ريمة مطهر
02-01-2011, 02:15 PM
عثمان بن عفان
عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي . يجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف . يكنى : أبا عبد الله ، وقيل : أبو عمرو ، وقيل : كان يكنى أولاً بابنه عبد الله ، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كني بابن عمرو . وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، فهو ابن عمة عبد الله بن عامر ، وأم أروى : البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهو ذو النورين ، وأمير المؤمنين . أسلم في أول الإسلام ، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم ، وكان يقول : إني لرابع أربعة في الإسلام .
أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله ، عز و جل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً لقومه محبباً سهلاً ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر . وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ، لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ، ممن يغشاه ويجلس إليه . فأسلم على يديه ، فيما بلغني الزبير بن العوام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله وذكر غيرهم فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن ، وأنبأهم بحق الإسلام ، فآمنوا ، فأصبحوا مقرين بحق الإسلام . فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، فصلوا وصدقوا .
ولما أسلم عثمان زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية ، وهاجرا كلاهما إلى أرض الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة . ولما قدم إليها نزل على أوس بن ثابت أخي حسان بن ثابت . ولهذا كان حسان يحب عثمان ويبكيه بعد قتله .
قال ابن إسحاق .
وتزوج بعد رقية أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفيت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن لنا ثالثة لزوجناك " .
أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي قال : أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن مردويه ، حدثنا علي بن أحمد بن بسطام ، أخبرنا سهل بن عثمان ، حدثنا النضر بن منصور العنزي ، حدثني أبو الجنوب عقبة بن علقمة ، قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو أن لي أربعين بنتاً زوجت عثمان واحدة بعد واحدة ، حتى لا يبقى منهن واحدة " .
وولد لعثمان ولد من رقية اسمه عبد الله ، فبلغ ست سنين ، وتوفي سنة أربع من الهجرة .
ولم يشهد عثمان بدراً بنفسه ، لأن زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضة على الموت ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم عندها ، فأقام ، وتوفيت يوم ورد الخبر بظفر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بالمشركين ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه وأجره ، فهو كمن شهدها .
وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة .
أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أبي نصر قال : أخبرنا نصر بن أحمد أبو الخطاب إجازة إن لم يكن سماعاً ، أخبرنا أحمد بن طلحة بن هارون ، أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يحيى بن جعفر ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثني عثمان بن غياث ، حدثني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني فلان ، والباب علينا مغلق ، إذا استفتح رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب ، وبشره بالجنة " . فقمت ففتحت الباب ، فإذا أنا بأبي بكر الصديق ، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ، ودخل ، فسلم وقعد ، ثم أغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بعود في الأرض ، فاستفتح آخر . فقال : " يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب وبشره بالجنة " . فقتم ففتحت ، فإذا أنا بعمر بن الخطاب ، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله، ودخل ، فسلم وقعد . وأغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بذلك العود في الأرض إذا استفتح الثالث الباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله بن قيس ، قم ، فافتح الباب له ، وبشره بالجنة على بلوى تكون " . فقمت ففتحت الباب ، فإذ أنا بعثمان بن عفان ، فأخرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : الله المستعان وعليه التكلان . ثم دخل فسلم وقعد .
أخبرنا أبو منصور بن مكارم ، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن صفوان ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن السراج ، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن طوق ، أخبرنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار ، حدثنا المعافي بن عمران ، عن شعبة بن الحجاج ، عن الحر بن الصياح قال : سمعت عبيد الله بن الأخنس قال : قدم سعيد بن زيد هو ابن عمرو بن نفيل فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، والآخر لو شئت سميته ، ثم سمى نفسه " .
قال : وحدثنا المعافي بن عمران ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف عن أبي طالب ، عن سعيد بن زيد أن رجلاً قال له : أحببت علياً حباً لم أحبه شيئاً قط . قال : أحسنت ، أحببت رجلاً من أهل الجنة قال : وأبغضت عثمان بغضاً شيئاً قط ! قال : أسأت ، أبغضت رجلاً من أهل الجنة ، ثم أنشأ يحدث قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير قال : " أثبت حراء ، ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " .
أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد بن عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إبراهيم الأسدي ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة " .
أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي ، أخبرنا الحسن بن أحمد وأنا حاضر أسمع ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ( ح ) قال أبو نعيم : وحدثنا عبد الله بن الحسن بن بندار ، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قالا : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل ، فقال : " أثبت أحدٌ ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الشافعي الدمشقي ، أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل القيسي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثننا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في هذه الآية : " ونزعنا ما في صدورهم من غل " ، قال : نزلت في عشرة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود .
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسدي ، أخبرنا جدي أبو القاسم قال : قرأت على أبي القاسم علي بن محمد المصيصي ، أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبد الله الغساني ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدة ، حدثنا هلال بن العلاء ، حدثنا أبي وعبد الله بن جعفر قالا : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : حدثنا أبو سهلة مولى عثمان قال : قلت لعثمان يوم الدار : قاتل يا أمير المؤمنين ! وقال عبد الله : قاتل يا أمير المؤمنين ! قال : لا، والله لا أقاتل ، وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً ، فأنا صائر إليه .
قال : وحدثنا هلال ، حدثنا أبي ، حدثنا إسحاق الأزرق ، حدثنا أبو سفيان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة الهلالي قال : قلنا لعلي : يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن عثمان بن عفان ، فقال : ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ضمن له بيتاً في الجنة .
أخبرنا إسماعيل بن عبيد وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن عيسى قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا يحيى بن اليمان ، عن شيخ بن بني زهرة ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل نبي رفيق ، ورفيقي يعني في الجنة عثمان " .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أبو زرعة ، حدثننا الحسن بن بشر ، حدثنا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان ، كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة قال : فبايع الناس ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم " .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني : أن خطباء قامت في الشام ، فيهم رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام آخرهم رجل يقال له : مرة بن كعب ، فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت ، وذكر الفتن فقربها ، فمر رجل مقنع في ثوب ، فقال : هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت عليه بوجهه ، فقلت : هذا ؟ قال : نعم .
وروى نحو هذا عن بن عمر .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا العلاء بن عبد الجبار العطار ، حدثنا الحارث بن عمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان . فقيل : في التفضيل ، وقيل : في الخلافة .
أخبرنا أبو ياسر بإسناده عن عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثني أبو قطن ، حدثنا يونس ، يعني ابن أبي إسحاق عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أشرف عثمان من القصر وهو محصور ، فقال : أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله برجله ، ثم قال : اسكن حراء ، ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ، وأنا معه ، فأنتشد له رجال ، ثم قال : أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين إلى أهل مكة ، قال : هذه يدي وهذه يد عثمان ، فبايع لي . فأنتشد له رجال ، قال : أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من يوسع لنا هذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة ؟ فابتعته من مالي فوسعت به في المسجد . فأنتشد له رجال ، ثم قال : وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة ، قال : من ينفق اليوم نفقة متقبلة ؟ فجهزت نصف الجيش من مالي . فأنتشد له رجال . قال : وأنشد بالله من شهد رومة يباع . ماؤها من ابن السبيل ، فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل . فأنتشد له رجال .
قال : وحدثنا عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا القاسم يعني ابن الفضل حدثنا عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر ، فقال : إني سائلكم ، وإني أحب أن تصدقوني ، نشدتكم بالله أتعلمون أن رسول لله صل الله عليه وسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش ؟ فسكت القوم ، فقال عثمان : لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم ، فبعث إلى طلحة والزبير ، فقال عثمان : ألا أحدثكما عنه يعني عماراً أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيدي ، نتمشى في البطحاء ، حتى أتى على أبيه وأمه يعذبون ، فقال أبو عمار : يا رسول الله ، الدهر هكذا ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " اصبر ، ثم قال : اللهم اغفر لآل ياسر ، وقد فعلت " .
قال : وحدثنا أبي ، حدثنا حجاج ، حدثنا ليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن سعيد بن العاص : أن سعيد بن العاص أخبره : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه : أن أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه ، لابس مرط عائشة ، فأذن له وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان : ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة : اجمعي عليك ثيابك . فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت . قالت عائشة : يا رسول الله ، لم أرك فزعت لأبي بكر ولا عمر كما فزعت لعثمان ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى الحاجة " وقال الليث : قال جماعة الناس : ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة .
خلافته
أخبرنا مسمار بن عمر بن العويس وأبو فرج ، محمد بن عبد الرحمن الواسطي وغير واحد ، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : رأيت عمر قبل أن يصاب بأيام بالمدينة ، ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال : كيف فعلتما ؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قالا : حملناها أمراً وهي له مطيقة وذكر قصة قتل عمر رضي الله عنه قال : فقالوا له : أوص يا أمير المؤمنين ؛ استخلف . قال : ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو : الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى علياً ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعداً ، وعبد الرحمن ، وقال : يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء ، كهيئة التعزية له . فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة . وقال : أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم . وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أن يقبل من محسنهم ، وأن يغضي عن مسيئهم . وأوصيه بأهل الأمصار خيراً ، فإنهم ردء الإسلام ، وجباة المال ، وغيظ العدو ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم . وأوصيه بالأعراب خيراً ، فإنهم أصل العرب ، ومادة الإسلام ، أن يأخذ من حواشي أموالهم ، ويزد على فقرائهم . وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ، أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقتل من ورائهم ، ولا يكلفوا إلا طاقتهم . فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي ، فسلم عبد الله بن عمر ، وقال يستأذن عمر بن الخطاب ، فقالت يعني عائشة : أدخلوه ، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه .
فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاث منك قال الزبير : قد جعلت أمري إلى علي ، وقال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد : قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن . فقال عبد الرحمن : أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام ، لينظرن أفضلهم في نفسه. فأسكت الشيخان . فقال عبد الرحمن : أفتجعلونه إليّ ، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم ؟ قالا : نعم . وأخذ بيد أحدهما فقال : لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن . ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك ، فلما أخذ الميثاق قال : ارفع يدك يا عثمان . فبايعه وبايع له علي ، وولج أهل الدار فبايعوه .
وبويع عثمان بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين ، بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام ، قاله أبو عمر .
مقتله
قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة أو : سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، قاله نافع .
وقال أبو عثمان النهدي : قتل في وسط أيام التشريق .
وقال ابن إسحاق : قتل عثمان على رأس أحد عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، واثنين وعشرين يوماً من مقتل عمر بن الخطاب ، وعلى رأس خمس وعشرين من متوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الواقدي : قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين .
وقد قيل : إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة .
وقال الواقدي : حصروه تسعة وأربعين يوماً ، وقال الزبير : حصروه شهرين وعشرين يوماً .
أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده إلى عبد الله بن أحمد : حدثني أبي ، حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، عن أبي معشر قال : وقتل عثمان يوم الجمعة ، لثمان عشرة مضت من ذي الحجة ، سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلاف اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً وقيل : كانت إحدى عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، وأربعة عشر يوماً .
قال : وحدثنا عبد الله، حدثني أبي ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا يونس بن أبي اليعفور العبدي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد مولى عثمان بن عفان : أن عثمان أعتق عشرين مملوكاً يعني وهو محصور ودعا بسراويل فشدها عليه ، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر ، وقالوا لي : اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة ، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقتل وهو بين يديه .
أخبرنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال : حدثنا محمود بن غيلان . حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا الليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ،عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر ، عن النعمان بن بشير ، عن عائشة أن البني صلى الله عليه وسلم قال : " يا عثمان ، إنه لعل الله يقمصك قمصاً ، فإن أرادوك على خلعه تخلعه لهم " .
وأخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود : سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، حدثنا عبد الله بن إسحاق ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا الفضل بن جبير الوراق ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان : " تقتل وأنت مظلوم ، وتقطر قطرة من دمك على { فسيكفكهم الله } قال : فإنها إلى الساعة لفي المصحف " .
ولما حصر عثمان وطال حصره والذين حصروه هم من أهل مصر ، والبصرة ، والكوفة ، ومعهم بعض أهل المدينة أرادوه على أن ينزع نفسه من الخلافة ، فلم يفعل ، وخافوا أن تأتيه الجيوش من الشام والبصرة وغيرهما ويأتي الحجاج فيهلكوا ، فتسوروا عليه فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه . وقد ذكرنا كيفية قتله ، وخلافته ، وجميع فتوحه وأحواله ، وما نقموا عليه حتى حصروه ، ومن الذي حرض الناس على الخروج عليه في كتاب الكامل في التاريخ ، فلا نرى أن نطول بذكره هاهنا .
ولما قتل دفن ليلاً ، وصلى عليه جبير بن مطعم وقيل : حكيم بن حزام وقيل : المسور بن مخرمة وقيل : لم يصل عليه أحد ، منعوا من ذلك . ودفن في حشر كوكب بالبقيع ، وكان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع . وحضره عبد الله بن الزبير ، وامرأتاه : أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية ، ونائلة بنت الفرافصة الكلبية ، فلما دلوه في القبر صاحت ابنته عائشة ، فقال لها ابن الزبير : اسكتي وإلا قتلتك . فلما دفنوه قال لها : صيحي الآن ما بدا لك أن تصيحي .
أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد : حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت : كان عثمان من أجمل الناس .
وقيل : كان ربعة لا بالقصير ولا بالطويل ، حسن الوجه رقيق البشرة ، كبير اللحية ، أسمر اللون ، كثير الشعر ، ضخم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين . كان يصفر لحيته ويشد أسنانه بالذهب ، وكان عمره اثنتي وثمانين سنة ، وقيل : ست وثمانون سنة ، قاله قتادة : وقيل : كان عمره تسعين سنة .
ورثاه كثير من الشعراء ، قال حسان بن ثابت : " البسيط "
من سره الموت صرفاً لا مزاج له ** فليأت مأدبةً في دار عثـمـانـا
ضحوا بأشمط عنوان السجود بـه ** يقطع الليل تسبـيحـاً وقـرآنـا
صبراً، فدى لكم أمي وما ولـدت ** قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
لتسمعن وشـيكـاً فـي ديارهـم: ** الله أكبر يا ثـارات عـثـمـانـا
وزاد فيها بعض أهل الشام أبياتاً لا حاجة إلى ذكرها، ومنها : البسيط
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني! ** ما كان بين علي وابن عـفـانـا
وإنما زادوا فيها تحريضاً لأهل الشام على قتال علي، ليقوى ظنهم أنه هو قتله.
وقال حسان أيضاً : " البسيط "
إن تمس دار بني عفان موحـشةً ** بابٌ صريعٌ وباب محرقٌ خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجتـه ** فيها، ويأوي إليها الجود والحسب
وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت : " الطويل "
لعمري لبئس الذبح ضحيتم بـه ** خلاف رسول الله يوم الأضاحيا
ورثاه غيرهما من الشعراء ، فلا نطول بذكره . أخرجه الثلاثة .
المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير
عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي . يجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف . يكنى : أبا عبد الله ، وقيل : أبو عمرو ، وقيل : كان يكنى أولاً بابنه عبد الله ، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كني بابن عمرو . وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، فهو ابن عمة عبد الله بن عامر ، وأم أروى : البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهو ذو النورين ، وأمير المؤمنين . أسلم في أول الإسلام ، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم ، وكان يقول : إني لرابع أربعة في الإسلام .
أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله ، عز و جل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو بكر رجلاً مألفاً لقومه محبباً سهلاً ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر . وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ، لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ، ممن يغشاه ويجلس إليه . فأسلم على يديه ، فيما بلغني الزبير بن العوام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله وذكر غيرهم فانطلقوا ومعهم أبو بكر حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن ، وأنبأهم بحق الإسلام ، فآمنوا ، فأصبحوا مقرين بحق الإسلام . فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، فصلوا وصدقوا .
ولما أسلم عثمان زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية ، وهاجرا كلاهما إلى أرض الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة . ولما قدم إليها نزل على أوس بن ثابت أخي حسان بن ثابت . ولهذا كان حسان يحب عثمان ويبكيه بعد قتله .
قال ابن إسحاق .
وتزوج بعد رقية أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفيت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن لنا ثالثة لزوجناك " .
أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي قال : أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن مردويه ، حدثنا علي بن أحمد بن بسطام ، أخبرنا سهل بن عثمان ، حدثنا النضر بن منصور العنزي ، حدثني أبو الجنوب عقبة بن علقمة ، قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لو أن لي أربعين بنتاً زوجت عثمان واحدة بعد واحدة ، حتى لا يبقى منهن واحدة " .
وولد لعثمان ولد من رقية اسمه عبد الله ، فبلغ ست سنين ، وتوفي سنة أربع من الهجرة .
ولم يشهد عثمان بدراً بنفسه ، لأن زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضة على الموت ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم عندها ، فأقام ، وتوفيت يوم ورد الخبر بظفر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بالمشركين ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه وأجره ، فهو كمن شهدها .
وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة .
أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أبي نصر قال : أخبرنا نصر بن أحمد أبو الخطاب إجازة إن لم يكن سماعاً ، أخبرنا أحمد بن طلحة بن هارون ، أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يحيى بن جعفر ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثني عثمان بن غياث ، حدثني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة بني فلان ، والباب علينا مغلق ، إذا استفتح رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب ، وبشره بالجنة " . فقمت ففتحت الباب ، فإذا أنا بأبي بكر الصديق ، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ، ودخل ، فسلم وقعد ، ثم أغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بعود في الأرض ، فاستفتح آخر . فقال : " يا عبد الله بن قيس ، قم فافتح له الباب وبشره بالجنة " . فقتم ففتحت ، فإذا أنا بعمر بن الخطاب ، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله، ودخل ، فسلم وقعد . وأغلقت الباب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينكت بذلك العود في الأرض إذا استفتح الثالث الباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله بن قيس ، قم ، فافتح الباب له ، وبشره بالجنة على بلوى تكون " . فقمت ففتحت الباب ، فإذ أنا بعثمان بن عفان ، فأخرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : الله المستعان وعليه التكلان . ثم دخل فسلم وقعد .
أخبرنا أبو منصور بن مكارم ، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن صفوان ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن السراج ، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن طوق ، أخبرنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار ، حدثنا المعافي بن عمران ، عن شعبة بن الحجاج ، عن الحر بن الصياح قال : سمعت عبيد الله بن الأخنس قال : قدم سعيد بن زيد هو ابن عمرو بن نفيل فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، والآخر لو شئت سميته ، ثم سمى نفسه " .
قال : وحدثنا المعافي بن عمران ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف عن أبي طالب ، عن سعيد بن زيد أن رجلاً قال له : أحببت علياً حباً لم أحبه شيئاً قط . قال : أحسنت ، أحببت رجلاً من أهل الجنة قال : وأبغضت عثمان بغضاً شيئاً قط ! قال : أسأت ، أبغضت رجلاً من أهل الجنة ، ثم أنشأ يحدث قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير قال : " أثبت حراء ، ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " .
أخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد بن عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إبراهيم الأسدي ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة " .
أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي ، أخبرنا الحسن بن أحمد وأنا حاضر أسمع ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ( ح ) قال أبو نعيم : وحدثنا عبد الله بن الحسن بن بندار ، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قالا : حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل ، فقال : " أثبت أحدٌ ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " .
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الشافعي الدمشقي ، أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل القيسي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثننا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان البنا بصنعاء ، حدثنا إبراهيم بن أحمد اليمامي ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في هذه الآية : " ونزعنا ما في صدورهم من غل " ، قال : نزلت في عشرة : أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود .
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسدي ، أخبرنا جدي أبو القاسم قال : قرأت على أبي القاسم علي بن محمد المصيصي ، أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبد الله الغساني ، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدة ، حدثنا هلال بن العلاء ، حدثنا أبي وعبد الله بن جعفر قالا : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : حدثنا أبو سهلة مولى عثمان قال : قلت لعثمان يوم الدار : قاتل يا أمير المؤمنين ! وقال عبد الله : قاتل يا أمير المؤمنين ! قال : لا، والله لا أقاتل ، وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً ، فأنا صائر إليه .
قال : وحدثنا هلال ، حدثنا أبي ، حدثنا إسحاق الأزرق ، حدثنا أبو سفيان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة الهلالي قال : قلنا لعلي : يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن عثمان بن عفان ، فقال : ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ضمن له بيتاً في الجنة .
أخبرنا إسماعيل بن عبيد وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن عيسى قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا يحيى بن اليمان ، عن شيخ بن بني زهرة ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل نبي رفيق ، ورفيقي يعني في الجنة عثمان " .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أبو زرعة ، حدثننا الحسن بن بشر ، حدثنا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان ، كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة قال : فبايع الناس ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم " .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني : أن خطباء قامت في الشام ، فيهم رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام آخرهم رجل يقال له : مرة بن كعب ، فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت ، وذكر الفتن فقربها ، فمر رجل مقنع في ثوب ، فقال : هذا يومئذ على الهدى ، فقمت إليه ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فأقبلت عليه بوجهه ، فقلت : هذا ؟ قال : نعم .
وروى نحو هذا عن بن عمر .
قال : وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا العلاء بن عبد الجبار العطار ، حدثنا الحارث بن عمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان . فقيل : في التفضيل ، وقيل : في الخلافة .
أخبرنا أبو ياسر بإسناده عن عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثني أبو قطن ، حدثنا يونس ، يعني ابن أبي إسحاق عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أشرف عثمان من القصر وهو محصور ، فقال : أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله برجله ، ثم قال : اسكن حراء ، ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ، وأنا معه ، فأنتشد له رجال ، ثم قال : أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين إلى أهل مكة ، قال : هذه يدي وهذه يد عثمان ، فبايع لي . فأنتشد له رجال ، قال : أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من يوسع لنا هذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة ؟ فابتعته من مالي فوسعت به في المسجد . فأنتشد له رجال ، ثم قال : وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة ، قال : من ينفق اليوم نفقة متقبلة ؟ فجهزت نصف الجيش من مالي . فأنتشد له رجال . قال : وأنشد بالله من شهد رومة يباع . ماؤها من ابن السبيل ، فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل . فأنتشد له رجال .
قال : وحدثنا عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا القاسم يعني ابن الفضل حدثنا عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر ، فقال : إني سائلكم ، وإني أحب أن تصدقوني ، نشدتكم بالله أتعلمون أن رسول لله صل الله عليه وسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش ؟ فسكت القوم ، فقال عثمان : لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم ، فبعث إلى طلحة والزبير ، فقال عثمان : ألا أحدثكما عنه يعني عماراً أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيدي ، نتمشى في البطحاء ، حتى أتى على أبيه وأمه يعذبون ، فقال أبو عمار : يا رسول الله ، الدهر هكذا ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " اصبر ، ثم قال : اللهم اغفر لآل ياسر ، وقد فعلت " .
قال : وحدثنا أبي ، حدثنا حجاج ، حدثنا ليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن سعيد بن العاص : أن سعيد بن العاص أخبره : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه : أن أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه ، لابس مرط عائشة ، فأذن له وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان : ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة : اجمعي عليك ثيابك . فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت . قالت عائشة : يا رسول الله ، لم أرك فزعت لأبي بكر ولا عمر كما فزعت لعثمان ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى الحاجة " وقال الليث : قال جماعة الناس : ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة .
خلافته
أخبرنا مسمار بن عمر بن العويس وأبو فرج ، محمد بن عبد الرحمن الواسطي وغير واحد ، قالوا بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : رأيت عمر قبل أن يصاب بأيام بالمدينة ، ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف فقال : كيف فعلتما ؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قالا : حملناها أمراً وهي له مطيقة وذكر قصة قتل عمر رضي الله عنه قال : فقالوا له : أوص يا أمير المؤمنين ؛ استخلف . قال : ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو : الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، فسمى علياً ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعداً ، وعبد الرحمن ، وقال : يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء ، كهيئة التعزية له . فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة . وقال : أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم . وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أن يقبل من محسنهم ، وأن يغضي عن مسيئهم . وأوصيه بأهل الأمصار خيراً ، فإنهم ردء الإسلام ، وجباة المال ، وغيظ العدو ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم . وأوصيه بالأعراب خيراً ، فإنهم أصل العرب ، ومادة الإسلام ، أن يأخذ من حواشي أموالهم ، ويزد على فقرائهم . وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ، أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقتل من ورائهم ، ولا يكلفوا إلا طاقتهم . فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي ، فسلم عبد الله بن عمر ، وقال يستأذن عمر بن الخطاب ، فقالت يعني عائشة : أدخلوه ، فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه .
فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاث منك قال الزبير : قد جعلت أمري إلى علي ، وقال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد : قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن . فقال عبد الرحمن : أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه ، والله عليه والإسلام ، لينظرن أفضلهم في نفسه. فأسكت الشيخان . فقال عبد الرحمن : أفتجعلونه إليّ ، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم ؟ قالا : نعم . وأخذ بيد أحدهما فقال : لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن . ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك ، فلما أخذ الميثاق قال : ارفع يدك يا عثمان . فبايعه وبايع له علي ، وولج أهل الدار فبايعوه .
وبويع عثمان بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين ، بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام ، قاله أبو عمر .
مقتله
قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة أو : سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، قاله نافع .
وقال أبو عثمان النهدي : قتل في وسط أيام التشريق .
وقال ابن إسحاق : قتل عثمان على رأس أحد عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، واثنين وعشرين يوماً من مقتل عمر بن الخطاب ، وعلى رأس خمس وعشرين من متوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الواقدي : قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين .
وقد قيل : إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة .
وقال الواقدي : حصروه تسعة وأربعين يوماً ، وقال الزبير : حصروه شهرين وعشرين يوماً .
أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده إلى عبد الله بن أحمد : حدثني أبي ، حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، عن أبي معشر قال : وقتل عثمان يوم الجمعة ، لثمان عشرة مضت من ذي الحجة ، سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلاف اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً وقيل : كانت إحدى عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، وأربعة عشر يوماً .
قال : وحدثنا عبد الله، حدثني أبي ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا يونس بن أبي اليعفور العبدي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد مولى عثمان بن عفان : أن عثمان أعتق عشرين مملوكاً يعني وهو محصور ودعا بسراويل فشدها عليه ، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام ، ورأيت أبا بكر وعمر ، وقالوا لي : اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة ، ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه ، فقتل وهو بين يديه .
أخبرنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى قال : حدثنا محمود بن غيلان . حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا الليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ،عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر ، عن النعمان بن بشير ، عن عائشة أن البني صلى الله عليه وسلم قال : " يا عثمان ، إنه لعل الله يقمصك قمصاً ، فإن أرادوك على خلعه تخلعه لهم " .
وأخبرنا أحمد بن عثمان بن أبي علي ، أخبرنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور ، أخبرنا أبو مسعود : سليمان ، أخبرنا أبو بكر بن مردويه ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، حدثنا عبد الله بن إسحاق ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا الفضل بن جبير الوراق ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان : " تقتل وأنت مظلوم ، وتقطر قطرة من دمك على { فسيكفكهم الله } قال : فإنها إلى الساعة لفي المصحف " .
ولما حصر عثمان وطال حصره والذين حصروه هم من أهل مصر ، والبصرة ، والكوفة ، ومعهم بعض أهل المدينة أرادوه على أن ينزع نفسه من الخلافة ، فلم يفعل ، وخافوا أن تأتيه الجيوش من الشام والبصرة وغيرهما ويأتي الحجاج فيهلكوا ، فتسوروا عليه فقتلوه رضي الله عنه وأرضاه . وقد ذكرنا كيفية قتله ، وخلافته ، وجميع فتوحه وأحواله ، وما نقموا عليه حتى حصروه ، ومن الذي حرض الناس على الخروج عليه في كتاب الكامل في التاريخ ، فلا نرى أن نطول بذكره هاهنا .
ولما قتل دفن ليلاً ، وصلى عليه جبير بن مطعم وقيل : حكيم بن حزام وقيل : المسور بن مخرمة وقيل : لم يصل عليه أحد ، منعوا من ذلك . ودفن في حشر كوكب بالبقيع ، وكان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع . وحضره عبد الله بن الزبير ، وامرأتاه : أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية ، ونائلة بنت الفرافصة الكلبية ، فلما دلوه في القبر صاحت ابنته عائشة ، فقال لها ابن الزبير : اسكتي وإلا قتلتك . فلما دفنوه قال لها : صيحي الآن ما بدا لك أن تصيحي .
أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد : حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت : كان عثمان من أجمل الناس .
وقيل : كان ربعة لا بالقصير ولا بالطويل ، حسن الوجه رقيق البشرة ، كبير اللحية ، أسمر اللون ، كثير الشعر ، ضخم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين . كان يصفر لحيته ويشد أسنانه بالذهب ، وكان عمره اثنتي وثمانين سنة ، وقيل : ست وثمانون سنة ، قاله قتادة : وقيل : كان عمره تسعين سنة .
ورثاه كثير من الشعراء ، قال حسان بن ثابت : " البسيط "
من سره الموت صرفاً لا مزاج له ** فليأت مأدبةً في دار عثـمـانـا
ضحوا بأشمط عنوان السجود بـه ** يقطع الليل تسبـيحـاً وقـرآنـا
صبراً، فدى لكم أمي وما ولـدت ** قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
لتسمعن وشـيكـاً فـي ديارهـم: ** الله أكبر يا ثـارات عـثـمـانـا
وزاد فيها بعض أهل الشام أبياتاً لا حاجة إلى ذكرها، ومنها : البسيط
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني! ** ما كان بين علي وابن عـفـانـا
وإنما زادوا فيها تحريضاً لأهل الشام على قتال علي، ليقوى ظنهم أنه هو قتله.
وقال حسان أيضاً : " البسيط "
إن تمس دار بني عفان موحـشةً ** بابٌ صريعٌ وباب محرقٌ خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجتـه ** فيها، ويأوي إليها الجود والحسب
وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت : " الطويل "
لعمري لبئس الذبح ضحيتم بـه ** خلاف رسول الله يوم الأضاحيا
ورثاه غيرهما من الشعراء ، فلا نطول بذكره . أخرجه الثلاثة .
المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير