جمانة كتبي
01-28-2011, 12:55 AM
الدراسات النفسية الإسلامية القديمة
الكيان النفسي للإنسان هو محور دراسة علم النفس ، الذي مرّ بمراحل مختلفة حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم من تنوع في فروع هذا العلم . وكانت الدراسة في البداية تشكل فرعاً من فروع الفلسفة تهدف إلى الكشف عن حقيقة النفس الإنسانية وطبيعتها ، ويبدو ذلك عند فلاسفة اليونان أمثال : أفلاطون ، وأرسطو ثم انتقلت هذه الدراسة إلى مرحلة البحث الواقعي على يد العلماء المسلمين ، وأخيراً تطورت إلى مرحلة البحث التجريبي والميداني عند علماء النفس المُحدَثين .
الإسهامات النفسية لدى بعض علماء المسلمين :
يجد الباحث في تاريخ تطور الفكر النفسي الإنساني الكثير من الدراسات التي قام بها بعضٌ من علماء المسلمين في عصر الحضارة الإسلامية الزاهرة التي امتدت من أواخر القرن السابع إلى الرابع عشر الميلادي . ونعرض فيما يلي أهم أولئك الأعلام مع إشارة موجزة إلى أهم دراساتهم النفسية الإيجابية حتى يومنا هذا :
أولاً / ابن تيمية – رحمه الله تعالى - :
من أهم مباحثه :
1- حاجات الإنسان ودوافعه : يرى أن الحاجات نوعان / الأول فهو ضروري يحتاج إليه الإنسان لبقائه ، مثل حاجته للطعام ، والشراب ، والمسكن . وهو يشير بذلك إلى الحاجات الأولية الفطرية التي يُطلق عليها علماء النفس المحدثون بـ ( الدوافع الأولية ) . أما الثانية فهي الحاجات التي لا يحتاج إليها الإنسان لبقائه ، وينبغي ألا يعلِّق الإنسان بها قلبه ؛ لأنه إن فعل صار مستعبداً لها .... ويجب على الإنسان أن يكون مسيطراً عليها مثل : الحاجة إلى التملُّك ، والحاجة إلى التسلُّط .
2- السلوك الظاهر والسلوك المستتر : يُحلِّل ابن تيمية السلوك إلى سلوك باطن : وهو ما يضمره الإنسان من آراء ، ومشاعر . وسلوك ظاهر : وهو ما يقوم به الإنسان من أعمال ، وما يصدر عنه من أقوال ، وفي رأيه أن العبادة الحقَّة تشمل كِلا السلوكين الظاهر والباطن .
3- الكمال الإنساني : كمال الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة ، إنما يتحققان في رأيه بتحقيق العبودية لله تعالى ، وإن العبودية لله تعالى هي الغاية من خلقه للإنسان .
4- أمراض القلوب وشفاؤها : قارَن بين مرض البدن ومرض النفس ، ولم يهتم بعلاج الأمراض النفسية فحسب ، بل اهتم بالوقاية منها قبل حدوثها .
ثانياً / ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى - :
أهم المباحث التي تناولها ابن القيم الجوزية في علم النفس :
1- حقيقة النفس : إن نفس الإنسان واحدة ولها صفات ثلاث وتسمى باسم الصفة الغالبة عليها :
· النفس المطمئنة : طمأنينتها إلى الله تعالى بعبوديته ، ومحبته والرضى به ، والتوكل عليه .
· النفس اللوامة : المترددة المتقلبة ، وسميت بذلك لكثرة لومها لصاحبها .
· النفس الأمارة : وهي التي تأمر بكل سوء .
2- الحاجات والدوافع : أشار إلى حكمة الله تعالى في أن أودَع في الإنسان دوافع إلى القيام بالأفعال التي فيها بقاؤه ومصلحته ، وأشار إلى ما يصاحب الحاجة الفسيولوجية ( الجسمية ) من الآلام . فالجوع ، والعطش ، والبرد والحر ، والتعب يصاحبها آلام تدفع الإنسان والحيوان إلى القيام بالأفعال التي تسد هذه الحاجات ، وتزيل هذه الآلام ، فالجوع والعطش يدفعان الإنسان إلى طلب الأكل والشرب ؛ لما فيهما من قوام البدن وحياته .
3- الانفعالات والعواطف : تناول بالبحث كثيراً من الانفعالات والعواطف الهامة في حياة الإنسان ، مثل : الحزن ، الخوف ، المحبة ... إلخ ، ويعرِّف الحزن : بأنه انخلاع عن السرور ، وملازمة الكآبة ، ولم يأمر الله به ولم يُثنِ عليه ولم يرتب عليه جزاءً ولا ثواباً ، بل نهى عنه .
قال تعالى : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] .
وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه المأثور يقول : « اللهمإنيأعوذبكمنالهموالحزن ، والعجز والكسل ، والجبن والبخل ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال » [ صحيح البخاري : 6369 ] . فإذا كان الألم على شيء مضى فهو الحزن ، وإذا كان على شيء في المستقبل فهو الهم . ويرى أن الحزن من أمراض القلب ، فهو يضعفه ، ويوهن العزم ، ويضر بالإرادة . وعلاج الحزن إنما يكون بعبادة الله تعالى وحبه ، وذكره ، ففي ذلك تنكشف الهموم والأحزان ، ويغمر القلب الفرح والسرور . قال عز وجل : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] .
ثالثاً / الإمام الغزالي – رحمه الله تعالى - :
أهم مباحثه في علم النفس :
1- دراسة الدوافع الإنسانية في الحياة النفسية : وسماها ( جنود القلب ، وقوى النفس ) وصنّفها إلى جنود محرِّكة كالغضب ، وجنود مدركة كالذاكرة والخيال .
2- أنواع السلوك :
· فعل اضطراري : كالتنفس .
· فعل اختياري : كالمشي ، والكتابة .
3- رياضة النفس : ابتكر الإمام الغزالي في هذا المجال بعض الأساليب الفعالة في تعديل السلوك الإنساني وعلاج عيوبه وآفاته .
يتبع ..
الكيان النفسي للإنسان هو محور دراسة علم النفس ، الذي مرّ بمراحل مختلفة حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم من تنوع في فروع هذا العلم . وكانت الدراسة في البداية تشكل فرعاً من فروع الفلسفة تهدف إلى الكشف عن حقيقة النفس الإنسانية وطبيعتها ، ويبدو ذلك عند فلاسفة اليونان أمثال : أفلاطون ، وأرسطو ثم انتقلت هذه الدراسة إلى مرحلة البحث الواقعي على يد العلماء المسلمين ، وأخيراً تطورت إلى مرحلة البحث التجريبي والميداني عند علماء النفس المُحدَثين .
الإسهامات النفسية لدى بعض علماء المسلمين :
يجد الباحث في تاريخ تطور الفكر النفسي الإنساني الكثير من الدراسات التي قام بها بعضٌ من علماء المسلمين في عصر الحضارة الإسلامية الزاهرة التي امتدت من أواخر القرن السابع إلى الرابع عشر الميلادي . ونعرض فيما يلي أهم أولئك الأعلام مع إشارة موجزة إلى أهم دراساتهم النفسية الإيجابية حتى يومنا هذا :
أولاً / ابن تيمية – رحمه الله تعالى - :
من أهم مباحثه :
1- حاجات الإنسان ودوافعه : يرى أن الحاجات نوعان / الأول فهو ضروري يحتاج إليه الإنسان لبقائه ، مثل حاجته للطعام ، والشراب ، والمسكن . وهو يشير بذلك إلى الحاجات الأولية الفطرية التي يُطلق عليها علماء النفس المحدثون بـ ( الدوافع الأولية ) . أما الثانية فهي الحاجات التي لا يحتاج إليها الإنسان لبقائه ، وينبغي ألا يعلِّق الإنسان بها قلبه ؛ لأنه إن فعل صار مستعبداً لها .... ويجب على الإنسان أن يكون مسيطراً عليها مثل : الحاجة إلى التملُّك ، والحاجة إلى التسلُّط .
2- السلوك الظاهر والسلوك المستتر : يُحلِّل ابن تيمية السلوك إلى سلوك باطن : وهو ما يضمره الإنسان من آراء ، ومشاعر . وسلوك ظاهر : وهو ما يقوم به الإنسان من أعمال ، وما يصدر عنه من أقوال ، وفي رأيه أن العبادة الحقَّة تشمل كِلا السلوكين الظاهر والباطن .
3- الكمال الإنساني : كمال الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة ، إنما يتحققان في رأيه بتحقيق العبودية لله تعالى ، وإن العبودية لله تعالى هي الغاية من خلقه للإنسان .
4- أمراض القلوب وشفاؤها : قارَن بين مرض البدن ومرض النفس ، ولم يهتم بعلاج الأمراض النفسية فحسب ، بل اهتم بالوقاية منها قبل حدوثها .
ثانياً / ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى - :
أهم المباحث التي تناولها ابن القيم الجوزية في علم النفس :
1- حقيقة النفس : إن نفس الإنسان واحدة ولها صفات ثلاث وتسمى باسم الصفة الغالبة عليها :
· النفس المطمئنة : طمأنينتها إلى الله تعالى بعبوديته ، ومحبته والرضى به ، والتوكل عليه .
· النفس اللوامة : المترددة المتقلبة ، وسميت بذلك لكثرة لومها لصاحبها .
· النفس الأمارة : وهي التي تأمر بكل سوء .
2- الحاجات والدوافع : أشار إلى حكمة الله تعالى في أن أودَع في الإنسان دوافع إلى القيام بالأفعال التي فيها بقاؤه ومصلحته ، وأشار إلى ما يصاحب الحاجة الفسيولوجية ( الجسمية ) من الآلام . فالجوع ، والعطش ، والبرد والحر ، والتعب يصاحبها آلام تدفع الإنسان والحيوان إلى القيام بالأفعال التي تسد هذه الحاجات ، وتزيل هذه الآلام ، فالجوع والعطش يدفعان الإنسان إلى طلب الأكل والشرب ؛ لما فيهما من قوام البدن وحياته .
3- الانفعالات والعواطف : تناول بالبحث كثيراً من الانفعالات والعواطف الهامة في حياة الإنسان ، مثل : الحزن ، الخوف ، المحبة ... إلخ ، ويعرِّف الحزن : بأنه انخلاع عن السرور ، وملازمة الكآبة ، ولم يأمر الله به ولم يُثنِ عليه ولم يرتب عليه جزاءً ولا ثواباً ، بل نهى عنه .
قال تعالى : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] .
وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه المأثور يقول : « اللهمإنيأعوذبكمنالهموالحزن ، والعجز والكسل ، والجبن والبخل ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال » [ صحيح البخاري : 6369 ] . فإذا كان الألم على شيء مضى فهو الحزن ، وإذا كان على شيء في المستقبل فهو الهم . ويرى أن الحزن من أمراض القلب ، فهو يضعفه ، ويوهن العزم ، ويضر بالإرادة . وعلاج الحزن إنما يكون بعبادة الله تعالى وحبه ، وذكره ، ففي ذلك تنكشف الهموم والأحزان ، ويغمر القلب الفرح والسرور . قال عز وجل : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] .
ثالثاً / الإمام الغزالي – رحمه الله تعالى - :
أهم مباحثه في علم النفس :
1- دراسة الدوافع الإنسانية في الحياة النفسية : وسماها ( جنود القلب ، وقوى النفس ) وصنّفها إلى جنود محرِّكة كالغضب ، وجنود مدركة كالذاكرة والخيال .
2- أنواع السلوك :
· فعل اضطراري : كالتنفس .
· فعل اختياري : كالمشي ، والكتابة .
3- رياضة النفس : ابتكر الإمام الغزالي في هذا المجال بعض الأساليب الفعالة في تعديل السلوك الإنساني وعلاج عيوبه وآفاته .
يتبع ..