شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الصرافة والقلابة في الكتاتيب


ثروت كتبي
01-22-2011, 09:52 PM
الصرافة والقلابة في الكتاتيب


عندما يتم الطالب حفظ القرآن الكريم كاملاً أو بعض الأجزاء منه ودراسة البعض الآخر ، جرت العادة في كتاتيب الحرمين ، أن يقام احتفال كبير بهذه المناسبة السعيدة ، يحضره جميع الطلاب في الكتاب . ويقيم والد الطفل حفل شاي أو وليمة يدعو لها جميع طلاب الكتاب وأستاذهم .
وفي صباح يوم الاحتفال ، يجتمع الطلاب في الكتاب ، وقد لبس كل واحد منهم أحسن ملابسه ، أما الطالب المحتفى به ، فإنه يلبس ثوباً جديداً ، كما يلبس معلم الكتاب الجبة والعمامة ، ثم يخرج الجميع من الكتاب يتقدمهم معلم الكتاب ، وخلفه الطالب الذي حفظ القرآن أو بعضه ، ومن حوله بقية طلاب الكتاب ويسيرون عبر شوارع المدينة في جولة قصيرة – وذلك للتعبير عن مدى الفرحة والبهجة لدى الطالب وأسرته بهذا النجاح العظيم – وهذا الاحتفال في الواقع يشبه احتفالات التخرج في وقتنا الحاضر .
وتختلف مظاهر التعبير عن هذه الفرحة من أسرة إلى أخرى ، ومن مدينة إلى أخرى في مدن المنطقة ، فمثلاً نجد أن بعض الأسر الغنية تجهز لابنها الحافظ جواداً زينت جوانبه بالحرير والقصب ، يمتطيه الطالب الحافظ ويسير به في مقدمة زملائه من الطلاب ، وأحيناً يتم تجهيز جواد آخر لأستاذه ، وتحف بهم الخدم يحملون الطبول ، ويردد جميع الطلاب الأناشيد والأهازيج الجميلة الخاصة بهذه المناسبة السعيدة ن يتجولون في طول المدينة وعرضها حتى ينتهى بهم المطاف عند منزل والد الطالب المحتفى به ، وهنالك يستقبلون بالأهازيج والزغاريد من النساء . في حين نجد أن بعض الاحتفالات في مثل هذه المناسبة تكون مختصرة جداً ، فيكتفى بأن يسير الطلاب على أقدامهم ، من الكتاب وحتى منزل ولي أمر الطالب المحتفى به ، ويستخدمون في الوصول إلى ذلك أقصر الطرق الموصلة له ، خاصة إذا كان الطالب قد حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم ولم يحفظه كله . وعند باب منزل والد الطالب الحافظ يستقبلهم والده أو ولي أمره معه بعض أفراد أسرته ويدخلهم على الدار ، وبعد تقديم المرطبات يستمع الجميع إلى بعض التلاوة من القرآن الكريم من الطالب الذي حفظ القرآن ، ثم يتوجه الجميع إلى موائد الطعام ، أو تقدم لهم الحلوى التي أعدت خصيصاً لهذه المناسبة ، ويقدم ولي أمر الطالب هدية قيمة لمعلم الكتاب مع كسوة جديدة ، ثم ينصرف الجميع بنفس الحفاوة والترحيب اللذان استقبلوا بهما .
ويضيف الأستاذ محمد علي مغربي أن مثل هذه الاحتفالات تعمل أيضاً للطالبات فيقول : "فإذا وصلت البنت (في جدة) إلى سورة الضحى عملت لها (الصرافة) وهي عبارة عن حفلة تخرج فيها الفقيهة .. ومعها البنات تتقدمهن البنت المتخرجة إن صح هذا التعبير وهي تحمل اللوح ، وقد كتب عليه سورة الضحى ، فيسرن إلى بيت أهل الطفلة الذين يستعدون لهذه المناسبة باستدعاء الأهل والصديقات والجارات ، فإذا وصل الموكب أجلست الفقيهة البنت أمام الحاضرات وأمرتها بقراءة السورة ، فتقرأها في اللوح ، فترتفع الزغاريد وتوزع الحلوى على الحاضرات ويوزع النبات على البنات ، ثم تبقى الفقيهة لتناول الطعام لدى أهل البنت المتخرجة ، ولا تخرج غلا وقد أتحفت بمبلغ محترم من النقود من والدة البنت والنقوط ، من أهلها ، وربما أعطيت بدلة كاملة لاجتهادها في تعليم البنت ، وغيصالها إلى هذا الحد العظيم من العلم ، أما إذا أتمت البنت جزء عم فإن الحفلة تكون أكبر وتسمى (القلابة) وهي بنفس الترتيب السابق ، ولا بقاء للبنت في بيت الفقيهة بعد القلابة ، لانها يجب أن تتعلم بعد ذلك علوماً أخرى .
وهذه الاحتفالات تمثل في نظر ولي أمر الطالب أو الطالبة وفي نظر المجتمع الشهادة التي تمنحها المدارس الحديثة حيث إن الطالب أو الطالبة بعد تخرجهما من الكتاب لا يحصل أي منهما على شهادة تخرج من الكتاب .


المرجع

الكتاتيب في الحرمين الشريفين وما حولهما ، د.عبد اللطيف عبد الله بن دهيش ، بتصريف