شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : أبو العباس السفاح


ريمة مطهر
04-09-2011, 10:13 PM
السفاح
( الطبقة الرابعة من التابعين )

الخليفة أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن حبر الأمة ، عبد الله بن عباس ، بن عبد المطلب ، بن هاشم بن عبد مناف ، القرشي ، الهاشمي ، العباسي . أول الخلفاء من بني العباس .

كان شاباً ، مليحاً ، مهيباً ، أبيض ، طويلاً ، وقوراً .

هرب السفاح وأهله من جيش مروان الحمار ، وأتوا الكوفة ، لما استفحل لهم الأمر بخراسان ، ثم بويع في ثالث ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة . ثم جهز عمه عبد الله بن علي في جيش ، فالتقى هو ومروان الحمار على كشاف فكانت وقعة عظيمة ، ثم تفلل جمع مروان ، وانطوت سعادته . ولكن لم تطل أيام السفاح ، ومات في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة وعاش ثمانيا وعشرين سنة في قول .

وقال الهيثم بن عدي وابن الكلبي : عاش ثلاثاً وثلاثين سنة ، وقام بعده المنصور أخوه .

وقيل : بل مولده سنة خمس ومائة . وقيل : خرج آل العباس هاربين إلى الكوفة ، فنزلوا على أبي سلمة الخلال ، فآواهم في سرب في داره . وكان أبو مسلم قد استولى على خراسان ، وعين لهم يوماً يخرجون فيه ، فخرجوا في جمع كثيف من الخيالة ، والحمارة والرجالة ، فنزل الخلال إلى السرداب ، وصاح يا عبد الله ، مد يدك ، فتبارى إليه الأخوان . فقال : أيكما الذي معه العلامة ؟ .

قال المنصور : فعلمت أني أخرت ، لأني لم يكن معي علامة ، فتلا أخي العلامة وهي : " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة "الآية فبايعه أبو سلمة ، وخرجوا جميعاً إلى جامع الكوفة ، فبويع ، وخطب الناس وهو يقول : فأملى الله لبني أمية حيناً فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا ، ورد علينا حقنا ، فأنا السفاح المبيح ، والثائر المبير . . وكان موعوكاً ، فجلس على المنبر ، فنهض عمه داود من بين يديه ، فقال : إنا - والله - ما خرجنا لنحفر نهراً ، ولا لنبني قصراً ، ولا لنكثر مالاً ، وإنما خرجنا أنفة من ابتزازهم حقنا ، ولقد كانت أموركم تتصل بنا ، لكم ذمة الله ، وذمة رسوله ، وذمة العباس ، أن نحكم فيكم بما أنزل الله ، ونسير فيكم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا ، حتى نسلمه إلى عيسى ابن مريم .

فقام السيد الحميري وقال قصيدة . ثم نزل السفاح ودخل القصر ، وأجلس أخاه يأخذ بيعة العامة .

ومن كلامه : من شدد نفر ، ومن لان تألف ، ويقال : له هذان البيتان :

يا آل مروان إن الله مهلككم ... ومبدل أمنكم خوفا وتشريدا
لا عمر الله من أنسالكم أحدا ... وبثكم في بلاد الله تبديدا

ثم تحول إلى الأنبار ، وبها توفي .

وكان إذا علم بين اثنين تعاديا لم يقبل شهادة ذا على ذا ، ويقول : العداوة تزيل العدالة .

ثم إن أبا مسلم جهز من قتل أبا سلمة الخلال الوزير بعد العتمة غيلة ، بعد أن قام من السمر عند السفاح ، فقالت العامة : قتلته الخوارج ، فقال سليمان بن مهاجر البجلي :

إن المساءة قد تسر وربما ... كان السرور بما كرهت جديرا
إن الوزير وزير آل محمد ... أودى فمن يشناك كان وزيرا

وقيل : بعد البيعة بأربعة أشهر .

وقيل : وجه عبد الله بن علي عم السفاح مشيخة شاميين إلى السفاح ليعجبه منهم ، فحلفوا له : إنهم ما علموا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرابة يرثونه سوى بني أمية ، حتى وليتم .

وعن السفاح قال : إذا عظمت القدرة ، قلت الشهوة . قل تبرع إلا ومعه حق مضاع ، الصبر حسن إلا على ما أوتغ الدين وأوهن السلطان .

قال الصولي : أحضر السفاح جوهراً من جوهر بني أمية ، فقسمه بينه وبين عبد الله بن حسن بن حسن ، وكان يضرب بجود السفاح المثل ، وكان إذا تعادى اثنان من خاصته ، لم يسمع من أحدهما في الآخر ، ويقول : الضغائن تولد العداوة .

وكان يحضر الغناء من وراء ستارة ، كما كان يفعل أزدشير ، ويجزل العطاء .

ولما جيء برأس مروان الحمار ، سجد لله وقال : أخذنا بثأر الحسين وآله ، وقتلنا مائتين من بني أمية بهم .

وقيل : إن السفاح أعطى عبد الله بن حسن بن حسن ألفي ألف درهم .

المرجع
سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي