شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الحديبية .. مكة المكرمة


ثروت كتبي
01-21-2011, 02:08 PM
الحديبية .. المعالم التاريخية .. مكة المكرمة


قيل سميت بذلك لشجرة حدباء أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بقطعها ، عندما نما إلى علمه أن الناس يأتون عندها ويعظمونها ، تعرف ي الوقت الحاضر باسم : الشميسي ، نسبة إلى رجل اسمه شميسي حفر بئراً بها ، تقع على بعد 22كم غرب المسجد الحرام عند أعلام حدود حرم مكة المكرمة الغربية على طريق مكة – جدة القديم .
ذكر في المصادر أنها : قرية صغيرة ، وقرية متوسطة بها مسجد ، وأحساء ، وثبور ، وبئر ، وهي أوصاف لا تتعارض مع كونها كذلك .
من المعتقد لدينا أنها كانت محطة على طريق القوافل التجارية الموصل بين اليمن والشام ، والذي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة قريش، ثم زادت أهميتها بعد صلح الحديبية ، واتخاذ الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه جدة بدلاً عن ميناء الشعيبة عام 26هـ / 646م ، ثم بعد ذلك اتخاذها محطة مهمة على طريق الحجاج القادمين بحراً من ميناء جدة .
شهد هذا المكان أحداث السيرة النبوية العطرة ، حين نزل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ألف وأربعمائة من أصحابة قاصدين مكة المكرمة ، لأداء فريضة العمرة في السنة الخامسة من الهجرة ، وهي العمرة التي لم تتم ، والتي إنبثق عنها صلح الحديبية الذي أبرم بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش ، كما شهد هذا المكان بيعة الرضوان أو بيعة الشجرة في الوقت نفسه ، حين نما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سفيره إلى قريش عثمان بن عفان رضى الله عنه قد قتل ، والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } ، [الفتح : 18] .
وفي هذا المكان حدثت معجزات إلهية قال البراء : "كنا يوم الحديبية أربع عشرة ومائة ، والحديبية بئر فترضاها حتى لم تترك فيها قطرة ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم حتى روينا وروت ركائبنا" .
وعن جابر قال : عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة ، فتوضأ فجهش الناس نحوه فقال : مالكم؟ قالوا : ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك ، فوضع يده في الركوة فجعل الماء بثور من أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا ، قلت : كم كنتم : قال لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة .
وفي رواية : "حتى نزل بالناس على ثمد من أثماد الحديبية خنون قلي الماء ، يتبرض ماؤه تبرضاً ، فاشتكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قله الماء ، فانتزع سهماً من كنانته فأمر به فغرز في الثمد ، فجاشت لهم بالرواء حتى صدروا عنه بعطن ، وإنهم ليغرفون بآنيتهم جلوساً على شفير البئر ، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بضعة عشر يوماً في رواية ، وفي رواية أخرى عشرين ليلة .
أما الحديبية في الوقت الحاضر فهي بلدة صغيرة ، بها نقطة التفتيش لسالك الطريق باتجاه مكة أو جدة ، ومسجدان متهدمان ، وعدة آبار ، وأحواش كبيرة لشركات ، علاوة على مؤسسات حكومية ، ومجموعة من المباني السكنية ، وبقالة واحدة ، وبئر قديمة ،وسبيل ماء بني في أواخر العصر العثماني ، ثم تجديد عمارته في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله ، وتحديداً عام 1362هـ / 1943م .


المراجع
أ.د ناصر بن علي الحارثي ، الآثار الإسلامية في مكة المكرمة ، ص66-69 .