شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : عثمان بن عفان


ريمة مطهر
02-01-2011, 02:15 PM
عثمان بن عفان

عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي ‏.‏ يجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف ‏.‏ يكنى ‏:‏ أبا عبد الله ، وقيل ‏:‏ أبو عمرو ، وقيل ‏:‏ كان يكنى أولاً بابنه عبد الله ، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كني بابن عمرو‏ .‏ وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، فهو ابن عمة عبد الله بن عامر ، وأم أروى‏ :‏ البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ .‏

وهو ذو النورين ، وأمير المؤمنين ‏.‏ أسلم في أول الإسلام ، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم ، وكان يقول ‏:‏ إني لرابع أربعة في الإسلام‏ .‏

أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال‏ :‏ فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله ، عز و جل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً لقومه محبباً سهلاً ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر ‏.‏ وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ، لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ، ممن يغشاه ويجلس إليه‏ .‏ فأسلم على يديه ، فيما بلغني الزبير بن العوام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله وذكر غيرهم فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن ، وأنبأهم بحق الإسلام ، فآمنوا ، فأصبحوا مقرين بحق الإسلام‏ .‏ فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، فصلوا وصدقوا ‏.‏

ولما أسلم عثمان زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية ، وهاجرا كلاهما إلى أرض الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة ‏.‏ ولما قدم إليها نزل على أوس بن ثابت أخي حسان بن ثابت‏ .‏ ولهذا كان حسان يحب عثمان ويبكيه بعد قتله ‏.‏

قال ابن إسحاق ‏.‏

وتزوج بعد رقية أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفيت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏لو أن لنا ثالثة لزوجناك ‏" ‏‏.‏

أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي قال ‏:‏ أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن مردويه ، حدثنا علي بن أحمد بن بسطام ، أخبرنا سهل بن عثمان ، حدثنا النضر بن منصور العنزي ، حدثني أبو الجنوب عقبة بن علقمة ، قال ‏:‏ سمعت علي بن أبي طالب يقول ‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏" ‏لو أن لي أربعين بنتاً زوجت عثمان واحدة بعد واحدة ، حتى لا يبقى منهن واحدة‏ " ‏‏.‏

وولد لعثمان ولد من رقية اسمه عبد الله ، فبلغ ست سنين ، وتوفي سنة أربع من الهجرة ‏.‏

ولم يشهد عثمان بدراً بنفسه ، لأن زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضة على الموت ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم عندها ، فأقام ، وتوفيت يوم ورد الخبر بظفر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بالمشركين ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه وأجره ، فهو كمن شهدها ‏.‏

وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ‏.‏

أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أبي نصر قال ‏:‏ أخبرنا نصر بن أحمد أبو الخطاب إجازة إن لم يكن سماعاً ، أخبرنا أحمد بن طلحة بن هارون ، أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يحيى بن جعفر ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثني عثمان بن غياث ، حدثني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال ‏:‏ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال ‏:‏ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني فلان ، والباب علينا مغلق ، إذا استفتح رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب ، وبشره بالجنة‏ "‏‏ .‏ فقمت ففتحت الباب ، فإذا أنا بأبي بكر الصديق ، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ، ودخل ، فسلم وقعد ، ثم أغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بعود في الأرض ، فاستفتح آخر ‏.‏ فقال ‏:‏ ‏" ‏يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب وبشره بالجنة ‏" ‏‏.‏ فقتم ففتحت ، فإذا أنا بعمر بن الخطاب ، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله، ودخل ، فسلم وقعد ‏.‏ وأغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بذلك العود في الأرض إذا استفتح الثالث الباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏يا عبد الله بن قيس ، قم ، فافتح الباب له ، وبشره بالجنة على بلوى تكون ‏" ‏‏.‏ فقمت ففتحت الباب ، فإذ أنا بعثمان بن عفان ، فأخرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ الله المستعان وعليه التكلان ‏.‏ ثم دخل فسلم وقعد‏ .‏

أخبرنا أبو منصور بن مكارم ، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن صفوان ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن السراج ، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن طوق ، أخبرنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار ، حدثنا المعافي بن عمران ، عن شعبة بن الحجاج ، عن الحر بن الصياح قال‏ :‏ سمعت عبيد الله بن الأخنس قال ‏:‏ قدم سعيد بن زيد هو ابن عمرو بن نفيل فقال‏ :‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، والآخر لو شئت سميته ، ثم سمى نفسه‏ " ‏‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا المعافي بن عمران ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف عن أبي طالب ، عن سعيد بن زيد أن رجلاً قال له ‏:‏ أحببت علياً حباً لم أحبه شيئاً قط ‏.‏ قال ‏:‏ أحسنت ، أحببت رجلاً من أهل الجنة قال ‏:‏ وأبغضت عثمان بغضاً شيئاً قط ‏!‏ قال ‏:‏ أسأت ، أبغضت رجلاً من أهل الجنة ، ثم أنشأ يحدث قال ‏:‏ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير قال ‏:‏ ‏" ‏أثبت حراء ، ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ‏" ‏‏.‏

أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد بن عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إبراهيم الأسدي ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة‏ "‏‏ .‏

أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي ، أخبرنا الحسن بن أحمد وأنا حاضر أسمع ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ( ح ) قال أبو نعيم ‏:‏ وحدثنا عبد الله بن الحسن بن بندار ، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قالا ‏:‏ حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال‏ :‏ صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل ، فقال ‏:‏ ‏"‏ أثبت أحدٌ ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ‏" ‏‏.‏

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الشافعي الدمشقي ، أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل القيسي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثننا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في هذه الآية ‏:‏ ‏" ونزعنا ما في صدورهم من غل ‏" ‏، قال ‏:‏ نزلت في عشرة‏ :‏ أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود‏ .‏

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسدي ، أخبرنا جدي أبو القاسم قال ‏:‏ قرأت على أبي القاسم علي بن محمد المصيصي ، أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبد الله الغساني ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدة ، حدثنا هلال بن العلاء ، حدثنا أبي وعبد الله بن جعفر قالا ‏:‏ حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال ‏:‏ حدثنا أبو سهلة مولى عثمان قال ‏:‏ قلت لعثمان يوم الدار ‏:‏ قاتل يا أمير المؤمنين ‏!‏ وقال عبد الله ‏:‏ قاتل يا أمير المؤمنين ‏!‏ قال ‏:‏ لا، والله لا أقاتل ، وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً ، فأنا صائر إليه‏ .‏

قال‏ :‏ وحدثنا هلال ، حدثنا أبي ، حدثنا إسحاق الأزرق ، حدثنا أبو سفيان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة الهلالي قال ‏:‏ قلنا لعلي‏ :‏ يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن عثمان بن عفان ، فقال ‏:‏ ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ضمن له بيتاً في الجنة ‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن عبيد وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن عيسى قال ‏:‏ حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا يحيى بن اليمان ، عن شيخ بن بني زهرة ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن طلحة بن عبيد الله قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏لكل نبي رفيق ، ورفيقي يعني في الجنة عثمان ‏" ‏‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أبو زرعة ، حدثننا الحسن بن بشر ، حدثنا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال ‏:‏ لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان ، كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة قال ‏:‏ فبايع الناس ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم ‏" ‏‏.‏

قال‏ :‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ‏:‏ أن خطباء قامت في الشام ، فيهم رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام آخرهم رجل يقال له‏ :‏ مرة بن كعب ، فقال ‏:‏ لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت ، وذكر الفتن فقربها ، فمر رجل مقنع في ثوب ، فقال ‏:‏ هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت عليه بوجهه ، فقلت ‏:‏ هذا ؟ قال ‏:‏ نعم ‏.‏

وروى نحو هذا عن بن عمر ‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا العلاء بن عبد الجبار العطار ، حدثنا الحارث بن عمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال ‏:‏ كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي ‏:‏ أبو بكر ، وعمر ، وعثمان‏ .‏ فقيل ‏:‏ في التفضيل ، وقيل ‏:‏ في الخلافة‏ .‏

أخبرنا أبو ياسر بإسناده عن عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثني أبو قطن ، حدثنا يونس ، يعني ابن أبي إسحاق عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال ‏:‏ أشرف عثمان من القصر وهو محصور ، فقال ‏:‏ أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله برجله ، ثم قال ‏:‏ اسكن حراء ، ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ، وأنا معه ، فأنتشد له رجال ، ثم قال‏ :‏ أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين إلى أهل مكة ، قال ‏:‏ هذه يدي وهذه يد عثمان ، فبايع لي ‏.‏ فأنتشد له رجال ، قال ‏:‏ أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ من يوسع لنا هذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة ؟ فابتعته من مالي فوسعت به في المسجد ‏.‏ فأنتشد له رجال ، ثم قال ‏:‏ وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة ، قال ‏:‏ من ينفق اليوم نفقة متقبلة ؟ فجهزت نصف الجيش من مالي ‏.‏ فأنتشد له رجال ‏.‏ قال ‏:‏ وأنشد بالله من شهد رومة يباع ‏.‏ ماؤها من ابن السبيل ، فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل ‏.‏ فأنتشد له رجال ‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا القاسم يعني ابن الفضل حدثنا عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد قال ‏:‏ دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر ، فقال ‏:‏ إني سائلكم ، وإني أحب أن تصدقوني ، نشدتكم بالله أتعلمون أن رسول لله صل الله عليه وسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش ؟ فسكت القوم ، فقال عثمان ‏:‏ لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم ، فبعث إلى طلحة والزبير ، فقال عثمان ‏:‏ ألا أحدثكما عنه يعني عماراً أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيدي ، نتمشى في البطحاء ، حتى أتى على أبيه وأمه يعذبون ، فقال أبو عمار ‏:‏ يا رسول الله ، الدهر هكذا ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏اصبر ، ثم قال ‏:‏ اللهم اغفر لآل ياسر ، وقد فعلت‏ "‏‏ .‏

قال ‏:‏ وحدثنا أبي ، حدثنا حجاج ، حدثنا ليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن سعيد بن العاص ‏:‏ أن سعيد بن العاص أخبره‏ :‏ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه ‏:‏ أن أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه ، لابس مرط عائشة ، فأذن له وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان ‏:‏ ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة ‏:‏ اجمعي عليك ثيابك‏ .‏ فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت ‏.‏ قالت عائشة ‏:‏ يا رسول الله ، لم أرك فزعت لأبي بكر ولا عمر كما فزعت لعثمان ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى الحاجة‏ "‏ وقال الليث ‏:‏ قال جماعة الناس ‏:‏ ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة ‏.‏
خلافته
أخبرنا مسمار بن عمر بن العويس وأبو فرج ، محمد بن عبد الرحمن الواسطي وغير واحد ، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل قال‏ :‏ حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال ‏:‏ رأيت عمر قبل أن يصاب بأيام بالمدينة ، ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال ‏:‏ كيف فعلتما ؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قالا‏ :‏ حملناها أمراً وهي له مطيقة وذكر قصة قتل عمر رضي الله عنه قال ‏:‏ فقالوا له ‏:‏ أوص يا أمير المؤمنين ؛ استخلف ‏.‏ قال ‏:‏ ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو ‏:‏ الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى علياً ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعداً ، وعبد الرحمن ، وقال ‏:‏ يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء ، كهيئة التعزية له ‏.‏ فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة ‏.‏ وقال ‏:‏ أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ‏.‏ وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أن يقبل من محسنهم ، وأن يغضي عن مسيئهم ‏.‏ وأوصيه بأهل الأمصار خيراً ، فإنهم ردء الإسلام ، وجباة المال ، وغيظ العدو ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم ‏.‏ وأوصيه بالأعراب خيراً ، فإنهم أصل العرب ، ومادة الإسلام ، أن يأخذ من حواشي أموالهم ، ويزد على فقرائهم ‏.‏ وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ، أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقتل من ورائهم ، ولا يكلفوا إلا طاقتهم‏ .‏ فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي ، فسلم عبد الله بن عمر ، وقال يستأذن عمر بن الخطاب ، فقالت يعني عائشة ‏:‏ أدخلوه ، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه ‏.‏

فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن ‏:‏ اجعلوا أمركم إلى ثلاث منك قال الزبير ‏:‏ قد جعلت أمري إلى علي ، وقال طلحة ‏:‏ قد جعلت أمري إلى عثمان ‏.‏ وقال سعد ‏:‏ قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن ‏.‏ فقال عبد الرحمن ‏:‏ أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام ، لينظرن أفضلهم في نفسه‏.‏ فأسكت الشيخان ‏.‏ فقال عبد الرحمن‏ :‏ أفتجعلونه إليّ ، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم ؟ قالا ‏:‏ نعم ‏.‏ وأخذ بيد أحدهما فقال ‏:‏ لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ‏.‏ ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك ، فلما أخذ الميثاق قال ‏:‏ ارفع يدك يا عثمان ‏.‏ فبايعه وبايع له علي ، وولج أهل الدار فبايعوه ‏.‏

وبويع عثمان بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين ، بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام ، قاله أبو عمر ‏.‏
مقتله
قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة أو‏ :‏ سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، قاله نافع ‏.‏

وقال أبو عثمان النهدي ‏:‏ قتل في وسط أيام التشريق ‏.‏

وقال ابن إسحاق‏ :‏ قتل عثمان على رأس أحد عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، واثنين وعشرين يوماً من مقتل عمر بن الخطاب ، وعلى رأس خمس وعشرين من متوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وقال الواقدي ‏:‏ قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين ‏.‏

وقد قيل ‏:‏ إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة ‏.‏

وقال الواقدي ‏:‏ حصروه تسعة وأربعين يوماً ، وقال الزبير ‏:‏ حصروه شهرين وعشرين يوماً ‏.‏

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده إلى عبد الله بن أحمد ‏:‏ حدثني أبي ، حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، عن أبي معشر قال ‏:‏ وقتل عثمان يوم الجمعة ، لثمان عشرة مضت من ذي الحجة ، سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلاف اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً وقيل ‏:‏ كانت إحدى عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، وأربعة عشر يوماً‏ .‏

قال ‏:‏ وحدثنا عبد الله، حدثني أبي ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا يونس بن أبي اليعفور العبدي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد مولى عثمان بن عفان ‏:‏ أن عثمان أعتق عشرين مملوكاً يعني وهو محصور ودعا بسراويل فشدها عليه ، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ، وقال‏:‏ إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر ، وقالوا لي ‏:‏ اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة ، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقتل وهو بين يديه ‏.‏

أخبرنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال‏ :‏ حدثنا محمود بن غيلان ‏.‏ حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا الليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ،عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر ، عن النعمان بن بشير ، عن عائشة أن البني صلى الله عليه وسلم قال‏ :‏ ‏"‏ يا عثمان ، إنه لعل الله يقمصك قمصاً ، فإن أرادوك على خلعه تخلعه لهم ‏" ‏‏.‏

وأخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود ‏:‏ سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، حدثنا عبد الله بن إسحاق ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا الفضل بن جبير الوراق ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان‏ :‏ ‏" ‏تقتل وأنت مظلوم ، وتقطر قطرة من دمك على ‏{ ‏فسيكفكهم الله‏ }‏ قال ‏:‏ فإنها إلى الساعة لفي المصحف ‏" ‏‏.‏

ولما حصر عثمان وطال حصره والذين حصروه هم من أهل مصر ، والبصرة ، والكوفة ، ومعهم بعض أهل المدينة أرادوه على أن ينزع نفسه من الخلافة ، فلم يفعل ، وخافوا أن تأتيه الجيوش من الشام والبصرة وغيرهما ويأتي الحجاج فيهلكوا ، فتسوروا عليه فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه‏ .‏ وقد ذكرنا كيفية قتله ، وخلافته ، وجميع فتوحه وأحواله ، وما نقموا عليه حتى حصروه ، ومن الذي حرض الناس على الخروج عليه في كتاب الكامل في التاريخ ، فلا نرى أن نطول بذكره هاهنا ‏.‏

ولما قتل دفن ليلاً ، وصلى عليه جبير بن مطعم وقيل ‏:‏ حكيم بن حزام وقيل ‏:‏ المسور بن مخرمة وقيل ‏:‏ لم يصل عليه أحد ، منعوا من ذلك ‏.‏ ودفن في حشر كوكب بالبقيع ، وكان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع‏ .‏ وحضره عبد الله بن الزبير ، وامرأتاه‏ :‏ أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية ، ونائلة بنت الفرافصة الكلبية ، فلما دلوه في القبر صاحت ابنته عائشة ، فقال لها ابن الزبير ‏:‏ اسكتي وإلا قتلتك‏ .‏ فلما دفنوه قال لها ‏:‏ صيحي الآن ما بدا لك أن تصيحي ‏.‏

أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد ‏:‏ حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت ‏:‏ كان عثمان من أجمل الناس ‏.‏

وقيل ‏:‏ كان ربعة لا بالقصير ولا بالطويل ، حسن الوجه رقيق البشرة ، كبير اللحية ، أسمر اللون ، كثير الشعر ، ضخم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين‏ .‏ كان يصفر لحيته ويشد أسنانه بالذهب ، وكان عمره اثنتي وثمانين سنة ، وقيل ‏:‏ ست وثمانون سنة ، قاله قتادة ‏:‏ وقيل ‏:‏ كان عمره تسعين سنة‏ .‏

ورثاه كثير من الشعراء ، قال حسان بن ثابت‏ :‏ " البسيط "

من سره الموت صرفاً لا مزاج له ** فليأت مأدبةً في دار عثـمـانـا
ضحوا بأشمط عنوان السجود بـه ** يقطع الليل تسبـيحـاً وقـرآنـا
صبراً، فدى لكم أمي وما ولـدت ** قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
لتسمعن وشـيكـاً فـي ديارهـم‏:‏ ** الله أكبر يا ثـارات عـثـمـانـا

وزاد فيها بعض أهل الشام أبياتاً لا حاجة إلى ذكرها، ومنها‏ :‏ البسيط

يا ليت شعري وليت الطير تخبرني‏!‏ ** ما كان بين علي وابن عـفـانـا

وإنما زادوا فيها تحريضاً لأهل الشام على قتال علي، ليقوى ظنهم أنه هو قتله‏.‏

وقال حسان أيضاً‏ :‏ " البسيط "

إن تمس دار بني عفان موحـشةً ** بابٌ صريعٌ وباب محرقٌ خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجتـه ** فيها، ويأوي إليها الجود والحسب

وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت ‏:‏ " الطويل "

لعمري لبئس الذبح ضحيتم بـه ** خلاف رسول الله يوم الأضاحيا

ورثاه غيرهما من الشعراء ، فلا نطول بذكره ‏.‏ أخرجه الثلاثة‏ .‏
المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير