شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : أم موسى


ريمة مطهر
01-24-2011, 11:14 PM
أم موسى عليه السلام
( المتوكلة )
نسبها
زوجة عمران أم موسى عليه السلام فقد ذكر الطبري في تفسيره نسب موسى عليه السلام ، فقال : هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب إسرائيل .
أهم ملامح شخصيتها
كانت أم موسى عليه السلام نموذجاً للأم الصابرة المؤمنة الثابتة المتوكلة الطائعة لأمر ربها الراضية المطمئنة المستعينة دائماّ بالله .
بطش فرعون ببني إسرائيل
كان بنو إسرائيل في مصر يمرون بأهوال كثيرة ، فقد ضاق بهم فرعون ، وراح يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب ؛ نتيجة ما رأى في منامه من رؤيا أفزعته ، فدعا المنجِّمين لتأويل رؤياه ، فقالوا : سوف يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك المُلك ، ويغلبك على سلطانك ، ويُبدل دينك . ولقد أطّل زمانه الذي يولد فيه حينئذٍ . ولم يُبالِ فرعون بأي شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه ، فقتل الأطفال دون رحمة أو شفقة ، وأرسل جنوده في كل مكان لقتل كل غلام يولد لبني إسرائيل .

وتحت غيوم البطش السوداء ، ورياح الفزع العاتية ، وصرخات الأمهات وهنّ يندبنّ أطفالهنّ الذين قُتِلوا ظُلماً ، كان الرعب يُسيطر على كيان زوجة عمران ، ويستولي الخوف على قلبها ، فقد آن وضع جنينها وحان وقته ، وسيكون مولده في العام الذي يقتل فرعون فيه الأطفال . واستغرقت في تفكير عميق ، يتنازع أطرافه يقين الإيمان ولهفة الأم على وليدها ، ووسوسة الشيطان الذي يريد أن يزلزل فيها ثبات الإيمان ، لذلك كانت تستعين دائماً باللَّه ، وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .

ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بني إسرائيل قيل لفرعون : إنه يوشك إن استمر هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم ، ولا يمكن لنسائهم أن يقمنّ بما يقوم به الرجال من الأعمال الشاقة فتنتهي إلينا ، حيث كان بنو إسرائيل يعملون في خدمة المصريين فأمر فرعون بترك الولدان عاماً وقتلهم عاماً ، وكان رجال فرعون يدورون على النساء فمن رأوها قد حملت ، كتبوا اسمها ، فإذا كان وقت ولادتها لا يولِّدها إلا نساء تابعات لفرعون . فإن ولدت جارية تركنها ، وإن ولدت غلاماً ؛ دخل أولئك الذباحون فقتلوه ومضوا .
رحمة الله تعالى بأم موسى عليه السلام
لحكمة اللَّه تعالى وعظمته لم تظهر على زوجة عمران علامات الحمل كغيرها ولم تفطن لها القابلات ، وما إن وضعت موسى عليه السلام حتى تملكها الخوف الشديد من بطش فرعون وجنوده ، واستبد بها القلق على ابنها موسى ، وراحت تبكي حتى جاءها وحي اللَّه عز وجل آمراً أن تضعه داخل صندوق وتُلقيه في النيل . قال تعالى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) . [ القصص : 7 ] وكانت دار أم موسى على شاطئ النيل ، فصنعت لوليدها تابوتاً وأخذت ترضعه ، فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه ، ذهبت فوضعته في التابوت ، وسَـيرَتْـهُ في البحر، وربطته بحبل عندها .
دخول المولود القصر الفرعوني
ذات يوم ، اقترب جنود فرعون ، وخافت أم موسى عليه ، فأسرعت ووضعته في التابوت ، وأرسلته في البحر، لكنها نسيت في هذه المرة أن تربط التابوت ، فذهب مع الماء الذي احتمله حتى مرَّ به على قصر فرعون . وأمام القصر توقف التابوت ، فأسرعت الجواري وأحضرنه ، وذهبنّ به إلى امرأة فرعون ، فلما كشفت عن وجهه أوقع اللَّه محبته في قلبها ، فقد كانت عاقراً لا تلد . وذاع الخبر في القصر، وانتشر نبأ الرضيع حتى وصل إلى فرعون ، فأسرع فرعون نحوه هو وجنوده وهمّ أن يقتله ، فناشدته امرأته أن يتركه ، وقالت له : ( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) . [ القصص : 9 ]

كاد قلب أم موسى عليه السلام أن يتوقف ، فهي ترى ابنها عائماً في صندوق وسط النهر، ولكنَّ الله صبّرها ، وثّبتها ، وقالت لابنتها : اتبعيه ، وانظري أمره ، ولا تجعلي أحداً يشعر بك . وكان قلبها ينفطر حزناً على مصير وليدها الرضيع الذي جرفه النهر بعيداً عنها قال تعالى : ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون ) . [ القصص : 10 - 11]

فرحت امرأة فرعون بموسى فرحاً شديداً ، ولكنه كان دائم البكاء ، فهو جائع ، ولكنه لا يُريد أن يرضع من أية مرضعة ، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته ، فلما رأته أخته بأيديهم عرفته ، ولم تُُظِْْهِْر ذلك ، ولم يشعروا بها ، فقالت لهم : أعرف من يرضعه ، وأخذته إلى أمه قال تعالى : ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ . فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) . [ القصص : 12-13] هذا هو القدر الإلهي يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض قادر على كل شيء قال تعالى : ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) . [ يوسف : 21 ]
رجوع المولود إلى أمه
ما إن وصل موسى عليه السلام إلى أمه حتى أقبل على ثديها ، ففرحت الجواري بذلك فرحاً شديداً ، وذهب البشير إلى امرأة فرعون ، فاستدعت أم موسى ، وأحسنت إليها ، وأعطتها مالاً كثيراً - وهي لا تعرف أنها أمه - ، ثم طلبتْ منها أن تُقيم عندها لترضعه فرفضتْ ، وقالت : إن لي بعلاً وأولاداً ، ولا أقدر على المقام عندك ، فأخذته أم موسى إلى بيتها ، وتكفّلت امرأة فرعون بنفقات موسى عليه السلام .

وبذلك رجعت أم موسى بابنها راضية مطمئنة ، وعاش موسى وأمه في حماية فرعون وجنوده ، وتبدل حالهما بفضل صبر أم موسى وإيمانها ، ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة ، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه من كل همٍّ فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً .
المراجع

قصص الأنبياء
صور من سير الصحابيات

ريمة مطهر
09-02-2011, 07:22 PM
في ذكر النساء الصالحات
يوحانذ بنت لاوي بن يعقوب عليه السلام
زوجة عمران أم موسى عليه السلام وكان عمران من وزراء فرعون واسمه الوليد بن مصعب ، وكان قد أخبره المنجمون أن زوال ملكه على يد فتى من بني إسرائيل ، فجعل فرعون يقتل الأطفال ، حتى قتل سبعين طفلاً ، وكان يعذب الحوامل حتى يسقطن حملهن ، ولما حملت أم موسى عليه السلام به ، أخبر المنجمون فرعون بحمله ، فشدد فرعون على نساء بني إسرائيل ، فأمر القوابل أن يطفن على نساء بني إسرائيل ففعلن ، ولم يدخلن بيت عمران لقربه من الملك ولما تم حملها ، وجاءها الطلق ليلاً ، فولدت موسى عليه السلام وفرحت به فرحاً عظيماً ، وأخفت أمرها مخافة من فرعون ، فكانت ترضع موسى عليه السلام وتضعه في تنور ولم تعلم له أخته كلثم ، واستمرت على ذلك أياما ً، فاتفق يوماً ، خرجت لبعض شأنها ، وجاءت كلثم أخت موسى عليه السلام وسجرت التنور لتخبز فيه ، ولم تعلم أن موسى عليه السلام فيه ، وقد بلغ فرعون ولادة موسى عليه السلام من بعض القوابل ، فبعث فرعون هامان والرايات معه فدخل دار عمران ، ودور جميع الدار فلم ير لموسى عليه السلام أثراً ، والتنور يسجر ، ثم خرج من دار عمران ، وأقبلت أم موسى عليه ورأت أعوان فرعون قد خرجوا من بيتها ، فخافت على نفسها وعلى موسى عليه السلام وكادت أن تموت من الغم ، فدخلت في سرعة ، وأقبلت إلى التنور ، فرأته يشتعل بالنار ، فلطمت وجهها وقالت : ما نفعني الحذر ! والتمست موسى عليه السلام فوجدته سالماً ، فأخرجته من التنور وأرضعته ، وتمرض أبوه عمران ومات ، وقد صار لموسى عليه السلم من العمر أربعون يوماً ، فخافت على موسى من فرعون ، فأوحى الله إليها ، وذلك قوله تعالى : ( وأوحينا إلى أمِّ موسى أنْ أرضعيهِ فإذا خفتِ عليهِ فألقيهِ في اليمِّ ولا تخافي ولا تحزني إنَّا رادُّوه إليك وجاعلوهُ منَ المرسلينَ ) .

وقيل : ألقى الله في قلبها ، فوضعته في صندوق وأحكمته لئلا يدخل إليه ماء فيغرق ، فألقته في النيل ليلاً ، ولم يعلم بها أحد ، فسار الصندوق على وجه الماء ، ودخل إلى دار فرعون ، فرأته آسية بنت عم موسى عليه السلام وهي زوجة فرعون ، فأمرت بإخراجه ، فحملوه إليها ، ففتحت الصندوق ، ووجدت فيه موسى عليه السلام فحملته إلى فرعون وأخبرته بالخبر ، فهمّ فرعون بقتله ، فقالت له آسية قوله تعالى : ( ... قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ... ) ، ولم يكن لفرعون ولد من آسية ، ولم تزل به آسية حتى تركه وسموه موسى ومعنى مو : الماء ، ومعنى سا : الشجر ، وعرضت آسية القوابل على موسى عليه السلام فأبى إرضاعه ، وكانت أخت موسى كلثم قد تبعت الصندوق حتى إلى دار فرعون ودخلت مع المراضع وذلك قوله تعالى : ( وقالتْ لأختهِ قصِّيهِ فبصرتْ بهِ عنْ جنبٍ وهمْ لا يشعرونَ ) وحرَّمنا عليهِ المراضعَ منْ قبلُ فقالتْ هلْ أدلُّكمْ على أهلِ بيتٍ يكفلونهُ لكمْ وهمْ لهُ ناصحونَ ) فقالت آسية : نعم ، فرجعت كلثم وأخبرت أمها ، فقدمت ودخلت على آسية ، فوضعت موسى عليه السلام في حجرها وأعطته ثديها ، فرضع ، وأقامت ترضعه إلى أن كبر وفطمته من الرضاع وماتت أم موسى عليه السلام .

