شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : المدرسة الجالقية .. القدس


ريمة مطهر
03-14-2011, 08:00 PM
المدرسة الجالقية .. القدس

من دمّر المدرسة الجالقية ؟
إنّ المتتبع لأمر الآثار والمساجد والمدارس يجد بأنّ هناك حقيقة واحدةً من هذه المآثر العظيمة يُخطّط لها بالدمار والإزالة ، فلم يقفْ الدمار على المساجد والقرى المهجّرة في عام 1948م ، ولم يقفْ على هدم المآذن في صفد ويافا وحيفا وعلى نبش القبور في بيسان وعسقلان ، بل استمرّ حتى عام 1967م لتبدأ مرحلة هدمٍ شرسة في أعزّ ما نملك وفي زهرة المدائن في القدس الشريف ، فقد هدمت مساجد عديدة في حارة الشرف وهدم ما يزيد على 14 مدرسة و3 مساجد في حارة المغاربة ومسحت عن الوجود بعض القرى في القدس الغربية ونبشت قبور الصالحين والمجاهدين حتى الصحابة في مقبرة مأمن الله وباب الرحمة لم تسلم قبورهم من العبث ، وحوصر الأقصى الشريف وعُزِل حائطه الغربي العزيز على القلوب المقدس عند الله حائط البراق عن نظر المسلمين وحُوّل إلى حائط مبكى وكان من ضحايا هذا التحويل عزل وتدمير العديد من المدارس من بينها المدرسة الجالقية .

الموقع
تقع في الناحية الشمالية لطريق باب السلسلة لتلتقي مع درج العين الآتي من امتداد طريق الواد وبالضبط عند مخفر الشرطة الذي افتُتِح جديداً على الدرجات المؤدية إلى ساحة البراق .

معنى الجالقية
الجالق : كلمة تركية تعني الفرس حادّ المزاج كثير اللعب ، ولكن المدرسة الجالقية نسبت باسمها إلى مؤسسها بيبرس الجالقي الصالحي .

المنشئ
هو ركن الدين بيبرس الجالقي الصالحي الذي توفّيَ في 10 جمادى الأولى سنة 707 وهو أحد مماليك السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب ، وكان في فرقة " الجمدرية " ولهذا كان من مجموعة النخبة المعروفة بالصالحية ، رفعه السلطان بيبرس إلى رتبة أمير وبعد تدرّجه في المناصب أُرسِل إلى دمشق وكان قائداً لقوّة كبيرة في حلب . سافر مع السلطان لاجين إلى دمشق ليشرِف على قسم الطاعة في قوات قلاوون ، وعندما أعلن سنقر الأشقر عن نفسه بأنّه السلطان الكامل رفض بيبرس الجالق ولاجين قسم الطاعة فوُضِعا في قلعة دمشق سجينيْن ثم أفرج عنهما مع هزيمة سنقر .

قاد معركة حمص ضدّ المغول وشارك في غزوات رئيسية في أرمينيا ، توفّي في الرملة ونُقِل إلى القدس حيث دُفن بموجب وصيته في الجالقية ، وكان خيّراً مجاهداً عظيماً أوقف أوقافاً كثيرة على هذه المدرسة .

تاريخ الإنشاء
بما أنّ وفاة جالق الصالحي كانت في 707 هـ وقد بنى المدرسة قبل ذلك بـ 5 سنين يعني أنّ تاريخ البناء هو 10 جمادى الأولى 702هـ/1302م ، وهناك نقشٌ أشار إلى وفاة المؤسس ولم يُشِرْ إلى تاريخ التأسيس .

النقش
على الحائط الجنوبي لمبنى المدرسة يوجد نقشٌ نصّه كالتالي : " بسم الله الرحمن الرحيم هذه قبة الأمير الأجلّ الكبير الغازي المجاهد المرابط في سبيل الله تعالى ركن الدين بيبرس الجالقي الصالحي ، توفّي إلى رحمة الله تعالى عاشر جمادى الأولى سنة سبع وسبعون . غفر الله له ولمن دعا له بالرحمة " .

وصف المدرسة
تتألّف الجالقية من وحدتيْن الأولى عبارة عن غرفة مقببة عند زاوية الشارع وغرفة أمامية إلى الشمال بجانب درج العين ، الوحدة الثانية عبارة عن المدخل الرئيسي يفتح إلى درج العين ثمّ إلى ساحة محاطة بأبنية متأخرة يبدو أنها من الفترة العثمانية ، والجالقية أقيمت على جسرٍ قديم يحمل طريق باب السلسلة من الشرق إلى الغرب والقناطر تحت الجالقية أزيل الركام عنها في 1977م لتشكّل ممرّاً من طريق الواد إلى ساحة البراق .

المدرسة حالياً
لم يبْقَ من المدرسة إلا بعض الغرف استُخدِمت قبل سنة كمقرٍّ للشرطة " الإسرائيلية " في القدس الشريف .

ختاماً
فالجالقية أصبح مصيرها مصير العديد من المعالم الأثرية التي يمرّ عليها أهلنا في فلسطين ولا ينتبهون لها حتى أبناء القدس ، لا يعرفون ويجهلون مثل هذه المواقع ، والذي أوصي به أنْ يقوم المسؤولون والمهتمون والباحثون وكلّ غيور لعمل دراسة جادة توثق جميع المباني والمدارس التي هُدِمت في القدس .

ونوصي أمّتنا وشعبنا وأهل القدس خاصةً أنْ يحافظوا على ما بقِيَ من هذه المعالم قبل أنْ يطبّق علينا المثل القائل ( أُكِلت يوم أكل الثور الأبيض ) لا سمح الله .

إنّنا وعلى الرغم من الضربات المؤلمة والتي تمزّق صدورنا إلا أنّنا على يقينٍ أنّنا سنحرّرها يوماً ما وأنّ هذه المدارس لن تذهبَ هدراً ما دام في أمّة محمد من يحمل لواء قرع الجرس لإيقاظ الهمم والسمو بهذه الأمة نحو القمم .

المصدر
بقلم / الشيخ ناجح بكيرات - مؤسسة فلسطين للثقافة