طبقة تراجم المحدِّثات من التابعيات ومروياتهن في الكتب الستة

% تقديــم:

في دجنة من الليل البهيم سطع نور محمد r فأزاح بنوره الوهاج عتمة ذلك الزمان الذي سيطر عليه الشرك والجهل، ودوَّى في الآفاق صوت الحق صدّاحا، فانتعشت به النفوس واهتزت له القلوب، وانحنت له هام الرجال خشوعا وتذللا، وعمرت بالإيمان، فانتشر الإسلام في كل مكان .
ثم انتقل الرسول الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- إلى الرفيق الأعلى، بعد أن أدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
وهكذا استطاع رسولنا الكريم r أن يربي أصحابه تربية قوية مستقيمة فأثمرت بينهم المودة والمحبة حتى صاروا أخوة متحابين، يتسارعون إلى حمل لواء نشر الدين، وتثبيت الرسالةالمحمدية في نفوس الناس، وقد كانوا بعده خير خلف لخير سلف، صدقوا ماعاهدوا الله عليه .
ولم يكن حمل هذه الرسالة الخالدة، والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق وقفا على الرجال، بل كانت المرأة صنو الرجل في هذا المجال أيضاً، تعلمت العلم الشرعي وجاهدت نفسها وقومتها وزكتها، حتى صارت منارًا ينير دربنا على طريق الهدى والرشاد، ومثلا يحتذى في السير على منهج الحق المبين، ولنرتحل الآن إلى أيام العزة، عزة الإسلام ومجده، لنعايش هؤلاء التابعيات، فالرحلة إليهن ممتعة ومثيرة، وفي سيرتنا منهج متكامل للحياة العزيزة الكريمة، فيه العبرة والعظة .
ويشمل هذا الباب حصر تراجم التابعيات المتفق عليهن، والمختلف فيهن ممن لهن رواية في الكتب الستة، حيث تم تتبع تراجمهن في كتب الرجال، والسير، والكتب الخاصة بتراجم النساء إلى جانب الكتب العامة .
والظاهر على هذه التراجم أن غالبها مختصرة ليس فيها تفصيل كاف كحال تراجم غالب الرجال، كما أن جمعاً منهن ليس لهن ترجمة يمكن الاعتماد عليها، مما استدعى تقصي بعض أخبارهن من خلال السند من حيث مصادر تلقيهن للرواية وأدائهن لها .
وقد تضمنت ترجمة كل تابعية -حسب المعلومات المتوفرة- التعريف بها، ويشمل اسمها، وكنيتها، وفضلها، ووفاتها، وحياتها العلمية، وشيوخها، وتلاميذها، وجملة مروياتها، كما يشمل تخريج جميع مرويات التابعيات المتفق عليهن والمختلف فيهن في الكتب الستة، مرتبة على مسانيد التابعيات على النحو التالي:
الفصل الثاني: من عُرفت باسمها من طبقة المحدِّثات من التابعيات .
الفصل الثاني: من عُرفت بكنيتها من طبقة المحدِّثات من التابعيات .
الفصل الثالث: المبهمات من طبقة المحدِّثات من التابعيات .
هذا وقد قمت من خلال استقراء الكتب الستة بجمع مرويات التابعيات ومن ثم تمت مطابقة المرويات بكتاب (تحفة الأشراف) للحافظ المزي، ومطابقة عدد التابعيات، بكتاب (التقريب) للحافظ ابن حجر، وقمت بدراسة أسانيدها دراسة متوسعة على منهج المحدثين، والحكم عليها بما تقتضيه نتائج الدراسة وقد التزمت خلال دراستي بالتالي:
1-مرويات التابعيات في الصحيحين ما دامت متصلة السند، فلم أتعرض لدراسة أسانيدها إلا أني تتبعتها في السنن الأربعة .
2-مرويات التابعيات في السنن الأربعة دون الصحيحين، فقد توسعت في دراسة أسانيدها، والحكم عليها متتبعة بعض الروايات في غالب كتب السنة المتوفرة، وكتب العلل، متتبعة أقوال أئمة الحديث في الحكم على الحديث، وذلك بهدف الوصول إلى الحكم الصحيح والمناسب للروايات .
أما من جهة المتن فقد اكتفت الدراسة بالإشارة إلى بعض الفوائد التربوية والفقهية المستنبطة، مع بيان غريب الحديث .
ولقد اعتمدت الدراسة على نسخة صحيح البخاري تحقيق مصطفى ديب البغا، وعلى نسخة صحيح مسلم تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، وعلى نسخة أبي داود تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد، وعلى نسخة الترمذي تحقيق أحمد شاكر ومحمد عبدالباقي وعلى نسخة النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي، وعلى نسخة ابن ماجة تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي.

المرجع
تراجم طبقة المحدثات من التابعيات ومروياتهن في الكتب الستة
الطبعة الأولى 1427هـ - 2006م
تأليف: د . عالية بنت عبد الله بالطو