وذكر في كتاب " خواص القرآن " : قوله تعالى : ( وأوحينا إلى أمِّ موسى أنْ أرضعيهِ ) إلى قوله : ( منَ المرسلينَ ) إذا كتبت في ورقة وعلقت على امرأة قد قل حليبها ، در ثديها وكثر حليبها .

وقيل : إذا تليت هذه الآية سبع مرات على سبع من الزبيب الأسود على واحدة سبع مرات ، وأطعمت لمن قلّ حليبها أكثر بإذن الله تعالى ببركة هذه الآية الشريفة .

وذكر في كتاب " كشف الأسرار " : ما الحكمة في إلقاء موسى عليه السلام في اليم ? قيل : لأن المنجمين إذا ألقي شيء في الماء يخفى عليهم أمره ، فأراد الله أن يخفى على المنجمين حال موسى حتى لا يخبروا به فرعون ، وأراد أيضاً أن يُبين لأمه حفظه ، فقال : ألقيه في التلف لأنجيه بالتلف من التلف . وقال أيضاً : سلميه إليَّ صبياً أسلمه لك نبياً ، وأيضاً : فكما نجاه في البحر في الابتداء ، كذلك أنجاه في الانتهاء ، وأغرق فرعون في البحر .
وعن ابن عباس رضي الله عنه : إنما سمِّيَ موسى لأنَّهُ ألقي بينَ شجرٍ وماءٍ ، فالماءُ بالقبطيَّةِ " مو " ، والشجرُ " سا " .
وقال الثعلبي : عاش موسى عليه السلام مائة وعشرين سنة .

وذكر في التفسير قوله تعالى : ( ... اقذفيهِ ... ) ألقيه في التابوت ، ( ... فاقذفيهِ في اليمِّ ... ) في النيل ، ( فليلقهِ اليمُّ بالسَّاحلِ ) ... الجانب ، ( يأخذهُ عدوٌّ لي وعدوٌّ لهُ ... ) يعني فرعون .

وروي : أنها جعلت في التابوت قطناً محلوجاً فوضعته فيه وقيرته ، ثم ألقته في اليم وكان يشرع منه إلى بستان فرعون نهر الكبير ، فبينما هو جالس على بركة مع آسية ، إذ [ هم ] بالتابوت ، فأمر به ، فأخرج ففتح ، فإذا صبي به أصبح الناس وجهاً ، فهمّ فرعون بالأمر بقتله لولا موافقته لطلب آسية ، ولم يعلم أنه قاتله إذا كبر .

وقال في كتاب " تفسير مدارك " قوله تعالى : ( يذبِّحُ أبناءهمْ ... ) إلى آخرها وسبب الذبح أن كاهناً قال لفرعون : يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه . فقيل : إنه ذبح في طلب موسى تسعين ألف وليد .

وروي : أنها حين ضربها الطلق ، كانت بعض القوابل الموكلات بحبالى بني إسرائيل مصافية لها . فعالجتها حتى ولدت ، فلما وقع إلى الأرض ، هالها نور بين عينيه ، ودخل حبه قلبها فقالت القابلة : ما جئتك إلا لأقتل مولودك ، وأخبر به فرعون ليقتله ، ولكني وجدت حباً ما وجدت مثله ، فاحفظيه ، فلما خرجت القابلة جاءت عيون فرعون فلفته في خرقة ، ووضعته في تنور مسجور ، ولم تعلم ما تصنع ، لأنه طاش عقلها ، فطلبوا ، فلم يلقوا شيئاً ، فخرجوا وهي لا تدري مكانه ، فسمعت من التنور صوته ، فانطلقت وأخرجته ، وقد جعل الله النار عليه برداً وسلاماً .

وذكر بعضهم قوله تعالى : ( وأصبحَ فؤادُ أم موسى فارغاً ) الآية ، إذا تلاها إنسان وهو على مائدة وأكل لم يشبع ، وإن أكل المائدة كلها ...

وذكر لي بعضهم أن اسم أم موسى إذا تلي على قفل مقفول سقط من غير مفتاح ، وقد جربته ، فما وجدت له أصلاً ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

المرجع
الروضة الفيحاء في أعلام النساء – ابن الخطيب العمري