شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : مطرف بن عبد الله


ريمة مطهر
01-30-2011, 11:36 PM
مطرف بن عبد الله
( الطبقة الأولى من كبراء التابعين )

ابن الشخير ، الإمام ، القدوة ، الحجة ، أبو عبد الله الحرشي العامري البصري ، أخو يزيد بن عبد الله .

حدث عن : أبيه - رضي الله عنه - ، وعلي ، وعمار ، وأبي ذر ، وعثمان ، وعائشة ، وعثمان بن أبي العاص ، ومعاوية ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن مغفل المزني ، وغيرهم . وعن أبي مسلم الجذمي ، وحكيم بن قيس بن عاصم المنقري . وأرسل عن أبي بن كعب .

حدث عنه : الحسن البصري ، وأخوه يزيد بن عبد الله ، وأبو التياح يزيد بن حميد ، وثابت البناني ، وسعيد بن أبي هند ، وقتادة ، وغيلان بن جرير ، ومحمد بن واسع ، وأبو نضرة العبدي ، ويزيد الرشك ، وحميد بن هلال ، وسعيد الجريري ، وابن أخيه عبد الله بن هانئ بن عبد الله بن الشخير ، وعبد الكريم بن رشيد ، وأبو نعامة السعدي ، وخلق سواهم .

أنبأنا ابن أبي الخير ، عن اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا يوسف النجيرمي حدثنا الحسن بن المثنى ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .

ذكره ابن سعد فقال : روى عن أبي بن كعب وكان ثقة له فضل وورع وعقل وأدب .

وقال العجلي : كان ثقة لم ينج بالبصرة من فتنة ابن الأشعث إلا هو وابن سيرين ، ولم ينج منها بالكوفة إلا خيثمة بن عبد الرحمن ، وإبراهيم النخعي .

قال مهدي بن ميمون : حدثنا غيلان بن جرير ، أنه كان بينه وبين رجل كلام ، فكذب عليه فقال : اللهم إن كان كاذباً فأمته . فخر ميتاً مكانه ، قال : فرفع ذلك إلى زياد فقال : قتلت الرجل؟ قال : لا ؛ ولكنها دعوة وافقت أجلاً .

وعن غيلان أن مطرفاً كان يلبس المطارف والبرانس ، ويركب الخيل ، ويغشى السلطان ، ولكنه إذا أفضيت إليه ، أفضيت إلى قرة عين .

وكان يقول : عقول الناس على قدر زمانهم .

وروى قتادة عن مطرف بن عبد الله ، قال : فضل العلم أحب إليّ من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع .

قال يزيد بن عبد الله بن الشخير : مطرف أكبر مني بعشر سنين ، وأنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين .

قلت : على هذا يقتضي أن مولد مطرف كان عام ( بدر ) أو عام ( أحد ) ويمكن أن يكون سمع من عمر وأبي .

قال ابن سعد : توفي مطرف في أول ولاية الحجاج .

قلت : بل بقي إلى أن خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بعد الثمانين ، وأما عمرو بن علي والترمذي ، فأرخا موته في سنة خمس وتسعين . وهذا أشبه .

وفي ( الحلية ) روى أبو الأشهب ، عن رجل ، قال مطرف بن عبد الله : لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أبيت أن قائماً وأصبح معجباً .

قلت : لا أفلح - والله - من زكى نفسه أو أعجبته .

وعن ثابت البناني ، عن مطرف قال : لأن يسألني الله - تعالى - يوم القيامة ، فيقول : يا مطرف ، ألا فعلت . أحب إليّ من أن يقول : لم فعلت ؟

جرير بن حازم : حدثنا حميد بن هلال قال : قال مطرف بن عبد الله : إنما وجدت العبد ملقى بين ربه وبين الشيطان ، فإن استشلاه ربه واستنقذه نجا ، وإن تركه والشيطان ، وذهب به .

جعفر بن سليمان : حدثنا ثابت قال : قال مطرف : لو أخرج قلبي ، فجعل في يساري وجيء بالخير ، فجعل في يميني ، ما استطعت أن أولج قلبي منه شيئاً حتى يكون الله يضعه .

أبو جعفر الرازي : عن قتادة ، عن مطرف قال : إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم ، فاطلبوا نعيماً لا موت فيه .

حماد بن يزيد : عن داود بن أبي هند ، عن مطرف بن عبد الله قال : ليس لأحد أن يصعد فيلقي نفسه من شاهق ، ويقول : قدر لي ربي ؛ ولكن يحذر ويجتهد ويتقي ، فإن أصابه شيء ، علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له .

غيلان بن جرير ، عن مطرف قال : لا تقل : فإن الله يقول ، ولكن قل : قال الله تعالى . وقال : إن الرجل ليكذب مرتين ، يقال له : ما هذا ؟ فيقول : لا شيء إلا شيء ليس بشيء .

أبو عقيل بشير بن عقبة قال : قلت ليزيد بن الشخير : ما كان مطرف يصنع إذا هاج الناس ؟ قال : يلزم قعر بيته ، ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجلي .

وقال أيوب : قال مطرف : لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إليّ من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير .

قال غيلان بن جرير : كان مطرف يلبس البرانس والمطارف ، ويركب الخيل ، ويغشى السلطان ، لكن إذا أفضيت إليه ، أفضيت إلى قرة عين .

قال مسلمة بن إبراهيم : حدثنا أبو طلحة بشر بن كثير ، قال : حدثتني امرأة مطرف أنه تزوجها على ثلاثين ألفاً وبغلة وقطيفة وماشطة .

وروى مهدي بن ميمون ، أن غيلان قال : تزوج مطرف امرأة على عشرين ألفاً .

قلت : كان مطرف له مال وثروة وبزة جميلة ، ووقع في النفوس . وروى أبو خلدة أن مطرفاً كان يخضب بالصفرة .

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا أبو المكارم اللبان ، أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي ، حدثنا الحسن بن المثنى ، حدثنا عفان ، حدثنا همام ، سمعت قتادة يقول : حدثنا مطرف قال : كنا نأتي زيد بن صوحان فكان يقول : يا عباد الله ، أكرموا وأجملوا ؛ فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين : الخوف والطمع .

فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتاباً ، فنسقوا كلاماً من هذا النحو : إن الله ربنا ، ومحمداً نبينا ، والقرآن إمامنا ، ومن كان معنا كنا وكنا ، ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا . قال : فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلاً رجلاً ، فيقولون : أقررت يا فلان ؟ حتى انتهوا إليّ فقالوا : أقررت يا غلام ؟ قلت : لا ، قال – يعني : زيداً - : لا تعجلوا على الغلام ، ما تقول يا غلام ؟ قلت : إن الله قد أخذ عليّ عهداً في كتابه ، فلن أحدث عهداً سوى العهد الذي أخذه عليّ .

فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحد ، وكانوا زهاء ثلاثين نفساً .

قال قتادة : فكان مطرف إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب ، وكان الحسن ينهى عنها ولا يبرح .

قال مطرف : ما أشبه الحسن إلا برجل يحذر الناس السيل ويقوم بسننه .

وبه ، قال أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق ، أنبأنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة قال : كان مطرف بن عبد الله وصاحب له سريا في ليلة مظلمة ، فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء ، فقال : أما إنه لو حدثنا الناس بهذا ، كذبونا . فقال مطرف : المكذب أكذب - يقول : المكذب بنعمة الله أكذب .

وبه ، حدثنا أبو حامد بن جبلة : حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا الحسين بن منصور ، حدثنا حجاج ، عن مهدي بن ميمون ، عن غيلان بن جرير ، قال : أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية - وكان يبدو - فبينا هو يسير سمع في طرف سوطه كالتسبيح فقال له ابن أخيه : لو حدثنا الناس بهذا ، كذبونا . فقال : المكذب أكذب الناس .

