ريمة مطهر
01-24-2011, 09:02 PM
حواء
( أم البشر )
أقدم من ذكرت من النساء في القرآن الكريم هي ( أمنا حواء أم البشر ) التي ذكرها القرآن الكريم مقترنة بأبينا آدم عليه السلام ومقترنة بالجنة . وقد برّأها القرآن الكريم من تهمة إغواء آدم بالأكل من الشجرة المحرمة ، ونسب الإغواء إلى الشيطان ، ونسب الإستجابة إلى آدم وحواء معاً . ونسب التوبة لهما معاً كذلك . وأكد قبول الله عز وجل لهذه التوبة .
هدية الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام
كان الأب الأول للخلق جميعاً يعيش وحده بين أشجار الجنة وظلالها ، فأراد الله أن يؤنس وحشته ، وألاّ يتركه وحيداً ، فخلق له من نفسه امرأة ، تقرّ بها عينه ، ويفرح بها قلبه ، وتسكن إليها نفسه ، وتصبح له زوجة يأنس بها ، فكانت حواء ، هدية الله إلى أبي البشر آدم عليه السلام وأسكنهما الله الجنة .
خلق حواء في الجنة
أمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة قال تعالى : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا } ( سورة البقرة : 35 ) وقال في الأعراف : { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُما } ( سورة الأعراف : 19 ) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلى الجنة ، وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار، وهو ظاهر هذه الآيات . ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس ، وعن مرة ، وعن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا : أُخرج إبليس من الجنة وأُسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحتى ليس فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومه فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ؛ فسألها : ما أنت ؟ قالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إليّ . فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء ، قالوا : ولم كانت حواء ؟ قال : لأنها خُلقت من شيء حي . وذكر محمد بن إسحاق ، عن ابن عباس ؛ أنها خُلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم (1) مكانه لحماً .
يذكر الإمام القرطبي معنى لطيفاً في حواء وهو : قالت الملائكة لآدم : أتحبها يا آدم ؟ فقال : نعم . فقالوا : أتحبينه يا حواء ؟ فقالت : لا ! يقول القرطبي : وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من الحب .
ثم أباح الله الجنة لهما أن يتمتعان بكل ما فيها من ثمار، إلا شجرة واحدة أمرهما أن لا يأكلا منها قال تعالى : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } . ( البقرة : 35 ) وعاشت حواء مع آدم عليه السلام بين أشجار الجنة يأكلان مما فيها من فواكه كثيرة وخيرات متعددة ، وظلا على عهدهما مع اللَّه عز وجل ، لم يقربا الشجرة التي حرّمها عليهما .
كراهية إبليس لآدم عليه السلام وحواء
لكن إبليس اللعين لم يهدأ له بال ، وكيف يهدأ بالُه وهو الذي توعد آدم وبنيه بالغواية والفتنة ؟! وكيف تستريح نفسه وهو يرى آدم وحواء يتمتعان في الجنة ؟! فتربص بهما ، وفكر في طريقة تخرجهما من ذلك النعيم ، فأخذ يُدبر لهما حيلة ؛ ليعصيا اللَّه ، ويأكلا من الشجرة ؛ فيحلَّ عليهما العقاب .
ووجد إبليس الفرصة ! فقد هداه تفكيره الخبيث لأن يُزين لآدم عليه السلام وحواء الأكل من الشجرة التي حرّمها الله عليهما ، لقد اهتدى لموطن الضعف عند الإنسان ، وهو رغبته في البقاء والخلود قال تعالى : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِى لَهُمَا مَا ُورِى عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } . ( الأعراف : 20 – 21 ) وقال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } . ( سورة طه : 116 ـ 119)
تبرئة حواء من تهمة الإغواء
وهكذا زين لهما الشيطان الأكل من الشجرة ، ووسوس لهما بكيفية يعلمها الله وحده ، وأقسم لهما أنه لهما ناصح أمين .. فمن منهما المسؤول عن هذه المعصية ؟ !
كل الديانات السابقة قالت : إن حواء هي التي أغوت آدم وزينت له الأكل من الشجرة ... حتى حضارة الغرب التي تتشدّق بحماية المرأة . والإسلام هو الوحيد الذي برّأ حواء ولم ينسب إليها وحدها سبب الأكل من الشجرة . قال تعالى : { وقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ و زَوْجُكَ الْجَنَّةَ و كُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا و لَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ َ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ . فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } . ( البقرة : 35 ) فمن خلال صيغة المُثنى في هذه الآيات أنهما اشتركا في التكليف ، وفي وسوسة الشيطان لهما ، وفي الأكل من الشجرة . ويقول الله تبارك وتعالى في سورة طه : { فوسوس له الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } . ( طه :120) إذن حواء بريئة ولكنها مشتركة معه . لكن مسؤولية آدم عليه السلام أكبر ، لأنه الرجل فكان توجيه العتاب من هذه الآية إليه . [ قصص الأنبياء ـ ابن كثير ]
توبة آدم عليه السلام وحواء
وما إن أكلا من الشجرة حتى بدت لهما عوراتهما ، فأسرعا إلى أشجار الجنة يأخذان منها بعض الأوراق ويستتران بها . ثم جاء عتاب اللَّه عز وجل لهما ، وتذكيرهما بالعهد الذي قطعاه معه سبحانه وتعالى قال عز وجل : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين } . ( الأعراف : 22)
وعرف آدم عليه السلام وحواء أن الشيطان خدعهما وكذب عليهما ... فندما على ما كان منهما في حق اللَّه سبحانه ، ولكن ماذا يصنعان ؟ وكيف يصلحان ما أفسد الشيطان ؟!! وهنا تنزلت كلمات اللَّه على آدم عليه السلام ، ليتوب عليه وعلى زوجه قال تعالى : { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } . ( البقرة : 37 ) وكانت تلك الكلمات هي : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } . ( الأعراف : 23 )
هبوط آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض
بعد ذلك .. أهبط الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض ، وأهبط معهما الشيطان وأعوانه ، ومخلوقات أخرى كثيرة قال تعالى : { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوٌ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } . ( البقرة : 36 )
أغلب العلماء يرى أن هبوط آدم عليه السلام كان في الهند عندما نزل ، ونزلت حواء في جدة فأخذ كل واحد منهما يبحث عن الآخر حتى تقابلا على جبل عرفات الذي تعارفا عنده .
وهكذا بدأت الحياة على الأرض ، وبدأت معركة الإنسان مع الشيطان ، وقدّر اللَّه لآدم وحواء أن يُعمرا الأرض ، وتنتشر ذريتهما في أرجاء المعمورة . ثم نزلت لهم الرسالات السماوية التي تدعو إلى التقوى . قال تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } . ( النساء :1 )
وفاتها
عندما مات آدم عليه السلام بكت عليه حواء بكاءً كثيراً دام عاماً ... وحزنت حزناً شديداً ، فقد كانت تحبه ... نعم كانت تحبه حباً جماً .... وظلت حواء طائعة لله تعالى حتى جاء أجلها .
------------------
(1) لام الجرح : شدّه وجمعه .
المراجع
قصص الأنبياء
صور من سير الصحابيات
( أم البشر )
أقدم من ذكرت من النساء في القرآن الكريم هي ( أمنا حواء أم البشر ) التي ذكرها القرآن الكريم مقترنة بأبينا آدم عليه السلام ومقترنة بالجنة . وقد برّأها القرآن الكريم من تهمة إغواء آدم بالأكل من الشجرة المحرمة ، ونسب الإغواء إلى الشيطان ، ونسب الإستجابة إلى آدم وحواء معاً . ونسب التوبة لهما معاً كذلك . وأكد قبول الله عز وجل لهذه التوبة .
هدية الله سبحانه وتعالى لآدم عليه السلام
كان الأب الأول للخلق جميعاً يعيش وحده بين أشجار الجنة وظلالها ، فأراد الله أن يؤنس وحشته ، وألاّ يتركه وحيداً ، فخلق له من نفسه امرأة ، تقرّ بها عينه ، ويفرح بها قلبه ، وتسكن إليها نفسه ، وتصبح له زوجة يأنس بها ، فكانت حواء ، هدية الله إلى أبي البشر آدم عليه السلام وأسكنهما الله الجنة .
خلق حواء في الجنة
أمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة قال تعالى : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا } ( سورة البقرة : 35 ) وقال في الأعراف : { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُما } ( سورة الأعراف : 19 ) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلى الجنة ، وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار، وهو ظاهر هذه الآيات . ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس ، وعن مرة ، وعن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا : أُخرج إبليس من الجنة وأُسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحتى ليس فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومه فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ؛ فسألها : ما أنت ؟ قالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إليّ . فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء ، قالوا : ولم كانت حواء ؟ قال : لأنها خُلقت من شيء حي . وذكر محمد بن إسحاق ، عن ابن عباس ؛ أنها خُلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم (1) مكانه لحماً .
يذكر الإمام القرطبي معنى لطيفاً في حواء وهو : قالت الملائكة لآدم : أتحبها يا آدم ؟ فقال : نعم . فقالوا : أتحبينه يا حواء ؟ فقالت : لا ! يقول القرطبي : وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من الحب .
ثم أباح الله الجنة لهما أن يتمتعان بكل ما فيها من ثمار، إلا شجرة واحدة أمرهما أن لا يأكلا منها قال تعالى : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } . ( البقرة : 35 ) وعاشت حواء مع آدم عليه السلام بين أشجار الجنة يأكلان مما فيها من فواكه كثيرة وخيرات متعددة ، وظلا على عهدهما مع اللَّه عز وجل ، لم يقربا الشجرة التي حرّمها عليهما .
كراهية إبليس لآدم عليه السلام وحواء
لكن إبليس اللعين لم يهدأ له بال ، وكيف يهدأ بالُه وهو الذي توعد آدم وبنيه بالغواية والفتنة ؟! وكيف تستريح نفسه وهو يرى آدم وحواء يتمتعان في الجنة ؟! فتربص بهما ، وفكر في طريقة تخرجهما من ذلك النعيم ، فأخذ يُدبر لهما حيلة ؛ ليعصيا اللَّه ، ويأكلا من الشجرة ؛ فيحلَّ عليهما العقاب .
ووجد إبليس الفرصة ! فقد هداه تفكيره الخبيث لأن يُزين لآدم عليه السلام وحواء الأكل من الشجرة التي حرّمها الله عليهما ، لقد اهتدى لموطن الضعف عند الإنسان ، وهو رغبته في البقاء والخلود قال تعالى : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِى لَهُمَا مَا ُورِى عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } . ( الأعراف : 20 – 21 ) وقال تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } . ( سورة طه : 116 ـ 119)
تبرئة حواء من تهمة الإغواء
وهكذا زين لهما الشيطان الأكل من الشجرة ، ووسوس لهما بكيفية يعلمها الله وحده ، وأقسم لهما أنه لهما ناصح أمين .. فمن منهما المسؤول عن هذه المعصية ؟ !
كل الديانات السابقة قالت : إن حواء هي التي أغوت آدم وزينت له الأكل من الشجرة ... حتى حضارة الغرب التي تتشدّق بحماية المرأة . والإسلام هو الوحيد الذي برّأ حواء ولم ينسب إليها وحدها سبب الأكل من الشجرة . قال تعالى : { وقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ و زَوْجُكَ الْجَنَّةَ و كُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا و لَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ َ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ . فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } . ( البقرة : 35 ) فمن خلال صيغة المُثنى في هذه الآيات أنهما اشتركا في التكليف ، وفي وسوسة الشيطان لهما ، وفي الأكل من الشجرة . ويقول الله تبارك وتعالى في سورة طه : { فوسوس له الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } . ( طه :120) إذن حواء بريئة ولكنها مشتركة معه . لكن مسؤولية آدم عليه السلام أكبر ، لأنه الرجل فكان توجيه العتاب من هذه الآية إليه . [ قصص الأنبياء ـ ابن كثير ]
توبة آدم عليه السلام وحواء
وما إن أكلا من الشجرة حتى بدت لهما عوراتهما ، فأسرعا إلى أشجار الجنة يأخذان منها بعض الأوراق ويستتران بها . ثم جاء عتاب اللَّه عز وجل لهما ، وتذكيرهما بالعهد الذي قطعاه معه سبحانه وتعالى قال عز وجل : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين } . ( الأعراف : 22)
وعرف آدم عليه السلام وحواء أن الشيطان خدعهما وكذب عليهما ... فندما على ما كان منهما في حق اللَّه سبحانه ، ولكن ماذا يصنعان ؟ وكيف يصلحان ما أفسد الشيطان ؟!! وهنا تنزلت كلمات اللَّه على آدم عليه السلام ، ليتوب عليه وعلى زوجه قال تعالى : { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } . ( البقرة : 37 ) وكانت تلك الكلمات هي : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } . ( الأعراف : 23 )
هبوط آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض
بعد ذلك .. أهبط الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض ، وأهبط معهما الشيطان وأعوانه ، ومخلوقات أخرى كثيرة قال تعالى : { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوٌ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } . ( البقرة : 36 )
أغلب العلماء يرى أن هبوط آدم عليه السلام كان في الهند عندما نزل ، ونزلت حواء في جدة فأخذ كل واحد منهما يبحث عن الآخر حتى تقابلا على جبل عرفات الذي تعارفا عنده .
وهكذا بدأت الحياة على الأرض ، وبدأت معركة الإنسان مع الشيطان ، وقدّر اللَّه لآدم وحواء أن يُعمرا الأرض ، وتنتشر ذريتهما في أرجاء المعمورة . ثم نزلت لهم الرسالات السماوية التي تدعو إلى التقوى . قال تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } . ( النساء :1 )
وفاتها
عندما مات آدم عليه السلام بكت عليه حواء بكاءً كثيراً دام عاماً ... وحزنت حزناً شديداً ، فقد كانت تحبه ... نعم كانت تحبه حباً جماً .... وظلت حواء طائعة لله تعالى حتى جاء أجلها .
------------------
(1) لام الجرح : شدّه وجمعه .
المراجع
قصص الأنبياء
صور من سير الصحابيات