ريمة مطهر
08-24-2011, 05:42 PM
الباب الخامس والعشرون : إلى الرفيق الأعلى
بدء مرض الرسول r
في شهر رمضان للسنة العاشرة من الهجرة اعتكف رسول عشرين يوماً بينما كان يعتكف عشرة أيام في كل رمضان وتدارس القرآن مع جبريل مرتين وقد كان قال في حجة الوداع : " خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا " وفي أوائل عام 11 للهجرة خرج r إلى أحد فصلى على الشهداء كالمودع .. ثم انصرف إلى المنبر فقال : " إني فرط بكم ، وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، أو مفاتيح الأرض ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكني أخاف عليكم أن تتنافسوا عليها " وقد بدأ مرضه في التاسع والعشرين من شهر صفر للسنة الحادية عشر من الهجرة يوم الاثنين .. حيث أخذه صداع شديد وحرارة شديدة وقد صلى بالناس أحد عشر يوماً وهو مريض .. ومجمل أيام مرضه كانت ثلاث عشر أو أربعة عشر يوماً .. ولما ثقل به المرض أخذ يسأل أزواجه : " أين أنا غداً ؟ أين أنا غداً " ففهمن مراده .. فأذن له الانتقال لبيت عائشة فنقلوه تخط قدماه .. وقضى عندها أخر أسبوع وكانت عائشة تقرأ المعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله r وتنفث عليه وعلى نفسها .
وفي يوم الأربعاء وقبل وفاته بأربعة أيام أغمي عليه من الوجع فقال : " أهريقوا عليّ سبع قرب من آبار شتى ، حتى أخرج للناس فاعهد إليهم " فأقعدوه وصبوا فوقه الماء .. بخفة فدخل المسجد متعطفاً ملحفه وقد عصب رأسه بعمامة ثم قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقال : " لا تتخذوا قبري وثناً يعبد " .
وعرض نفسه للقصاص قائلاً : " من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه " ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع للمنبر وعاد لمقالته فقال رجل : لي عندك ثلاث دراهم . فقال : " أعطه يا فضل " ثم أوصى بالأنصار خيراً ثم قال : " إن عبداً خيّره الله في أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده فاختار ما عنده " ، فبكى أبو بكر ثم قال : " إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لا اتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في السمجد باب إلا سد ، إلا باب أبي بكر " وفي يوم الخميس اشتد به الوجع فقال : " هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده " وكان في البيت رجال منهم عمر فقال عمر : قد غلب عليه الوجع .. عندكم القرآن .. فاختلفوا فقال r : " قوموا عني " .
وقد أوصى في ذاك اليوم بثلاث هي : إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، وأوصى بإجازة الوفود والثالث نسيه الرواي .. ولعله الاعتصام بالكتاب والسنة وتنفيذ جيش أسامة أو هي " الصلاة وما ملكت إيمانكم " .
وقد كان r مع ما به من الوجع يصلى بالناس وعند العشاء ثقل به المرض .. فقال r : " أصلى الناس ؟ " . قالت عائشة : لا يا رسول الله وهم ينتظرونك ؟ قال : " ضعوا لي ماء في المخصب " فاغتسل ولكنه أغمي عليه ثم أفاق فقال : " أصلى الناس ؟ " , ووقع ثانياً وثالثاً ، فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس .. فصلى أبو بكر تلك الأيام بالناس سبع عشرة صلاة في حياته وهي من صلاة العشاء يوم الخميس إلى صلاة الفجر من يوم الإثنين .. وقد راجعت عائشة رضي الله عنها الرسول ثلاثاً أو أربع ليصرف الإمامة عن أبي بكر حتى لا يتشاءم به الناس فأبي وقال : " إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس " وقبل ثلاث أيام من موته قال : " إلا لا يموت أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله " وقبل يومين من موته أحس بخفة فخرج يصلي بين رجلين لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه بألا يتأخر فقال : " أجلساني إلى جنبه " فأجلساه إلى يسار أبي بكر .. فكان أبو بكر بقتدي بصلاة رسول الله r ويسمع الناس التكبير وقبل يوم من وفاته أعتق غلمانه وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده ووهب للمسلمين أسلحته وكانت درعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير ..
وفي صلاة الفجر من يوم الاثنين وبينما المسلمون في صلاة الفجر يؤمهم أبو بكر فاجأهم الرسول r وكف ستر الحجرة ونظر إليهم ، هم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك .. فنكس أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن الرسول r يريد أن يخرج للصلاة ، قال أنس : وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله r فأشار بيده إليهم أن أتموا صلاتكم .. ثم دخل الحجرة وأرخى السترة ولم يأتي بعدها للمسجد .
ولما ارتفع الضحى دعا النبي r ابنته فاطمة فسارها بشيء فبكت ، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت ، قالت عائشة رضي الله عنها فسألت فاطمة فيما بعد فقالت : سارني النبي r أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت .. وبشرها رسول أنها سيدة نساء العالمين .
وعندما رأت فاطمة رضي الله عنها الكرب الذي يتغشى أباها قالت : وأكرب أباه ، فقال لها : " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " ودعا بالحسن والحسين فقبلهما وأوصى بهما خيراً ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن وطفق الوجع يشتد به وقد ظهر أثر السم الذي أطعمته اليهود به في خيبر حتى قال : " يا عائشة ، ما أزال أجد ألم الطعم الذي أكلته في خيبر ، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم " .
وكان آخر ما تكلم به " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقال : " لا يبقين دينان بأرض العرب " وأوصى الناس وقال : " الصلاة .. الصلاة .. وما ملكت أيمانكم " كرر ذلك مراراً وبدأ الاحتضار ، فأسندته عائشة إليها قالت ، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك ، وهو بين نحري وسحري فقلت : آخذه لك .. يعني السواك فأشار بنعم .. فناولته فأشتد عليه , وقلت : ألينه لك .. فأشار بنعم ، فلينته .. وجعل يدخل يديه في الماء ويمسح ويقول : " لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات " وبعد أن فرغ من السواك رفع يده أو إصبعه وشخص بصره نحو السقف وتحركت شفتاه فأصغت عائشة وهو يقول : " مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " .
" اللهم اغفر لي وارحمني ، وألحقني بالرفيق الأعلى ، اللهم الرفيق الأعلى " كررها ثلاثاً ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى .. " إنا لله وإنا إليه راجعون " . وكان ذلك يوم الإنثين 12 ربيع الأول عندما اشتد الضحى .
بدء مرض الرسول r
في شهر رمضان للسنة العاشرة من الهجرة اعتكف رسول عشرين يوماً بينما كان يعتكف عشرة أيام في كل رمضان وتدارس القرآن مع جبريل مرتين وقد كان قال في حجة الوداع : " خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا " وفي أوائل عام 11 للهجرة خرج r إلى أحد فصلى على الشهداء كالمودع .. ثم انصرف إلى المنبر فقال : " إني فرط بكم ، وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، أو مفاتيح الأرض ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكني أخاف عليكم أن تتنافسوا عليها " وقد بدأ مرضه في التاسع والعشرين من شهر صفر للسنة الحادية عشر من الهجرة يوم الاثنين .. حيث أخذه صداع شديد وحرارة شديدة وقد صلى بالناس أحد عشر يوماً وهو مريض .. ومجمل أيام مرضه كانت ثلاث عشر أو أربعة عشر يوماً .. ولما ثقل به المرض أخذ يسأل أزواجه : " أين أنا غداً ؟ أين أنا غداً " ففهمن مراده .. فأذن له الانتقال لبيت عائشة فنقلوه تخط قدماه .. وقضى عندها أخر أسبوع وكانت عائشة تقرأ المعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله r وتنفث عليه وعلى نفسها .
وفي يوم الأربعاء وقبل وفاته بأربعة أيام أغمي عليه من الوجع فقال : " أهريقوا عليّ سبع قرب من آبار شتى ، حتى أخرج للناس فاعهد إليهم " فأقعدوه وصبوا فوقه الماء .. بخفة فدخل المسجد متعطفاً ملحفه وقد عصب رأسه بعمامة ثم قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقال : " لا تتخذوا قبري وثناً يعبد " .
وعرض نفسه للقصاص قائلاً : " من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد منه " ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع للمنبر وعاد لمقالته فقال رجل : لي عندك ثلاث دراهم . فقال : " أعطه يا فضل " ثم أوصى بالأنصار خيراً ثم قال : " إن عبداً خيّره الله في أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده فاختار ما عنده " ، فبكى أبو بكر ثم قال : " إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لا اتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في السمجد باب إلا سد ، إلا باب أبي بكر " وفي يوم الخميس اشتد به الوجع فقال : " هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده " وكان في البيت رجال منهم عمر فقال عمر : قد غلب عليه الوجع .. عندكم القرآن .. فاختلفوا فقال r : " قوموا عني " .
وقد أوصى في ذاك اليوم بثلاث هي : إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، وأوصى بإجازة الوفود والثالث نسيه الرواي .. ولعله الاعتصام بالكتاب والسنة وتنفيذ جيش أسامة أو هي " الصلاة وما ملكت إيمانكم " .
وقد كان r مع ما به من الوجع يصلى بالناس وعند العشاء ثقل به المرض .. فقال r : " أصلى الناس ؟ " . قالت عائشة : لا يا رسول الله وهم ينتظرونك ؟ قال : " ضعوا لي ماء في المخصب " فاغتسل ولكنه أغمي عليه ثم أفاق فقال : " أصلى الناس ؟ " , ووقع ثانياً وثالثاً ، فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس .. فصلى أبو بكر تلك الأيام بالناس سبع عشرة صلاة في حياته وهي من صلاة العشاء يوم الخميس إلى صلاة الفجر من يوم الإثنين .. وقد راجعت عائشة رضي الله عنها الرسول ثلاثاً أو أربع ليصرف الإمامة عن أبي بكر حتى لا يتشاءم به الناس فأبي وقال : " إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس " وقبل ثلاث أيام من موته قال : " إلا لا يموت أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله " وقبل يومين من موته أحس بخفة فخرج يصلي بين رجلين لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه بألا يتأخر فقال : " أجلساني إلى جنبه " فأجلساه إلى يسار أبي بكر .. فكان أبو بكر بقتدي بصلاة رسول الله r ويسمع الناس التكبير وقبل يوم من وفاته أعتق غلمانه وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده ووهب للمسلمين أسلحته وكانت درعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من الشعير ..
وفي صلاة الفجر من يوم الاثنين وبينما المسلمون في صلاة الفجر يؤمهم أبو بكر فاجأهم الرسول r وكف ستر الحجرة ونظر إليهم ، هم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك .. فنكس أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن الرسول r يريد أن يخرج للصلاة ، قال أنس : وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله r فأشار بيده إليهم أن أتموا صلاتكم .. ثم دخل الحجرة وأرخى السترة ولم يأتي بعدها للمسجد .
ولما ارتفع الضحى دعا النبي r ابنته فاطمة فسارها بشيء فبكت ، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت ، قالت عائشة رضي الله عنها فسألت فاطمة فيما بعد فقالت : سارني النبي r أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت .. وبشرها رسول أنها سيدة نساء العالمين .
وعندما رأت فاطمة رضي الله عنها الكرب الذي يتغشى أباها قالت : وأكرب أباه ، فقال لها : " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " ودعا بالحسن والحسين فقبلهما وأوصى بهما خيراً ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن وطفق الوجع يشتد به وقد ظهر أثر السم الذي أطعمته اليهود به في خيبر حتى قال : " يا عائشة ، ما أزال أجد ألم الطعم الذي أكلته في خيبر ، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم " .
وكان آخر ما تكلم به " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وقال : " لا يبقين دينان بأرض العرب " وأوصى الناس وقال : " الصلاة .. الصلاة .. وما ملكت أيمانكم " كرر ذلك مراراً وبدأ الاحتضار ، فأسندته عائشة إليها قالت ، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك ، وهو بين نحري وسحري فقلت : آخذه لك .. يعني السواك فأشار بنعم .. فناولته فأشتد عليه , وقلت : ألينه لك .. فأشار بنعم ، فلينته .. وجعل يدخل يديه في الماء ويمسح ويقول : " لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات " وبعد أن فرغ من السواك رفع يده أو إصبعه وشخص بصره نحو السقف وتحركت شفتاه فأصغت عائشة وهو يقول : " مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " .
" اللهم اغفر لي وارحمني ، وألحقني بالرفيق الأعلى ، اللهم الرفيق الأعلى " كررها ثلاثاً ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى .. " إنا لله وإنا إليه راجعون " . وكان ذلك يوم الإنثين 12 ربيع الأول عندما اشتد الضحى .