م.أديب الحبشي
01-28-2011, 06:44 PM
المقاهي في جدة
مثلت المقاهي عنصراً أساسياً في حياة معظم أهالي جدة القديمة ولم تكن أي حارة تخلو من انتشار عدد من المقاهي بها . .
ويذكر أن عادة شرب القهوة انتقلت من اليمن إلى الحجاز عن طريق جدة أوائل القرن الحادي عشر الهجري . .
وكتب المؤرخ الشيخ أحمد السباعي قبل أكثر من ربع قرن ما يلي :
"إن شيش الجراك عهدناها بمكة من نحو 70 سنة ولا يعرفها إلا إذا نزلنا جدة ثم سرعان ما انتقلت إلى مكة لكنها وجدت اعتراضاً".
وذكر :" أفتى علماء مكة بأن القهوة شراب مسكر واستصدروا أمرا بجلد بائعها وشاربها وطابخها . فكان الناس يتعاطونها في أقبية بعض البيوت وأذا هاجمنهم المكفون سحبوهم بعنف إلى ساحة عامة وضربوا رؤسوهم بأوانيها وكانت من الفخار، وربما أكتفوا عن ذلك بجلدهم بالسياط".
وذكر الحضراوي في كتابه ( الجواهر المعدة في فضائل جدة) أواخر القرن الثالث عشر الهجري أن بجدة نحو مائة مقهى . .
وعادة فإن أغلب زبائن المقاهي يتقاطرون عليها بعد عناء يوم العمل "بعد العصر أو بعد صلاة المغرب" وكنا ونحن صغار نتحاشى المرور من أمام المقاهي باعتبار أنها للكبار فقط . ورواد المقاهي في الأغلب يعرفون بعضهم بعضاً باعتبارهم زبائن منتظمين بحيث كانت أشبه بعنوان لبعضهم كما أن أصحاب العديد من المهن كانوا يتخذون عادة من إحدى المقاهي مقراً لاجتماعاتهم اليومية للتشاور وترتيب شئون مهنتهم وتسهيل الاتصالات بينهم وكل من ينشد الوصول إليهم .
أما خلال شهر رمضان فإن الطابع الجاد للعبادة في شهر رمضان لا يحول دون الترويح عن النفس . . فقد كانت المقاهي ملتقى السمار حيث تتجمع مجموعات من أبناء الحارة ليصهبوا الصهبة وهي نوع من الغناء الجماعي الجميل ، كذلك كان يتحلق بعض مرتادي القهوة المنتظمين حول الراوي الذي يقرأ لهم قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي أو الزير سالم والمياسة والمقداد ، وأكثر ما كانت تشدهم بطولات عنتر بن شداد فكان الحزن يمتلكهم أذا ما وقع عنترة في الأسر ويصرون على الراوي بعدم مبارحة المجلس حتى يستكمل الرواية بفك أسره .
لقد كان ليل رمضان حافلاً بأحاديث السمر والألعاب لمختلف الأعمار واليوم جاء دور التلفزيون وتبعاته والله أعلم بما يخبئه الغد .
هذا وتتميز مقاهي جدة بنظافتها وتميز خدمتها ففي الأيام العادية وبعد العصر بالذات تكنس "تنظف" الباحة أو الزقاق أمام المقهى ويتم رشها بالماء لتلطيف الجو والهواء وتوفير المزيد من الواحة للزبائن .
ونظام المقاهي هو نظام المراكيز ويتكون المركاز عادة من مقاعد مستطيلة أو كراسي السعف أو شريط شجر الدوم أو الحبال المترابطة بأسلوب متناسق بحيث تتسع لشخصين أو ثلاث وبعض الكراسي الخشبية المفردة . . وقد برع في صناعة كراسي الشريط بعض اليمنيين والتكارنة ( الأفارقة ) . . كما توضع طربيزة خشبية بها فتحة "ثقب" لشربة الماء أمام كل مركاز . . وتقدم القهوة الشاي في براريد ذات مقاسات وكانت سعة تلك البراريد أربعة أسود أو ستة أسود أو ثمانية أسود مما يعني عدد الفناجيل التي يتسع لها البراد . . كما كانت المقاهي تقدم القهوة المرة وقهوة القشر وشيش الجراك والحُمِّى "التنباك" . . أما الجراك فأول من إستورده هم بيت زينل ، ثم باشميل ، ثم باعشن . ومعروف أن الشيش كانت تجلب عن طريق عدن ويستورد الجراك من الهند . . وأشهر مورديه باعشن . . إلاّ أن جدة عرفت مهنة تركيب وإصلاح الشيش وصناعة الليات "الخراطيم" ومن أشهر من اختص بهذه الحرفة ( محمد عبيطة ) و( صالح قطله سمكري ) . .
وكانت المقاهي في جدة تبدأ فجرا بتنظيف الشيش وتغيير مائها وملأ ( البطة ) بالماء وتحتها النار و الجمر حتى يظل الماء ساخنا طوال الوقت ومنها تصب في البراريد .
وكتب ومن أشهر مقاهي جدة القديمة:
1- قهوة المشورة جنوب غرب جدة
2- قهوة الجمالة "أبو القعور" شرق عمارة الشر بتلي وقد آلت القهوة .إلى "سليمان حمدان أبو سبعين" الذي، كان يبيع الجبن والزيتون تخت القهوة وحلاوة العيد موسمياً، وهو شيخ المتسببين في البواخر واحد أقدم المشايخ الينبعاويه بجدة.
3- قهوة علي يني عند باب البنط شارع الملك عبد العزيز وكان يجتمع فيها رجال المعادي والبحارة .
4- قهوة الفحم : باب مكة بجانب حلقة الفحم ومحلات بيع السمن والعسل .
5- قهوة حسنين شيخ القهوجية بجوار مقبرة أمنا حواء . ويعتبر حامد حسنين أشهر مشايخ القهوجية في القرن الماضي (14هـ).
6- قهوة الفتيني بحارة الشام وكان يتجمع فيها السائقون .
7- قهوة محمد إبراهيم في المشورة بشارع بن زقر .
8- قهوة الحمارة باب مكة ومن أهم روادها شيخ الحمارة حيث يستقبل فيها الرسائل والهدايا والبضائع الصدرة والوارده ما بين مكة وجدة .
9- قهوة الفتاق خارج السور ويرتادها آهل البلد للترفيه والمؤانسة .
10- قهوة الرغامة بطريق مكة ويزيد الإقبال عليها أيام الجمع والأعياد .
11- قهوة الدكة بحارة الشام وهي في موقع مرتفع على دكه .
12- قهوة بشيبش خارج السور بباب مكة قرب مكاتب الزاهد القديمة.
13- قهوة أحمد طوال بباب جديد موقع عمارة باخشب .
14- قهوة السلمي خلف مصنع تايد سابقا بطريق مكة عادة ما ينام فيها السائقون.
15- قهاوي سوق الندى .
16- قهوة العلوي . بسوق العلوي لصاحبها عبد الله حسنين.
17- قهوة حلّى نهاية سوق الندى.
المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)
مثلت المقاهي عنصراً أساسياً في حياة معظم أهالي جدة القديمة ولم تكن أي حارة تخلو من انتشار عدد من المقاهي بها . .
ويذكر أن عادة شرب القهوة انتقلت من اليمن إلى الحجاز عن طريق جدة أوائل القرن الحادي عشر الهجري . .
وكتب المؤرخ الشيخ أحمد السباعي قبل أكثر من ربع قرن ما يلي :
"إن شيش الجراك عهدناها بمكة من نحو 70 سنة ولا يعرفها إلا إذا نزلنا جدة ثم سرعان ما انتقلت إلى مكة لكنها وجدت اعتراضاً".
وذكر :" أفتى علماء مكة بأن القهوة شراب مسكر واستصدروا أمرا بجلد بائعها وشاربها وطابخها . فكان الناس يتعاطونها في أقبية بعض البيوت وأذا هاجمنهم المكفون سحبوهم بعنف إلى ساحة عامة وضربوا رؤسوهم بأوانيها وكانت من الفخار، وربما أكتفوا عن ذلك بجلدهم بالسياط".
وذكر الحضراوي في كتابه ( الجواهر المعدة في فضائل جدة) أواخر القرن الثالث عشر الهجري أن بجدة نحو مائة مقهى . .
وعادة فإن أغلب زبائن المقاهي يتقاطرون عليها بعد عناء يوم العمل "بعد العصر أو بعد صلاة المغرب" وكنا ونحن صغار نتحاشى المرور من أمام المقاهي باعتبار أنها للكبار فقط . ورواد المقاهي في الأغلب يعرفون بعضهم بعضاً باعتبارهم زبائن منتظمين بحيث كانت أشبه بعنوان لبعضهم كما أن أصحاب العديد من المهن كانوا يتخذون عادة من إحدى المقاهي مقراً لاجتماعاتهم اليومية للتشاور وترتيب شئون مهنتهم وتسهيل الاتصالات بينهم وكل من ينشد الوصول إليهم .
أما خلال شهر رمضان فإن الطابع الجاد للعبادة في شهر رمضان لا يحول دون الترويح عن النفس . . فقد كانت المقاهي ملتقى السمار حيث تتجمع مجموعات من أبناء الحارة ليصهبوا الصهبة وهي نوع من الغناء الجماعي الجميل ، كذلك كان يتحلق بعض مرتادي القهوة المنتظمين حول الراوي الذي يقرأ لهم قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي أو الزير سالم والمياسة والمقداد ، وأكثر ما كانت تشدهم بطولات عنتر بن شداد فكان الحزن يمتلكهم أذا ما وقع عنترة في الأسر ويصرون على الراوي بعدم مبارحة المجلس حتى يستكمل الرواية بفك أسره .
لقد كان ليل رمضان حافلاً بأحاديث السمر والألعاب لمختلف الأعمار واليوم جاء دور التلفزيون وتبعاته والله أعلم بما يخبئه الغد .
هذا وتتميز مقاهي جدة بنظافتها وتميز خدمتها ففي الأيام العادية وبعد العصر بالذات تكنس "تنظف" الباحة أو الزقاق أمام المقهى ويتم رشها بالماء لتلطيف الجو والهواء وتوفير المزيد من الواحة للزبائن .
ونظام المقاهي هو نظام المراكيز ويتكون المركاز عادة من مقاعد مستطيلة أو كراسي السعف أو شريط شجر الدوم أو الحبال المترابطة بأسلوب متناسق بحيث تتسع لشخصين أو ثلاث وبعض الكراسي الخشبية المفردة . . وقد برع في صناعة كراسي الشريط بعض اليمنيين والتكارنة ( الأفارقة ) . . كما توضع طربيزة خشبية بها فتحة "ثقب" لشربة الماء أمام كل مركاز . . وتقدم القهوة الشاي في براريد ذات مقاسات وكانت سعة تلك البراريد أربعة أسود أو ستة أسود أو ثمانية أسود مما يعني عدد الفناجيل التي يتسع لها البراد . . كما كانت المقاهي تقدم القهوة المرة وقهوة القشر وشيش الجراك والحُمِّى "التنباك" . . أما الجراك فأول من إستورده هم بيت زينل ، ثم باشميل ، ثم باعشن . ومعروف أن الشيش كانت تجلب عن طريق عدن ويستورد الجراك من الهند . . وأشهر مورديه باعشن . . إلاّ أن جدة عرفت مهنة تركيب وإصلاح الشيش وصناعة الليات "الخراطيم" ومن أشهر من اختص بهذه الحرفة ( محمد عبيطة ) و( صالح قطله سمكري ) . .
وكانت المقاهي في جدة تبدأ فجرا بتنظيف الشيش وتغيير مائها وملأ ( البطة ) بالماء وتحتها النار و الجمر حتى يظل الماء ساخنا طوال الوقت ومنها تصب في البراريد .
وكتب ومن أشهر مقاهي جدة القديمة:
1- قهوة المشورة جنوب غرب جدة
2- قهوة الجمالة "أبو القعور" شرق عمارة الشر بتلي وقد آلت القهوة .إلى "سليمان حمدان أبو سبعين" الذي، كان يبيع الجبن والزيتون تخت القهوة وحلاوة العيد موسمياً، وهو شيخ المتسببين في البواخر واحد أقدم المشايخ الينبعاويه بجدة.
3- قهوة علي يني عند باب البنط شارع الملك عبد العزيز وكان يجتمع فيها رجال المعادي والبحارة .
4- قهوة الفحم : باب مكة بجانب حلقة الفحم ومحلات بيع السمن والعسل .
5- قهوة حسنين شيخ القهوجية بجوار مقبرة أمنا حواء . ويعتبر حامد حسنين أشهر مشايخ القهوجية في القرن الماضي (14هـ).
6- قهوة الفتيني بحارة الشام وكان يتجمع فيها السائقون .
7- قهوة محمد إبراهيم في المشورة بشارع بن زقر .
8- قهوة الحمارة باب مكة ومن أهم روادها شيخ الحمارة حيث يستقبل فيها الرسائل والهدايا والبضائع الصدرة والوارده ما بين مكة وجدة .
9- قهوة الفتاق خارج السور ويرتادها آهل البلد للترفيه والمؤانسة .
10- قهوة الرغامة بطريق مكة ويزيد الإقبال عليها أيام الجمع والأعياد .
11- قهوة الدكة بحارة الشام وهي في موقع مرتفع على دكه .
12- قهوة بشيبش خارج السور بباب مكة قرب مكاتب الزاهد القديمة.
13- قهوة أحمد طوال بباب جديد موقع عمارة باخشب .
14- قهوة السلمي خلف مصنع تايد سابقا بطريق مكة عادة ما ينام فيها السائقون.
15- قهاوي سوق الندى .
16- قهوة العلوي . بسوق العلوي لصاحبها عبد الله حسنين.
17- قهوة حلّى نهاية سوق الندى.
المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)