ريمة مطهر
02-23-2011, 12:08 AM
خولة بنت الأزور رضي الله عنها
( الفارسة )
نسبها
هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر ، صحابية جليلة ، أَبْلت بلاء حسناً في فتوح الشام ومصر . وكانت من أشجع نساء عصرها .
من أهم ملامح شخصيتها
( الشجاعة )
( سبق الفارس الملثَّم جيش المسلمين ، وفي شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم ، وأعمل السيف فيهم ، فأربك الجنود ، وزعزع الصفوف ، وتطايرت الرءوس ، وسقطت الجثث على الأرض ، وتناثرت الأشلاء هنا وهناك ، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين . )
ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه ، إنه لفارس شجاع ... كلمات قالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمح الفارس وهو يُطيح بسيفه هامات الأعداء ، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارس لا يكون إلا خالداً القائد الشجاع . لكن خالداً قد قرب منهم ، فسألوه في تعجب ، من هذا الفارس الهُمام ؟ فلا يجبهم ، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم على هذا الفارس ولكن ! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيراً من الأعداء ، وجعل الرعب يَدُبُّ في صفوفهم ، فصاح خالد والمسلمون : للَّه درُّك من فارس بذل نفسه في سبيل اللَّه ! اكشف لنا عن لثامك . لكن الفارس لم يستجب لطلبهم ، وانزوى بعيداً عن المسلمين ، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلا : ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبي لفعلك ، من أنت ؟ فأجابه : إنني يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور . فلما علم خالد أنها امرأة سألها - وقد تعجَّب من صنيعها - : وما قصتك ؟ فقالت المرأة : علمتُ أن أخي ضراراً قد وقع أسيراً في أيدي الأعداء ، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ . قال خالد : سوف نقاتلهم جميعاً ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر .
واشتبك جيش المسلمين مع الأعداء وقتلوا منهم عدداً كبيراً ، وكان النصر للمسلمين ، وسارت تلك الفارسة تبحث عن أخيها ، وتسأل المسلمين عنه ، فلم تجد ما يُشفى صدرها ويُريح قلبها ، فجلست تبكي على أخيها وتقول : " يابن أمي ليت شِعْرِي... في أية بَيْدَاء طَرَحُوكَ ، أم بأي سِنَانٍ طعنوك ، أم بالْحُسام قتلوكَ . يا أخي لك الفداء ، لو أني أراك أنقذكَ من أيدي الأعداء ، ليت شِعْرِي أترى أني لا أراك بعدها أبداً ؟ لقد تركتَ يابن أمي في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها ، ليت شعري ، لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَي النبي ، فعليك منى السلام إلى يوم اللقاء " .
فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد . وما هي إلا لحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة ، وأن جيش الأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مُكبَّلاً بالأغلال ، فأرسل خالدٌ " رافعَ بن عميرة " في مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها ، فما إن سمعتْ بخروج " رافع بن عميرة " حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج مع المسلمين لفك أسر أخيها ، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كميناً في الطريق ، وما إن مرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل واحد وما لبثوا أن قضوا عليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو .
وتمر الأيام ، وتظهر بسالة تلك المرأة ، ومدى دفاعها عن الإسلام ، ففي موقعة " صجورا " وقعت هي ونسوة معها في أسر جيش الروم . ولكنها أبت أن تكون عبدة في جيش الروم ، فأخذت تحُث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة : " يا بناتَ حِمْيَر وبقية تبع ، أترضينّ لأنفسكنّ أن يكون أولادكنّ عبيداً لأهل الروم ، فأين شجاعتكنّ وبراعتكنّ التي تتحدث بها عنكنّ أحياء العرب ؟ وإني أرى القتل عليكنّ أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم " .
فألهبت بكلامها حماس النسوة ، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان . وقالت لهنّ : " خذوا أعمدة الخيام ، واجعلوها أسلحة لكُنّ ، وكنَّ في حلقة متشابكات الأيدي مترابطات ، لعل اللَّه ينصرنا عليهم ، فنستريح من معرَّة العرب " . فهجمت وهجم معها النسوة على الأعداء وقاتلنّ قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكر الأعداء وتخلصنّ من الأسر .
ولم تنته معارك خَوْلة في بلاد الشام ، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى في معركة مرج راهط ، فاقتحمت الصفوف من أجله . وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين ، كما اشتركتْ – أيضاً - في فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم .
وفاتها
ظلتْ خَوْلة رضي الله عنها على إيمانها وحبها للفداء والتضحية ، ودفاعها عن دين الله ، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه .
المصدر
موسوعة الأسرة المسلمة
( الفارسة )
نسبها
هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر ، صحابية جليلة ، أَبْلت بلاء حسناً في فتوح الشام ومصر . وكانت من أشجع نساء عصرها .
من أهم ملامح شخصيتها
( الشجاعة )
( سبق الفارس الملثَّم جيش المسلمين ، وفي شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم ، وأعمل السيف فيهم ، فأربك الجنود ، وزعزع الصفوف ، وتطايرت الرءوس ، وسقطت الجثث على الأرض ، وتناثرت الأشلاء هنا وهناك ، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين . )
ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه ، إنه لفارس شجاع ... كلمات قالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمح الفارس وهو يُطيح بسيفه هامات الأعداء ، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارس لا يكون إلا خالداً القائد الشجاع . لكن خالداً قد قرب منهم ، فسألوه في تعجب ، من هذا الفارس الهُمام ؟ فلا يجبهم ، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم على هذا الفارس ولكن ! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيراً من الأعداء ، وجعل الرعب يَدُبُّ في صفوفهم ، فصاح خالد والمسلمون : للَّه درُّك من فارس بذل نفسه في سبيل اللَّه ! اكشف لنا عن لثامك . لكن الفارس لم يستجب لطلبهم ، وانزوى بعيداً عن المسلمين ، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلا : ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبي لفعلك ، من أنت ؟ فأجابه : إنني يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور . فلما علم خالد أنها امرأة سألها - وقد تعجَّب من صنيعها - : وما قصتك ؟ فقالت المرأة : علمتُ أن أخي ضراراً قد وقع أسيراً في أيدي الأعداء ، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ . قال خالد : سوف نقاتلهم جميعاً ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر .
واشتبك جيش المسلمين مع الأعداء وقتلوا منهم عدداً كبيراً ، وكان النصر للمسلمين ، وسارت تلك الفارسة تبحث عن أخيها ، وتسأل المسلمين عنه ، فلم تجد ما يُشفى صدرها ويُريح قلبها ، فجلست تبكي على أخيها وتقول : " يابن أمي ليت شِعْرِي... في أية بَيْدَاء طَرَحُوكَ ، أم بأي سِنَانٍ طعنوك ، أم بالْحُسام قتلوكَ . يا أخي لك الفداء ، لو أني أراك أنقذكَ من أيدي الأعداء ، ليت شِعْرِي أترى أني لا أراك بعدها أبداً ؟ لقد تركتَ يابن أمي في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها ، ليت شعري ، لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَي النبي ، فعليك منى السلام إلى يوم اللقاء " .
فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد . وما هي إلا لحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة ، وأن جيش الأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مُكبَّلاً بالأغلال ، فأرسل خالدٌ " رافعَ بن عميرة " في مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها ، فما إن سمعتْ بخروج " رافع بن عميرة " حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج مع المسلمين لفك أسر أخيها ، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كميناً في الطريق ، وما إن مرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل واحد وما لبثوا أن قضوا عليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو .
وتمر الأيام ، وتظهر بسالة تلك المرأة ، ومدى دفاعها عن الإسلام ، ففي موقعة " صجورا " وقعت هي ونسوة معها في أسر جيش الروم . ولكنها أبت أن تكون عبدة في جيش الروم ، فأخذت تحُث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة : " يا بناتَ حِمْيَر وبقية تبع ، أترضينّ لأنفسكنّ أن يكون أولادكنّ عبيداً لأهل الروم ، فأين شجاعتكنّ وبراعتكنّ التي تتحدث بها عنكنّ أحياء العرب ؟ وإني أرى القتل عليكنّ أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم " .
فألهبت بكلامها حماس النسوة ، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان . وقالت لهنّ : " خذوا أعمدة الخيام ، واجعلوها أسلحة لكُنّ ، وكنَّ في حلقة متشابكات الأيدي مترابطات ، لعل اللَّه ينصرنا عليهم ، فنستريح من معرَّة العرب " . فهجمت وهجم معها النسوة على الأعداء وقاتلنّ قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكر الأعداء وتخلصنّ من الأسر .
ولم تنته معارك خَوْلة في بلاد الشام ، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى في معركة مرج راهط ، فاقتحمت الصفوف من أجله . وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين ، كما اشتركتْ – أيضاً - في فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم .
وفاتها
ظلتْ خَوْلة رضي الله عنها على إيمانها وحبها للفداء والتضحية ، ودفاعها عن دين الله ، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه .
المصدر
موسوعة الأسرة المسلمة