شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : شبيب بن يزيد


ريمة مطهر
01-30-2011, 10:36 PM
شبيب بن يزيد
( الطبقة الأولى من كبراء التابعين )

ابن أبي نعيم الشيباني ، رأس الخوارج بالجزيرة ، وفارس زمانه بعث لحربه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحداً بعد واحد ، ثم سار إلى الكوفة ، وحاصر الحجاج ، وكانت زوجته ( غزالة ) عديمة النظير في الشجاعة ؛ فعير الحجاج شاعر فقال :

أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر

وكانت أم شبيب جهيزة تشهد الحروب .

قال رجل : رأيت شبيباً دخل المسجد ، فبقي المسجد يرتج له ، وعليه جبة طيالسة ، وهو طويل ، أشمط ، جعد ، آدم .

غرق شبيب في القتال بدجيل سنة سبع وسبعين . وله إحدى وخمسون سنة .

قيل : حضر عتبان الحروري عند عبد الملك بن مروان فقال أنت القائل :

فإن يك منكم كان مروان وابنه *** وعمرو ومنكم هاشم وحبيب
فمنا حصين والبطين وقعنب *** ومنا أمير المؤمنين شبيب

فقال : إنما قلت : ومنا أمير المؤمنين شبيب على النداء . فأعجبه وأطلقه .

ولما غرق ، قيل لأمه فقالت : لما ولدته رأيت كأنه خرج مني شهاب نار ، فعلمت أنه لا يطفئه إلا الماء .

وكان قد خرج صالح بن مسرح العابد التميمي بداراً وله أصحاب يفقههم ويقص عليهم ، ويذم عثمان وعلياً كدأب الخوارج ، ويقول : تأهبوا لجهاد الظلمة ، ولا تجزعوا من القتل في الله ؛ فالقتل أسهل من الموت ، والموت لا بد منه .

فأتاه كتاب شبيب يقول : إنك شيخ المسلمين ، ولن نعدل بك أحداً ، وقد استجبت لك ، والآجال غادية ورائحة ، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين ، فيا له غبنا ، ويا له فضلاً متروكاً ، جعلنا الله ممن يريد الله بعمله ، ثم أقبل هو وأخوه مصاد والمحلل بن وائل ، وإبراهيم بن حجر ، والفضل بن عامر الذهلي ، إلى صالح ، فصاروا مائة وعشرة أنفس ، ثم شدوا على خيل لمحمد بن مروان ، فأخذوها وقويت شوكتهم ، فسار لحربهم عدي بن عدي بن عميرة الكندي ، فالتقوا فانهزم عدي ، وبعد مديدة توفي صالح من جراحات ، سنة ست وتسعين ، وعهد إلى شبيب فهزم العساكر ، وعظم الخطب ، وهجم على الكوفة وقتل جماعة أعيان ، فندب الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي ، فالتقوا فقتل زائدة ، ودخلت غزالة جامع الكوفة ، وصلت وردها ، وصعدت المنبر ، ووفت نذرها ، وهزم شبيب جيوش الحجاج مرات ، وقتل عدة من الأشراف ، وتزلزل له عبد الملك ، وتحير الحجاج في أمره ، وقال : أعياني هذا ، وجمع له جيشاً كثيفاً نحو خمسين ألفاً .

وعرض شبيب جنده فكانوا ألفاً ، وقال : يا قوم ، إن الله نصركم وأنتم مائة ، فأنتم اليوم مئون . ثم ثبت معه ست مائة ، فحمل في مائتين على الميسرة هزمها ، ثم قتل مقدم العساكر عتاب بن ورقاء التميمي ، فلما رآه شبيب صريعاً توجع له ، فقال خارجي له : يا أمير المؤمنين تتوجع لكافر؟! ثم نادى شبيب برفع السيف ، ودعا إلى طاعته ، فبايعوه ثم هربوا في الليل .

ثم جاء المدد من الشام ، فالتقاه الحجاج بنفسه ، فجرى مصاف لم يعهد مثله ، وثبت الفريقان ، وقتل مصاد أخو شبيب ، وزوجته غزالة ، ودخل الليل وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه ، والطلب في أثره ، ثم فتر الطلب عنهم ، وساروا إلى الأهواز ، فبرز متوليها محمد بن موسى بن طلحة ، فبارز شبيباً فقتله شبيب ، ومضى إلى كرمان فأقام شهرين ورجع ، فالتقاه سفيان بن أبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل ، فاقتتلوا حتى دخل الليل ، فعبر شبيب على الجسر ، فقطع به ، فغرق وقيل : بل نفر به فرسه ، فألقاه في الماء سنة سبع وسبعين وعليه الحديد فقال : " ذلك تقدير العزيز العليم " وألقاه دجيل إلى الساحل ميتاً ، وحمل إلى الحجاج ، فشق جوفه وأخرج قلبه ، فإذا داخله قلب آخر .

المرجع
سير أعلام النبلاء ، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي