شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الكتاتيب في مكة المكرمة بعد فتحها وحتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري


ثروت كتبي
09-27-2011, 08:20 PM
الكتاتيب في مكة المكرمة بعد فتحها وحتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري

إن مكة المكرمة منذ فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى آخر العهد العثماني مرت بفترات وأحوال اقتصادية وسياسية واجتماعية مختلفة (وبما أن التعليم ظاهرة اجتماعية يخضع كغيره من الظواهر الاجتماعية لقوانين الحياة من النمو والازدهار والتراجع والموت) .
فالتعليم بمكة المكرمة تأثر بهذه النواحي فيرتفع مستواه حيناً وينخفض حيناً آخر حسب تأثره بالأحوال التي تمر عليه وحسب اهتمام الأمراء والولاة والأفراد به .
ومكة المكرمة بحكم مكانتها الإسلامية الرفيعة ، ووجود بيت الله الحرام فيها ، مهوى أفئدة المسلمين ، وبسبب ما أصاب العالم الإسلامي خلال هذه الفترة من مصائب ونكبات وغزو ، وفد إليها كثير من علماء المسلمين في الدين واللغة العربية وغيرها من العلوم ن فاتخذوا المسجد الحرام مكانا لنشر ثقافتهم وعلومهم فيه .
هذا بالإضافة على العلماء المكيين – ونتيجة لذلك كان الاهتمام بالكتاتيب والمؤسسات التعليمية الأخرى قليلاً نسبيا .
مع هذا كان بعض هؤلاء المهاجرين قد اتخذوا بعض المساجد وسيلة للارتزاق والأجر ، وذلك عن طريق تعليم الأطفال القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة ن بالإضافة على انتشار الكتاتيب في الأحياء .
وحسب اطلاعي لم أقف على مرجع تكلم عن أنظمة الكتاتيب في مكة المكرمة خلال هذه الفترة ، ولكن نظام الكتاتيب بصورة عامة في الوطن الإسلامي وعلى مر العصور لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض فإنك قد تدخل الكتاتيب في القرن الرابع فلا تجد فيها فارقا عن الكتاتيب في القرن الرابع عشر إلا في أمور شكلية .

ثروت كتبي
09-27-2011, 08:22 PM
وفيما يلي وصف لأنظمة الكتاتيب والإشراف عليها في القرن الرابع الهجري

لقد وصف القابسي (وهو : أبو الحسن علي محمد بن خلف) تنظيم الكتاتيب والإشراف عليها في القرن الرابع الهجري فقال : (يقوم بالتعليم في الكتاب معلم ، وهو الذي يستأجر الكتاب ، ويتخذه مكاناً للتعليم ، وقد يشترك معلمان أو أكثر في التعلم بالكتاب اذا كان عدد الصبيان كثيراً ، ولكن الغالب أنه معلم واحد ، وليس للحاكم سلطان على هذه الكتاتيب فهو لا ينشئها ، ولا يشرف على سير التعليم فيها ولا شأن له بها ، وانما يفتتح المعلمون الكتاتيب من تلقاء أنفسهم ، ويدفع إليهم الآباء بأبنائهم حسب رغبتهم ويتلقى الصبيان التعليم فيه نظير أجر يدفعونه على المعلم .. ، وليس الكتاب دارا كبيرة فيها فصول .. وإنما هو مكان متواضع ، يتسع لهذا العدد من الصبيان الذي يشرف عليهم معلم واحد ، قد يكون حانوتا ، وقد يكون بضع حجرات في منزل ، ويذهب الصبي مبكرا إلى الكتاب ، فيبدأ بحفظ القرآن الكريم ثم يتعلم الكتابة ن وعند الظهر يعود إلى المنزل لتناول الغداء ، ثم يرجع بعد الظهر ويظل حتى آخر النهار ، وبطالة (عطلة) الصبيان من بعد ظهر يوم الخميس ويوم الجمعة ثم يعودون صباح يوم السبت ، ويتعلم الصبي مدة دراسته التي قد تستمر إلى وقت البلوغ أو بعده بقليل القرآن الكريم والكتابة والنحو واللغة العربية ، وقد يتعلم الحساب والشعر وأخبار العرب .... ، ولكل صبي لوح يكتب فيه ويثبت فيه ما يريد أن يحفظه ، ثم يمحوه ليكتب شيئا جديدا .. فإذا أخطأ الصبي في الكتابة والهجاء والحفظ ، أو أهمل أو انصرف إلى اللعب والعبث دون الدرس والعلم ، أو هرب من الكتاب ، عاقبه المعلم وإذا أتم الصبي مرحلة التعليم في الكتاب ، جاز امتحانا فيما حفظ من القرآن الكريم والكتابة .
هذه بعض أنظمة الكتاتيب في الماضي ، قد لا نجد بينها وبين أنظمة الكتاتيب التي ظهرت في مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري اختلافاً كبيراً كما سيأتي الحديث عنها .

المرجع
تاريخ الكتاتيب والمدارس الأهلية بمكة المكرمة
تأليف
فيصل بن عبد الله مقادمي