
أحد الأفذاذ القلائل الذين ظهروا في القرن السادس للهجرة، وأحد حكماء الإسلام المشار إليه بالبنان، وهو من الذين اشتهروا بلقب "العلامة".
واسمه الكامل هو : أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي، ولد في مدينة طوس، قرب نيسابور (فارس) سنة 597هـ (1201م)، وتوفي في بغداد سنة 672هـ (1274م). ودرس على كمال الدين بن يونس الموصلي وعلى عبد المعين سالم بن بدران المعتزلي.
بدأ حياته العملية كفلكي للوالي نصير الدين عبد الرحمن بن أبي منصور في سرتخت. وبلغ الطوسي مكانة كبيرة في عصره، فقد كرمه الخلفاء وجالس الأمراء والوزراء، وهو ما أثار عليه حسد الحاسدين، فوشوا به وحكم عليه بالسجن في قلعة "ألموت"، مع السماح له بمتابعة أبحاثه، فكتب معظم مصنفاته العلمية في هذه القلعة.
ولما استولى هولاكو، ملك المغول، على بغداد (656هـ1258-م)، أراد أن يستفيد من علماء أعدائه العباسيين، فأطلق سراح الطوسي وقربه إليه وأسند إليه نظارة الوقف. ثم عينه على رأس مرصد مدينة مراغة (إيران) الذي تم إنشاؤه بطلب من الطوسي. وفي هذا المرصد، كان الطوسي يشرف على أعمال عدد كبير من الفلكيين الذين استدعاهم هولاكو من مختلف أنحاء العالم. ومنهم المؤيد العُرْضِي من دمشق، والفخر المراغى من الموصل، ونجم الدين القزويني، ومحيى الدين المغربي. وقد اشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرته في الرصد. وبنى بالمرصد مكتبة عظيمة ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة. وقدر عدد الكتب بها بنحو أربعمائة ألف مجلد.
إسهاماته العلمية
كتب الطوسي في المثلثات، وفي الهيئة، والجبر، وإنشاء الأسطرلابات وكيفية استعمالها. ففي المثلثات كان الطوسي أول من جعلها مستقلة عن الفلك. كما ابتكر براهين جديدة لمسائل فلكية متنوعة. وهو أول من استعمل الحالات الست للمثلث الكروي القائم الزاوية. ويقول كارادي فو إن الطوسى قد بسط في كتابه "الشكل الرباعي" : علم المثلثات بأوضح أسلوب وأسهله، أولاً على طريقة منالاووس وبطليموس، ثم على طرق استنبطها هو مشيراً إلى نتائجها. وقاعدته التي سماها "قاعدة الأشكال المتتامة"، تخالف استعمال نظرية بطليموس في الأشكال الرباعية''.
وتساوي عبقرية نصير الدين الطوسي الهندسية عبقريته الفلكية. فقد برع الطوسي في معالجة المتوازيات الهندسية، وجرب أن يبرهنها، وبنى برهانه على فروض. وقد ذكر سارطون أن الطوسى برهن في "كتاب التذكرة" على عدد من المسائل الهندسية. ويمتاز الطوسى في بحوثه الهندسية بإحاطته الكلية بالمبادئ والقضايا الأساس التي تقوم عليها الهندسة، ولا سيما ما يتعلق بالمتوازيات.
وله في الفلك إسهامات وإضافات مهمة، فقد أوضح كثيراً من النظريات الفلكية، وانتقد كتاب "المجسطي"، واقترح نظاماً فلكياً أبسط من النظام الذي وضعه بطليموس، فمهد بذلك الطريق أمام الإصلاحات التي جاء بها كوبرنيك فيما بعد. وللطوسي أيضاً بحوث في الكرة السماوية ونظام الكواكب.
مؤلفاته
كتب نصير الدين في المثلثات، والفلك، والجبر، والهندسة، والحساب، والتقاويم، والطب، والجغرافية، والمنطق، والأخلاق، والموسيقي، وغيرها من المواضيع. كما ترجم بعض كتب اليونان وعلق على مواضيعها شارحاً ومنتقداً. ومن أشهر مؤلفاته :
ــ "كتاب شكل القطاع"، وهو أول مؤلف فرق بين حساب المثلثات وعلم الفلك. يقول عنه كارادي فو : "وهو مؤلف من الصنف الممتاز في علم المثلثات الكروية". ترجم إلى اللاتينية والفرنسية والإنجليزية، وظل الأوربيون يعتمدون عليه لعدة قرون.
ــ "التذكرة النصيرية"، وهو كتاب عام لعلم الفلك. أوضح فيه كثيراً من النظريات الفلكية، وفيه انتقد "كتاب المجسطي" لبطليموس. ويعترف "سارطون" بأن هذا الانتقاد يدل على عبقرية الطوسي وطول باعه في الفلك.
ــ "زيج الإيلخاني" يشتمل على حسابات أرصاده التي قام بها خلال اثنتي عشرة سنة ؛
ــ "كتاب قواعد الهندسة" ؛
ــ "كتاب في الجبر والمقابلة" ؛
ــ "كتاب ظاهرات الفلك" ؛
ــ "كتاب تحرير المناظر" في البصريات.
وقد كتب نصير الدين مصنفاته بالعربية والفارسية، وترجمت إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها.
وخلاصة القول، فقد كان الطوسي من أعظم علماء الإسلام ومن أكبر رياضييهم، فقد أسهم بشكل كبير في تطوير العلوم ولا سيما الفلك والرياضيات، وظلت كتبه مراجع لعدة قرون، ونالت شهرة كبيرة بفضل ما قدم مؤلفها من إسهامات غنية.
المصدر كتاب : بناة الفكر في الحضارة الإسلامية / حليمة الغراري .