شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : المدرسة الأرغونية .. القدس


ريمة مطهر
03-14-2011, 08:34 PM
المدرسة الأرغونية .. القدس

الحمد لله منزل السحاب ، هازم الأحزاب ، أخبرنا في الكتاب ( وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس ) ، ويوم أنْ كان الحديد في يد ، شكّل منه سيفاً يدافع عن الإسلام وباباً يدخل منه الأعلام ، وكان القرآن في اليد الثانية علماً يُهتدى به على طول الأيام والزمان ، كان حال المسلمين حالاً عظيماً قيادياً وأخذوا مكانةً في التاريخ ، وبنوا الحضارات وكانوا رمزاً للعطاء والبطولة والفداء ، ويوم أْ تركنا هذا المفهوم أصبحنا في ذيل القافلة .

وقد شاء الله سبحانه وتعالى أنْ يجعل في هذه الأمة من يجدّد دينها ومن يعيد مجدها ، وكان من بين الذين أعادوا لهذه الأمة مجدها الأشرف سيف الدين الأرغون الكاملي الذي اشتهر بصلاحه وبحنكته وعلمه ، وسنعيش وإياكم في هذه الحلقة نسكب دمعةً من دموع العشاق الذين لا يفارقون الأقصى ، دمعةً على مدرسة أضحت مسكناً لا قيمة له بعد أنْ كانت مدرسة عزّ وإباء وعطاء .

الموقع
تقع في الجهة الغربية لسور المسجد الأقصى ، قرب باب الحديد ، مقابل قسم الآثار الإسلامي وبالتحديد قرب رباط الكرد .

المُنشئ
هو الأشرف سيف الدين أرغون ، وُلد عام 728هـ عندما أصبح عمره سبعة عشر عاماً ، كان أميراً بتعيينٍ من السلطان الصالح إسماعيل ، تزوّج من أخت السلطان وكان يُعرَف بالأصغر ، ثم ترقّى حتى أصبح برتبة أمير مائة ، وأرسل حاكماً على حلب واستمر فيها حتى سنة 752هـ ، حارب كثير من الثورات الداخلية واشتهر اسمه ، وذهب إلى القاهرة وسمي وأعطي لقب أمير مائة ، ثم رحل إلى الإسكندرية ثم إلى القدس ، وهناك بنى الأرغونية وتوفي بالقدس .

وهو الذي أوقف بجانب مدرسة الأرغونية مدرسة اسمها دار القرآن ورباط اسمه الرباط الأرغوني .

تاريخ الإنشاء
أنشئت في الثامن والعشرين من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ، ولم يكمُلْ بناؤها لأنّ المنيّة عاجلت الأشرف ، وأتمّ بناءها بيبرس كما جاء في النقش .

النقش
هناك نقش على واجهة المبنى جاء فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم ، أمر بإنشاء هذه التربة والمدرسة المقر الأشرف سيف الدين أرغون الكاملي نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروسة ، توفي إلى رحمة الله تعالى في الثامن والعشرين من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ، وتولى شدها وتكميلها ركن الدين بيبرس السيفي وأكملت في ربيع الآخر سنة تسع وخمسين وسبعمائة " .

وصف المدرسة
المدرسة عبارة عن إيوانات تتوزع منها غرف ، وفي الزاوية الشمالية الشرقية منها غرفة قبو لها نافذتان إحداهما تطل على الطريق والأخرى على ساحة الحرم القدسي ، وفي الزاوية الجنوبية الشرقية غرفة معقودة بأبواب تفتح إلى ساحة الحرم والإيوان الشرقي وهناك غرف في الزاوية الجنوبية مغلقة . وتحتوي الزاوية الجنوبية على غرفة صغيرة وبئر ودرج يؤدي إلى طابق علوي. وصفها مجير الدين بقوله : " المدرسة الأرغونية بباب الحديد أوقفها أرغون الكاملي نائب الشام وهو الذي استجد باب الحديد أحد أبواب المسجد ، وكان الباب قديماً يعرف بباب أرغون ، توفي في يوم الخميس السادس والعشرين من شوال سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ودفن فيها ، وأكملت عمارته بعد وفاته سنة تسع وخمسين " .

أوقاف المدرسة
كثيرة ومنها أراضي في طرابلس ، وحصن معروف للأكراد وقرية أعتاز والطاحونة فيها وثلاث أخماس مزرعة الجندلية .

شيوخ المدرسة
لقد أورد مجير الدين أنّ هذه المدرسة خرّجت العديد من القضاة والفقهاء والعلماء والحفظة ، وكان هناك مشاهير من الشيوخ الذين علّموا فيها منهم القاضي سعد الدين الديري ، وعلاء الدين وشمس الدين بن محمد بن زين وبدر الدين محمد بن جمال بن أبي اللطف الشافعي ، وشمس الدين بن أبي اللطف .

ختاماً
إننا نسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يهيئ هذه المدرسة وغيرها أنْ تعود لما كانت عليه ، وأنْ يعمر باب الحديد بالمسلمين وبالعلم والعاملين ، وأنْ لا يترك باب الحديد والمدارس التي ببابه وهي من أعظم المدارس أن تترك هدراً وأن ترتع فيها الغربان . فمن يقول : إنّ باباً مثل هذا الباب له قدره ومكانته في الإسلام يتحوّل بين الحين والآخر ( إلى كوتل صغير ) .

المصدر
الشيخ ناجح بكيرات - نقلاً عن مؤسسة فلسطين للثقافة