شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الماء والحضارات


جمانة كتبي
02-01-2011, 10:34 PM
الماء والحضارات


للماء دور حيوي في تقدم وبقاء الحضارة الإنسانية. وقد نهضت الحضارات الأولى في وديان الأنهار الكبيرة، في وادي النيل في مصر وشمالي السودان، ووادي دجلة والفرات في بلاد مابين النهرين، ووادي السند في الهند وباكستان، ووادي هوانج في الصين. وأنشأت كل هذه الحضارات أنظمة ري كثيرة طورت الأرض وجعلتها منتجة.

وقد انهارت الحضارات حينما نضبت موارد المياه أو عندما أساء الناس استخدام هذه الموارد. ويعتقد كثير من المؤرخين أن سقوط حضارة السومريين في بلاد ما بين النهرين كان بسبب ضعف المهارة والخبرة في عمليات الري. فقد تركز الملح من مياه الري في الأرض بعد تبخر المياه وأخذ يتراكم في التربة. وكان من الممكن تفادي تركز الملح في التربة بغسل الملح بماء إضافي. وإذا لم يتم صرف ماء الأرض تصبح مشبعة بالماء، فقد فشل السومريون في تحقيق التوازن اللازم بين تركز الملح في التربة وبين عمليات صرف المياه منها. وأدت زيادة تركز الملح في التربة وكذلك تشبعها بالماء إلى الإضرار بالمحاصيل. ومن ثم انخفض الناتج الزراعي تدريجيًا وتفاقم نقص الغذاء. ومع انهيار الزراعة انهارت الحضارة السومرية.

شق الرومان القدماء قنوات لجر الماء، وأنشأوا القنوات والخزانات المائية في أرجاء إمبراطوريتهم، وأحالوا المناطق على طول ساحل الشمال الإفريقي إلى حضارة مزدهرة. وبعد ذهابهم طويت مشاريعهم المائية. وفي الوقت الراهن صارت بعض هذه المناطق أماكن صحراوية.
التحديات الحالية.
يجب على الناس ـ كما كان في الماضي ـ أن يستفيدوا إلى الحد الأقصى من الماء. والتحدي الآن أكبر منه في أي وقت مضى؛ إذ إن المزيد من الماء مطلوب للصناعة ولمواجهة النمو السكاني. وتوجد على الأرض كميات من الماء كافية لمواجهة احتياجات النمو السكاني. ولكن الماء غير موزع بالتساوي، كما يهدر الناس ويلوثون الماء ويسيئون استخدامه.

وبدأ الناس يُدركون مدى قيمة الماء، وضرورة فَهْم مشاكل الماء من أجل إيجاد الحلول لها. ومنذ ستينيات القرن العشرين، أسست كثير من الأقطار برامج مختلفة للتغلب على تلوث المياه، كما عملت الحكومات والشركات الخاصة على تطوير عمليات تحلية ماء البحر.

بدأت الأمم التعاون في محاولات لحل مشاكل الماء؛ ففي عام 1965م عُقدت الندوة العالمية عن تحلية الماء المالح في واشنطن دي. سي. ومنذ ذلك العام، تُشارك سبعون دولة في برنامج عالمي تحت إشراف الأمم المتحدة هدفه تقديم البحوث العلمية عن موارد المياه. كما عُقدت ندوة عن المياه تحت إشراف الأمم المتحدة عام 1977م، بهدف المساعدة في وضع خطط وطرق أكثر كفاية لاستعمال الماء والمحافظة عليه. أما مؤتمر ثمانينيات القرن العشرين فقد عقد تحت اسم موارد مياه الشرب ونظافة المياه وتعقيمها.




الموسوعة العربية العالمية