وبه ، حدثنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن عبيد بن حساب ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو التياح قال : كان مطرف بن عبد الله يبدو ؛ فإذا كان ليلة الجمعة ، أدلج على فرسه ، فربما نور له سوطه ، فأدلج ليلة حتى إذا كان عند القبور ، هوم على فرسه ، قال : فرأيت أهل القبور ، صاحب كل قبر جالساً على قبره ، فلما رأوني ، قالوا : هذا مطرف يأتي الجمعة قلت : أتعلمون عندكم يوم الجمعة ؟ قالوا : نعم ، نعلم ما تقول الطير فيه . قلت : وما تقول الطير ؟ قالوا : تقول : سلام سلام من يوم صالح . إسنادها صحيح .

عبد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا الحسن بن عمرو الفزاري ، عن ثابت البناني ورجل آخر ، أنهما دخلا على مطرف وهو مغمى عليه ، قال : فسطعت معه ثلاثة أنوار : نور من رأسه ، ونور من وسطه ، ونور من رجليه ، فهالنا ذلك ، فأفاق فقلنا : كيف أنت يا أبا عبد الله ؟ قال : صالح . فقيل : لقد رأينا شيئاً هالنا . قال : وما هو ؟ قلنا : أنوار سطعت منك . قال : وقد رأيتم ذلك ؟ قالوا : نعم . قال : تلك تنزيل السجدة ، وهي تسع وعشرون آية ، سطع أولها من رأسي ووسطها من وسطي وآخرها من قدمي ، وقد صورت تشفع لي ، فهذه ثوابية تحرسني .

وعن محمد بن واسع قال : كان مطرف يقول : اللهم ارض عنا ؛ فإن لم ترض عنا فاعف عنا ; فإن المولى قد يعفو عن عبده وهو عنه غير راض .

وعن مطرف أنه قال لبعض إخوانه : يا أبا فلان إذا كانت لك حاجة فلا تكلمني واكتبها في رقعة ؛ فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال .

روى أبو التياح عن يزيد بن عبد الله أن أخاه أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحداً وكان يزيد أخو مطرف من ثقات التابعين ، عاش بعد أخيه أعواماً .

ابن أبي عروبة : عن قتادة ، عن مطرف قال : لقيت علياً رضي الله عنه فقال لي : يا أبا عبد الله ، ما بطأ بك ؟ أحب عثمان ؟ ثم قال : لئن قلت ذاك ، لقد كان أوصلنا للرحم ، وأتقانا للرب .

وقال مهدي بن ميمون : قال مطرف : لقد كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة .

وقال ابن عيينة : قال مطرف بن عبد الله : ما يسرني أني كذبت كذبة وأن لي الدنيا وما فيها .

وقال أبو نعيم : حدثنا عمارة بن زاذان قال : رأيت على مطرف بن الشخير مطرف خز أخذه بأربعة آلاف درهم .

وقال حميد بن هلال : أتت الحرورية مطرف بن عبد الله يدعونه إلى رأيهم ، فقال : يا هؤلاء ، لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى ؛ فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها الأخرى ، وإن كان ضلالة ، هلكت نفس وبقيت لي نفس ؛ ولكن هي نفس واحدة لا أغرر بها .

قال قتادة : قال مطرف : لأن أعافى فأشكر أحب إليّ من أن أبتلى فأصبر .

قال سليمان بن المغيرة : كان مطرف إذا دخل بيته ، سبحت معه آنية بيته .

وقال سليمان بن حرب : كان مطرف مجاب الدعوة ، قال لرجل : إن كنت كذبت فأرنا به . فمات مكانه .

وقال مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير ، قال : حبس السلطان ابن أخي مطرفاً ، فلبس مطرف خلقان ثيابه ، وأخذ عكازا وقال : أستكين لربي ؛ لعله أن يشفعني في ابن أخي .

قال خليفة بن خياط : مات مطرف سنة ست وثمانين . وقيل في وفاته غير ذلك كما مضى .
المرجع
سير أعلام النبلاء ، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي