سلسبيل كتبي
03-24-2011, 11:13 PM
ثنية الوداع .. المدينة المنورة
معنى الثنية في اللغة : الطريق في الجبل . وقد اختلفت المؤرخون في حقيقة المكان المسمى بثنية الوداع حتى وصل الإختلاف ببعضهم إلى القول بأنها بمكة وانقسم الذين يرون أنها بالمدينة إلى فرقين : فريق يقول إنها المدرج الذي ينزل منه إلى بئر عروة بالجنوب الغربي للمدينة . وفريق يقول إنها : " المعروفة بذلك في شامي : ( شمالي ) المدينة بين مسجد الراية الذي هو على جبل ذباب ، ومشهد النفس الزكية يمر فيها المارين صدين مرتفعين قرب سلع " . - وبهذا الرأي جزم السمهودي وقد حاول تفيند كل رأي يخالفه .. على أنا نقول : أما إثباته أن هذه الثنية التي بين هضبة سلع هي ثنية الوداع فذلك ما لا نعارضه فيه ، لأنه مقبول ومعقول ، وعليها دلائل علمية متوافرة ، غير أن محاولة دحضه وإنكاره لتسمية المدرج بثنية الوداع فيه ما فيه ، خصوصاً وقد تضافرت تصريحات جماعة من العلماء الأعلام قديماً وحديثاً على تسميته بثنية الوداع أيضاً .
وكما أن أهل المدينة كانوا يودعون المسافر منها إلى ناحية الشام من الثنية التي أن هي بطريق الشام فكذلك لهم أن يودعوا المسافر إلى جهة مكة من الثنية الواقعة بطريق مكة ، ويحق لكل من الثنيتين بهذا النظر أن تسمى ثنية الوداع لقيام معنى الثنية الذي هو الطريق في الجبل والوداع بكل منهما ولاشتراكهما فيه فكلتاهما مركز لتوديع المسافرين .
هذا وكان الصد ( الهضبة التي بشرقي ثنية الوداع الشامية ) ثكنة عسكرية اليوم وهي التي أشار إليها الشيخ إبراهيم فقيه . وأما صدها الغربي فخال من أي بناء حين ألّف هذا الكتاب . وكان مرتاداً للمتنزهين في ساعات الأصائل الجميلة لاحتجاب الشمس في هذه الأوقات وراء سلع من جهة ، ولإشراف هذا الموقع على المدينة وعلى أكثر ضواحيها وبساتينها وجبالها النائية والقرية من جهة أخرى .
أما ثنية الوداع التي هي في طريق مكة فتشرف على وادي العقيق وتحيط بها الحرة من كل جانب :
وإحدى الثنيتين هي التي عناها الولائد الأنصاريات في نشيدهن الابتهاجي بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
طلع البد علينا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
والدلائل القوية التي ساقها السمهودي تجعلنا نرجح أن الثنية المقصودة بدخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منها هي الثنية الشامية .
ومن الطرائف ما ذكر صاحب " مرآة الحرمين " من أن ذوات الخدور أنشدن عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم هذين البيتين :
أشرق البدر عليها *** واختلف منه البدور
مثل حسنك مارأينا *** قط يا وجه السرور
فهل خفي على ابراهيم باشا رفعت ما يحمله هذان البيتان من أثقال الركاكة العامية فنسبهما إلى عصر كانت تفيض فيه البلاغة الشعرية على ألسنة العرب بالسليقة ؟ أم إنه أوردهما اعتماداً على رواية ملفقة لا أصل لها ؟ اللهم لا ندري أي ذلك كان !! ولكننا ندري ونجزم بأن البيتين المذكورين ليسا من شعر ذلك العهد الزاهر بتاتاً .
المرجع :
عبد القدوس الأنصاري ، آثار المدينة المنورة ، الطبعة الثالثة ، 1393 هـ – 1973 م .
معنى الثنية في اللغة : الطريق في الجبل . وقد اختلفت المؤرخون في حقيقة المكان المسمى بثنية الوداع حتى وصل الإختلاف ببعضهم إلى القول بأنها بمكة وانقسم الذين يرون أنها بالمدينة إلى فرقين : فريق يقول إنها المدرج الذي ينزل منه إلى بئر عروة بالجنوب الغربي للمدينة . وفريق يقول إنها : " المعروفة بذلك في شامي : ( شمالي ) المدينة بين مسجد الراية الذي هو على جبل ذباب ، ومشهد النفس الزكية يمر فيها المارين صدين مرتفعين قرب سلع " . - وبهذا الرأي جزم السمهودي وقد حاول تفيند كل رأي يخالفه .. على أنا نقول : أما إثباته أن هذه الثنية التي بين هضبة سلع هي ثنية الوداع فذلك ما لا نعارضه فيه ، لأنه مقبول ومعقول ، وعليها دلائل علمية متوافرة ، غير أن محاولة دحضه وإنكاره لتسمية المدرج بثنية الوداع فيه ما فيه ، خصوصاً وقد تضافرت تصريحات جماعة من العلماء الأعلام قديماً وحديثاً على تسميته بثنية الوداع أيضاً .
وكما أن أهل المدينة كانوا يودعون المسافر منها إلى ناحية الشام من الثنية التي أن هي بطريق الشام فكذلك لهم أن يودعوا المسافر إلى جهة مكة من الثنية الواقعة بطريق مكة ، ويحق لكل من الثنيتين بهذا النظر أن تسمى ثنية الوداع لقيام معنى الثنية الذي هو الطريق في الجبل والوداع بكل منهما ولاشتراكهما فيه فكلتاهما مركز لتوديع المسافرين .
هذا وكان الصد ( الهضبة التي بشرقي ثنية الوداع الشامية ) ثكنة عسكرية اليوم وهي التي أشار إليها الشيخ إبراهيم فقيه . وأما صدها الغربي فخال من أي بناء حين ألّف هذا الكتاب . وكان مرتاداً للمتنزهين في ساعات الأصائل الجميلة لاحتجاب الشمس في هذه الأوقات وراء سلع من جهة ، ولإشراف هذا الموقع على المدينة وعلى أكثر ضواحيها وبساتينها وجبالها النائية والقرية من جهة أخرى .
أما ثنية الوداع التي هي في طريق مكة فتشرف على وادي العقيق وتحيط بها الحرة من كل جانب :
وإحدى الثنيتين هي التي عناها الولائد الأنصاريات في نشيدهن الابتهاجي بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
طلع البد علينا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
والدلائل القوية التي ساقها السمهودي تجعلنا نرجح أن الثنية المقصودة بدخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منها هي الثنية الشامية .
ومن الطرائف ما ذكر صاحب " مرآة الحرمين " من أن ذوات الخدور أنشدن عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم هذين البيتين :
أشرق البدر عليها *** واختلف منه البدور
مثل حسنك مارأينا *** قط يا وجه السرور
فهل خفي على ابراهيم باشا رفعت ما يحمله هذان البيتان من أثقال الركاكة العامية فنسبهما إلى عصر كانت تفيض فيه البلاغة الشعرية على ألسنة العرب بالسليقة ؟ أم إنه أوردهما اعتماداً على رواية ملفقة لا أصل لها ؟ اللهم لا ندري أي ذلك كان !! ولكننا ندري ونجزم بأن البيتين المذكورين ليسا من شعر ذلك العهد الزاهر بتاتاً .
المرجع :
عبد القدوس الأنصاري ، آثار المدينة المنورة ، الطبعة الثالثة ، 1393 هـ – 1973 م .