سلسبيل كتبي
02-07-2011, 03:44 PM
وادي رانوناء .. المدينة المنورة
هضاب بهذا السد بالصلد كلها *** على كل واديها جنان من الأرض
وإن الغواني لا يزلن يردنه *** وكل فنى سمح سجيته غض
عثرت على هذين البيتين منقورين – بخط قديم – في صخرة سوداء ملساء عظيمة جداً بقرب السدود التي بوادي رانوناء على يسار الذاهب إليها من قباء .. وقد وقفت مع بعض الإخوان أمام تلك الصخرة في منتصف النهار القائظ تحت شعاع الشمس المحرق زهاء نصف ساعة بالصورة المرفقة آنفاً . ولا أزال ألاحظ اضطراباً لفظياً ومعنوياً في كلمة ( كلها ) في البيت الأول ، فلعل قراءتها هكذا غير صحيحة .
وأسلوب البيتين الجزل ينم عن كونهما مما قيل في صدر الإسلام . وإننا لنقدر لهذا الشاعر ما قام به من تسجيل هذا الصك التاريخي الحافل بذكريات رائعة عن دور حياة ناضرة من أدوار هذا الوادي .. ضرب عنه المؤرخون صفحاً ، وأعرضوا عنه إعراضاً كلياً ... وهكذا نرى الشعراء في بعض الأحيان يقومون بدور المؤرخين ، بمثل هذا الأسلوب الشعري الإجمالي الأخاذ الخالد .
يريد الشاعر أن يُطلعنا – نحن الأجيال القادمة بالنسبة لزمنه – على أن هذا الوادي لم يكن كما نراه اليوم ، أجرد قاحلاً كئيباً يملأ منظره النفس بالكآبة .
لقد كان في عصره زاخراً بالرياض النضرة ، مرتعاً للظباء الأوانس ، ومسرحاً للفتيان الأجواد . يقصده النوعان بكرةً وعشياً للتنزه في مروجه الخُضر ، والتمتع بجماله الجذاب ، والتفسح بين جنانه الزاهرة .
ويُخيل إلينا أن الشاعر حينما ارتسم في ذهنه الصافي المشرق جمال منظر هذا الوادي ، ومن يجُوس خلاله – أبت قريحته الخصبة إلا أن تجود بالبيتين المذكورين . وأبى ذوقه المرهف وسمو مداركه إلا أن ينقضهما بيده ، على هذه الصخرة الملساء الكبيرة . وقلنا إن ناظمهما هو راقمهما استنتاجاً من وجود اسم تحتهما ، ولرداءة خطهما كخط أغلب الشعراء البارعين .
والشعر الجميل والخط الجميل فنان ليسا بمتلازمين دائماً ، فكم ذي خط جميل لا يجيد قرض بيت من الشعر ، وكم شاعر بارع في شعره لا يحسن الخط .
هضاب بهذا السد بالصلد كلها *** على كل واديها جنان من الأرض
وإن الغواني لا يزلن يردنه *** وكل فنى سمح سجيته غض
عثرت على هذين البيتين منقورين – بخط قديم – في صخرة سوداء ملساء عظيمة جداً بقرب السدود التي بوادي رانوناء على يسار الذاهب إليها من قباء .. وقد وقفت مع بعض الإخوان أمام تلك الصخرة في منتصف النهار القائظ تحت شعاع الشمس المحرق زهاء نصف ساعة بالصورة المرفقة آنفاً . ولا أزال ألاحظ اضطراباً لفظياً ومعنوياً في كلمة ( كلها ) في البيت الأول ، فلعل قراءتها هكذا غير صحيحة .
وأسلوب البيتين الجزل ينم عن كونهما مما قيل في صدر الإسلام . وإننا لنقدر لهذا الشاعر ما قام به من تسجيل هذا الصك التاريخي الحافل بذكريات رائعة عن دور حياة ناضرة من أدوار هذا الوادي .. ضرب عنه المؤرخون صفحاً ، وأعرضوا عنه إعراضاً كلياً ... وهكذا نرى الشعراء في بعض الأحيان يقومون بدور المؤرخين ، بمثل هذا الأسلوب الشعري الإجمالي الأخاذ الخالد .
يريد الشاعر أن يُطلعنا – نحن الأجيال القادمة بالنسبة لزمنه – على أن هذا الوادي لم يكن كما نراه اليوم ، أجرد قاحلاً كئيباً يملأ منظره النفس بالكآبة .
لقد كان في عصره زاخراً بالرياض النضرة ، مرتعاً للظباء الأوانس ، ومسرحاً للفتيان الأجواد . يقصده النوعان بكرةً وعشياً للتنزه في مروجه الخُضر ، والتمتع بجماله الجذاب ، والتفسح بين جنانه الزاهرة .
ويُخيل إلينا أن الشاعر حينما ارتسم في ذهنه الصافي المشرق جمال منظر هذا الوادي ، ومن يجُوس خلاله – أبت قريحته الخصبة إلا أن تجود بالبيتين المذكورين . وأبى ذوقه المرهف وسمو مداركه إلا أن ينقضهما بيده ، على هذه الصخرة الملساء الكبيرة . وقلنا إن ناظمهما هو راقمهما استنتاجاً من وجود اسم تحتهما ، ولرداءة خطهما كخط أغلب الشعراء البارعين .
والشعر الجميل والخط الجميل فنان ليسا بمتلازمين دائماً ، فكم ذي خط جميل لا يجيد قرض بيت من الشعر ، وكم شاعر بارع في شعره لا يحسن الخط .