أم شمس
01-31-2011, 01:18 AM
إبراهيم القرا حصاري
إبراهيم بن عثمان بن محمد القرا حصاري القسطنطيني الحنفي شيخ الإسلام مفتي الدولة العثمانية ركن الدين المولى الفاضل الفقيه الرئيس النبيذ السيد الشريف الصدر الكبير ولد سنة ثلاث عشرة ومائة وألف وقدم إلى قسطنطينية وهو صغير ولازم ابن عمه المولى زين العابدين علي قاضي العساكر وزوجه ابنته وصاهره وقار المعقول والمنقول وأخذا الخط المعرف بالتعليق عن الصدر الرئيس المولى رفيع بن مصطفى الكتب قاضي العساكر ورئيس الأطباء في دار السلطنة ودرس بمدارس قسطنطينية ولما ولي قضاء مكة ابن عمه اصطحبه معه وحج وجاور بمكة وولاه نيابة الحكم في جدة ثم عادة إلى قسطنطينية وولى بعض المناصب والأنظار الشرعية كنظر الأوقاف وغيره ثم ولى قضاء سلانيك وبعدها سنة أربع وسبعين ومائة وألف ولي قضاء دمشق ودخلها وكان مريضاً فاستقام قاضياً على العادة وفي هذه المدة كان مفتي الحنفية بدمشق والدي رحمه الله تعالى فتصاحبا وحصلت بينهما محبة ومودة وصحب كل منهما الآخر وحضر دروس والدي الفقهية في المدرسة السليمانية وبعد مدة من السنين ولي قضاء دار السلطنة قسطنيطينية وأعيد إلى قضائها ثانياً وبعدها ولى نقابة الأشراف بدار السلطنة ثم ولي قضاء عسكر أناطولي ثم قضاء عسكر روم ايلي سنة تسعين ومائة وألف ثم أعيد ثانياً إلى المنصب المذكور مع نقابة الأشراف عليه ولما ظهر الحريق الكبير في قسطنطينية في شعبان ورمضان سنة ست وسبعين ومائة وألف واحترق به ثلثاً قسطنيطينية وأكثر جوامعها ومساجدها والخانقاهات والمدارس وحصل غم عظيم للناس واضطربت العالم ونسب ذلك لبطاءة الوزير محمد عز الدين بن حسين الصدر الأعظم واشتغاله بأمور السلطان وحده وعد ذلك منه فعزل عن الوزارة الكبرى وأبعد عن دار السلطنة وبعده بأيام قلائل عزل عن منصب الفتوى شيخ الإسلام المولى العالم شريف بن أسعد بن إسماعيل الحنفي المفتي واختير من طرف السلطان المترجم أن يكون مفتياً فولى الإفتاء في شوال من السنة وأقبلت عليه رجال الدولة وكبراؤها وعظمه السلطان الأعظم أبو النصر غياث الدولة والدين عبد الحميد خان واتسعت دائرته وعظمت دولته وثروته وأقبلت الدنيا عليه من كل طرف وراجعته الكبار والصغار وعلاصيته واشتهر أمره ولما دخلت قسطنطينية اجتمعت به وزرته في داره وسمعت من فوائده وصحبته وأخبرني أنه أدرك الجد الكبير الأستاذ فخر الدين محمد مراد بن علي البخاري الحنفي واجتمع به وبغيره من العلماء والأولياء والسادات والأدباء والأفاضل وأخذ عنهم وصحبهم وقرأ عليهم في الأقطار العربية وغيرها كالشيخ المحدث أبي عبد الرحمن محمد بن علي الكامل الشافعي الدمشقي والإمام الكبير أبي المواهب محمد بن عبد الباقي مفتي الحنابلة بدمشق والأستاذ العارف ضياء الدين عبد الغني بن إسماعيل الحنفي الدمشقي النابلسي وغيرهم وكان يعرف أحوال الدهر وأمور السياسة وله دربة وسعة عقل في نظام الملك والدولة خبير بأحوال الناس بصير بالأمور وعواقبها ملازم العبادة والطاعة حسن الخلق لطيف المعاشرة توفي وهو مفتي الدولة يوم الاثنين سابع عشر جمادى الثانية سنة سبع وتسعين ومائة وألف وصلى عليه في جامع السلطان أبي الفتح محمد خان وحضر الصلاة عليه العلماء والقضاة والرؤساء ودفن بالقرب من جامع السلطان سليم خان داخل قسطنطينية وكنت سنة تسعين ومائة وألف لما ولي قضاء عسكر روم ايلي المرة الأولى كتبت إليه أمدحه من دمشق بهذه القصيدة وهي من شعر الصبا
سقاها ربوعا هاطل المزن يحييها = معاهد أنس قد تعفت مغانيها
ولا زالت الأنواء تخصب حيها = بجود على كر الدهور يحييها
بها قد تقضى لي عهود مودة = نشأت بمغناها ولست بناسيها
بها كنت مغبوط المقيل منعما = وأمرح في النادي بظل مجانيها
ورب ليال قد تقضت بسرعة = كطيف خيال قد مضى في دياجيها
بحيث الصفا راح وأفراحنا له = كؤس وندماني الغوالي غوانيها
غوان إذا ما الليل وافي كأنما = مكاني سماءهن فيه دراريها
غوان نضت الحاظها لي أسهما = أريشت من الأهداب سبحان باريها
ألا ليت شعري هل أفوزن باللقا = وهل لي بوادي الروم خود الاقيها
بلاد بها فرش الرياض جواهر = ومسك فتيق فائح ترب ناديها
تيسر معسوراً وتولى مكارما = وتجبر مكسوراً وتسعد من فيها
وإني وإن شطت فشوقي مضاعف = إليها وجل القصد تمداح حاميها
أمام همام واحد صدر وقته = وكهف ذوي الحاجات ركن مواليها
هو العالم النحرير والسند الذي = ذرى شرف العلياء بالفضل راقيها
هو الجهبذ النقاد والحبر من غدا = أحاديث مجد بالتسلسل يرويها
ملاذ أولي الحاجات كعبه قاصد = عماد الهدى ركن الفضائل حأويها
هو المطمح الأسنى الذي طاب ذكره = وطود المعالي والسيادة عاليها
له في الورى آيات مجد وسؤدد = بها تزدهي الأيام والدهر يمليها
أمولاي يا فرد الدهور وعزها = ويا خير من شاد المعالي وبانيها
إلى بابك الأحمى أبث قوافيها = تنوب عن التقبيل للذيل أهديها
إليك لقد وافت بثوب خجالة = نسيجة فكر تزدهي فيكم تيها
تهنيك فيما نلت من رتب العلا = منازلها شمس الضحى ليس تحكيها
فأنت بدار الملك قطب مدارها = وأنت بها غوث العفاة لأهليها
واعذار عبد أثقل الدهر ظهره = بجم خطوب ليس يحصى تواليها
ودم راقيا أوج المعالي مؤيدا = وذكرك في داني الديار وقاصيها
بعز واقبال وسعد ورفعة = إلى رتبة فوق الشر يا معاليها
مدى الدهر ما غنت سويجعة الربا = واطرب بالإنشاء للنوق حاديها
المرجع
الكتاب : سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر
المؤلف : المرادي
إبراهيم بن عثمان بن محمد القرا حصاري القسطنطيني الحنفي شيخ الإسلام مفتي الدولة العثمانية ركن الدين المولى الفاضل الفقيه الرئيس النبيذ السيد الشريف الصدر الكبير ولد سنة ثلاث عشرة ومائة وألف وقدم إلى قسطنطينية وهو صغير ولازم ابن عمه المولى زين العابدين علي قاضي العساكر وزوجه ابنته وصاهره وقار المعقول والمنقول وأخذا الخط المعرف بالتعليق عن الصدر الرئيس المولى رفيع بن مصطفى الكتب قاضي العساكر ورئيس الأطباء في دار السلطنة ودرس بمدارس قسطنطينية ولما ولي قضاء مكة ابن عمه اصطحبه معه وحج وجاور بمكة وولاه نيابة الحكم في جدة ثم عادة إلى قسطنطينية وولى بعض المناصب والأنظار الشرعية كنظر الأوقاف وغيره ثم ولى قضاء سلانيك وبعدها سنة أربع وسبعين ومائة وألف ولي قضاء دمشق ودخلها وكان مريضاً فاستقام قاضياً على العادة وفي هذه المدة كان مفتي الحنفية بدمشق والدي رحمه الله تعالى فتصاحبا وحصلت بينهما محبة ومودة وصحب كل منهما الآخر وحضر دروس والدي الفقهية في المدرسة السليمانية وبعد مدة من السنين ولي قضاء دار السلطنة قسطنيطينية وأعيد إلى قضائها ثانياً وبعدها ولى نقابة الأشراف بدار السلطنة ثم ولي قضاء عسكر أناطولي ثم قضاء عسكر روم ايلي سنة تسعين ومائة وألف ثم أعيد ثانياً إلى المنصب المذكور مع نقابة الأشراف عليه ولما ظهر الحريق الكبير في قسطنطينية في شعبان ورمضان سنة ست وسبعين ومائة وألف واحترق به ثلثاً قسطنيطينية وأكثر جوامعها ومساجدها والخانقاهات والمدارس وحصل غم عظيم للناس واضطربت العالم ونسب ذلك لبطاءة الوزير محمد عز الدين بن حسين الصدر الأعظم واشتغاله بأمور السلطان وحده وعد ذلك منه فعزل عن الوزارة الكبرى وأبعد عن دار السلطنة وبعده بأيام قلائل عزل عن منصب الفتوى شيخ الإسلام المولى العالم شريف بن أسعد بن إسماعيل الحنفي المفتي واختير من طرف السلطان المترجم أن يكون مفتياً فولى الإفتاء في شوال من السنة وأقبلت عليه رجال الدولة وكبراؤها وعظمه السلطان الأعظم أبو النصر غياث الدولة والدين عبد الحميد خان واتسعت دائرته وعظمت دولته وثروته وأقبلت الدنيا عليه من كل طرف وراجعته الكبار والصغار وعلاصيته واشتهر أمره ولما دخلت قسطنطينية اجتمعت به وزرته في داره وسمعت من فوائده وصحبته وأخبرني أنه أدرك الجد الكبير الأستاذ فخر الدين محمد مراد بن علي البخاري الحنفي واجتمع به وبغيره من العلماء والأولياء والسادات والأدباء والأفاضل وأخذ عنهم وصحبهم وقرأ عليهم في الأقطار العربية وغيرها كالشيخ المحدث أبي عبد الرحمن محمد بن علي الكامل الشافعي الدمشقي والإمام الكبير أبي المواهب محمد بن عبد الباقي مفتي الحنابلة بدمشق والأستاذ العارف ضياء الدين عبد الغني بن إسماعيل الحنفي الدمشقي النابلسي وغيرهم وكان يعرف أحوال الدهر وأمور السياسة وله دربة وسعة عقل في نظام الملك والدولة خبير بأحوال الناس بصير بالأمور وعواقبها ملازم العبادة والطاعة حسن الخلق لطيف المعاشرة توفي وهو مفتي الدولة يوم الاثنين سابع عشر جمادى الثانية سنة سبع وتسعين ومائة وألف وصلى عليه في جامع السلطان أبي الفتح محمد خان وحضر الصلاة عليه العلماء والقضاة والرؤساء ودفن بالقرب من جامع السلطان سليم خان داخل قسطنطينية وكنت سنة تسعين ومائة وألف لما ولي قضاء عسكر روم ايلي المرة الأولى كتبت إليه أمدحه من دمشق بهذه القصيدة وهي من شعر الصبا
سقاها ربوعا هاطل المزن يحييها = معاهد أنس قد تعفت مغانيها
ولا زالت الأنواء تخصب حيها = بجود على كر الدهور يحييها
بها قد تقضى لي عهود مودة = نشأت بمغناها ولست بناسيها
بها كنت مغبوط المقيل منعما = وأمرح في النادي بظل مجانيها
ورب ليال قد تقضت بسرعة = كطيف خيال قد مضى في دياجيها
بحيث الصفا راح وأفراحنا له = كؤس وندماني الغوالي غوانيها
غوان إذا ما الليل وافي كأنما = مكاني سماءهن فيه دراريها
غوان نضت الحاظها لي أسهما = أريشت من الأهداب سبحان باريها
ألا ليت شعري هل أفوزن باللقا = وهل لي بوادي الروم خود الاقيها
بلاد بها فرش الرياض جواهر = ومسك فتيق فائح ترب ناديها
تيسر معسوراً وتولى مكارما = وتجبر مكسوراً وتسعد من فيها
وإني وإن شطت فشوقي مضاعف = إليها وجل القصد تمداح حاميها
أمام همام واحد صدر وقته = وكهف ذوي الحاجات ركن مواليها
هو العالم النحرير والسند الذي = ذرى شرف العلياء بالفضل راقيها
هو الجهبذ النقاد والحبر من غدا = أحاديث مجد بالتسلسل يرويها
ملاذ أولي الحاجات كعبه قاصد = عماد الهدى ركن الفضائل حأويها
هو المطمح الأسنى الذي طاب ذكره = وطود المعالي والسيادة عاليها
له في الورى آيات مجد وسؤدد = بها تزدهي الأيام والدهر يمليها
أمولاي يا فرد الدهور وعزها = ويا خير من شاد المعالي وبانيها
إلى بابك الأحمى أبث قوافيها = تنوب عن التقبيل للذيل أهديها
إليك لقد وافت بثوب خجالة = نسيجة فكر تزدهي فيكم تيها
تهنيك فيما نلت من رتب العلا = منازلها شمس الضحى ليس تحكيها
فأنت بدار الملك قطب مدارها = وأنت بها غوث العفاة لأهليها
واعذار عبد أثقل الدهر ظهره = بجم خطوب ليس يحصى تواليها
ودم راقيا أوج المعالي مؤيدا = وذكرك في داني الديار وقاصيها
بعز واقبال وسعد ورفعة = إلى رتبة فوق الشر يا معاليها
مدى الدهر ما غنت سويجعة الربا = واطرب بالإنشاء للنوق حاديها
المرجع
الكتاب : سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر
المؤلف : المرادي