جمانة كتبي
05-29-2015, 12:08 AM
ماذا يُقدم الحديث النبوي للسلوك الإنساني؟
أ. أحمد بن يوسف السيد
هل كل ما في صحيح البخاري صحيح؟
هل استطاعت السلطة السياسية الأموية أو العباسية إدخال شيء في الأحاديث على غفلة من المحدثين؟
هل الأحاديث تفيد اليقين؟
هل السنة مصدر مستقل في التشريع الإسلامي؟
هذه الأسئلة وغيرها ينشغل بها كثير من المثقفين والشباب تجاه قضايا السنة والحديث، وتنحصر دائرة اهتمامهم في شأن السنة بمثل هذه التساؤلات... وبعيدا عن الجدل الدائر حولها دعونا ننظر من جانب آخر.
وهو: ماذا يمكن أن يقدم الحديث النبوي من إصلاحات جذرية في السلوك الإنساني؟!
ماذا يُقدم من منطلقات قِيَميّة للفرد والمجتمع؟
كيف يصورالحديث النبوي أثر الإيمان على السلوك؟
هل الأحاديث النبوية تنحصر في الأحكام الفقهية والترغيب والترهيب، أم أنها عقد متكامل ينتظم فيه العبادة والفِكر والاعتقاد والسلوك والترغيب والترهيب والفقه والسياسة؟
رافقوني في هذه الرحلة القصيرة تحت شعار "تعلّمْنا من الحديث الصحيح" لِنَرى المستوى القِيَمي المُبهر الذي تقدمه الأحاديث -لو التزمنا بما فيها- ونرى التركيز الكبير في الحديث النبوي على أثر الإيمان "السلوكي" وأنه المحك الحقيقي في الإيمان، ونشهد الخسارة الكبيرة التي ننالنا حين يكون نصيبنا من السنة سؤالات الاستفهام والتقليل!
أما بعد؛
§فقد تعلمنا من الحديث الصحيح أن: (الْمُؤْمِنِ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) رواه الترمذي/2627 وقال: حسن صحيح.
وهنا تنكسر الشعارات وتسقط اللافتات التي يعلقها بعض الناس متظاهرا بالإيمان، إذْ إنّ الإيمان عند حضور ملايين الذهب والفضة يُقاس بقدر الأمانة، وبها فقط.
§وتعلمنا من الحديث الصحيح: (وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهُ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قَالُوا: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) رواه البخاري/6016.
بَوَائِقَهُ شروره.
وبعدَ هذا القَسَمِ النبوي على نفي إيمان مؤذي الجار، هل يبقى شك في أن الإيمان عمل وسلوك؟!
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن (مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ)،كما في صحيحي البخاري/6058 ومسلم/2526.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن التواضع رفعة، وأن العفو عز، كما في صحيح مسلم بمعناه 2588.
§وتعلمنا من الحديث الصحيح أن ننظر إلى المرأة المؤمنة بعدل وموازنة فإن كرهنا منها خُلقا رضينا منها الآخر، كما في صحيح مسلم/1469.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أنه ليس لأي أحد الاعتداء على المال الشخصي المكتسب من الحلال، ومتى حصل الاعتداء فإن المدافعة عن المال شرف وكرامة ولو قُتِل المرء وهو يدافع عنه فإنه شهيد، كما في البخاري/2480 ومسلم/141.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن المؤمن لاينبغي أن يكون مغفلا ملعوبا عليه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، كما في البخاري/6133 ومسلم/2998: (لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)
لاحظ معي أنه لم يقل : لايلدغ القائد أو لا يلدغ الذكي! بل قال: لايلدغ المؤمن!
§تعلمنا من الحديث الصحيح حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الفرد تجاه ما يحصل من تجاوزات في المجتمع (كائناً من كان هذا المتجاوز) .. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)رواه البخاري/2439.
الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّه هو الذي يأمر بالخير وينهى عن الشر.
اسْتَهَمُوا يعني اقترعوا، أي عملوا بينهم قرعة ليتقسموا أعلى السفينة وأسفلها.
وهذا حديث يصور المجتمع بالسفينة الواحدة التي لا تسلم وتبلغ هدفها إلا بالتعاون على المحافظة عليها، والتعاونِ على منع أصحاب الأهواء الشخصية من إغراقها -بغباء- لتحقيق مصالحهم التي تعميهم عن النظر في مصلحة المجتمع بأسره.
§تعلمنا من الحديث الصحيح الحرص على حسن المظهر فــــ(إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ)صحيح مسلم/91.
وعلى حُسن رائحة الفم، فــــ(السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)رواه النسائي-5.
§تعلمنا من الحديث الصحيح: إحسان الظن فــــــ(الظَّنُّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ) كما في البخاري/5143. وتعلمنا حمل أمور الناس على الظاهر وعدم الدخول في تحليل النوايا (أَشَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟).
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن للمرأة المسلمة من المكانة ما استحقت لأجلها ألاَّ يترك النبي صلى الله عليه وسلم اجتماع أكبر عدد من الناس في حياته أمامه في الحج حتى ينادي بهم في خطبته (اِتَّقُوا اللَّهَ فيِ النِّسَاءِ)صحيح مسلم/1218.
§تعلمنا من الحديث الصحيح مراعاة المشاعر (فَلَا يَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ)صحيح البخاري/6290.
§تعلمنا من الحديث الصحيح بث روح الأمل والعمل الصالح أمام المخطئ ليعوض ما فاته، كما فعل النبيﷺ مع من صدرت منه القُبلة الآثمة فخاطبه بقول الله (إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)صحيح البخاري/4687.
§تعلمنا من الحديث الصحيح مكانة الوالدين، ومنزلة الأرحام، وحق الجار، بل والوفاء لأصدقاء الأب بعد موته كما في الحديث الصحيح (إِنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ صِلَةُ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ) صحيح مسلم/2552.
§تعلمنا من الحديث أن الحياء من خير الصفات التي من الممكن أن تكون في الإنسان، ولكن في المقابل لا يَحْسُنُ أن تمنع هذه الصفةُ صاحبها من قول الحق والقيامِ والصدعِ به، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان(أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا) كما في البخاري/3562، ومع ذلك فقد صعد على الصفا أمام قريش صادعا بالحق قائلاً (إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) كما في صحيح البخاري/4770 ولم يترك نادياً من نواديهم لم يَدْعُ فيه إلى سبيل ربه.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن (شَرَّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ) رواه أبو داود/2511، فالشح الهالع يمنعه من إخراج ماله وإنفاقه ويصيبه بالجزع إن خرج شيء من ماله.
والهَلَعُ: الجزع،
والجُبْنُ الخَالِعُ: هو الذي كأنه يخلع قلب صاحبه من ضعفه وخوره فيمنعه من القيام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله.
لن يفي هذا المقام المختصر بعُشر ما يمكن أن نتعلم (أفراداً ومجتمعات) من الحديث النبوي، من قواعد في الفكر والمنهج والمفاهيم والأحكام والآداب والأخلاق..
كم نحرم أنفسنا من هذه الإصلاحات الهائلة الموجودة في الحديث النبوي؟
إذا كان الانشغال بالتساؤلات المذكورة في أول المقال هو نصيبنا من السنة فحُق لنا ألا نستفيد منها وألا تؤثر على قِيَمِنا وآدابنا.
أما إذا ارتقينا، وكانت تساؤلاتنا كالتالي:
كيف نستخرج القِيَم التي تُصلح الأفراد والمُجتمعات من الحديث النبوي؟
وما الكتب التي اعتنت بهذه المجالات؟
وكيف نُفعّل دور الحديث النبوي في مجتمعنا؟
كيف نجعل معرفة القِيَم الموجودة في الحديث النبوي أمراً سهلا في متناول الفرد العادي؟
وكيف نرسم منهجاً أخلاقياً كاملاً مستفاداً من الحديث النبوي يدرسه طلابنا في مدارسهم وفي مساجدهم؟
إذا كانت هذه تساؤلاتنا، وهذه همومنا، فنِعم الأمة نحن التي قدّرت ميراث نبيها، وأوصلت آدابه للناس، وحببّت كلامه لهم، واتّبعَتْه حق الاتباع، وحُق لها بعد ذلك أن تكون رائدة الأمم، والأعلى بين العالمين.
انظر: كامل الصورة (1 /23-29)
أ. أحمد بن يوسف السيد
هل كل ما في صحيح البخاري صحيح؟
هل استطاعت السلطة السياسية الأموية أو العباسية إدخال شيء في الأحاديث على غفلة من المحدثين؟
هل الأحاديث تفيد اليقين؟
هل السنة مصدر مستقل في التشريع الإسلامي؟
هذه الأسئلة وغيرها ينشغل بها كثير من المثقفين والشباب تجاه قضايا السنة والحديث، وتنحصر دائرة اهتمامهم في شأن السنة بمثل هذه التساؤلات... وبعيدا عن الجدل الدائر حولها دعونا ننظر من جانب آخر.
وهو: ماذا يمكن أن يقدم الحديث النبوي من إصلاحات جذرية في السلوك الإنساني؟!
ماذا يُقدم من منطلقات قِيَميّة للفرد والمجتمع؟
كيف يصورالحديث النبوي أثر الإيمان على السلوك؟
هل الأحاديث النبوية تنحصر في الأحكام الفقهية والترغيب والترهيب، أم أنها عقد متكامل ينتظم فيه العبادة والفِكر والاعتقاد والسلوك والترغيب والترهيب والفقه والسياسة؟
رافقوني في هذه الرحلة القصيرة تحت شعار "تعلّمْنا من الحديث الصحيح" لِنَرى المستوى القِيَمي المُبهر الذي تقدمه الأحاديث -لو التزمنا بما فيها- ونرى التركيز الكبير في الحديث النبوي على أثر الإيمان "السلوكي" وأنه المحك الحقيقي في الإيمان، ونشهد الخسارة الكبيرة التي ننالنا حين يكون نصيبنا من السنة سؤالات الاستفهام والتقليل!
أما بعد؛
§فقد تعلمنا من الحديث الصحيح أن: (الْمُؤْمِنِ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) رواه الترمذي/2627 وقال: حسن صحيح.
وهنا تنكسر الشعارات وتسقط اللافتات التي يعلقها بعض الناس متظاهرا بالإيمان، إذْ إنّ الإيمان عند حضور ملايين الذهب والفضة يُقاس بقدر الأمانة، وبها فقط.
§وتعلمنا من الحديث الصحيح: (وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهُ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قَالُوا: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) رواه البخاري/6016.
بَوَائِقَهُ شروره.
وبعدَ هذا القَسَمِ النبوي على نفي إيمان مؤذي الجار، هل يبقى شك في أن الإيمان عمل وسلوك؟!
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن (مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ)،كما في صحيحي البخاري/6058 ومسلم/2526.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن التواضع رفعة، وأن العفو عز، كما في صحيح مسلم بمعناه 2588.
§وتعلمنا من الحديث الصحيح أن ننظر إلى المرأة المؤمنة بعدل وموازنة فإن كرهنا منها خُلقا رضينا منها الآخر، كما في صحيح مسلم/1469.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أنه ليس لأي أحد الاعتداء على المال الشخصي المكتسب من الحلال، ومتى حصل الاعتداء فإن المدافعة عن المال شرف وكرامة ولو قُتِل المرء وهو يدافع عنه فإنه شهيد، كما في البخاري/2480 ومسلم/141.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن المؤمن لاينبغي أن يكون مغفلا ملعوبا عليه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، كما في البخاري/6133 ومسلم/2998: (لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)
لاحظ معي أنه لم يقل : لايلدغ القائد أو لا يلدغ الذكي! بل قال: لايلدغ المؤمن!
§تعلمنا من الحديث الصحيح حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الفرد تجاه ما يحصل من تجاوزات في المجتمع (كائناً من كان هذا المتجاوز) .. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)رواه البخاري/2439.
الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّه هو الذي يأمر بالخير وينهى عن الشر.
اسْتَهَمُوا يعني اقترعوا، أي عملوا بينهم قرعة ليتقسموا أعلى السفينة وأسفلها.
وهذا حديث يصور المجتمع بالسفينة الواحدة التي لا تسلم وتبلغ هدفها إلا بالتعاون على المحافظة عليها، والتعاونِ على منع أصحاب الأهواء الشخصية من إغراقها -بغباء- لتحقيق مصالحهم التي تعميهم عن النظر في مصلحة المجتمع بأسره.
§تعلمنا من الحديث الصحيح الحرص على حسن المظهر فــــ(إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ)صحيح مسلم/91.
وعلى حُسن رائحة الفم، فــــ(السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)رواه النسائي-5.
§تعلمنا من الحديث الصحيح: إحسان الظن فــــــ(الظَّنُّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ) كما في البخاري/5143. وتعلمنا حمل أمور الناس على الظاهر وعدم الدخول في تحليل النوايا (أَشَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؟).
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن للمرأة المسلمة من المكانة ما استحقت لأجلها ألاَّ يترك النبي صلى الله عليه وسلم اجتماع أكبر عدد من الناس في حياته أمامه في الحج حتى ينادي بهم في خطبته (اِتَّقُوا اللَّهَ فيِ النِّسَاءِ)صحيح مسلم/1218.
§تعلمنا من الحديث الصحيح مراعاة المشاعر (فَلَا يَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ)صحيح البخاري/6290.
§تعلمنا من الحديث الصحيح بث روح الأمل والعمل الصالح أمام المخطئ ليعوض ما فاته، كما فعل النبيﷺ مع من صدرت منه القُبلة الآثمة فخاطبه بقول الله (إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)صحيح البخاري/4687.
§تعلمنا من الحديث الصحيح مكانة الوالدين، ومنزلة الأرحام، وحق الجار، بل والوفاء لأصدقاء الأب بعد موته كما في الحديث الصحيح (إِنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ صِلَةُ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ) صحيح مسلم/2552.
§تعلمنا من الحديث أن الحياء من خير الصفات التي من الممكن أن تكون في الإنسان، ولكن في المقابل لا يَحْسُنُ أن تمنع هذه الصفةُ صاحبها من قول الحق والقيامِ والصدعِ به، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان(أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا) كما في البخاري/3562، ومع ذلك فقد صعد على الصفا أمام قريش صادعا بالحق قائلاً (إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) كما في صحيح البخاري/4770 ولم يترك نادياً من نواديهم لم يَدْعُ فيه إلى سبيل ربه.
§تعلمنا من الحديث الصحيح أن (شَرَّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ) رواه أبو داود/2511، فالشح الهالع يمنعه من إخراج ماله وإنفاقه ويصيبه بالجزع إن خرج شيء من ماله.
والهَلَعُ: الجزع،
والجُبْنُ الخَالِعُ: هو الذي كأنه يخلع قلب صاحبه من ضعفه وخوره فيمنعه من القيام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله.
لن يفي هذا المقام المختصر بعُشر ما يمكن أن نتعلم (أفراداً ومجتمعات) من الحديث النبوي، من قواعد في الفكر والمنهج والمفاهيم والأحكام والآداب والأخلاق..
كم نحرم أنفسنا من هذه الإصلاحات الهائلة الموجودة في الحديث النبوي؟
إذا كان الانشغال بالتساؤلات المذكورة في أول المقال هو نصيبنا من السنة فحُق لنا ألا نستفيد منها وألا تؤثر على قِيَمِنا وآدابنا.
أما إذا ارتقينا، وكانت تساؤلاتنا كالتالي:
كيف نستخرج القِيَم التي تُصلح الأفراد والمُجتمعات من الحديث النبوي؟
وما الكتب التي اعتنت بهذه المجالات؟
وكيف نُفعّل دور الحديث النبوي في مجتمعنا؟
كيف نجعل معرفة القِيَم الموجودة في الحديث النبوي أمراً سهلا في متناول الفرد العادي؟
وكيف نرسم منهجاً أخلاقياً كاملاً مستفاداً من الحديث النبوي يدرسه طلابنا في مدارسهم وفي مساجدهم؟
إذا كانت هذه تساؤلاتنا، وهذه همومنا، فنِعم الأمة نحن التي قدّرت ميراث نبيها، وأوصلت آدابه للناس، وحببّت كلامه لهم، واتّبعَتْه حق الاتباع، وحُق لها بعد ذلك أن تكون رائدة الأمم، والأعلى بين العالمين.
انظر: كامل الصورة (1 /23-29)