مشاهدة النسخة كاملة : حال أهل المدينة .. السيرة النبوية الشريفة
ريمة مطهر
08-11-2011, 11:52 PM
الباب التاسع : حال أهل المدينة
مجتمع جديد
لم تكن الهجرة تعني الفرار من الفتنة فحسب بل كانت تعني تعاوناً على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن ، وقد قابل الرسول r ثلاثة أصناف من الناس في المدينة وهم أصحاب الصفوة من صحابته – رضوان الله عليهم – والمشركون الذين لم يؤمنوا بعد من قبائل المدينة واليهود الذين انحازوا للحجاز بعد الاضطهاد الآشوري والروماني .. وكانت بينهم وبين العرب علاقة زواج ومصاهرة .. وهم بنو قينقاع وبنو النضير ، وبنو قريظة .. وكانوا ينظرون للإسلام بعين الحسد والحقد لأن الرسول r لم يكن من أبناء جنسهم وتقول صفية بنت حيي بن أخطب – رضي الله عنها – أنها سمعت عمها أبا ياسر حين قدم الرسول r وتأكد من الأمر يقول لأبيها : هو .. هو ؟ قال : نعم والله ، قال : أتعرفه وتثبته ، قال : نعم ، قال : فما في نفسك منه ، قال : عداوته والله ما بقيت ، كما أن عبد الله بن سلام كان من علماء اليهود .. فلما قدم على النبي r ألقى أسئلة لا يعلمها إلا نبي .. ولما سمع ردود النبي r علم أنه نبي فأسلم وكانت القبائل خارج المدينة تدين بدين قريش .
ريمة مطهر
08-11-2011, 11:55 PM
بناء المسجد النبوي
أول خطوة خطاها الرسول r هي بناء المسجد النبوي حيث أختار له المكان الذي بركت فيه ناقته فاشتراه من غلامين يتيمين وأسهم بنفسه في بنائه وكان يقول : " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة " .
ويتم بناء المسجد ووضع قبلته نحو المسجد الأقصى وأقيمت حيطانه من اللبن والطين وسقفه من جريد النخل وأعمدته من الجذوع وفرشت أرضه بالرمال والحصباء وله ثلاث أبواب وبنى بجانبه بيوتاً بالحجر واللبن وسقفها الجريد وهي حجرات زوجاته r وبعد تكاملها انتقل من بيت أبي أيوب .. ولم يكن المسجد موضعاً للصلاة بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته وكان قاعدة لجمع الشتات .. وبرلمان لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية .
ومع هذا كان داراً يسكن فيها فقراء المهاجرين الذين ليس لهم دار ولا بنون .. وقد شرع الآذان في بداية الهجرة حيث رآه الصحابي عبد الله بن زيد t في المنام فأقره الرسول r ووافقت رؤياه رؤيا عمر بن الخطاب t .
ريمة مطهر
08-11-2011, 11:58 PM
المؤاخاة بين المسلمين
قام r بعمل من أروع ما يذكره التاريخ حيث عمل على المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك وكانوا تسعين رجلاً نصفهم من الأنصار والنصف الآخر من المهاجرين وقد آخى بينهم على المواساة ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام ، فأنزل الله U قوله تعالى : ]وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ[ ومن هذه الأمثلة أنه r آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع فقال سعد لعبد الرحمن : إني أكثر الأنصار مالاً فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها فأطلقها فإذا انفضت عدتها فتزوجها . فقال عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك ومالك ، أين سوقكم فدلوه .. وهذا يدل على النصحية والحفاوة البالغة التي قابل لها الأنصار إخوانهم المهاجرين من الأنصار ، كما قام r بعقد معاهدة ومؤاخاة بين جميع المسلمين أزاح بها حزازات الجاهلية ونزعات القبائل ، وقد ساهمت هذه المعاهدات في خلق مجتمع إسلامي جديد يتمتع بالخلق الحسن وكان r يتعهدهم بالتربية والتعليم وتزكية النفوس والحث على مكارم الأخلاق ويؤدبهم على المحبة والشرف والعبادة والطاعة .
وكان من أحاديثه r في هذه الفترة : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " ، " ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " ، " ولا يؤمن أحدهم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ، " والمؤمنون كرجل واحد .. إن اشتكت عينيه اشتكى كله " ، " ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخواناً " ، " ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " ، وكان يجعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة ويحثهم على الإنفاق .
وهكذا رفع r معنوياتهم وأدبهم وكان r يتمتع بشخصية القائد الفذ ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال مما جعل النفوس والأفئدة تهوي إليه وما يتكلم بكلمة إلا يبادر صاحبته رضوان الله عليهم إلى امتثالها .
ريمة مطهر
08-12-2011, 12:00 AM
المعاهدة مع اليهود
بعد أن أرسى الرسول r قواعد المجتمع الجديد ، والأمة الإسلامية الجديدة وبدأ تنظيم علاقات المسلمين مع غيرهم لتوفير الأمن والسلام والسعادة للبشرية جمعاء وكان أقرب من يجاورهم من غير المسلمين اليهود فقعد معهم معاهدة ، وبعدها أصبحت المدينة وضواحيها دولة عاصمتها المدينة .. كما عقد معاهدات مع قبائل على حدود المدينة .
المرجع
السيرة النبوية الشريفة مختصر لكتاب : " الرحيق المختوم " لمؤلفه الشيخ / صفي الرحمن المباركفوري
إعداد : عبد الله بن سعيد الزهراني ، الطبعة الأولى ، 1427 هـ – 2006 م