شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : أدب الكلمة عند المكيين


ريمة مطهر
10-31-2012, 07:06 PM
أدب الكلمة عند المكيين

إن للمكيين من الآداب والعادات والتقاليد ما تميزهم عن غيرهم ، وكذلك فإن لهم أسالبيهم الأدبية الراقية التي تدل على أدب الكلمة الطيبة والرقيقة اللينة المتفائلة دائماً كقولهم مثلاً للحجر الأسود : الحجر الأسعد ، اشتقاقاً من السعادة وتفاؤلاً بها ، وقد كان هذا الحجر في أصله اأبيض اللون ، وإنما سودته خطايا وذنوب بني آدم كما ورد في الحديث الشريف .
وشتان ما بين السواد والبياض ، وجاء الحديث أيضاً في شأن هذا الحجر ما نقله ابن خزيمة في كتابه الصحيح بلفظ ، قال r : " الحجر الأسود ياقوته بيضاء من ياقوت الجنة " ، وفي الحدث آخر : " إن الحجر الأسود يشهد لمن استلمه وقبله بحق يوم القيامة " ، فبهذه الشهادة يكون الإنسان في غاية الفرح والسعادة ، وهذا ما يقصده أهل مكة الكرم بقولهم ( الأسعد ) إذ لا يليق عندهم بهذا الحجر أن يقال له الأسود ، وهو من حجار الجنة ، وقد وضعه الرسول r بيده الشريفة بل الأسعد ( من باب الأدب ) في الألفاظ والمعاني . وكذلك قولهم للأعمى ( بصير ) تفاؤلاً له بالبصر ، فهو إن فقد بصره الظاهري ، فإنه لم يفقد بصيرته الداخلية فهو بصير بقلبه ، كما قال تعالى : ) فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ( [ الحج : 46 ] .
وهم أيضاً في غاية الأدب مع الله Y ، ثم مع البصير نفسه ومراعاة له في حاله ، ومن كُفّ بصره فقد يكون ممن أراد الله له الخير بأن كفه عن النظر إلى محرم ، وكذلك قولهم لمكان الخلاء أو الحمام - بيت الماء - ، بل وأحسن من هذا يكنوه ( بيت الأدب ) ، فإذا أراد أحدهم قضاء حاجته قال : أنا ذاهب إلى بيت الأدب .
أو قال : أريد إهراق الماء ، إلى غير ذلك من ألفاظ الكنايات الجميلة التي يطلقونها خاصة على ما يشمئز منه ويُستقذر .
ومن آدابهم أيضاً قولهم للأسود : ( يا أبيض ) ، ويرحم الله الطباخ عبد الحميد التكروني نقيب شيخ الطباخين المرحوم حسن جودت ، فقد كان معروفاً بعبد الحميد الأبيض ، ( رحمهم الله ) جميعاً وألحقنا وإياهم بالصالحين .

المرجع
عبد الله محمد أبكر - صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - الجزء الأول - الطبعة الثانية .