م.أديب الحبشي
01-26-2011, 01:22 PM
المعادي في جدة
كانت السفن تلقي مراسيها في عرض البحر بالمكان الذي أنشئ فيه الميناء الحالي وكانت تسمى "الحفرة" فيتحرك إليها رجال البحر المحليين ويطلق عليهم اسم "المعادي" ويتولون تمويلها بالماء والغذاء ، كما يفرغون حمولتها في عملية منظمة تتولاها عدد من السنابيك يحدد عددها وترتيبها "شيخ المعادي" بعد معاينة حجم الحمولة ، وكان تفريغ الباخرة يستغرق مابين أربع إلى ستة أيام تبعاً لحجم الحمولة . كما يتولى الشيخ بدوره المطالبة بأجور النقل من التجار أصحاب البضائع ثم يوزعها على أصحاب السنابيك حسب عدد رحلاتها إلى السفينة بموجب النمر والأرقام التي تصرف لهم وعودتها إلى الميناء الذي كان موقعه السابق بجانب مبنى البريد حالياً . علماً بأن كل سنبوك كانت تكتب عليه طاقة حمولته . . وتبلغ تكلفة نقل البضاعة من الباخرة إلى الميناء بواسطة السنبوك بما يتراوح بين (12- 18) ريال فضي مجيدي وقد بلغ عدد السنابيك بجدة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري حوالي (300) سنبوك.
أيضا كانت بعض السنابيك تنقل الأغنام من السودان وكثيراً ما تحيط بها القروش في عرض البحر . . أيضاً كانت بعض البواخر الصغيرة تدخل الميناء القديم وكان الحد الفاصل بين الداخل والخارج هو باخرة ( آسيا ) المحروقة . وأذكر أن جزءً كبيراً منها كان ظاهراً . . هذا وكان ملاك السنابيك الكبار بجدة محدودي العدد ومن أقدم المعروفين "فرج يسر" الذي كان تاجراً موفقاً بنى زاوية كانت تحمل اسمه ، ويروى أنه كان يملك مائة "سكونه" وهي التي تحمل الأرزاق وأكبر من "الساعية". . ومن كبار الملاك "أحمد وصالح غلوم" وهم في الأصل "نواخيذ" ويروى أنهم كانوا يملكون أكثر من سبعين "سكونه" وكانوا ينقلون " القندل" والأخشاب والبضائع من الهند وزنجبار. كذلك كان "أولاد جوهر" من أكبر ملاك السفن الشراعية والسنابيك ، وهم من أصل هندي وكانوا يحملون الجنسية البريطانية. .
تاتي بعد هذه الفئة بعض الملاك لهم (3 – 5) سنابيك نذكر منهم المشايخ : أحمد ناس ، وعبد الكريم أبو صفيه ، وعبد الله مناع ، وسليمان أبو داوود ، حسن بكر ، بيت عبد الجواد ، بيت الأمير وبيت حنبظاظه كذلك كان البعض يشتركون في ملكية سنبوك واحد أو أكثر. .
أما نقل الركاب من البواخر وإليها فقد اشتهرت بها "اللنشات" التي تتراوح حمولتها بين (20-50) شخص ، وكان أصحابها يتقاضون أجورهم مباشرة بعملة جنسية الراكب ( مصري تركي مغربي جاوي) ويستبدلونها لدى الصيارفة . وكان الأهالي يطلقون على رجال المعادي "البرامكة" من كثرة البذخ بمعايير ذلك الوقت- وكانوا يتجمعون يومياً بعد المغرب في مقهى بالميناء وهم في غالبيتهم من حارة البحر وقلة قليلة منهم من الحواري الأخرى. .
كذلك فان من أشهر البواخر المخصصة لنقل الركاب والمسافرين . وكذا كسوة الكعبة المشرفة وهى في غالبيتها من الجنسية المصرية : تالودى المحمدية الفؤادية الزمالك الطائف-زمزم . .
علماً بأن مشيخة المعادي كانت تتم بالانتخابات ، وكثيراً ما تحدث فيها خلافات وصراعات. . حيث كان كل مرشح يحاول استقطاب ناخبيه ويصرف لهم سلفيات لكسب أصواتهم . . وتتحدد مسئولية الشيخ في تنظيم البحارة وتوزيع الأدوار عليهم . ومن أبرز المشايخ في القرن الماضي الرابع عشر الهجري : عبد الكرم أبو صفيه سليمان أبو داود أحمد دياب سليمان مناع حسن بكر .
هذا وقد ساهم في إنها دور المعادي كثرة الخلافات بين كبارهم . وامتداد سقالة الميناء، الحديث إلى "الحفره" وهى المكان الذي كانت تقف فيه البواخر من قبل . . كذلك فإن أهل لمعادي لم يطوروا السنابيك ، إذ لو استبدلوها بالصنادل . فربما أنهم استمروا في عملهم غير أنهم حينما عرض عليهم ذلك رفضوا وتمسكوا بالسنابيك . . إضافة إلى أن الكثيرين فهم بدؤا في جلب عمالة أجنبية خاصة من اليمنيين على سنابيكهم .
المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)
كانت السفن تلقي مراسيها في عرض البحر بالمكان الذي أنشئ فيه الميناء الحالي وكانت تسمى "الحفرة" فيتحرك إليها رجال البحر المحليين ويطلق عليهم اسم "المعادي" ويتولون تمويلها بالماء والغذاء ، كما يفرغون حمولتها في عملية منظمة تتولاها عدد من السنابيك يحدد عددها وترتيبها "شيخ المعادي" بعد معاينة حجم الحمولة ، وكان تفريغ الباخرة يستغرق مابين أربع إلى ستة أيام تبعاً لحجم الحمولة . كما يتولى الشيخ بدوره المطالبة بأجور النقل من التجار أصحاب البضائع ثم يوزعها على أصحاب السنابيك حسب عدد رحلاتها إلى السفينة بموجب النمر والأرقام التي تصرف لهم وعودتها إلى الميناء الذي كان موقعه السابق بجانب مبنى البريد حالياً . علماً بأن كل سنبوك كانت تكتب عليه طاقة حمولته . . وتبلغ تكلفة نقل البضاعة من الباخرة إلى الميناء بواسطة السنبوك بما يتراوح بين (12- 18) ريال فضي مجيدي وقد بلغ عدد السنابيك بجدة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري حوالي (300) سنبوك.
أيضا كانت بعض السنابيك تنقل الأغنام من السودان وكثيراً ما تحيط بها القروش في عرض البحر . . أيضاً كانت بعض البواخر الصغيرة تدخل الميناء القديم وكان الحد الفاصل بين الداخل والخارج هو باخرة ( آسيا ) المحروقة . وأذكر أن جزءً كبيراً منها كان ظاهراً . . هذا وكان ملاك السنابيك الكبار بجدة محدودي العدد ومن أقدم المعروفين "فرج يسر" الذي كان تاجراً موفقاً بنى زاوية كانت تحمل اسمه ، ويروى أنه كان يملك مائة "سكونه" وهي التي تحمل الأرزاق وأكبر من "الساعية". . ومن كبار الملاك "أحمد وصالح غلوم" وهم في الأصل "نواخيذ" ويروى أنهم كانوا يملكون أكثر من سبعين "سكونه" وكانوا ينقلون " القندل" والأخشاب والبضائع من الهند وزنجبار. كذلك كان "أولاد جوهر" من أكبر ملاك السفن الشراعية والسنابيك ، وهم من أصل هندي وكانوا يحملون الجنسية البريطانية. .
تاتي بعد هذه الفئة بعض الملاك لهم (3 – 5) سنابيك نذكر منهم المشايخ : أحمد ناس ، وعبد الكريم أبو صفيه ، وعبد الله مناع ، وسليمان أبو داوود ، حسن بكر ، بيت عبد الجواد ، بيت الأمير وبيت حنبظاظه كذلك كان البعض يشتركون في ملكية سنبوك واحد أو أكثر. .
أما نقل الركاب من البواخر وإليها فقد اشتهرت بها "اللنشات" التي تتراوح حمولتها بين (20-50) شخص ، وكان أصحابها يتقاضون أجورهم مباشرة بعملة جنسية الراكب ( مصري تركي مغربي جاوي) ويستبدلونها لدى الصيارفة . وكان الأهالي يطلقون على رجال المعادي "البرامكة" من كثرة البذخ بمعايير ذلك الوقت- وكانوا يتجمعون يومياً بعد المغرب في مقهى بالميناء وهم في غالبيتهم من حارة البحر وقلة قليلة منهم من الحواري الأخرى. .
كذلك فان من أشهر البواخر المخصصة لنقل الركاب والمسافرين . وكذا كسوة الكعبة المشرفة وهى في غالبيتها من الجنسية المصرية : تالودى المحمدية الفؤادية الزمالك الطائف-زمزم . .
علماً بأن مشيخة المعادي كانت تتم بالانتخابات ، وكثيراً ما تحدث فيها خلافات وصراعات. . حيث كان كل مرشح يحاول استقطاب ناخبيه ويصرف لهم سلفيات لكسب أصواتهم . . وتتحدد مسئولية الشيخ في تنظيم البحارة وتوزيع الأدوار عليهم . ومن أبرز المشايخ في القرن الماضي الرابع عشر الهجري : عبد الكرم أبو صفيه سليمان أبو داود أحمد دياب سليمان مناع حسن بكر .
هذا وقد ساهم في إنها دور المعادي كثرة الخلافات بين كبارهم . وامتداد سقالة الميناء، الحديث إلى "الحفره" وهى المكان الذي كانت تقف فيه البواخر من قبل . . كذلك فإن أهل لمعادي لم يطوروا السنابيك ، إذ لو استبدلوها بالصنادل . فربما أنهم استمروا في عملهم غير أنهم حينما عرض عليهم ذلك رفضوا وتمسكوا بالسنابيك . . إضافة إلى أن الكثيرين فهم بدؤا في جلب عمالة أجنبية خاصة من اليمنيين على سنابيكهم .
المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)