جمانة كتبي
09-23-2011, 05:32 PM
هل سأقضي عمري في حل المشاكل ؟
يروى أنه في الأيام الأولى لتولي محمد الفاتح – رحمه الله – الخلافة بعد موت أبيه ، ثارت المشاكل في وجهه ، وكان صغير السن ، لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره ، وظن الناس أنهم يستطيعون التلاعب به . فبدأ الولاة في إثارة المشاكل رغبةً في الاستقلال فكانوا يجسون النبض ليروا قدرة الخليفة الجديد على ضبط الأمور .
وبدأ جيران الدولة وأعدائها في الخارج يثيرون الزوابع ليروا إن كان قد حان الوقت ليقتطعوا بعض الأجزاء من الدولة العثمانية ويضموها إلى دولهم أم لا . وبعض المشاكل أثارها ضعاف النفوس ممَن يرغبون في الحصول على عطايا ومنح السلطان ، وغيرها الكثير .
وكان السلطان يناقش هذه المسائل مع وزيره باستمرار ، وفي إحدى جلسات النقاش الحامية اقترح الوزير على السلطان أن تُرتب هذه المشاكل حسب أولويتها كي يشرع السلطان في معالجتها واحدة تلو الأخرى .
هنا قال السلطان كلمة شديدة القوة والعجب ، قال : وهل سأقضي عمري كله في حل المشاكل ، أعطوني خرائط القسطنطينية ، الحصن الذي قهر كثير من الملوك والسلاطين . وبدأ بالفعل في تجهيز الأمة لهذه الغاية النبيلة ، وتحقق الحلم ، وتبخرت مشاكله الآنية أمام تيار عزمه وهدفه الكبير .
ومن هذا الموقف نتعلم أن الهدف الكبير يقضي على المشكلات الصغيرة .. والغاية النبية تسحق ترهات الأيام .. والعظمة تجلب معها جيشاً يأسر دناءة الهمة ، وصغر الطموح ، ومشاكل الحياة العادية .
وهذه سنة كونية ، فبقدر الطموح يهب الله القوة والقدرة ، فإذا ما ارتضى المرء منا لنفسه أن يكون كبيراً فسيهب الله له عزيمة الأبطال ، وقوة البواسل ، وستُسحق المصاعب والتافهة من تلقاء نفسها تحت قدم همته العالية
أما الغارق في السفاسف فهمته همة فأر ، يضح نومه صدى هنا ، أو طرقة هناك . وتأسره مصيدة تافه تحوي قطعة جبن فاسدة .
المصدر : كتاب [ أفكار صغيرة لحياة كبيرة / كريم الشاذلي ] .
يروى أنه في الأيام الأولى لتولي محمد الفاتح – رحمه الله – الخلافة بعد موت أبيه ، ثارت المشاكل في وجهه ، وكان صغير السن ، لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره ، وظن الناس أنهم يستطيعون التلاعب به . فبدأ الولاة في إثارة المشاكل رغبةً في الاستقلال فكانوا يجسون النبض ليروا قدرة الخليفة الجديد على ضبط الأمور .
وبدأ جيران الدولة وأعدائها في الخارج يثيرون الزوابع ليروا إن كان قد حان الوقت ليقتطعوا بعض الأجزاء من الدولة العثمانية ويضموها إلى دولهم أم لا . وبعض المشاكل أثارها ضعاف النفوس ممَن يرغبون في الحصول على عطايا ومنح السلطان ، وغيرها الكثير .
وكان السلطان يناقش هذه المسائل مع وزيره باستمرار ، وفي إحدى جلسات النقاش الحامية اقترح الوزير على السلطان أن تُرتب هذه المشاكل حسب أولويتها كي يشرع السلطان في معالجتها واحدة تلو الأخرى .
هنا قال السلطان كلمة شديدة القوة والعجب ، قال : وهل سأقضي عمري كله في حل المشاكل ، أعطوني خرائط القسطنطينية ، الحصن الذي قهر كثير من الملوك والسلاطين . وبدأ بالفعل في تجهيز الأمة لهذه الغاية النبيلة ، وتحقق الحلم ، وتبخرت مشاكله الآنية أمام تيار عزمه وهدفه الكبير .
ومن هذا الموقف نتعلم أن الهدف الكبير يقضي على المشكلات الصغيرة .. والغاية النبية تسحق ترهات الأيام .. والعظمة تجلب معها جيشاً يأسر دناءة الهمة ، وصغر الطموح ، ومشاكل الحياة العادية .
وهذه سنة كونية ، فبقدر الطموح يهب الله القوة والقدرة ، فإذا ما ارتضى المرء منا لنفسه أن يكون كبيراً فسيهب الله له عزيمة الأبطال ، وقوة البواسل ، وستُسحق المصاعب والتافهة من تلقاء نفسها تحت قدم همته العالية
أما الغارق في السفاسف فهمته همة فأر ، يضح نومه صدى هنا ، أو طرقة هناك . وتأسره مصيدة تافه تحوي قطعة جبن فاسدة .
المصدر : كتاب [ أفكار صغيرة لحياة كبيرة / كريم الشاذلي ] .