صالح المسند
04-20-2011, 08:30 PM
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى ......وحنينه أبداً لأول منزل
اليوم وبدون ترتيب وأنا أسير بسيارتي بشارع الميناء بجدة متجه لمقر العمل بوزارة الإعلام أخذت أنظر للجهة اليسرى من طريق الميناء وهو حي الهنداوية ، وأستغرقت فيه بالنظر حتى وصلت لدرجة الفناء في هذا الحي الذي ولدت فيه وترعرت ، ومن شدة هذا الإصطلام والمحو فإذا أنا أجد نفسي قد أخلفت طريقي فبدلاً من الذهاب للعمل فإذا أنا ادخل لعمق هذا الحي لأتجول في شوارعه حتى وصلت للدار الذي ولدت وعشت فيه حتى الخامسة من عمري ، كانت أجمل أيام العمر فهي أيام طفولة وذكريات ، أوقفت سيارتي أمام البيت وجلست أحلق النظر فيه ولكن النظر وحده لا يشفي لي غليلاً ولا يروي لي ظمأ التوق للماضي فإذا أنا أجد نفسي اتوجه لباب الدار وأقرع الجرس بثقة وكأنني أقرع جرس منزلي .
فتح الباب وخرج لي رجل تشادي الأصل والجنسية وتبدوا على ملامحه الطيبة فقال لي : نعم هل من خدمة ؟؟
الجواب كان يحضرني فقلت له : نعم أنا أريد شراء هذه الدار من المالك وأردت الدخول لها لأرى منافعها ومدى صلاحيتها ... الخ .
الرجل أدخلني الدار بكل ارتياح وأخذ يمشي خلفي وانا أمامه لكني لم أستطع الإستمرار بالمشي فقد أصيب جسمي بقشعريرة شديدة حينما بدأت لي بعض الأماكن تظهر لي فلقد وجدتها على حالها الأول منذ تركتها طفلاً لم يتغير فيها أي شئ ،فقد رأيت المكان الذي كنت العب فيه بالبسكليتة والمكان الذي كانت والدتي ووالدي يجلسان فيه للإستماع للراديوا أبو صمامات ( لمبات ) وأخذت اتجول في الدار وكأنني طفل الأمس أبو 4 سنوات بل بالفعل شعرت بالطفولة لأنني تركت هذا المنزل وأنا طفل في عهد الملك سعود - رحمه الله - ، وصرت أتكلم مع الساكن فيه وأقول له : هنا كنت العب وهنا كانت بسكليتتي وهنا كان والدي يسمر مع الراديوا وهنا كانت تجلس معي اختي ... الخ .
هذه الزيارة التي أدخل فيها هذه الدار منذ 48 سنة أرجعت لي ذكريات أكثر من خمسين سنة ، أخذت أتجول داخل البيت وأشرح للمستأجر عن هذا البيت شبراً شبراً حتى طلبت منه أن يفتح لي أحد الغرف المقفول بابها فقال لي:هذه غرفة نومي ( المستأجر أعزب ، لا يروح بالكم هنا والإ هناك ) ، فقلت له : افتحها : وكانت عبارة عن المجلس الذي كنا نستقبل فيه الضيوف آنذاك فأخذت أصف له ماذا كان فيه من أثاث وأشرت له ناحية الجهة الشمالية من هذه الغرفة وقلت له هنا كان الروشان الذي كان والدي والضيوف يجلسون فيه ، فقال لي نعم لكننا قفلناه وبقى الروشان بالخارج فقط .
نسيت العمل وتمنيت أن أعيش في هذا المنزل ولو ساعات قليلة أعيش فيه ماضي جميل ماضي الطفولة ، أستأذنت من صاحب الدار أن أصور الأماكن التي بالداخل من صالات وغرف الخ فوافق لي بذلك وانا في أشد الفرحة والسرور ، ربما يكفيني النظر للصور ويخفف من شدة الشوق والحنين لهذا المنزل .
كانت خطا قدماي بطئية وأنا أخرج من الدار بعكس ما كانت عليه من سرعة عند الدخول إليه وكانت لحظات صعبة وأنا أفارق الدار من غير أن أشبع نفسي منه ومن حيطانه وهوائه ،وأثناء ما كنت أودع صاحب الدار فكرت بشراء المنزل من المالك كي لا يقوم أحد بالتغيير فيه أو إزالته مستقبلاً
فعلاً : العشق جنون
10-11-2010, 12:45 pm صالح المسند - جدة
اليوم وبدون ترتيب وأنا أسير بسيارتي بشارع الميناء بجدة متجه لمقر العمل بوزارة الإعلام أخذت أنظر للجهة اليسرى من طريق الميناء وهو حي الهنداوية ، وأستغرقت فيه بالنظر حتى وصلت لدرجة الفناء في هذا الحي الذي ولدت فيه وترعرت ، ومن شدة هذا الإصطلام والمحو فإذا أنا أجد نفسي قد أخلفت طريقي فبدلاً من الذهاب للعمل فإذا أنا ادخل لعمق هذا الحي لأتجول في شوارعه حتى وصلت للدار الذي ولدت وعشت فيه حتى الخامسة من عمري ، كانت أجمل أيام العمر فهي أيام طفولة وذكريات ، أوقفت سيارتي أمام البيت وجلست أحلق النظر فيه ولكن النظر وحده لا يشفي لي غليلاً ولا يروي لي ظمأ التوق للماضي فإذا أنا أجد نفسي اتوجه لباب الدار وأقرع الجرس بثقة وكأنني أقرع جرس منزلي .
فتح الباب وخرج لي رجل تشادي الأصل والجنسية وتبدوا على ملامحه الطيبة فقال لي : نعم هل من خدمة ؟؟
الجواب كان يحضرني فقلت له : نعم أنا أريد شراء هذه الدار من المالك وأردت الدخول لها لأرى منافعها ومدى صلاحيتها ... الخ .
الرجل أدخلني الدار بكل ارتياح وأخذ يمشي خلفي وانا أمامه لكني لم أستطع الإستمرار بالمشي فقد أصيب جسمي بقشعريرة شديدة حينما بدأت لي بعض الأماكن تظهر لي فلقد وجدتها على حالها الأول منذ تركتها طفلاً لم يتغير فيها أي شئ ،فقد رأيت المكان الذي كنت العب فيه بالبسكليتة والمكان الذي كانت والدتي ووالدي يجلسان فيه للإستماع للراديوا أبو صمامات ( لمبات ) وأخذت اتجول في الدار وكأنني طفل الأمس أبو 4 سنوات بل بالفعل شعرت بالطفولة لأنني تركت هذا المنزل وأنا طفل في عهد الملك سعود - رحمه الله - ، وصرت أتكلم مع الساكن فيه وأقول له : هنا كنت العب وهنا كانت بسكليتتي وهنا كان والدي يسمر مع الراديوا وهنا كانت تجلس معي اختي ... الخ .
هذه الزيارة التي أدخل فيها هذه الدار منذ 48 سنة أرجعت لي ذكريات أكثر من خمسين سنة ، أخذت أتجول داخل البيت وأشرح للمستأجر عن هذا البيت شبراً شبراً حتى طلبت منه أن يفتح لي أحد الغرف المقفول بابها فقال لي:هذه غرفة نومي ( المستأجر أعزب ، لا يروح بالكم هنا والإ هناك ) ، فقلت له : افتحها : وكانت عبارة عن المجلس الذي كنا نستقبل فيه الضيوف آنذاك فأخذت أصف له ماذا كان فيه من أثاث وأشرت له ناحية الجهة الشمالية من هذه الغرفة وقلت له هنا كان الروشان الذي كان والدي والضيوف يجلسون فيه ، فقال لي نعم لكننا قفلناه وبقى الروشان بالخارج فقط .
نسيت العمل وتمنيت أن أعيش في هذا المنزل ولو ساعات قليلة أعيش فيه ماضي جميل ماضي الطفولة ، أستأذنت من صاحب الدار أن أصور الأماكن التي بالداخل من صالات وغرف الخ فوافق لي بذلك وانا في أشد الفرحة والسرور ، ربما يكفيني النظر للصور ويخفف من شدة الشوق والحنين لهذا المنزل .
كانت خطا قدماي بطئية وأنا أخرج من الدار بعكس ما كانت عليه من سرعة عند الدخول إليه وكانت لحظات صعبة وأنا أفارق الدار من غير أن أشبع نفسي منه ومن حيطانه وهوائه ،وأثناء ما كنت أودع صاحب الدار فكرت بشراء المنزل من المالك كي لا يقوم أحد بالتغيير فيه أو إزالته مستقبلاً
فعلاً : العشق جنون
10-11-2010, 12:45 pm صالح المسند - جدة