شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : سوق الليل .. مكة المكرمة


ثروت كتبي
04-22-2011, 05:21 PM
سوق الليل

هذا السوق جزء من حارة (سوق الليل) ويطل على السوق جبل خندمة من الجهة الشرقية ، وهناك تقع البقعة المباركة التي ولد فيها نبي هذه الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبجانب هذه البقعة من الجهة الجنوبية يقع جبل أبي قبيس المطل على الصفا .
ولا يزال هذا الموضع المبارك المذكور محفوظاً بفضل الله إلى يومنا هذا ، وقد جعل فيه مكتبة باسم (مكتبة مكة المكرمة) وهي تابعة لوزارة الحج والأوقاف (سابقاً) وزارة الشؤون الإسلامية (حالياً) .
وبعد هذا الموضع المبارك بقرابة مائة متر تقع هذه السوق شمالاً ، على يسار النازل إلى المسجد الحرام من طريق (المدَّعى) وعلى يمينه صاعداً ، وهذا قبل الساحة التي نراها الآن .
وكان هذا السوق يبسط ليلاً ، وقيل سوق الليل – بفتح السين – لأن قريشاً كانت تسوق الإبل والحمير من هذا المكان فسمي بذلك ، وهذه التسمية نقلها بعض من أرخ عن مكة المكرمة ولم أقف عليه ، وقيل : كان ذلك في زمن (المقاطعة) أي مقاطعة بني هاشم .
وكانت سوق الليل نشيطة في أيام عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وليس لدينا ما يفيد أنها أنشئت في العهد الراشدي مما يقودنا إلى الاعتقاد بأنها كانت موجودة قبل الإسلام .
وقد انتشرت الأسواق في جميع أنحاء مكة ، وإن كانت المنطقة المحيطة بالحرم حظيت بالنصيب الأوفر منها . وهناك إشارات إلى انتشار الباعة عند أبواب المسجد الحرام . . وبعض التجارات كان لها أكثر من سوق في أكثر من موضع بمكة ، لذلك كله فقد استغنى أهل مكة بالأسواق الموسمية التي كانت تعقد في كل من عكاظ ومجنة وذي المجاز
والخلاصة أن المعروف والمشهور لدى المكيين في السنين الأخيرة أنها سوق يجتمع فيها الباعة ليلاً ، فسميت بسوق الليل ، والرائج بين المكيين بضم السين لا بالفتح ، (ولكل شيء من اسمه نصيب) فكان أهل مكة في الأسواق ، مثل : سوق الصغير ، وسوق المعلاة ، وأهل المنشيات من المسفلة ، وشعب عامر وحارة الباب والشبيكة وغيرها يأتون هذا السوق ليلاً ليبيعوا ما بقي لديهم من الأطعمة والأشربة ، بأي قيمة كانت (المهم ألا يرجعوا إلى بيوتهم ببضاعتهم بل بالقروش تملأ جيوبهم) .
بالفوال مثلاً : إذا لم يبع فوله يحمل جرته على الحمار أو على رأسه ويذهب بها إلى سوق الليل . وكذذلك الفران : إذا لم يبع ما تبقى لديه من (العيش) بكل أنواعه وضعه في زنبيل وذهب به إلى سوق الليل (حتى لا يخمج) وكذلك الطباخ : يحمل القدور ، وأهل المطبق أيضاً ، وأهل الفطاير يطيرون إلى سوق الليل .
فهذا هو سوق الليل مجمع عامة الناس من أهالي مكة وضواحيها لبيع طعام العشاء والإفطار ، وكان في هذا السوق باعة العصيدة والدخن الدقيق ، من الإخوة (التكارنة) وهناك من يبيع فيه اللحم .
وكان يوجد في هذا السوق أيضاً الخدم ، يأتي إليهم من هو في حاجة إلى خدماتهم وهم لا يفارقون هذه السوق ليل نهار .
وكان فيها دكان عم عبد الله كنو (والد المؤذن بالمسجد الحرام الشيخ إدريس عبد الله كنو – رحمهم الله جميعاً – وهما من أهل المسفلة ، ودكانه هذا لبيع اللحم والكبدة المقلية على الصاج عند عم حامد منصور ، وبجانبه قليلاً قهوة المريعاني المشهورة في ذلك الوقت ، وفي السوق : باعة الأسماك والربيان وغيرها من المأكولات البحرية ، فسوق الليل كان أكبر سوق في مكة في القرن الرابع عشر ، وقد ذهب رسمه ولم يبق اليوم سوى اسمه .

المرجع
صورة من تاريخ مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - عبدالله محمد أبكر