شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : هند بنت عتبة


ريمة مطهر
02-22-2011, 08:23 PM
هند بنت عتبة رضي الله عنها
( امرأة في الظل )

نسبها
هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أم معاوية .

حالها في الجاهلية
كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن فخلا ذلك البيت يوماً ، فاضطجع الفاكه وهند فيه في وقت القائلة ثم خرج الفاكه لبعض شأنه وأقبل رجل ممن كان يغشاه فولج البيت ، فلما رأى المرأة فيه ولى هارباً ورآه الفاكه وهو خارج من البيت فأقبل إلى هند وهى مضطجعة فضربها برجله وقال : من هذا الذي عندك ؟ قالت : ما رأيت أحداً ولا انتبهت حتى أنبهتني أنت ، فقال لها : إلحقي بأبيك ، وتكلم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك القالة ، فأنبئيني نبأك فإن يكن الرجل عليك صادقاً دسست إليه من يقتله فينقطع عنك القالة ، وإن يك كاذباً حاكمته إلى بعض كهان اليمن ، فعند ذلك حلفت هند لأبيها بما كانوا يحلفون في الجاهلية إنه لكاذب عليها ، فقال عتبة بن ربيعة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم وعار كبير لا يغسله الماء ، وقد جعلتنا في العرب بمكان ذلة ومنقصة ، ولولا أنك مني ذو قرابة لقتلتك ، ولكن سأحاكمك إلى كاهن اليمن ، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن ، فخرج الفاكه في بعض جماعة من بنى مخزوم أقاربه ، وخرج عتبة في جماعة من بنى عبد مناف ، وخرجوا بهند ونسوة معها من أقاربهم ، ثم ساروا قاصدين بلاد اليمن ، فلما شارفوا بلاد الكاهن ، قالوا : غداً نأتي الكاهن ، فلما سمعت هند ذلك تنكرت حالها وتغيّر وجهها وأخذت في البكاء فقال لها أبوها : يا بنية قد أرى ما بك من تنكر الحال وكثرة البكاء ، وما ذاك أراه عندك إلا لمكروه أحدثتيه وعمل اقترفتيه ، فهلا كان هذا قبل أن يشيع في الناس ، ويشتهر مسيرنا ، فقالت : والله يا أبتاه ما هذا الذي تراه مني لمكروه وقع مني ، وإني لبريئة ، ولكن هذا الذي تراه من الحزن وتغير الحال هو أنى أعلم أنكم تأتون هذا الكاهن وهو بشر يخطئ ويصيب ، وأخاف أن يخطئ في أمري بشيء يكون عاره على آخر الدهر، ولا أمنة آمنة أن يسمني ميسماً تكون على سبة في العرب ، فقال لها أبوها : لا تخافي فإني سوف أختبره وأمتحنه قبل أن يتكلم في شأنك وأمرك ، فإن أخطأ فيما أمتحنه به لم أدعه يتكلم في أمرك . ثم إنه انفرد عن القوم وكان راكباً مهراً حتى توارى عنهم خلف رابية فنزل عن فرسه ثم صفر له حتى أدلى ثم أخذ حبة بر فأدخلها في احليل المهر، وأوكى عليها بسير حتى أحكم ربطها ثم صفر له حتى اجتمع احليله ، ثم أتى القوم فظنوا أنه ذهب ليقضى حاجة له ، ثم أتى الكاهن فلما قدموا عليه أكرمهم ونحر لهم . فقال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر، ولكن لا أدعك تتكلم فيه حتى تبين لنا ما خبأت لك ، فأني قد خبأت لك خبيئاً فانظر ما هو فأخبرنا به ، قال الكاهن : ثمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ، قال : حبات بر في إحليل مهر . قال : صدقت فخذ لما جئناك له انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فأجلس النساء خلفه وهند معهم لا يعرفها ثم جعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويبريها ويقول : انهضي حتى دنا من هند فضرب كتفها وقال : انهضي حصان رزان غير رسخا ولا زانية ولتلدن ملكاً يُقال له معاوية ، فوثب إليها الفاكه ، فأخذ بيدها فنترت يدها من يده وقالت له : إليك عني والله لا يجمع رأسي ورأسك وسادة ، والله لأحرصن أن يكون هذا الملك من غيرك ، فتزوجها أبو سفيان بن حرب ، فجاءت منه بمعاوية . هذا وفى رواية أن أباها هو الذي قال للفاكه ذلك . والله سبحانه أعلم .

عن حسين بن عبد الله أن أبا لهب لقي هند بنت عتبة ابن ربيعة حين فارق قومه وظاهر عليهم قريشاً فقال : يا ابنة عتبة نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقها وظاهرعليها . قالت : نعم . فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة .

موقفها في غزوة أحد
لما التقى الناس ( في غزوة أحد ) ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضن على القتال ، فقالت هند فيما تقول :

ويها بني عبد الدار ... ويها حماة الأديار ... ضربا بكل بتار

وتقول أيضاً :

إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النمارق ... أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق

وفي يوم أُحد جعلت هند بنت عتبة النساء معها يجدعنّ أنوف المسلمين ويبقرنّ بطونهم ويُقطعنّ الآذان إلا حنظلة فإن أباه كان من المشركين وبقرت هند عن بطن حمزة فأخرجت كبدة وجعلت تلوك كبده ثم لفظته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو دخل بطنها لم تدخل النار " .

وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها يُمثلنّ بالقتلى يجدعنّ الآذان والأنف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظته . ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :

نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من ... صبر ولا أخي وعمه وبكري

إسلامها
أسلمت هند بنت عتبة يوم الفتح وحسن إسلامها فلما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وقال في البيعة : " ولا يسرقن ولا يزنين " قالت هند : وهل تزني الحرة وتسرق ، فلما قال : " ولا يقتلن أولادهن " قالت : ربيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً ، وشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان وقالت : إنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك " .

وروى هشام بن عروة عن أبيه قال : قالت هند لأبي سفيان : إني أريد أن أُبايع محمد . قال : قد رأيتك تكذبين هذا الحديث أمس ! قالت : والله ما رأيت الله عُبِدَ حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة . والله إن باتوا إلا مصلين . قال : فإنك قد فعلت ما فعلت . فاذهبي برجل من قومك معك . فذهبت إلى عثمان بن عفان وقيل : إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة ، فذهب معها فاستأذن لها فدخلت وهي منتقب فقال : " تبايعيني على أن لا تشركي بالله شيئاً ... " وذكر نحو ما تقدم من قولها للنبي صلى الله عليه وسلم . ولما أسلمت هند جعلت تضرب صنماً لها في بيتها بالقدوم حتى فلذته فلذة فلذة وتقول : كنا معك في غرور .

قالت وهى تذكر أيامها الماضية : " لقد كنت أرى في النوم أني في الشمس أبداً قائمة ، والظل مني قريب لا أقدر عليه ، فلما أسلمتُ رأيت كأني دخلت الظل ، فالحمد للَّه الذي هدانا للإسلام " . بهذه الكلمات الطيبة أرَّخت هند بنت عتبة لحياتها .

لقد أسلمت يوم فتح مكة بعد أن أسلم زوجها أبو سفيان ، ويروى ابنها معاوية رضي اللَّه عنهم قصة إسلامها ، فيقول : سمعتُ أمي هند بنت عتبة ، وهى تذْكُرُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتقول : فعلتُ يوم أُحُد ما فعلتُ من الـمُثْـلَة بعمِّه وأصحابه ( أي تقطيع جثثهم بعد موتهم ) . كلما سارت قريش مسيراً فأنا معها بنفسي ، حتى رأيت في النوم ثلاث ليال كأني في ظلمة لا أُبصر سهلاً ولا جبلاً ، وأرى تلك الظلمة قد انفرجت عنى بضوء مكانه ، فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعوني .

ثم رأيت في الليلة الثانية كأني على طريق ، فإذا بهُبل ( أعظم أصنام قريش عن يميني ) يدعوني ، وإذا إساف ( أحد أصنام قريش ، كانت تنحر عنده الذبائح ) يدعوني عن يساري ، وإذا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين يدي ، يقول : " تعالَي ، هلمي إلى الطريق " .

ثم رأيت في الليلة الثالثة كأني واقفة على شفير جهنم ، يريدون أن يدفعوني فيها ، وإذا أنا بِهُبل يقول : ادخلي فيها . فالتفتُّ ، فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من ورائي ، آخذ بثيابي ، فتباعدتُ عن شفير جهنم ، وفزعت فقلتُ : هذا شيء قد بُيِّن لي ، فعدوتُ إلى صنم في بيتنا ، فجعلت أضربه وأقول : طالما كنت منك في غرور ! وأتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وأسلمتُ وبايعته .

مواقفها مع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت : إن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت : يا رسول الله ما كان مما على ظهر الأرض أهل أخباء أو خباء أحب إليّ أن يذلوا من أهل أخبائك أو خبائك - شك يحيى - ثم ما أصبح اليوم أهل أخباء أو خباء أحب إليّ من أن يعزوا من أهل أخبائك أو خبائك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وأيضاً والذي نفس محمد بيده ) . قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل عليّ من حرج أن أطعم من الذي له ؟ قال : ( لا إلا بالمعروف ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر بقتل هند بنت عتبة لما فعلت بحمزة ولما كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فجاءت إليه النساء متخفية فأسلمت وكسرت كل صنم في بيتها وقالت : لقد كنا منكم في غرور . وأهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جديين ، واعتذرت من قلة ولادة غنمها ، فدعا لها بالبركة في غنمها فكثرت ، فكانت تهب وتقول : هذا من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالحمد لله الذي هدانا للإسلام .

من مواقفها مع الصحابة رضي الله عنهم
موقفها مع أخيها في غزوة بدر
شهد أبو حذيفة بدراً وكان أخاً لها ودعا أباه عتبة بن ربيعة إلى البراز فقالت أخته هند بنت عتبة لمّا دعا أباه إلى البراز الأحول الأثعل المشئوم طائره أبو حذيفة شر الناس في الدين ، أما شكرت أباً رباك من صغر حتى شببت شباباً غير محجون .

موقفها مع زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتقول السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما قدم أبو العاص مكة قال لي : تجهزي فالحقي بأبيك . قالت عتبة : فخرجت أتجهز فلقيتني هند بنت عتبة ، فقالت : يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟ فقلت لها : ما أردت ذلك . فقالت : أي بنت عم لا تفعلي إني امرأة موسرة وعندي سلع من حاجتك فإن أردت سلعة بعتكها أو قرضاً من نفقة أقرضتك فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال . قالت : فوالله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل فخفتها فكتمتها وقلت : ما أريد ذلك .

موقفها مع أبو دجانة في غزوة أحد
ويقول الزبير بن العوام : وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة فقلت : والله لأنظرن ما يصنع . فاتبعته فأخذ عصابة له حمراء فعصب بها رأسه وقالت الأنصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت ، وهكذا كان يقول إذا عصب بها فخرج وهو يقول :

أنا الذي عاهدني خليلي ... ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيول ... أضرب بسيف الله والرسول

فجعل لا يلقى أحداً إلا قتله وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ، فدعوت الله أن يجمع بينهما ، فالتقيا فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله ، ثم رأيته محل السيف على رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها .

قال ابن إسحاق : وقال أبو دجانة : رأيت إنساناً يحمس الناس حمساً شديداً فصمدت إليه فلما حملت عليه السيف ولول فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة .

موقفها مع هند بنت أثاثة في غزوة أحد
قالت هند بنت عتبة تفتخر حمزة وغيره ممن أصيب من المسلمين أنها علت على صخرة مشرفة فنادت بأعلى صوتها :

نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر ... أبي وعمي وشقيق بكري
شفيت وحشي غليل صدري ... شفيت نفسي وقضيت نذري

وأجابتها هند بنت أثاثة بن المطلب فقالت :

خزيت في بدر وغير بدر ... يا بنت وقاع عظيم الكفر
صبحك الله غداة الفجر ... بالهاشميين الطوال الزهر
بكل قطاع حسام يفري ... حمزة ليثي وعلي صقري

موقفها مع أبي سفيان يوم فتح مكة
خرج أبو سفيان حتى إذا دخل مكة صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش! هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به ! فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ! فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه وقالت : اقتلوا الحميت الدسم الأحمش ! فقال أبو سفيان : لا يغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ! قالوا : قبحك الله ! وما تغني دارك ؟ قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ! ومن دخل المسجد فهو آمن ، فتفرّق الناس إلى دورهم و إلى المسجد .

موقفها مع معاوية
قال معاوية بن أبي سفيان : لمّا كان عام الحديبية وصدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت : إياك أن تُخالف أباك وأن تقطع أمراً دونه فيقطع عنك القوت ، وكان أبي يومئذ غائباً في سوق حباشة .

موقفها مع عمر
جاء عمر بن الخطاب إلى أبي سفيان فإذا هند بنت عتبة امرأته تهيئ أهبه لها في المدينة . فقال : أين أبو سفيان ؟ فقالت هند : هاهو ذا ، وكان ناحية من البيت . فقال : احتسبا واصبرا . فقالا : من يا أمير المؤمنين ؟ قال : يزيد بن أبي سفيان . فقالا : من استعملت على عمله . قال : معاوية بن أبي سفيان . قالا : وصلتك رحم وإنا لله وإنا إليه راجعون .

من كلماتها
قالت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان حين رجعوا من أحد :

رجعت وفي نفسي بلابل جمة ... وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي
من أصحاب بدر من قريش وغيرهم ... بني هاشم منهم ومن أهل يثرب
ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن ... كما كنت أرجو في مسيري ومركبي

وفاتها
شهدت اليرموك مع زوجها وماتت يوم مات أبو قحافة في سنة أربع عشرة وهي أم معاوية بن أبي سفيان .

المراجع
الاستيعاب - البداية والنهاية - تاريخ الإسلام - أسد الغابة - الطبقات الكبرى - الكامل في التاريخ - صحيح البخاري - الإصابة في تمييز الصحابة - تفسير القرطبي - سيرة ابن كثير - تاريخ دمشق - عيون الأثر - السيرة لابن حبان

سندس كتبي
07-03-2011, 05:47 PM
هند بنت عتبة

هِنْد بِنْت عتبة بن ربيعة بن عَبْد شمس بن عَبْد مناف القُرَشِيَّة الهاشمية، امْرَأَة أبي سُفْيان بن حرب ، وهي أم مُعاوِيَة‏ .‏

أسلمت في الفتح بعد إسلام زوجها أبي سُفْيان ، وأقرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على نكاحها ، كان بينهما في الإسلام ليلة واحدة ، وكانت امْرَأَة لها نفسٌ وأَنَفَة ، ورأي وعقل‏ .‏

وشهدت أُحد كافرة ، وهي القائلة يومئذٍ‏ :‏

نحن بنـاتُ طـارقْ ** نَمشي على النَّمارِقْ
أنْ تُقبِلوا نُـعـانِـقْ ** أو تُدْبِروا نُفـارِقْ

فِراقَ غيرَ وأمقْ فلما قُتل حمزة مثّلت به وشقت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها ، فلم تطق إساغتها ، فبلغ ذلك النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال‏ :‏ ‏" ‏لو أساغتها لم تمسها النار‏ " ‏‏.‏ وقيل ‏:‏ إن الذي مثّل بحمزة مُعاوِيَة بن المغيرة بن أبي العاص بن أميَّة ، جد عَبْد الملك بن مروان لامه ، وقتله النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم صبراً مُنْصَرَفه من أُحد ‏.‏

ثم إن هِنْداً أسلمت يوم الفتح وحسُن إسلامها ، فلما بايعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النساء وفي البيعة ‏:‏ ‏" ‏ولا يسرِقْنَ ولا يزنيْنَ ‏"‏ ، قالت هِنْد ‏:‏ وهل تزني الحرة وتسرق ? فلما قال‏ :‏ ‏" ‏ولا يقتُلْنَ أولادَهُنّ ‏"‏ ، قالت ‏:‏ ربيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً ? وشكت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زوجها أبا سُفْيان وقالت ‏:‏ إنه شحيح لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ :‏ ‏"‏ خُذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وولدك‏ " ‏‏.‏

روى هشام بن عروة ، عن أبيه قال‏ :‏ قالت هِنْد لأبي سُفْيان‏ :‏ إني أريد أن أبايع مُحَمَّداً‏ .‏ قال‏ :‏ قد رأيتك تُكذِّبين هذا الحديث أمس ‏!‏ قالت‏ :‏ والله ما رأيت الله عَبْد حقَّ عبادته في هذا المسجد قبل الليلة ‏.‏ والله إن باتوا إلا مصلين ‏.‏ قال ‏:‏ فإنك قد فعلت ما فعلت‏ .‏ فاذهبي برجل من قومك معك‏ .‏ فذهبت إلى عُثْمان بن عَفَّان ، وقيل‏ :‏ إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة ، فذهب معها فاستأذن لها فدخلت وهي مُنْتَقِب ، فقال‏ :‏ ‏" ‏تُبايعيني على أن لا تُشركي بالله شيئاً ‏.‏‏.‏‏. ‏‏"‏ وذكر نحو ما تقدم من قولها للنبي صلّى الله عليه وسلّم ‏.‏

وشهدت اليرموك ، وحرّضت على قتال الروم مع زوجها أبي سُفْيان ، وكانت قبل أبي سُفْيان تحت حفص بن المغيرة المخزومي ، وقصتها معه مشهورة ، وتوفيت هِنْد في خلافة عُمر بن الخطاب في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد أبي بكر الصدّيق‏ .‏

أخرجها الثلاثة‏ .‏

المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير

ريمة مطهر
11-06-2011, 05:02 PM
هِنْد بنت عُتْبَة
(000 - 14 ه = 000 - 635 م)
هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ابن عبد مناف : صحابية ، قرشية ، عالية الشهرة . وهي أم الخليفة الأموي ( معاوية ) ابن أبي سفيان . تزوجت أباه بعد مفارقتها لزوجها الأول ( الفاكه بن المغيرة ) المخزومي ، في خبر طويل من طرائف أخبار الجاهلية . وكانت فصيحة جريئة ، صاحبة رأي وحزم ونفس وأنفة ، تقول الشعر الجيد . وأكثر ما عرف من شعرها مراثيها لقتلى ( بدر ) من مشركي قريش ، قبل أن تسلم . ووقفت بعد وقعة بدر( في وقعة أحُد ) ومعها بعض النسوة ، يمثّلن بقتلى المسلمين ، ويجدعن آذانهم وأنوفهم ، وتجعلها هند قلائد وخلاخيل . وترتجز في تحريض المشركين ، والنساء من حولها يضربن الدفوف :
نحن بنات طارق
نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
ثم كانت ممن أهدر النبي r دماءهم ، يوم فتح مكة ، وأمر بقتلهم ولو وجدوا تحت أستار الكعبة ؛ فجاءته مع بعض النسوة في الأبطح ، فأعلنت إسلامها ، ورحب بها . وأخذ البيعة عليهن ، ومن شروطها ألا يسرقن ولا يزنين ، فقالت : هل تزني الحرة أو تسرق يا رسول الله ? قال : ولا يقتلن أولادهن ، فقالت : وهل تركت لنا ولداً إلا قتلته يوم بدر ? ( وفي رواية : ربيناهم صغاراً وقتلتهم أنت ببدر كباراً ! ) وكان لها صنم في بيتها تعبده ، فلما أسلمت عادت إليه وجعلت تضربه بالقدوم حتى فلذته ، وهي تقول : كنا منك في غرور ! ومن كلامها : المرأة غل لا بد للعنق منه ، فانظر من تضعه في عنقك ! ورؤى معها ابنها معاوية ، فقيل لها : إن عاش ساد قومه ، فقالت : ثكلته إن لم يسد قومه ! وكانت لها تجارة في خلافة عمر . وشهدت اليرموك وحرضت على قتال الروم . وأخبارها كثيرة .


المرجع
خير الدين الزركلي ، الأعلام ، الجزء الثامن .

سندس كتبي
11-07-2011, 02:35 PM
تسمية النساء المسلمات المبايعات من قريش وحلفائهم ومواليهم وغرائب نساء العرب
هند بنت عتبة
ابن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وأمها صفية بنت أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهتة بن سليم . تزوج هنداً حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له أباناً .

أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي حدثنا عمر بن زياد الهلالي عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق شيخ من أهل المدينة من بني عامر بن لؤي قال : قالت هند لأبيها : إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه عليّ . فقال لها : ذلك لك ، ثم قال لها يوماً : إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك ، أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجاً من غفلته وذلك إسجاح من شميته حسن الصحابة حسن الإجابة إن تابعته تابعك وإن ملت كان معك تقضين عليه في ماله وتكتفين برأيك في ضعفه ، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب بدر أرومته وعز عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدبونه إن اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر بهم شديد الغيرة سريع الطيرة شديد حجاب القبة إن جاع فغير منزور وإن نوزع فغير مقهور قد بينت لك حالهما . قالت : أما الأول فسيد مضياع لكريمته مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت جنائها إن جاءت له بولد أحمقت وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لوامقة وإني له لموافقة وإني لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي وقلة تلفتي وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته الذائد عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها الزائن لأرومتها غير مواكل ولا زميل عند ضعضعة الحوادث ، فمن هو ؟ قال : ذاك أبو سفيان بن حرب . قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس ولا تسمه سوم المواطس الضرس استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء .

أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن أبيه قال : لما بنى أبو سفيان بن حرب بهند بنت عتبة بن ربيعة بعث عتبة بن ربيعة بابنه الوليد إلى بني أبي الحقيق فاستعار حليهم ورهنهم الوليد نفسه في نفر من بني عبد شمس وذهب بالحلي فغاب شهراً ثم ردوه وافرا وفكوا الرهن .

أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي سبرة عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه فتكلمت هند فقالت : يا رسول الله ، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رحمك يا محمد إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة برسوله ، ثم كشفت عن نقابها وقالت : أنا هند بنت عتبة . فقال رسول الله : مرحباً بك . فقالت : والله ما كان على الأرض أهل خباء أحب إليً من أن يذلوا من خبائك ولقد أصبحت وما على الأرض أهل خباء أحب إليّ من أن يعزوا من خبائك . فقال رسول الله : وزيادة وقرأ عليهن القرآن وبايعهن ، فقالت هند من بينهن : يا رسول الله نماسحك . فقال : إني لا أصافح النساء إن قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة . قال محمد بن عمر : لما أسلمت هند جعلت تضرب صنماً في بيتها بالقدوم حتى فلذته فلذة فلذة وهي تقول : كنا منك في غرور .

أخبرنا وكيع بن الجراح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : جاءت هند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم . فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف . أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران أن نسوة أتين النبي صلى الله عليه وسلم فيهن هند بنت عتبة بن ربيعة وهي أم معاوية يبايعنه فلما أن قال رسول الله : " لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن " قالت هند : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل عليّ حرج أن أصيب من طعامه من غير إذنه . قال : فرخص لها رسول الله في الرطب ولم يرخص في اليابس . قال : " ولا يزنين " قالت : وهل تزني الحرة ؟ قال : " ولا يقتلن أولادهن " . قالت : وهل تركت لنا ولداً إلا قتلته يوم بدر . قال : " ولا يعصينك في معروف " وقال ميمون : فلم يجعل الله لنبيه عليهن الطاعة إلا في المعروف والمعروف طاعة الله .

أخبرنا عبد الله بن موسى أخبرنا عمر بن أبي زائدة قال : سمعت الشعبي يذكر أن النساء جئن يبايعن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئاً ؟ فقالت هند : إنا لقائلوها . قال : فلا تسرقن . فقالت هند : كنت أصيب من مال أبي سفيان . قال أبو سفيان : فما أصبت من مالي فهو حلال لك . قال : ولا تزنين . فقالت هند : وهل تزني الحرة ؟ قال : " ولا تقتلن أولادكن " . قالت هند : أنت قتلتهم .

المرجع
الطبقات الكبرى - الجزء الثامن ، بتصرف .
أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع