شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الخط العربي وعاء الثقافة والحضارة


ثروت كتبي
06-11-2011, 08:00 PM
الإسلام منحه الابتكار بالحروف والكلمات


الخط العربي وعاء الثقافة والحضارة


يعتمد الخط العربي على قواعد خاصة تنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة


قترن فن الخط بالزخرفة العربية ويستعمل لتزيين المساجد والقصور


اختلف المؤرخون حول نشأة الخط العربي . فمنهم من يذهب إلى أنه اشتق من الخط المسند الذي يعرف باسم ( الخط الحميري أو الجنوبي ) ، الذي انتقل عن طريق القوافل إلى بلاد الشام . وآخرون يرجحون أن الخط العربي ما هو إلا نتاج تطور عن الخط النبطي . وهذا ما تؤكده النقوش التي ترجع إلى ما قبل الإسلام والقرن الهجري الأول .. ويعرف الخط العربي بأنه فن وتصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تستعمل الحروف العربية ، ويقترن فن الخط بالزخرفة العربية ، حيث يستعمل لتزيين المساجد والقصور ، كما أنه يستعمل في تحلية المخطوطات والكتب وخاصة لنسخ القرآن الكريم . وقد شهد هذا المجال إقبالاً من الفنانين المسلمين بسبب نهي الشريعة عن رسم البشر والحيوان ، خاصة في ما يتصل بالأماكن المقدسة والمصاحف .

قواعد جمالية :
جمالياً يعتمد الخط العربي على قواعد خاص تنطلق من المتناسب بين الخط والنقطة والدائرة ، وتستخدم في أدائه فنياً العناصر نفسها التي تعتمدها الفنون التشكيلية الأخرى ، كالخط والكتلة ليس بمعناها التحرك مادياً فحسب ، بل وبمعناها الجمالي الذي ينتج حركة ذاتية تجعل الخط يتهادى في رونق جمالي مستقل عن مضامينه ومرتبط معها في آن واحد .
وكما قلنا فإن آراء الباحثين حول الأصل الأول للخط العربي قد تعددت ، فيذهب بعضهم بأن خط المسند هو الأصل الأول للخط العربي ، الذي سمي أيضاً بخط الجزم – أي القطع – لاقتطاعه من خط المسند الحميري ، وعلى إثره استخدموا الخط النبطي ( آرامي النشأة ) . نقلاً عن الأنباط الذي استوطنوا الأقاليم الآرامية فتحضروا بحضارتهم ، مستخدمين لغتهم وخطهم ليشتقوا من خطهم المسمى بالخط النبطي ، الذي استخدمه ملوك العرب أولاً سنة 250 م ، ليتطور ويتشكل مبتعداً عن الخط الآرامي ، مقترباً من الكتابة العربية الجاهلية ( المسند ) .
واختلف آراء الناس كثيراً حول نشأة الكتابة العربية ، واعتبر العرب أن هذا أمر طبيعي والكتابة عبارة عن وجه من وجوه الحضارة ، وقد يطور أحدهم الكتابة فينال عمله رضا الناس فيأخذون به بسرعة فينتشر دون أن يفكر أحد بتاريخ حركته المطورة ، من مثل الخط المصري القديم ( الكتابة الهيروغليقية ) .
في العهد النبوي جاء الدين الإسلامي ليرفع بالعرب ديناً وأخلاقاً ، وكان الإسلام مرتبطاً باللغة العربية والخط العربي العريق ، وقد ظهر الخط العربي بنسخ القرآن الكريم فانتشر بين العرب في العالم الإسلامي ، وكان الناس يتداولون الرسائل فانتشر بسرعة أيضاً ، وعند إقامة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة قام ببناء مسجد للتعلم فيه ، وكلف عدداً من الصحابة للتعليم فيه وهكذا تابع الخط العربي التطور مع الوقت حتى يومنا هذا .
وقد أخذت الخطوط العربية مناهج عدة في التسمية ، فسميت إما نسبة إلى أسماء المدن كالنبطي والكوفي والحجازي والفارسي ، أو أسماء مبدعيها ، كالياقوتي ( المستعصمي ) ، والريحاني والرياسي ، والغزلاني ، كما سميت أيضاً نسبة مقادير الخط ، كخط الثلث ثلث والنصف والثلثين إضافة إلى تسميته نسبة الأداة التي تسطره ، وكذلك نسبة إلى هيئة الخط كخط المسلسل .

أنواع الخط :
الخط الكوفي : هو أقدم الخطوط العربية ومن اسمه ، فإن منبعه من الكوفة في العراق ، يستخدم في عمل اللوحات والأدعية ، وهو خط جميل لكن استخدامه نادر نظراً للمساحة التي يتطلبها .

خط النسخ : هو أحد أوضح الخطوط العربية على الإطلاق ، يستخدم في كتابة المطبوعات اليومية والكتب التعليمية والمصاحف والمواقع الإلكترونية ، ويعد أول خط يتعلمه النشء في العالم العربي والإسلامي ، ويعد أسهل الخطوط قراءة وكتابة ويسمى بعدة تسميات : البديع ، المقور ، المدور ... الخ ، يجمع بين الرصانة والبساطة ومثلما يدل عليه اسم فقد كان النساخون يستخدمونه في نسخ الكتب .

خط الثلث : من أروع الخطوط منظراً وجمالاً ، وأصعبها كتابةً وإتقاناً ، سواء من حيث الحرف أو من حيث التركيب ، كما أنه أصل الخطوط العربية ، والميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط ولا يعتبر الخطاط فناناً ما لم يتقن خط الثلث ، فمن أتقيه أتقن غيره بسهولة ويسر ، ومن لم يتقنه لا يعد بغيره خطاطاً مهما أجاد . ويمتاز عن غيره بكثرة المرونة ، إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه ؛ لذلك يمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة ، ويطمس أحياناً شكل الميم للتجميل ، ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف ، ويقتصر على العناوين وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته ، ولأنه يأخذ وقتاً طويلاً في الكتابة .

خط الإجازة .

الخط الديواني : هو أحد أجمل الخطوط العربية ، ويتميز بالحيوية والطواعية ، وكأن حروفه تتراقص على الورق ، عرف هذا الخط بصفة رسمية بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينية عام 857 هـ ، كان يستعمل في كتابة الأوسمة والنياشين والتعيينات ، ولهذا سمي بالديواني ، نسبة إلى الدواوين الحكومية ، وكان في أول أمره سراً من أسرار القصور في الدولة العثمانية ، وقد كانت له صورة معقدة تزدحم فيها الكلمات وتزدحم أسطره ازدحاماً لا يترك بينهما فراغ يسمح بإضافة أي حرف أو كلمة إليها ، وهذا التعقيد كان مقصوداً لذاته ، منعاً من تغيير النص في تلك الأوراق الرسمية .

الخط المغربي .

الخط الحر .

الخط الفارسي : ظهر في بلاد فارس في القرن السابع الهجري ( الثالث عشر الميلادي ) . ويسمى ( خط التقليق ) . وهو خط جميل تمتاز حروفه بالدقة والامتداد . كما يمتاز بسهولته ووضوحه وانعدام التعقيد فيه . ولا يتحمل التشكيل ، رغم اختلافه مع خط الرقعة . ويعد من أجمل الخطوط التي لها طابع خاص يتميز به عن غيره ، إذ يتميز بالرشاقة في حروفه ، فتبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد ، وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة فيه ، لأنها أطوع في الرسم وأكثر مرونة لا سيما إذا رسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع ، وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير بالإفادة من التقويسات والدوائر ، فضلاً عن رشاقة الرسم ، فقد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة والكلمتين ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة يظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع .

خط الطغرى : الطرة أو الطغراء أو الطغرى ، هو شكل جميل يكتب بخط الثلث على شكل مخصوص . وأصلها علامة سلطانية تكتب في الأوامر السلطانية أو على النقود الإسلامية أو غيرها ويذكر فيها اسم السلطان أو لقبه . قال البستاني : واتخذ السلاطين والولاة من الترك والعجم والتتر حفاظاً لأختامهم ، وقد يستعيض السلاطين عن الختم برسم الطغراء السلطانية على البراءات والمنشورات ولها دواوين مخصوصة ، على أن الطغراء في الغالب لا تطبع طبعاً ، بل ترسم وتكتب وطبعها على المصكوكات كان يقوم مقام رسم الملوك عند الإفرنج .

المرجع

مجلة الحج والعمرة – السنة السادسة والستون - العدد السابع - رجب 1432 هـ