شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الزبير بن العوام


ريمة مطهر
02-10-2011, 08:34 PM
الزبير بن العوام رضي الله عنه
( حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم )

نسبه
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي . ولد سنة 28 قبل الهجرة . أبو عبد الله ( حواري رسول صلي الله عليه وسلمِ ) ، فعَنْ جَابِر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : " مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " قَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْر " .

وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صفية بنت عبد المطلب ) رضي الله عنها ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى بعد مقتل عمر رضي الله عنه .

دعاه الصديق رضي الله عنه للإسلام ، فكان من أوائل من أسلموا ، أسلم بمكة قديماً وكان عمره حينئذ 12 سنة ، وتربى تربية قاسية ، وعذبه قومه حتى يرجع عن دينه ، فقد كان عم الزبير يُعلقه في حصير ، ويدحض عليه ليرجع إلى الكفر ، فيقول : لا أكفر أبداً ، وقال الزبير بن بكار في كتاب النسب : حدثني عمي مصعب ، عن جدي عبد الله بن مصعب ، أن العوام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير ، وكانت صفية تضربه وهو صغير ، وتغلظ عليه فعاتبها نوفل ، وقال : ما هكذا يُضرب الولد ، إنك لتضربينه ضرب مبغضة ، فرجزت به صفية .

أهم ملامح شخصيته
كان وقافًاً عند أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ : أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ . فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ " .

كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلاً : إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي . وسأله عبد الله : أي مولى تعني؟ فأجابه : الله ، نعم المولى ونعم النصير . يقول عبد الله فيما بعد : فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه .

هجرته
كان من المهاجرين بدينهم إلى الحبشـة ، تزوج أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم . عن مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ : إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ . قَالَتْ : حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .

هاجرا إلى المدينة ، فولدت له أول مولود للمسلمين في المدينة ( عبد الله بن الزبير ) ، ثم مصعب .

قلة روايته للحديث
كان رضي الله عنه حريصاً على ملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لم يرو الكثير من الأحاديث . فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا لِي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلَانًا وَفُلَانًا . قَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) .

كما كان أول من سلّ سيفاً في سبيل الله : عن عروة وابن المسيب قالا : أول رجل سلّ سيفه في الله الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة ، فقال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقبل الزبير يشق الناس بسيفه ، النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة .

مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ ( الْحَالِقَةُ ) حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .

شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غزوة بـدر
كان الزبير أحد مغاوير الإسلام وأبطاله في يوم الفرقان ، وكان على الميمنة ، وقد قتل الزبير في هذا اليوم العظيم عبيدة بن سعيد بن العاص ، كما قتل السائب بن أبى السائب بن عابد ، ونوفل بن خويلد بن أسد ( عمه ) ، وفل فلة في سيفه وجرح جرحين غائرين ، بأبي وأمي فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواريه ، من نزلت بسيماه الملائكة في يوم بدر، وجمع .

عن عروة بن الزبير قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزل جبريل على سيماء الزبير . وفي هذا يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير :

جدي ابن عمة أحمد ووزيره عند البلاء وفارس الشقراء

وغداة بدر كان أول فارس شهد الوغى في اللامة الصفراء

نزلت بسيماه الملائك نصرة بالحوض يوم تألب الأعداء

عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يُرى إلا عيناه وكان يكنى : أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة ، فطعنته في عينه ، فمات . فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، فكان الجهد أن نزعتها - يعنى الحربة - ، فلقد انثنى طرفها . [ رواه البخاري ]

وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحـد : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " قَالَتْ لِعُرْوَةَ : يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمْ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا قَالَ : مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، قَالَ : كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ . [ رواه البخاري ]

وفي يوم قريظـة : جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه
عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ : جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حواريه ( في الحديث الذي تقدم ذكـره ) .

وكان رضي الله عنه حامل راية المسلمين في فتح مكة ، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل في بعض الناس من كـدى ففعل ، وكان على المجنبة اليسرى من الجيش .

الزبير يوم حنين
ولما انهزمت هوازن في حنين وقف ملكهم مالك بن عوف النصري على ثنية مع طائفة من أصحابه فقال : قفوا حتى تجوز ضعفاؤكم وتلحق أخراكم . قال ابن إسحاق : فبلغني أن خيلا ( طلعت ومالك ) وأصحابه على الثنية ، فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بوادهم . فقال : هؤلاء بنو سليم ولا بأس عليكم منهم ، فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي ثم طلعت خيل أخرى تتبعها فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ قالوا : نرى قوماً عارضي رماحهم إغفالاً على خيلهم . فقال : هؤلاء الأوس والخزرج ولا بأس عليكم منهم ، فلما انتهوا إلى أصل الثنية سلكوا طريق بني سليم ثم طلع فارس فقال لأصحابه : ماذا ترون ؟ فقالوا : نرى فارساً طويل الباد واضعاً رمحه على عاتقه عاصباً رأسه بملاءة حمراء . قال : هذا الزبير بن العوام وأقسم باللات ليخالطنكم فأثبتوا له ، فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم فصمد لهم فلم يزل يُطاعنهم حتى أزاحهم عنها . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت من الإبل والغنم والرقيق ، وأمر أن تساق إلى الجعرانة فتحبس هناك ، قال ابن إسحاق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم مسعود بن عمرو الغفاري .

موقعة الجمل واستشهاده
بعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير وطلحة لعلي - رضي الله عنهم جميعاً - وخرجوا إلى مكة معتمرين ، ومن هناك خرجوا إلى البصرة للأخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ، وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري . طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي رضي الله عنه عندما رأى أم المؤمنين ( عائشة رضي الله عنها ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة : يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟ ثم قال للزبير : يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مرّ بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير، ألا تحب علياً ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟ فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم . فقال الزبير : نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لا أقاتلك . وأقلع طلحة والزبير - رضي الله عنهما - عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعا حياتهما ثمناً لانسحابهما ، ولقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدراً وهو يُصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .

الشهادة
لمّا كان الزبير بوادي السباع نزل يُصلي فأتاه ( ابن جرموز ) من خلفه فقتله ، وسارع قاتل الزبير إلى علي يُبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه ، لكن علياً صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلاً : بشر قاتل ابن صفية بالنار . وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قَبَلَهُ الإمام وأمعن في البكاء وهو يقول : سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها قائلاً : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم : " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين ." ثم نظر إلى قبريهما وقال : سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( طلحة والزبير ، جاراي في الجنة ) .

قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة ، وله ست أو سبع وستون سنة .

المصدر
موقع نصرة سيدنا محمد رسول الله

ريمة مطهر
07-06-2011, 03:42 PM
الزبير بن العوام

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الأسدي ، يكنى أبا عبد الله ، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو ابن عمة رسول الله ، وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي ، وكانت أمه تكنيه أبا الطاهر ، بكنية أخيها الزبير بن عبد المطلب ، واكتنى هو بأبي عبد الله ، بابنه عبد الله ، فغلبت عليه ‏.‏

وأسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، قاله هشام بن عروة‏ .‏ وقال عروة‏ :‏ أسلم الزبير وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، رواه أبو الأسود عن عروة‏ .‏ وروى هشام بن عروة عن أبيه‏ :‏ أن الزبير أسلم وهو ابن ست عشرة سنة ‏.‏ وقيل‏ :‏ أسلم وهو ابن ثماني سنين ، وكان إسلامه بعد أبي بكر رضي الله عنه بيسير ، كان رابعاً أو خامساً في الإسلام ‏.‏

وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة ، وآخى رسول الله بينه وبين عبد الله بن مسعود ، لما آخى بين المهاجرين بمكة ، فلما قدم المدينة وآخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش ‏.‏

أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال ‏:‏ حدثني أبي ، أخبرنا زكرياء بن عدي ، أخبرنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن مروان ، ولا إخالة يتهم علينا ، قال‏ :‏ أصاب عثمان الرعاف سنة الرعاف ، حتى تخلف عن الحج ، وأوصى ، فدخل عليه رجل من قريش فقال ‏:‏ استخلف ‏.‏ قال ‏:‏ وقالوه‏ ؟‏ قال ‏:‏ نعم‏ .‏ قال‏ :‏ من هو ‏؟‏ قال ‏:‏ فسكت ‏.‏ ثم دخل عليه رجل آخر فقال مثل ما قاله الأول ، ورد عليه نحو ذلك ، قال‏ :‏ فقال عثمان ‏:‏ الزبير بن العوام‏ ؟‏ قال ‏:‏ نعم .‏ قال‏ :‏ أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم ما علمت وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ .‏

أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبيد الله وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة قال ‏:‏ حدثنا هناد ، أخبرنا عبدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، عن الزبير قال ‏:‏ جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فقال ‏:‏ ‏"‏ بأبي وأمي ‏" ‏‏.‏

قال ‏:‏ وأخبرنا أبو عيسى ، أخبرنا أحمد بن منيع ، أخبرنا معاوية بن عمر ، وأخبرنا زائدة ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏إن لكل نبي حوارياً وحواري الزبير بن العوام‏ "‏‏ .‏
وروى عن جابر نحوه ، وقال أبو نعيم ‏:‏ قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، لما قال ‏:‏ ‏" ‏من أتينا بخبر القوم‏ " ‏، قال الزبير ‏:‏ أنا ‏.‏ قالها ثلاثاً ، والزبير يقول ‏:‏ أنا‏ .‏

قال‏ :‏ وأخبرنا أبو عيسى، أخبرنا قتيبة ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن صخر بن جويرية ، عن هشام بن عروة قال ‏:‏ أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل ، فقال ‏:‏ ما مني عضو إلا قد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذلك إلى فرجه‏ .‏

وكان الزبير أول من سل سيفاً في الله عز وجل ، وكان سبب ذلك أن المسلمين لما كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، وقع الخبر أن النبي قد أخذه الكفار ، فأقبل الزبير يشق بسيفه ، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة فقال له‏ :‏ ‏"‏ ما لك يا زبير ‏"‏‏ ؟‏ قال ‏:‏ أخبرت أنك أخذت ‏.‏ فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ولسيفه ‏.‏

وسمع ابن عمر رجلاً يقول ‏:‏ أنا ابن الحواري ‏.‏ قال‏ :‏ إن كنت ابن الزبير وإلا فلا‏ .‏

وشهد الزبير بدراً وكان عليه عمامة صفراء معتجراً بها فيقال ‏:‏ إن الملائكة نزلت يومئذ على سيماء الزبير‏ .‏

وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أحداً والخندق والحديبية وخيبر والفتح وحنيناً والطائف ، وشهد فتح مصر ، وجعله عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده ، وقال‏:‏ هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ‏.‏

وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ‏.‏

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الدمشقي ، قال أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، أخبرنا أبو خثيمة خثيمة بن سليمان بن حيدرة ، أخبرنا إسماعيل بن زكرياء ، عن النضر أبي عمر الخزاز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتفض حراء قال‏ :‏ ‏" ‏اسكن حراء ، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد ‏"‏‏ .‏ وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد ، وسعيد بن زيد‏ .‏

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب بإسناده إلى عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، أخبرنا سفيان ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير بن العوام ، عن أبيه ، قال‏ :‏ لما نزلت‏ :‏ ‏{‏ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ‏}‏ ، قال الزبير ‏:‏ يا رسول الله ، وأي النعيم نسأل عنه ، وإنما هما الأسودان ‏:‏ التمر والماء‏ ؟‏ قال ‏:‏ ‏" ‏أما إنه سيكون ‏" ‏‏.‏

قيل ‏:‏ كان للزبير ألف مملوك ، يؤدون إليه الخراج ، فما يدخل إلى بيته منها درهماً واحداً ، كان يتصدق بذلك كله ، ومدحه حسان ففضله على الجميع فقال ‏:‏ الطويل ‏:‏

أقام على عهـد الـنـبـي وهـديه ** حوارية والقول بالـفـعـل يعـدل
أقام على مـنـهـاجـه وطـريقـه ** يوالي ولي الحق والـحـق أعـدل
هو الفارس المشهور والبطل الـذي ** يصول إذا ما كان يوم مـحـجـل
وإن امرأ كـانـت صـفـية أمـه ** ومن أسد في بـيتـه لـمـرفـل
له من رسول الله قـربـى قـريبـه ** ومن نصرة الإسلام مجد مـؤثـل
فكم كربة ذب الـزبـير بـسـيفـه ** عن المصطفى، والله يعطي ويجزل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشهـا ** بأبيض سباق إلى المـوت يرقـل
فما مثله فيهـم ولا كـان قـبـلـه ** وليس يكون الدهـر مـا دام يذبـل

وقال هشام بن عروة ‏:‏ أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم‏ :‏ عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والمقداد ، وابن مسعود ، وغيرهم‏ .‏ وكان يحفظ على أولادهم مالهم ، وينفق عليهم من ماله ‏.‏

وشهد الزبير الجمل مقاتلاً لعلي ، فناداه علي ودعاه ، فانفرد به وقال له ‏:‏ أتذكر إذا كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر إلي وضحك وضحكت فقلت أنت ‏:‏ لا يدع ابن أبي طالب زهوة فقال ‏:‏ ‏"‏ ليس بمزه ، ولتقاتلنه وأنت له ظالم‏ " ‏، فذكر الزبير ذلك ، فانصرف عن القتال ، فنزل بوادي السباع ، وقام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله‏ ؟‏ وجاء بسيفه إلى علي فقال ‏:‏ إن هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال‏ :‏ بشر قاتل ابن صفية بالنار ‏.‏
وكان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى من سنة ست وثلاثين ، وقيل‏ :‏ إن ابن جرموز استأذن على علي ، فلم يأذن له ، وقال للآذن‏ :‏ بشره بالنار ، فقال‏ :‏ المتقارب ‏:‏

أتيت علياً برأس الـزبـيـ ** ـر أرجو لديه به الزلفـه
فبشر بالنـار إذا جـئتـه ** فبئس البشارة والتحـفـه
وسيان عندي قتل الزبـير ** وضربه عنز بذي الجحفه

وقيل ‏:‏ إن الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى إنسان إلى الأحنف بن قيس فقال‏ :‏ هذا الزبير قد لقي بسفوان ‏.‏ فقال الأحنف‏ :‏ ما شاء الله ‏؟‏ كان قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ، ثم يلحق ببيته وأهله ‏!‏ فسمعه ابن جرموز ، وفضالة بن حابس ونفيع ، في غواة بن تميم ، فركبوا ، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه الزبير ، وهو على فرس له يقال له ‏:‏ ذو الخمار ، حتى إذا ظن أنه قاتله ، نادى صاحبيه ، فحملوا عليه فقتلوه‏ .‏

وكان عمره لما قتل سبعاً وستين سنة ، وقيل ‏:‏ ست وستون ، وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية‏ .‏

وكثير من الناس يقولون‏ :‏ إن ابن جرموز قتل نفسه لما قال له علي‏ :‏ بشر قاتل ابن صفية بالنار ‏.‏ وليس كذلك ، وإنما عاش بعد عاش بعد ذلك حتى ولي مصعب بن الزبير البصرة فاختفى ابن جرموز ، فقال مصعب‏ :‏ ليخرج فهو آمن ، أيظن أني أقيده بأبي عبد الله يعني أباه الزبير ليسا سواء‏ .‏ فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار ، لأنه قتل الزبير ، رضي الله عنه ، وقد فارق المعركة ، وهذه معجزة ظاهرة‏ .‏

أخرجه الثلاثة ‏.‏

المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير