شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : علوم القرآن الكريم


جمانة كتبي
08-09-2011, 01:11 AM
علوم القرآن الكريم



تعريف علوم القرآن:


علوم القرآن مركب إضافي يتكون من كلمتين ( علوم ) و ( القرآن )، والمقام يقتضي أن نعرف كل كلمة وحدها لغة واصطلاحًا، ثم نعقب على ذلك بتعريفهما معا مركبتين تركيبا إضافيًّا، ثم التعريف الاصطلاحي لهما .



تعريف العلوم:


العلوم جمع علم ، والعلم نقيض الجهل، وهو مصدر مرادف للفهم والمعرفة، ويراد به إدراك الشيء بحقيقته أو اليقين، أو هو نور يقذفه الله في القلب.
ويطلق العلم على مجموع مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة، مثل علم النحو، وعلم الطب، وعلم الكيمياء.
ويجمع على ( علوم )، وقد تسمى به المباحث التي تتناول موضوعًا واحدًا مثل: علوم العربية، والعلوم الطبيعية، والعلوم التجريبية.



تعريف القرآن لغة:


اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في لفظ القرآن لكنهم اتفقوا على أنه اسم فليس بفعل ولا حرف. وهذا الاسم شأنه شأن الأسماء في العربية إما أن يكون جامدا أو مشتقا.
فذهب جماعة من العلماء منهم الشافعي إلى أنه اسم جامد غير مهموز قال الشافعي: " وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول: القران اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت، ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ قرآناً، ولكنه اسم للقران مثل التوراة والإنجيل، يَهْمِزُ القران { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ} يَهْمِزُ القرآن " (1) وبه قرأ ابن كثير.
وذهبت طائفة إلى أن هذا الاسم مشتق ثم افترقوا إلى فرقتين:
فقالت فرقة منهم: إن النون أصلية وعلى هذا يكون الاسم مشتقا من مادة ( ق ر ن ) ثم اختلفوا:
1- فقالت طائفة منهم الأشعري (2) : إنه مشتق من قرنت الشيء بالشيء إذا ضممته إليه ومنه قولهم: قرن بين البعيرين إذا جمع بينهما، ومنه سمي الجمع بين الحج والعمرة في إحرام واحد قران.
2- وقالت طائفة منهم الفراء (3) : إنه مشتق من القرائن جمع قرينة لأن آياته يشبه بعضها بعضا.
وقالت فرقة منهم: إن الهمزة أصلية ثم افترقوا أيضا إلى فرقتين:
1- فقالت طائفة منهم اللحياني (4) : إن القرآن مصدر مهموز بوزن الغفران مشتق من قرأ بمعنى تلا، سمي به المقروء تسمية للمفعول بالمصدر، ومنه قوله تعالى: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (5) أي قراءته.
2- وقالت طائفة منهم الزجاج (6) : إنه وصف على وزن فعلان مشتق من القَرْء بمعنى الجمع، ومنه: قرأ الماء في الحوض إذا جمعه.
قال ابن الأثير: "وسمي القرآن قرآنًا؛ لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض، وهو مصدر كالغفران والكفران" (7) .
ولعل الراجح هو ما ذهب إليه اللحياني والزجاج أن الهمزة أصلية وأن لفظ القرآن مهموز وصف أو مصدر، وأما ترك الهمز فيه في بعض القراءات فهو من باب التخفيف ونقل حركتها إلى ما قبلها، وهو كثير شائع، ثم نقل من المصدرية أو الوصفية وجعل علماً كما ذهب إليه محققو الأصوليين (8).
تلكم خلاصة الأقوال في تعريف القرآن لغة.

جمانة كتبي
08-09-2011, 01:52 AM
تعريف القرآن شرعًا:



اختص القرآن الكريم بخصائص كثيرة، ولعل هذه الخصائص سبب الاختلاف في تعريف القرآن بين العلماء، فكل تعريف يذكر خاصية للقرآن يعرف بها لا يذكرها الآخر، ولهذا تعددت التعريفات.
فإذا كان هناك رجل طويل ويلبس ثوبًا أبيض ورداء أحمر، وحوله أشخاص أقصر منه قامة ويلبسون ثيابًا ملونة وأردية بيضاء، فإن قلتَ: فلان هو الطويل فقد عرفته، وإن قلت: إنه الذي يلبس الثوب الأبيض فقد عرفته، وإن قلت الذي يلبس الرداء الأحمر فقد عرفته. والمقصود في الكل واحد وإن اختلفت التعريفات.
وللعلماء في تعريف القرآن الكريم صيغ متعددة بعضها طويل، ولعل أقربها تعريفهم للقرآن بأنه:
"كلام الله تعالى المُنَزَّل على محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته".




شرح التعريف:



فقولنا: كلام الله: خرج به كلام الإنس والجن والملائكة.
وقولنا: المنزل: خرج به ما استأثر الله بعلمه أو ألقاه إلى ملائكته ليعملوا به لا لينزلوه على أحد من البشر. ذلكم أن من كلام الله ما ينزله إلى الناس، ومنها ما يستأثر بعلمه { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } (9) .
{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } (10) .
وقولنا: على محمد -صلى الله عليه وسلم-، خرج به المنزل على غيره من الأنبياء كالتوراةالمُنَزَّلة على موسى عليه السلام، والإنجيل المُنَزَّل على عيسى عليه السلام، والزبور المنزل على داود عليه السلام والصحف المنزلة على إبراهيم عليه السلام.
وقولنا: المتعبد بتلاوته، خرجت به الأحاديث القدسية. ونريد بالمتعبد بتلاوته أمرين:
الأول: أنه المقروء في الصلاة، والذي لا تصح الصلاة إلا به، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (11).
الثاني: أن الثواب على تلاوته لا يعادله ثواب، أي تلاوة لغيره، فقد ورد في فضل تلاوة القرآن من النصوص ما يميزها عن غيرها، فقد روى ابن مسعود -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" (12).
وليس هذا الثواب لغير التعبد بتلاوة القرآن الكريم.

جمانة كتبي
08-09-2011, 01:54 AM
الفروق بين القرآن الكريم والأحاديث القدسية:


لعل من المناسب أن نذكر بعض الفروق بين القرآن الكريم والأحاديث القدسية، حتى لا يتوهم أحد أن الفرق بينهما مقصور على التعبد بتلاوة القرآن دون الحديث القدسي.
إذ إن هناك فروقًا كثيرة ذكر العلماء منها:
1- أن القرآن الكريم تحدى الله الناس أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، أو بحديث مثله، فعجزوا، أما الحديث القدسي فلم يقع به التحدي والإعجاز.
2- أن القرآن الكريم منقول بطريق التواتر، ويكفر مَن جحد شيئاً منه، فهو قطعي الثبوت كله، سوره وآياته وجمله ومفرداته وحروفه وحركاته وسكناته، أما الحديث القدسي فأغلبه أحاديث آحاد ظني الثبوت، ولا يكفر مَن جحد غير المتواتر منه.
3- أن القرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنى، أما الحديث القدسي فمعناه من الله باتفاق العلماء، أما لفظه فاختلف فيه.
4- أن القرآن الكريم لا ينسب إلا إلى الله تعالى، أما الحديث القدسي فينسب إلى الله تعالى نسبة إنشاء فيقال: قال الله تعالى، ويروى مضافًا إلى الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسبة إخبار فيقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيما يرويه عن ربه.
5- أن القرآن الكريم لا يمسه إلا المطهرون، أما الحديث القدسي فيمسه الطاهر وغيره.
6- أن القرآن الكريم تحرم روايته بالمعنى، أما الحديث القدسي فلا تحرم روايته بالمعنى.
7- أن القرآن الكريم تسمى الجملة منه آية، والجملة من الآيات سورة، والأحاديث القدسية لا يسمى بعضها آية ولا سورة باتفاق.
8- أن القرآن الكريم يشرع الجمع بين الاستعاذة والبسملة عند تلاوته دون الحديث القدسي.
9- القرآن الكريم يكتب برسم خاص هو رسم المصحف دون الحديث القدسي (13).

جمانة كتبي
08-09-2011, 04:04 PM
أسماء القرآن الكريم وصفاته:


للقرآن الكريم أسماء وصفات كثيرة وردت في بعض الآيات والأحاديث النبوية.
ولكثرة هذه الأسماء والصفات فقد أفردها بعض العلماء بمؤلفات مستقلة منهم:
1- علي بن أحمد بن الحسن التجيبي الحرَّالي المتوفى سنة 647هـ.
2- ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ واسم كتابه "شرح أسماء الكتاب العزيز".
3- صالح بن إبراهيم البليهي (معاصر)واسم كتابه "الهدى والبيان في أسماء القرآن" وهو مطبوع.
4- محمد جميل أحمد غازي (معاصر) واسم كتابه "أسماء القرآن في القرآن". مطبوع.
5- د. خمساوي أحمد الخمساوي (معاصر) واسم كتابه "أسماء القرآن الكريم في القرآن". مطبوع.



عدد أسماء القرآن الكريم:


وقد وقع الاختلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى في عدد أسماء القرآن الكريم، فذكر الزركشي أن الحرَّالي أنهى أساميه إلى نيف وتسعين اسمًا (14).
لكن الزركشي نفسه لا يورد إلا خمسة وخمسين اسمًا نقلها عن أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيذله (15).
أما الفيروزآبادي فقد قال في كتابه "بصائر ذوى التمييز": "ذكر الله تعالى للقرآن مائة اسم نسوقها على نسق واحد" (16) لكنه -رحمه الله تعالى-لم يذكر إلا تسعة وثمانين اسمًا وزادها أربعة أسماء فتكون جملتها ثلاثة وتسعين اسمًا في القرآن للقرآن.
وذكر الدكتور خمساوي تسعة وتسعين اسمًا مشتقة كما يقول من اثنين وسبعين مادة لغوية (17) .
ولم يورد الشيخ صالح البليهي -رحمه الله تعالى- إلا ستة وأربعين اسمًا لاعتقاده أن بعض هذا العدد -إن لم يكن أكثره- أوصاف للقرآن وليست بأسماء (18).




ومن أسماء القرآن الكريم:


1- القرآن: في قوله تعالى: { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } (19).
2- الكتاب: في قوله تعالى: { الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } (20).
3- الذكر: في قوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (21).
4- الفرقان: في قوله تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ } (22).
5- النور: في قوله تعالى: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا } (23).



ومن صفات القرآن الكريم:


1- المبارك: في قوله تعالى: { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ } (24).
2- هدى، ورحمة: في قوله تعالى: { هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِين } (25).
3- الكريم: في قوله تعالى: { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } (26).
4- الحكيم: في قوله تعالى: { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } (27).
5- الفصل: في قوله تعالى: { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْل } (28).



حكمة تعدد أسماء القرآن الكريم:

وقد بين العلماء -رحمهم الله تعالى- حكمة تعدد الأسماء للقرآن الكريم فقال الفيروزآبادي -رحمه الله تعالى-: "اعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها، وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- دلت على علو رتبته، وسمو درجته. وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته" (29).



الاشتراك والامتياز بين أسماء القرآن الكريم:


وبين أسماء القرآن الكريم الكثيرة اشتراك وامتياز، فهي تشترك في دلالتها على ذات واحدة هي القرآن الكريم نفسه، ويمتاز كل واحد منها عن الآخر بدلالته على معنى خاص، فكل اسم للقرآن يدل على حصول معناه فيه، فتسميته مثلا بالهدى يدل على الهداية فيه، وتسميته بالتذكرة يدل على أن فيه ذكرى، وهكذا (30).
كما قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عن لفظ السيف والصارم والمهند.. فإنها تشترك في دلالتها على الذات، فهي من هذا الوجه كالمتواطئة، ويمتاز كل منها بدلالته على معنى خاص فتشبه المتباينة. وأسماء الله وأسماء رسوله وكتابه من هذا الباب (31).




مصدر أسماء القرآن الكريم:


وأسماء القرآن الكريم وصفاته توقيفية، لا نسميه ولا نصفه إلا بما جاء في الكتاب أو في السنة النبوية الشريفة.



الفرق بين المصحف والقرآن الكريم:


فإن قلتَ: أرأيت تسميته بالمصحف هل وردت في الكتاب أو السنة؟
قلتُ: إن المصحف ليس اسمًا للقرآن ذاته، وإنما هو اسم للصحف التي كتب عليها القرآن، ولم يطلق عليه ( المصحف ) إلا بعد جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في صحف ضم بعضها إلى بعض فسميت مصحفًا.
ولهذا نرى العلماء يتحدثون عن حكم بيع المصحف، ولم يقل أحد منهم: بيع القرآن، فالقرآن كلام الله تعالى، أما المصحف فهو من عمل البشر وصناعتهم التي يبتغون بها الرزق والكسب الحلال (32).
ولهذا أيضًا لا يصح أن يجمع لفظ القرآن؛ لأن القرآن واحد لا يختلف في كل المصاحف، أما المصاحف فيصح جمعه فيقال: ( مصاحف )؛ لأن كل واحد منها أو مجموعة تختلف عن الأخرى.
ولهذا -أيضا- لا يقال: قرآن عثمان، أو قرآن علي، أو قرآن أُبيّ، وأما المصحف فيصح أن يقال: مصحف عثمان، ومصحف علي، ومصحف أُبيّ بن كعب، ومصحف ابن مسعود رضي الله عنهم؛ لأن هذه المصاحف من عملهم دون القرآن.



فائدة في تسميته بالقرآن والكتاب:


وهناك إشارة دقيقة استنبطها بعض العلماء من تسميته بالقرآن والكتاب فقال: لوحظ في تسميته قرآنا كونه متلواً بالألسن، كما لوحظ في تسميته كتابا كونه مدونًا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه.
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور، والسطور جمعيًا. أن تضل إحداهما فتذكر الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها بقي القرآن محفوظا في حرز حريز(33).
وفيه إشارة – أيضاً – إلى أن يظل القرآن مقروءاً بالعين من ( الكتاب )، ومسموعاً بالأذن من ( القرآن )، وفي ذلك قوة حجة على العباد بشهادة السمع والبصر .

جمانة كتبي
08-09-2011, 04:08 PM
تعريف علوم القرآن:


لعلوم القرآن معنيان: معنى إضافي، ومعنى عَلَمٌ على الفن المدون. وإليك بيان ذلك:




المعنى الإضافي:


اعلم أن الإضافة بين ( علوم ) و ( القرآن ) تشير إلى أنواع العلوم والمعارف المتصلة بالقرآن الكريم، سواء كانت خادمة للقرآن بمسائلها أو أحكامها أو مفرداتها، أو أن القرآن دل على مسائلها أو أرشد إلى أحكامها. فيشمل كل علم خدم القرآن أو استند إليه، كعلم التفسير، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم الفقه، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة، وغير ذلك.
بل توسع بعض العلماء فعد منها علم الهيئة والفلك والجبر والهندسة والطب وغيرها (34)، والحق أنه وإن كان القرآن الكريم يدعو إلى تعلمها إلا أنه لا يَجُمُلُ عَدُّها من علوم القرآن؛ لأن هناك فرقًا كبيرًا بين الشيء يحث القرآنعلى تعلمه في عمومياته أو خصوصياته، وبين العلم يدل القرآن على مسائله أو يرشد إلى أحكامه (35).
وبهذا يظهر لك أن علوم القرآن بالمعنى الإضافي تشمل كل العلوم الدينية والعربية.




معناه كفن مدون:


ثم نُقِل المعنى الإضافي وجعل علمًا على الفن المدون، وأصبح مدلوله كفَنٍ مدون أخص من مدلوله بالمعنى الإضافي.
ويُعَرَّف علوم القرآن كفن مدون بأنه: مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله، وجمعه، وقراءاته، وتفسيره، وناسخه ومنسوخه، وأسباب نزوله، ومكيه ومدنيه ونحو ذلك.
ويسمى هذا العلم بـ ( أصول التفسير ) لأنه يتناول العلوم التي يشترط على المفسر معرفتها والعلم بها.




موضوع علوم القرآن الكريم:


هو القرآن الكريم من أية ناحية من النواحي المذكورة في التعريف (36).



فضله وشرفه ومكانته:

علوم القرآن الكريم من أفضل العلوم وأشرفها وأسماها، كما قال ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: "لما كان القرآن العزيز أشرف العلوم، كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم" (37).


ثمرة علوم القرآن الكريم:


1- تيسير تفسير القرآن الكريم، فهي مفتاح باب التفسير، ولا يصحلأحد أن يفسر القرآن الكريم قبل أن يتعلم علوم القرآن (38).
2- معرفة الجهود العظيمة التي بذلها السلف لدراسة القرآن الكريم، وعنايتهم الكبرى به وبعلومه التي كان لها الأثر في حفظه من التغيير والتبديل.
3- التسلح بمجموعة من المعارف القيمة التي تمكِّن من الدفاع عن هذا الكتاب العزيز ضد من يتعرض له من أعداء الإسلام، ويبث الشكوك والشبهات في عقائده وأحكامه وتعاليمه.
4- الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم.





كتاب [ دراسات في علوم القرآن الكريم / أ.د. فهد الرومي / ط16 ] بتصرف.

جمانة كتبي
08-09-2011, 04:14 PM
هوامش :

(1) تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي، ج2 ، ص62.
(2) البرهان في علوم القرآن : الزركشي، ج1 ، ص278.
(3) الإتقان في علوم القرآن : السيوطي، ج1 ، ص87.
(4) المرجع السابق : نفس الموضع.
(5) سورة القيامة : الآيتان 17 – 18 .
(6) البرهان : الزركشي، ج1 ، ص278.
(7) النهاية في غريب الحديث والأثر : ابن الأثير، ج4 ، ص30.
(8) منهج الفرقان في علوم القرآن : محمد علي سلامة، ص16.
(9) سورة الكهف: الآية 109.
(10) سورة لقمان: الآية 27.
(11) صحيح البخاري، ج1 ، ص184 ، وصحيح مسلم، ج1 ، ص295.
(12) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ج5 ، ص175 ، والدارمي، ج2 ، ص429.
(13) لعله من المناسب أن نذكر هنا تعريف الحديث القدسي في الاصطلاح وهو – كما قال العلماء -: ما يضيفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى، ولروايته صيغتان: الأولى أن يقول الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه عز وجل، والثانية: أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى، أو يقول الله تعالى.
(14) البرهان: الزركشي، ج1 ، ص273.
(15) المرجع السابق.
(16) بصائر ذوي التمييز: الفيروزآبادي، ج1 ، ص88.
(17) أسماء القرآن الكريم في القرآن: د. خمساوي الخمساوي، ص5.
(18) الهدى والبيان في أسماء القرآن: صالح البليهي، ص44.
(19) سورة الواقعة: الآية 77.
(20) سورة البقرة: الآيتان1-2.
(21) سورة الحجر: الآية9.
(22) سورة الفرقان: الآية1.
(23) سورة التغابن: الآية8.
(24) سورة الأنعام: الآية92.
(25) سورة لقمان: الآية3.
(26) سورة الواقعة: الآية77.
(27) سورة يونس: الآية1.
(28) سورة الطارق: الآية13.
(29) بصائر ذوي التمييز: الفيروزآبادي، ج1 ، ص88.
(30) خصائص القرآن الكريم: فهد ارومي، ص123.
(31) مجموع فتاوى ابن تيمية: ج20 ، ص494.
(32) خصائص القرآن الكريم: فهد الرومي، ص124.
(33) النبأ العظيم: د. محمد عبد الله دراز، ص12-13.
(34) الإتقان: السيوطي، ج2 ، ص127.
(35) مناهل العرفان: الزرقاني، ج1 ، ص17.
(36) المرجع السابق: ج1 ، ص20.
(37) زاد المسير في علم التفسير: ابن الجوزي، ج1 ، ص3.
(38) مناهل العرفان: ج1 ، ص20-21.