ثروت كتبي
04-22-2011, 05:25 PM
سوق الصغير – الحزورة
موقع هذا لسوق أمام المسجد الحرام من الجهة الغربية في منطقة تسمى قديماً الحزورة : بفتح الواو تارة وتشديدها تارة أخرى ، وهي في اللغة : الربوة الصغيرة ، وفي الاصطلاح المكي هي : سوق عند باب الوداع ، أو هي ما بينه وبين باب سيدنا إبراهيم ، وهي مبدأ سوق الصغير المعروف كما سيأتي .
وكونها ربوة أمام الحرم يحتمل أن يكون ذلك قبل تسوية الأرض المحاطة بالمسجد الحرام ، ولعلها ذهبت مع السيول وكثرة دعس الناس عليها بالأرجل والدواب .
وقال الأزرقي في تاريخه : روى سفيان عن ابن شهاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحزورة : "أما والله إنك لاحب البلاد إلى الله سبحانه ولو لا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" رواه الترمذي [3860] وابن ماجه [3099] .
وعن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورة فقال : "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" نفس المرجع السابق .
قال سفيان : وقد دخلت الحزورة في المسجد الحرام . وفي رواية : عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة في سوق بمكة وذكر الحديث بكامله .
وجاء في شفاءالغرام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم فتح مكة على راحلته بالحزورة وهو يقول لمكة (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت) .
قلت : وكان ذلك في ليلة الهجرة النبوية ، وهي أمام باب سيدنا إبراهيم قبل التوسعة السعودية ، وأمام المدرسة الفخرية ، وبعدها مبنى (الداودية) وهي رباط أنشأه داود باشا في عهد الدولة العثمانية ، وكان في الرباط مدرسة وميضئة مياه ، وفي الجنوب الشرقي تقع التكية المصرية .
وفي مكان آخر يقول الفاسي : إن الناس من قديم يثصحفونها (الحزورة) والحزورة الرابية الصغيرة والجمع حزاور ، وكان عندها سوق الحناطين بمكة وهي في أسفلها عند منارة المسجد الحرام التي تلي أجياد ، وما وقع للطبراني من أن الحزورة في شرقي مكة تصحيف صوابه سوق مكة كما وقع مصرحاً به في (مسند أحمد بن حنبل) وذكر بعض المكيين أن الحزورة بفناء دار الأرقم يعني دار الخيزران التي عند الصفان ، وقال الأزرقي : والأول – أنها كانت عند الحناطين – أثبت وأشهر عند أهل مكة . تاريخ الزهور المقتطفة ج2 ص690 .
ومكان هذه السوق هو محل توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمه الله – للمسجد الحرام في الجهة الغربية منه .
والسوق أمام هذه الأبواب من المسجد الحرام : باب الوداع ، وباب سيدنا إبراهيم وباب أم هاني ، وباب الشبيكة من الجهة الغربية .
وقد شق بطن هذا السوق وحارتي الباب والشبيكة ، نفق سوق الصغير الموجود حالياً والمؤدي شرقا إلى جياد (السد) إلى العزيزية و (المصافي) و (البليلة) وبخش جنوبا ، ومنها إلى ضواحي مكة شرقاً وجنوباً وشمالاً .
ولموقع هذا السوق في تلك الجهة فقد كان يخدم أهل المسفلة ، والشبيكة ، وجبل عمر ، وحارة الباب ، وغيرهم ممن في تلك الجهة ، وكان تخصص هذا السوق متمثلاً في دكاكين الجزارة على يسار الداخل منالجهة الغربية لبيع اللحم (البقري) و (الضاني) و (الجملي) والرؤوس والسقط – القلوب والكرش – ومكانهم هذا يسمى زقاق الرواسة) وينفذ هذا الزقاق من الجهة الشمالية إلى باب العمرة وإلى (الداودية) رباط معروف في ذلك الوقت ، وهو نسبة إلى أحد السلاطين في العهد العثماني .
وفي السوق من الجهة الشرقية المطلة على المسجد الحرام بعض المطاعم والبقالات لبيع (العيش والنواشف) من جبن وزيتون وحلاوة وطرشي ولبنية ، وبعض المحلات لبيع الأواني المنزلية ، وفيه منالطباخين – ويسمون (الكبابجية) من باعة المأكولات في السوق منهم أبناء البرنية باعة السمك وهم الآن في محلة جرول ، ودكانهم معروف ومشهور بجوار بيت ابن سليمان ،الوزير .
وفيه باعة السمن واللبن والحليب ، وفيه الفرانة مثل آل غنيم من ناحية باب العمرة وهم لا يزالون في هذه المهنة بشارع جرهم – حي الطنضباوي الشرقي الجنوبي – وفيه الكعكية في جهة جياد ، والآن مخابزهم بالكعكية المنطقة المعروفة على طريق الليث من الجنوب ، ولهم أيضاً مكان في شارع المنصور ، وربما في غيره من أجياد مكة المشرفة .
وفيه العربجية – وهم أهل العربات – والخضرية – وهم باعة الخضراوات بجميع أنواعها – والفكهانية – باعةالفواكه بجميع أنواعها أيضاً – ومنهم جماعة (أبو رزيزة) وكانت الفواكه والخضروات التي تباع في الأسواق المكية يؤتى بها من مزارع ضواحي مكة ، كالجموم ووادي فاطمة ، ووادي جليل ، ووادي الليمون ، والزيمة ، والحسينية ، والعبدية ، والمزارع الأخرى المجاورة ، هذا بالنسبة للخضروات غالباً .
وأما الفواكه : فقد كان يؤتى بها من مدينة الطائف ، ومن جبال الهدا وما جاور تلك النواحي ، ومن المدينة المنورة أيضاً والقرى التابعة لها ، والموز من الزيمة وهذا بخلاف أوضاع اليوم ، فإن أكثر الفواكه تأتينا من البلاد الخارجية ، فمنها ما يصل سالماً وصالحاً للأكل ، ومنها ما يصل وقد نتن وتغير طعمه ، وكان كل ما يأتينا من الخارج يسمى – مستورد – ومن المستورد الجيد الطيب ومنه الرديء .
ولكن ليس هناك أحلى وألذ من (البلدي) الذي نبت في أرض الحرمين الشريفين ، مكة والمدينة وما جاورهما .
وبعد سوق الصغير تأتي حارة الشبيكة من الجهة الغربية ، وحارة الباب من الجهة الشمالية .
المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - عبدالله محمد أبكر
موقع هذا لسوق أمام المسجد الحرام من الجهة الغربية في منطقة تسمى قديماً الحزورة : بفتح الواو تارة وتشديدها تارة أخرى ، وهي في اللغة : الربوة الصغيرة ، وفي الاصطلاح المكي هي : سوق عند باب الوداع ، أو هي ما بينه وبين باب سيدنا إبراهيم ، وهي مبدأ سوق الصغير المعروف كما سيأتي .
وكونها ربوة أمام الحرم يحتمل أن يكون ذلك قبل تسوية الأرض المحاطة بالمسجد الحرام ، ولعلها ذهبت مع السيول وكثرة دعس الناس عليها بالأرجل والدواب .
وقال الأزرقي في تاريخه : روى سفيان عن ابن شهاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحزورة : "أما والله إنك لاحب البلاد إلى الله سبحانه ولو لا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" رواه الترمذي [3860] وابن ماجه [3099] .
وعن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورة فقال : "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" نفس المرجع السابق .
قال سفيان : وقد دخلت الحزورة في المسجد الحرام . وفي رواية : عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة في سوق بمكة وذكر الحديث بكامله .
وجاء في شفاءالغرام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم فتح مكة على راحلته بالحزورة وهو يقول لمكة (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت) .
قلت : وكان ذلك في ليلة الهجرة النبوية ، وهي أمام باب سيدنا إبراهيم قبل التوسعة السعودية ، وأمام المدرسة الفخرية ، وبعدها مبنى (الداودية) وهي رباط أنشأه داود باشا في عهد الدولة العثمانية ، وكان في الرباط مدرسة وميضئة مياه ، وفي الجنوب الشرقي تقع التكية المصرية .
وفي مكان آخر يقول الفاسي : إن الناس من قديم يثصحفونها (الحزورة) والحزورة الرابية الصغيرة والجمع حزاور ، وكان عندها سوق الحناطين بمكة وهي في أسفلها عند منارة المسجد الحرام التي تلي أجياد ، وما وقع للطبراني من أن الحزورة في شرقي مكة تصحيف صوابه سوق مكة كما وقع مصرحاً به في (مسند أحمد بن حنبل) وذكر بعض المكيين أن الحزورة بفناء دار الأرقم يعني دار الخيزران التي عند الصفان ، وقال الأزرقي : والأول – أنها كانت عند الحناطين – أثبت وأشهر عند أهل مكة . تاريخ الزهور المقتطفة ج2 ص690 .
ومكان هذه السوق هو محل توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمه الله – للمسجد الحرام في الجهة الغربية منه .
والسوق أمام هذه الأبواب من المسجد الحرام : باب الوداع ، وباب سيدنا إبراهيم وباب أم هاني ، وباب الشبيكة من الجهة الغربية .
وقد شق بطن هذا السوق وحارتي الباب والشبيكة ، نفق سوق الصغير الموجود حالياً والمؤدي شرقا إلى جياد (السد) إلى العزيزية و (المصافي) و (البليلة) وبخش جنوبا ، ومنها إلى ضواحي مكة شرقاً وجنوباً وشمالاً .
ولموقع هذا السوق في تلك الجهة فقد كان يخدم أهل المسفلة ، والشبيكة ، وجبل عمر ، وحارة الباب ، وغيرهم ممن في تلك الجهة ، وكان تخصص هذا السوق متمثلاً في دكاكين الجزارة على يسار الداخل منالجهة الغربية لبيع اللحم (البقري) و (الضاني) و (الجملي) والرؤوس والسقط – القلوب والكرش – ومكانهم هذا يسمى زقاق الرواسة) وينفذ هذا الزقاق من الجهة الشمالية إلى باب العمرة وإلى (الداودية) رباط معروف في ذلك الوقت ، وهو نسبة إلى أحد السلاطين في العهد العثماني .
وفي السوق من الجهة الشرقية المطلة على المسجد الحرام بعض المطاعم والبقالات لبيع (العيش والنواشف) من جبن وزيتون وحلاوة وطرشي ولبنية ، وبعض المحلات لبيع الأواني المنزلية ، وفيه منالطباخين – ويسمون (الكبابجية) من باعة المأكولات في السوق منهم أبناء البرنية باعة السمك وهم الآن في محلة جرول ، ودكانهم معروف ومشهور بجوار بيت ابن سليمان ،الوزير .
وفيه باعة السمن واللبن والحليب ، وفيه الفرانة مثل آل غنيم من ناحية باب العمرة وهم لا يزالون في هذه المهنة بشارع جرهم – حي الطنضباوي الشرقي الجنوبي – وفيه الكعكية في جهة جياد ، والآن مخابزهم بالكعكية المنطقة المعروفة على طريق الليث من الجنوب ، ولهم أيضاً مكان في شارع المنصور ، وربما في غيره من أجياد مكة المشرفة .
وفيه العربجية – وهم أهل العربات – والخضرية – وهم باعة الخضراوات بجميع أنواعها – والفكهانية – باعةالفواكه بجميع أنواعها أيضاً – ومنهم جماعة (أبو رزيزة) وكانت الفواكه والخضروات التي تباع في الأسواق المكية يؤتى بها من مزارع ضواحي مكة ، كالجموم ووادي فاطمة ، ووادي جليل ، ووادي الليمون ، والزيمة ، والحسينية ، والعبدية ، والمزارع الأخرى المجاورة ، هذا بالنسبة للخضروات غالباً .
وأما الفواكه : فقد كان يؤتى بها من مدينة الطائف ، ومن جبال الهدا وما جاور تلك النواحي ، ومن المدينة المنورة أيضاً والقرى التابعة لها ، والموز من الزيمة وهذا بخلاف أوضاع اليوم ، فإن أكثر الفواكه تأتينا من البلاد الخارجية ، فمنها ما يصل سالماً وصالحاً للأكل ، ومنها ما يصل وقد نتن وتغير طعمه ، وكان كل ما يأتينا من الخارج يسمى – مستورد – ومن المستورد الجيد الطيب ومنه الرديء .
ولكن ليس هناك أحلى وألذ من (البلدي) الذي نبت في أرض الحرمين الشريفين ، مكة والمدينة وما جاورهما .
وبعد سوق الصغير تأتي حارة الشبيكة من الجهة الغربية ، وحارة الباب من الجهة الشمالية .
المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - عبدالله محمد أبكر