ريمة مطهر
09-02-2011, 09:47 PM
في ذكر النساء الصالحات
إيشاع بنت فاقوذا
هي زوجة زكريا عليه السلام وأخت حنة أم مريم عليها السلام بنت عمران ، تزوجها زكريا عليه السلام ولم تحمل منه وكانت عاقراً ، وبلغت من العمر كثيراً حتى انقطع حيضها ، وكانت أكبر من أختها حنة ، وقيل أصغر منها .
ذكر في " المعالم " في تفسير سورة " كهيعص " قوله تعالى : ( قال ربِّ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً ) أي قال زكريا : عودتني الإجابة فيما مضى ، وقوله تعالى : ( وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً ) أي : ابناً ، وقوله تعالى : ( يرثني ويرث آل يعقوب .. ) قال الحسن : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة لأن زكريا عليه السلام كان نبياً مرسلاً ، ورأس الأحبار . وقوله تعالى : ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى .. ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه لم تلد العواقر مثله . وقوله تعالى : ( قال رب اجعل لي آية .. ) أي دلالة على حمل امرأتي ، لأنها عاقر وقد كبرت وأسنت قال تعالى : ( آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ) أي : صحيحاً سليماً من غير بأس ولا خرس ، وكان الناس ينتظرون خروجه من وراء المحراب ، فخرج عليهم متغيراً لونه ، فأنكروه وقالوا له : ما لك ? فكتب لهم في الأرض ( .. أن سبحوا بكرة وعشياً ... ) لأنه كان يخرج عليهم بكرة وعشياً ، فلما كان وقت حمل امرأته إنشاع ومنع من الكلام خرج إليهم وأمرهم بالصلاة [ إشارة ] ، ولما تم حملها ولدت يحيى عليه السلام ولما صار له من العمر ثلاث سنين أتاه الله الحكم صبياً ، قرأ التوراة وهو صغير وذكر في " تاريخ ابن الوردي ": أن إيشاع ولدت يحيى عليه السلام قبل ما ولدت مريم عليها السلام عيسى بستة أشهر ، فكان مولد يحيى سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الاسكندر ، ولهبوط آدم عليه السلام خمسة آلاف ، وخمسمائة وأربع وثمانين .
وكان لهردوس حاكم اليهود بنت أخ ، فأراد أن يتزوجها حسبما هو جائز في دين اليهود ، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك ، فطلبت أم البنت من هردوس قتل يحيى فامتنع ، فعاودته هي والبنت وألحت عليه ، فأمر بذبح يحيى عليه السلام فذبح لديهما قبل رفع المسيح بمدة يسيرة .
وذكر في " تاريخ الدول " : ولد يحيى قبل عيسى بستة أشهر ، ونبئ وهو صغير ، وكان لليهود ملكاً اسمه آجب ، وقيل : هردوس ، وكان يكرم يحيى ، وكان يحب بنت أخيه . وقيل : بنت زوجته ، فشاور يحيى بأن يتزوجها ، فمنعه ، فبلغ [ منعه ] أم البنت ، فعمدت حين جلس هردوس للشرب وزينت بنتها وأرسلتها إلى هردوس لتسقيه الخمر ، فإذا راودها تأبى حتى يعطيها رأس يحيى في طشت ، ففعلت ، ولما راودها أبت وطلبنا منه ذلك ، فبعث الملعون إلى يحيى ، وهو يصلي في محراب داود عليه السلام فذبحوه وحملوا رأسه في طشت ، وأدخلوه على هردوس ، والرأس يتكلم ويقول : لا تحل لك ، ووضعوه قدام تلك العاهرة ، ثم أمر هردوس بدفنه ، والدم يغلي منه ويفور ، فوضعوه في حفرة ، في دار هردوس .
ثم خسف الله بهردوس وزوجته وبنتها العاهرة ، وذلك سنة خمسة آلاف وستمائة وأربع عشرة .
وذلك الذبح قبل رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ، واستمر الدم يغلي ويفور ثلاثة وأربعين سنة ، حتى سلط الله على اليهود طيطرس ، وقيل : بخت نصر ، وقتل اليهود وخرب بيت المقدس ، وقد قتل من اليهود نحو سبعين ألفاً فعند ذلك أهبط الدم الذي كان يفور من رأس يحيى ، وماتت أمه إيشاع قبل ذبحه بسنين ، ودفنت في بيت المقدس ، وقد أسنت ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وذكر في " الإتقان " يحيى أول من سمي بنص القرآن ، ولد قبل عيسى بستة أشهر ، ونبئ صغيراً ، وقتل ظلماً ، وسلط الله على قاتله ، بخت نصر وجيوشه ، وإنما سمي يحيى لأنه أحياه الله بالإيمان وقيل : أنه أحيا به رحم أمه ، وقيل : لأنه استشهد والشهداء أحياء ، وقيل : معناه يموت ، كقولهم المفازة للمهلكة ، والسليم للديغ .
وذكر في " كشف الأسرار " قوله : لم أعطاه الحكم صبياً ? قال : لأن أباه قال : ( واجعله رب رضياً ) فأكرمه في أول الحال بالحكمة ليكون مرضياً من أول عمره إلى آخره ، وأكرمه بالحكمة في صباه ليعتاد الصلاح ، لأن النفس ما عودتها به تتعود [ عليه ] ، لأنه كان فيه ثلاثة أشياء وهي : قوله تعالى : ( .. وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين .. ) وأما تلك الحكمة : فإن الله أكرم أربعة من الصبيان بأربعة أشياء : يوسف بالوحي في الجب ، وعيسى بالنطق في المهد ، وسليمان بالفهم ، ويحيى بالكلمة . فإن قيل : لم ابتلاه الله بالقتل ? قيل : لأنه ليس في الدنيا درجة بعد النبوة أبلغ من الشهادة ، فأكرمه الله بها .
انتهى والله أعلم .
المرجع
الروضة الفيحاء في أعلام النساء – ابن الخطيب العمري
إيشاع بنت فاقوذا
هي زوجة زكريا عليه السلام وأخت حنة أم مريم عليها السلام بنت عمران ، تزوجها زكريا عليه السلام ولم تحمل منه وكانت عاقراً ، وبلغت من العمر كثيراً حتى انقطع حيضها ، وكانت أكبر من أختها حنة ، وقيل أصغر منها .
ذكر في " المعالم " في تفسير سورة " كهيعص " قوله تعالى : ( قال ربِّ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً ) أي قال زكريا : عودتني الإجابة فيما مضى ، وقوله تعالى : ( وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً ) أي : ابناً ، وقوله تعالى : ( يرثني ويرث آل يعقوب .. ) قال الحسن : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة لأن زكريا عليه السلام كان نبياً مرسلاً ، ورأس الأحبار . وقوله تعالى : ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى .. ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه لم تلد العواقر مثله . وقوله تعالى : ( قال رب اجعل لي آية .. ) أي دلالة على حمل امرأتي ، لأنها عاقر وقد كبرت وأسنت قال تعالى : ( آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ) أي : صحيحاً سليماً من غير بأس ولا خرس ، وكان الناس ينتظرون خروجه من وراء المحراب ، فخرج عليهم متغيراً لونه ، فأنكروه وقالوا له : ما لك ? فكتب لهم في الأرض ( .. أن سبحوا بكرة وعشياً ... ) لأنه كان يخرج عليهم بكرة وعشياً ، فلما كان وقت حمل امرأته إنشاع ومنع من الكلام خرج إليهم وأمرهم بالصلاة [ إشارة ] ، ولما تم حملها ولدت يحيى عليه السلام ولما صار له من العمر ثلاث سنين أتاه الله الحكم صبياً ، قرأ التوراة وهو صغير وذكر في " تاريخ ابن الوردي ": أن إيشاع ولدت يحيى عليه السلام قبل ما ولدت مريم عليها السلام عيسى بستة أشهر ، فكان مولد يحيى سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الاسكندر ، ولهبوط آدم عليه السلام خمسة آلاف ، وخمسمائة وأربع وثمانين .
وكان لهردوس حاكم اليهود بنت أخ ، فأراد أن يتزوجها حسبما هو جائز في دين اليهود ، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك ، فطلبت أم البنت من هردوس قتل يحيى فامتنع ، فعاودته هي والبنت وألحت عليه ، فأمر بذبح يحيى عليه السلام فذبح لديهما قبل رفع المسيح بمدة يسيرة .
وذكر في " تاريخ الدول " : ولد يحيى قبل عيسى بستة أشهر ، ونبئ وهو صغير ، وكان لليهود ملكاً اسمه آجب ، وقيل : هردوس ، وكان يكرم يحيى ، وكان يحب بنت أخيه . وقيل : بنت زوجته ، فشاور يحيى بأن يتزوجها ، فمنعه ، فبلغ [ منعه ] أم البنت ، فعمدت حين جلس هردوس للشرب وزينت بنتها وأرسلتها إلى هردوس لتسقيه الخمر ، فإذا راودها تأبى حتى يعطيها رأس يحيى في طشت ، ففعلت ، ولما راودها أبت وطلبنا منه ذلك ، فبعث الملعون إلى يحيى ، وهو يصلي في محراب داود عليه السلام فذبحوه وحملوا رأسه في طشت ، وأدخلوه على هردوس ، والرأس يتكلم ويقول : لا تحل لك ، ووضعوه قدام تلك العاهرة ، ثم أمر هردوس بدفنه ، والدم يغلي منه ويفور ، فوضعوه في حفرة ، في دار هردوس .
ثم خسف الله بهردوس وزوجته وبنتها العاهرة ، وذلك سنة خمسة آلاف وستمائة وأربع عشرة .
وذلك الذبح قبل رفع عيسى عليه السلام إلى السماء ، واستمر الدم يغلي ويفور ثلاثة وأربعين سنة ، حتى سلط الله على اليهود طيطرس ، وقيل : بخت نصر ، وقتل اليهود وخرب بيت المقدس ، وقد قتل من اليهود نحو سبعين ألفاً فعند ذلك أهبط الدم الذي كان يفور من رأس يحيى ، وماتت أمه إيشاع قبل ذبحه بسنين ، ودفنت في بيت المقدس ، وقد أسنت ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وذكر في " الإتقان " يحيى أول من سمي بنص القرآن ، ولد قبل عيسى بستة أشهر ، ونبئ صغيراً ، وقتل ظلماً ، وسلط الله على قاتله ، بخت نصر وجيوشه ، وإنما سمي يحيى لأنه أحياه الله بالإيمان وقيل : أنه أحيا به رحم أمه ، وقيل : لأنه استشهد والشهداء أحياء ، وقيل : معناه يموت ، كقولهم المفازة للمهلكة ، والسليم للديغ .
وذكر في " كشف الأسرار " قوله : لم أعطاه الحكم صبياً ? قال : لأن أباه قال : ( واجعله رب رضياً ) فأكرمه في أول الحال بالحكمة ليكون مرضياً من أول عمره إلى آخره ، وأكرمه بالحكمة في صباه ليعتاد الصلاح ، لأن النفس ما عودتها به تتعود [ عليه ] ، لأنه كان فيه ثلاثة أشياء وهي : قوله تعالى : ( .. وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين .. ) وأما تلك الحكمة : فإن الله أكرم أربعة من الصبيان بأربعة أشياء : يوسف بالوحي في الجب ، وعيسى بالنطق في المهد ، وسليمان بالفهم ، ويحيى بالكلمة . فإن قيل : لم ابتلاه الله بالقتل ? قيل : لأنه ليس في الدنيا درجة بعد النبوة أبلغ من الشهادة ، فأكرمه الله بها .
انتهى والله أعلم .
المرجع
الروضة الفيحاء في أعلام النساء – ابن الخطيب العمري