شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : خديجة بنت خويلد


ريمة مطهر
01-19-2011, 08:33 PM
خديجة بنت خويلد


ابن أسد بن عبد العزى بن قصي ونسبها وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وإسلامها .

أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن بن العباس قال : هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن الهرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهم بن مالك ، وأمها هالة بنت مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي ، وأمها العرقة هي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ، وأمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، وأمها الخطيا وهي ريطة بنت كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وأمها نائلة بنت حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك . وكانت خديجة بنت خويلد قبل أن يتزوجها أحد قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي فلم يقض بينهما نكاح ، فتزوجها أبو هالة واسمه هند بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غوي بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم ، وكان أبوها ذا شرف في قومه ونزل مكة وحالف بها بني عبد الدار بن قصي ، وكانت قريش تزوج حليفهم فولدت خديجة لأبي هالة رجلاً يقال له هند وهالة رجل أيضاً ، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فولدت له جارية يقال لها ( هند ) ، فتزوجها صيفي بن أمية بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو بن عمها فولدت له ( محمداً ) ، ويقال لبني محمد هذا بنو الطاهرة لمكان خديجة وكان له بقية بالمدينة وعقب فانقرضوا ، وكانت خديجة تدعى ( أم هند ) .

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة : أن خديجة كانت تكنى ( أم هند ) .

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا مغيرة بن عبد الرحمن الأسدي عن أهله قالوا : سألنا حكيم بن حزام أيهما كان أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خديجة ؟ فقال : كانت خديجة أسن منه بخمسة عشرة سنة ، لقد حرمت على عمتي الصلاة قبل أن يولد رسول الله ، قال أبوعبد الله : قول حكيم حرمت الصلاة يعني حاضت ولكنه تكلم بما تكلم به أهل الإسلام .

أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله القرشي عن أبي عمرو المديني قال : أخبرنا طلحة بن عبدالله التيمي عن أبي البحتري الخزاعي وعن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن بن عباس : أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب فلم يتركن شيئاً من إكبار ذلك العيد إلا أتينه ، فبينا هن عكوف عند وثن مثل لهن كرجل في هيئة رجل حتى صار منهن قريباً ثم نادى بأعلى صوته : يا نساء تيماء ، أنه سيكون في بلدتكن نبي يقال له ( أحمد ) يبعث برسالة الله ، فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجاً فلتفعل ، فحصبته النساء وقبحهنه وأغلظن له وأغضت خديجة على قوله ولم تعترض له فيما عرض فيه النساء .

أخبرنا محمد بن عمر عن موسى بن شيبة عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت أم أمية أخت يعلى بن أمية سمعتها تقول : كانت خديجة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث إلى الشام فيكون عيرها كعامة عير قريش وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة وليس له اسم بمكة إلا الأمين أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت : أنا أعطيك ضعف ما أعطي لقومي . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج واشترى غيرها وقدم بها فربحت ضعف ما كانت تربح ، فأضعفت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضعف ما سمت له . قالت نفيسة : فأرسلتني إليه دسيساً أعرض عليه نكاحها ففعل وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصي فحضر ، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته فزوجه أحدهم . وقال عمرو بن أسد في هذا البضع : لا يقرع أنفه ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الشام وهو بن خمس وعشرين سنة فولدت القاسم وعبد الله وهو الطاهر والطيب سمي بذلك لأنه ولد في الإسلام ، وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ، وكانت سلمة مولاة عقبة تقبلها وكان بين كل ولدين سنة وكانت تسترضع لهم وتعد ذلك قبل ولادها .

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه عن محمد عن جبير بن مطعم قال : وحدثنا بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة قال : وحدثنا بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس : أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أباها مات يوم الفجار . قال محمد بن عمر : وهذا المجمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم فيه اختلاف .

أخبرنا هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن بن عباس قال : كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمان وعشرين سنة ومهرها اثني عشر أوقية وكذلك كانت مهور نسائه . قال محمد بن عمر : ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم إن خديجة ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وإنها كانت يوم تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة .

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا المنذر بن عبد الله الحزامي عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال : سمعت حكيم بن حزام يقول : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهي ابنة أربعين سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بن خمس وعشرين سنة ، وكانت خديجة أسن مني بسنتين ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وولدت أنا قبل الفيل بثلاثة عشرة سنة .

أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : إن أول من أسلم خديجة .

أخبرنا محمد بن عمر عن بن وهب عن نافع بن جبير بن مطعم قال : أول من أسلم خديجة .

أخبرنا محمد بن عمر عن بن أبي ذئب عن الزهري قال : مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخديجة يصليان سراً ما شاء الله .

أخبرنا يحيى بن الفرات القزاز حدثنا سعيد بن خثيم الهلالي عن أسد بن عبيدة البجلي عن بن يحيى بن عفيف عن جده عفيف الكندي قال : جئت في الجاهلية إلى مكة وأنا أريد أن ابتاع لأهلي من ثيابها وعطرها فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، قال : فأنا عنده وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة فرفع رأسه إلى السماء فنظر ثم استقبل الكعبة قائماً مستقبلها ، إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه ثم يلبث إلا يسيراً حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما ، ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام رأسه ورفعت المرأة رأسها ، ثم خر الشاب ساجداً وخر الغلام ساجداً وخرت المرأة ، قال : فقلت : يا عباس ، إني أرى أمراً عظيماً . فقال العباس : أمر عظيم ، هل تدري من هذا الشاب ؟ قلت : لا ، ما أدري . قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن أخي ، هل تدري من هذا الغلام ؟ قلت : لا ، ما أدري ؟ قال : علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن أخي . هل تدري من هذه المرأة ؟ قلت : لا ، ما أدري ؟ قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة بن أخي هذا ، إن بن أخي هذا الذي ترى حدثنا أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه فهو عليه ، ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة . قال عفيف : فتمنيت بعد أني كنت رابعهم .

أخبرنا محمد بن عمر عن محمد بن صالح وعبد الرحمن بن عبد العزيز قالا : توفيت خديجة لعشر خلون من شهر رمضان وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة .

أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر بن الراشد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين .

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا المنذر بن عبد الله الحزامي عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال : سمعت حكيم بن حزام يقول : توفيت خديجة بنت خويلد في شهر رمضان سنة عشر من النبوة وهي يومئذ بنت خمس وستين سنة فخرجن بها من منزلها حتى دفناها بالحجون ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها ولم تكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها . قيل : ومتى ذلك يا أبا خالد ؟ قال : قبل الهجرة بسنوات ثلاث أو نحوها وبعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير . قال : وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده كلهم منها غير إبراهيم بن مارية ، وكانت تكنى أم هند بولدها من زوجها أبي هالة التميمي .



المرجع
الطبقات الكبرى- الجزء الثامن ، بتصرف
أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع

ريمة مطهر
01-21-2011, 06:07 PM
السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
( سيدة نساء قريش )

نسبها
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية ، ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م ) .

نشأتها

تربت السيدة خديجة رضي الله عنها وترعرعت في بيت مجد ورياسة ، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة ، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة .


زواجها من الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‏قال ابن إسحاق : كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال على مالها مضاربة ، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه ، وعظيم أمانته ، وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام ، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له ( ميسرة ) . فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان ، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة ؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم . فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي . ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته ( يعني : تجارته ) التي خرج بها ، واشترى ما أراد أن يشتري ، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره ، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به ، فربح المال ضعف ما كان يربح . وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه ، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها ، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها ، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً ، وأعظمهن شرفاً ، وأكثرهن مالاً ، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليه . ولنتركْ نَفِيسَة بنت مُنْيَة تروي لنا قصة زواج النبي صلّى الله عليه وسلَّم من السيدة خديجة رضي الله عنها . قالت نَفِيسَة : كانت خديجة بنت خُوَيْلِد امرأة حازمة ، جَلْدَة ، شريفة ، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير ، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً ، وأعظمهم شرفاً ، وأكثرهم مالاً ، وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قَدِر على ذلك ، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال ، فأرسلتني دَسيساً إلى محمّد صلّى الله عليه وسلَّم بعد أن رجع في عيرها من الشام ، فقلت : محمّد ! ما يمنعك أن تزوَّج ؟ فقال : " مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ " . قلت : فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب ؟ قال : " فَمَن هي ؟ " . قلت : خديجة . قال : " وَكَيفَ لي بِذَلك ؟ " . قلت : عليَّ . قال : " فأنا أَفْعلُ " . قالت نفيسة : فذهبتُ فأخبرت خديجة ، فأرسلت إليه : أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا ، وأرسلت إلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها فحضر - لأن أباها مات قبل حرب الفِجار - .‏ فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه ، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام .

- قال ابن هشام : فأصدقها عشرين بكرة ، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت . وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس وعشرون سنة . أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم : القاسم وكان يكنى به ، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة .


إسلامها ونصرتها للرسول صلى الله عليه وسلم

- أول ما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد ، فقال : " زملوني زملوني " ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال لخديجة : " ما لي يا خديجة ؟ " وأخبرها الخبر وقال : " لقد خشيت على نفسي " . فقالت خديجة : كلا والله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة . وكان امرأ قد تنصَّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي . فقالت له خديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما أُري . فقال له ورقة : هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى . وآمنت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله ورسوله ، وصدقت بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن رسوله صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍ عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته ، وتخفف عنه ، وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، رضي الله عنها وأرضاها .

- قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ : أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ خَدِيْجَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : يَا ابْنَ عَمِّ ، أَتَسْتَطِيْعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ إِذَا جَاءكَ ؟ فَلَمَّا جَاءهُ ، قَالَ : " يَا خَدِيْجَةُ ، هَذَا جِبْرِيْلُ " . فَقَالَتْ : اقْعُدْ عَلَى فَخِذِي . فَفَعَلَ ، فَقَالَتْ : هَلْ تَرَاهُ ؟ . قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَتْ : فَتَحَوَّلْ إِلَى الفَخِذِ اليُسْرَى . فَفَعَلَ ، قَالَتْ : هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا ، وَحَسَرَتْ عَنْ صَدْرِهَا ، فَقَالَتْ : هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ : " لاَ " . قَالَتْ : أَبْشِرْ ، فَإِنَّهُ - وَاللهِ - مَلَكٌ ، وَلَيْسَ بِشَيْطَانٍ .


منزلتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم


- كانت السيدة خديجة رضي الله عنها امرأة عاقلة ، جليلة ، دينة ، مصونة ، كريمة ، من أهل الجنة ، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب . عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ : أَتَى جِبْرِيْلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَذِهِ خَدِيْجَةُ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيْهِ إدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي ، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ ، لاَ صَخَبَ فِيْهِ وَلاَ نَصَبَ .

- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ مَرِيْمَ : فَاطِمَةُ ، وَخَدِيْجَةُ ، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ؛ آسِيَةُ " .

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلها على سائر زوجاته ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكان يكثر من ذكرها بحيث أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها ، ولكن كان النبي يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة ، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد .

- قَالَتْ عَائِشَةُ : كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيْجَةَ ، لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا ، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا . فَذَكَرَهَا يَوْماً ، فَحَمَلَتْنِي الغَيْرَةُ فَقُلْتُ : لَقَدْ عَوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيْرَةِ السِّنِّ ! قَالَ : فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَباً ، أُسْقِطْتُ فِي خَلَدَي ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي : اللَّهُمَّ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُوْلِكَ عَنِّي ، لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُهَا بِسُوْءٍ . فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَقِيْتُ ، قَالَ : " كَيْفَ قُلْتِ ؟ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنَي النَّاسُ ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الوَلَدَ ، وَحُرِمْتُمُوْهُ مِنِّي ". قَالَتْ : فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْراً .


وفاتها رضي الله عنها

توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات ، ولها من العمر خمس وستون سنة , وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله سبحانه وتعالى ولقد حزن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حزناً كبيراً حتى خُـشى عليه ومكث فترة بعدها بلا زواج .

المصدر
موقع نصرة سيدنا محمد رسول الله

ريمة مطهر
07-23-2011, 12:46 PM
خديجة بنت خويلد

خديجة بِنْت خويلد بن أسد بن عَبْد العُزى بن قصيّ القُرَشِيَّة الأَسَدِيَّة أم المؤمنين ، زوج النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم ، أول امْرَأَة تزوجها ، وأول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين ، لم يتقدمها رجلٌ ولا امْرَأَة ‏.‏

قال الزبير‏ :‏ كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة‏ .‏ وأمها فاطِمَة بِنْت زائدة بن الأصم ، واسمه جُندب بن هذم بن رواحة بن حُجْر بن عَبْد بن مَعيص بن عامر بن لؤي ‏.‏ وكانت خديجة قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت أبي هالة بن زرارة بن نبّاش بن عَديّ بن حبيب بن صُرَد بن سلامة بن جِروة أُسيِّد بن عُمر بن تميم التميمي ‏.‏ كذا نسبه الزبير ‏.‏

وقال علي بن عَبْد العزيز الجرجاني ‏:‏ كانت خديجة عند أبي هالة‏ :‏ هِنْد بن النباش بن زُرارة بن وَقدان بن حبيب بن سلامة بن جِروَة بن أُسَيّد بن عَمْرو بن تميم‏ .‏

ثم اتفقا فقالا ‏:‏ ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم المخزومي ‏.‏ ثم خلف عليها بعد عتيق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏.‏

وقال قتادة ‏:‏ كانت خديجة تحت عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم ، ثم خلف عليها بعده أبو هالة هِنْد بن زرارة بن النباش ‏.‏

قال قتادة ‏:‏ والقول الأول أصح إن شاء الله تعالى ، قاله أبو عُمر ‏.‏

وروى يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال ‏:‏ وتزوج خديجة قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهي بكر ‏:‏ عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم ، ثم هلك عنها فتزوجها بعده أبو هالة النباش بن زرارة‏ .‏ قال‏ :‏ وكانت خديجة قبل أن ينكحها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت عتيق بن عابد بن عَبْد الله ، فولدت له هِنْد بِنْت عتيق ، ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة التميمي الأسدي ، حليف بني عَبْد الدار بن قصي ، فولدت له هِنْد بِنْت أبي هالة ، وهالة ابن أبي هالة ، فهِنْد بِنْت عتيق ، وهِنْد وهالة ابنا أبي هالة كلهم أخوة أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من خديجة‏ .‏
كل ذلك ذكره الزبير ، وهذا عكس ما نقله أبو عُمر عن الزبير ، فإن أبا عُمر نقل عن الزبير أنها كانت عند أبي هالة أوّلاً ثم بعده عند عتيق ‏.‏

ونقل أبو نعيم عن الزبير فقدَّم عتيقاً على أبي هالة ، وأما الذي رويناه في نسب قريش للزبير قال ‏:‏ وكانت يعني خديجة قبل النَّبِيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند عتيق بن عابد بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم فولدت له جارية ، وهلك عنها عتيق ، فتزوجها أبو هالة بن مالك ، أحد بني عَمْرو بن تميم ، ثم أحد بني أُسيد ‏.‏

قال الزبير‏ :‏ وبعض الناس يقول‏ :‏ أبو هالة قبل عتيق ‏.‏

وتزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خديجة رضي الله عنها قبل الوحي وعُمره حينئذ خمس وعشرون سنة وقيل ‏:‏ إحدى وعشرون سنة ، زوّجها منه عمها عَمْرو بن أسد ‏.‏ ولما خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عمها‏ :‏ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد المُطَّلِب يخطب خديجة بِنْت خويلد ، هذا الفحل لا يُقدَع أنفه ‏.‏

وكان عُمرها حينئذ أربعين سنة وأقامت معه أربعاً وعشرين سنة‏ .‏

وكان سبب تزوجها برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس ، عن ابن إسحاق قال ‏:‏ كانت خديجة امْرَأَة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه ‏.‏ فلما بلغها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما بلغها من صدق حديثه وعِظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعَرَضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له‏ :‏ ميسرة ، فقبله منها وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة ، حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب ، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال‏ :‏ من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ? قال ‏:‏ هذا الرجل من قريش من أهل الحرم ‏.‏ فقال له الراهب ‏:‏ ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلاّ نبي‏ .‏ ثم باع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً إلى مَكَّة ، فلما قدم على خديجة بمالها باعت ما جاء به ، فأضعف أو قريباً ، وحدّثها ميسرة عن قول الراهب‏ .‏ وكانت خديجة امْرَأَة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله بها من كرامتها‏ .‏ فلما أخبرها ميسرة بعثت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت له‏ :‏ أني قد رغبت فيك لقرابتك مني ، وشرفك في قومك ، وأمانتك عندهم ، وحسن خلقك ، وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها ، وكانت أوسط نساء قريش نسباً ، وأعظمهم شرفاً ، وأكثرهم مالاً‏ .‏ فلما قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قالت ، ذكر ذلك لأعمامه ، فخرج معه حمزة بن عَبْد المُطَّلِب حتى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولده كلهم قبل أن ينزل عليه الوحي ‏:‏ زينب ، وأم كُلْثُوم ، وفاطِمَة ، ورقية ، والقاسم ، والطاهر ، والطيب ‏.‏ فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا قبل الإسلام ، وبالقاسم كان يكنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأما بناته فأدركن الإسلام ، فهاجرن معه واتبعنه وأمنّ به‏ .‏
وقيل إن الطاهر والطيب ولدا في الإسلام‏ .‏

وقد تقدم أن عمها عُمراً زوجها ، وأن أباها كان قد مات ، قاله الزبير وغيره ‏.‏

واختلف العلماء في أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها ، فروى معُمر عن الزهري قال ‏:‏ زعم بعض العلماء أنها ولدت له ولداً يسمى الطاهر ، وقال ‏:‏ قال بعضهم‏ :‏ ما نعلمها ولدت له إلاّ القاسم وبناته الأربع‏ .‏

وقال عقيل ، عن ابن هشام ، وذكر بناته وقال ‏:‏ والقاسم والطاهر‏ .‏

وقال قتادة‏ :‏ ولدت له خديجة غلامين ، وأربع بنات ‏:‏ القاسم وبه كان يكنى ، وعاش حتى مشى ، وعَبْد الله مات صغيراً‏ .‏

وقال الزبير ‏:‏ ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم والقاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عَبْد الله وكان ، يقال له الطيب ، ويقال له الطاهر ، ثم مات القاسم بمَكَّة ، وهو أول ميت مات من ولده ، ثم عَبْد الله مات أيضاً بمَكَّة ‏.‏

وقال الزبير أيضاً‏ :‏ حدثني إبراهيم بن المنذر ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن‏ :‏ أن خديجة بِنْت خويلد ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم القاسم ، والطاهر ، والطيب ، وعَبْد الله ، وزينب ، ورقية ، وأم كُلْثُوم ، وفاطِمَة ‏.‏

وقال علي بن عَبْد العزيز الجرجاني ‏:‏ أولاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ :‏ القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ، قال ‏:‏ وقال الكلبي ‏:‏ زينب والقاسم ، ثم أم كُلْثُوم ، ثم فاطِمَة ، ثم رقية ، ثم عَبْد الله وكان يقال له الطيب والطاهر‏ .‏ قال ‏:‏ وهذا هو الصحيح ، وغيره تخليط‏ .‏

وقال الكلبي ‏:‏ ولد عَبْد الله في الإسلام ، وكل ولده منها ولد قبل الإسلام‏ .‏

وأما إسلامها فأخبرنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد سرايا بن علي وغير واحد بإسنادهم إلى مُحَمَّد بن إسماعيل ‏:‏ حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عُقَيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت ‏:‏ أوّل ما بُدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصالحة ، في النوم ، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح‏ .‏‏.‏‏.‏ وذكر الحديث ، قال ‏:‏ يعني جبريل ، عليه السلام ‏ :‏ ‏" ‏اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَق‏ "‏ فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة رضي الله عنها فقال ‏:‏ ‏"‏ زمّلوني ‏"‏ ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، وقال لخديجة وأخبرها الخبر‏ :‏ ‏" ‏لقد خشيت على نفسي‏ "‏ فقالت خديجة ‏:‏ كلا ، والله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكَلّ ، وتُكسب المعدوم وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ‏.‏ وانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل ، وكان أمرأ تنصر في الجاهلية ، ويكتب الكتاب العبراني ، ويكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، فقالت له خديجة ‏:‏ يا ابن عمّ ، اسمع من ابن أخيك ‏.‏ فقال له ورقة ‏:‏ ماذا ترى ? فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال‏ :‏ يا ليتني فيها جَذَعاً ، ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك قومك ‏.‏

أخبرنا أبو جعفر بإسناده إلى يونس ، عن ابن إسحاق قال‏ :‏ وكانت خديجة أول من أمن بالله ورسوله ، وصدّق بما جاء به ، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، لا يسمع شيئاً يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرّج الله عنه بها إذا رجع إليها تُثبِّته وتخفف عنه ، وتصدّقه وتهوّن عليه أمر الناس ، رضي الله عنها‏ .‏

قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير ‏:‏ أنه حُدّث ، عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ :‏ يا ابن عم ، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم ‏" ‏‏.‏ فبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندها إذ جاءه جبريل ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ :‏ ‏"‏ هذا جبريل قد جاءني‏ "‏‏ .‏ فقالت ‏:‏ أتراه الآن ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم ‏" ‏‏.‏ قالت ‏:‏ اجلس على شِقّي الأيسر ‏.‏ فجلس ، فقالت ‏:‏ هل تراه الآن ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم ‏" ‏‏.‏ قالت ‏:‏ فاجلس على شقي الأيمن‏ .‏ فجلس فقالت ‏:‏ هل تراه الآن ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم‏ "‏‏ .‏ قالت ‏:‏ فتحول فاجلس في حجري ‏.‏ فتحول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس ، فقالت ‏:‏ هل تراه ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم‏ "‏‏ .‏ قال ‏:‏ فتحسرت وألقت خمارها ، فقالت‏ :‏ هل تراه ? قال‏ :‏ ‏" لا ‏" ‏‏.‏ قالت ‏:‏ ما هذا شيطان ، إن هذا لمَلَك يا ابن عم ، اثبت وأبشر ثم أمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق‏ .‏

أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن علي ، أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عَبْد الملك المؤذّن ، أخبرنا الحُسَيْن بن فاذشاه ، أخبرنا أبو القاسم الطبراني حدثنا القاسم بن زكريا المطرّز ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، حدثنا تميم بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن ثابت ، عن أنس قال‏ :‏ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ :‏ ‏" ‏خير نساء العالمين مَرْيَم بِنْت عُمران ، وآسية بِنْت مزاحم ، وخديجة بِنْت خويلد ، وفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏‏ .‏

قال‏:‏ وأخبرنا أبو صالح ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي الواعظ ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عَبْد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا أبو عَبْد الرَّحْمَن ، حدثنا داود ، عن علباء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال ‏:‏ خط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأرض أربع خطوط ، قال ‏:‏ ‏" ‏أتدرون ما هذا ? ‏"‏ قالوا‏ :‏ الله ورسوله أعلم‏ .‏ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏:‏ ‏"‏ أفضل نساء أهل الجنة خديجة بِنْت خويلد ، وفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد ، ومَرْيَم بِنْت عُمران ، وآسية بِنْت مزاحم امْرَأَة فرعون‏ " ‏‏.‏

قال‏ :‏ في أصل الشيخ‏ :‏ داود مُصَلِّح ، ورواه عارم‏ :‏ داود بن أبي الفرات ، عن عِلباء بن أحمر ‏.‏

أخبرنا إبراهيم وإسماعيل وغيرهما بإسنادهم عن مُحَمَّد بن عيسى ‏:‏ أخبرنا الحُسَيْن بن حريث ، حدثنا الفضل بن موسى ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ‏.‏

أخبرنا يحيى بن محمود وعَبْد الوهاب بن أبي حبّة بإسنادهما إلى مسلم‏ :‏ حدثنا أبو كريب ، أخبرنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عَبْد الله بن جعفر قال‏ :‏ سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول‏ :‏ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول ‏:‏ ‏"‏ خير نسائها خديجة بِنْت خويلد ، وخير نسائها مَرْيَم بِنْت عُمران ‏"‏‏ .‏ قال أبو كريب ‏:‏ وأشار وكيع إلى السماء والأرض ‏.‏
أخبرنا أبو الفضل عَبْد الله بن أحمد بن مُحَمَّد الطوسي ، أخبرنا أبو جعفر بن أحمد السراج ، حدثنا أبو علي بن شاذان ، حدثنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا ابن أبي العوّام ، حدثنا الوليد بن القاسم ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى ‏:‏ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا نَصَب فيه ولا صَخَب ‏.‏

أخبرنا عَبْد الله بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن بدران الحلواني قال ‏:‏ قرئ على أبي الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد الأبنوسي وأنا أسمع ، أخبركم أبو الحُسَيْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن جعفر الدينوري فأقرّ به ، أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن غيلان الخزاز ، حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت ‏:‏ ما غِرتُ على أحد من أزواج النَّبِيّ ما غرت على خديجة ، وما بي أن أكون أدركتها ، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لها ، وإن كان مما تذبح الشاة يتّبع بها صدائق خديجة ، فيهديها لهنّ ‏.‏

أخبرنا يحيى بن محمود وأبو ياسر بإسنادهما عن مسام قال‏ :‏ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُريب وابن نُمير قالوا ‏:‏ حدثنا ابن فُضيل ، عن عَمَارَة ، عن أبي زُرعة قال ‏:‏ سمعت أبا هريرة قال‏ :‏ أتى جبريل النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال‏ :‏ يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إذام‏ .‏ أو طعام أو شراب ‏.‏ فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ، ومنّي ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ‏.‏ قال أبو بكر في روايته ‏:‏ عن أبي هريرة ولم يقل سمعت ، ولم يقل في الحديث‏ :‏ ومني ‏.‏

وروى مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت ‏:‏ كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ‏.‏ فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة ، فقلت ‏:‏ هل كانت إلا عجوزاً ، فقد أبدلك الله خيراً منها‏ !‏ فغضب حتى اهتز مُقدّم شعره من الغضب ، ثم قال ‏:‏ ‏" ‏لا ، والله ما أبدلني الله خيراً منها ، أمنت إذ كفر الناس ، وصدّقتني وكذبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولادَ النساء ‏"‏‏ .‏ قالت عائشة ‏:‏ فقلت في نفسي ‏:‏ لا أذكرها بسيئة أبداً‏ .‏

وروى الزبير بن بكار ، عن مُحَمَّد بن الحسن ، عن يَعْلَى بن المغيرة عن ابن أبي رواد قال ‏:‏ دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه ، فقال لها‏ :‏ ‏" ‏بالكُره مني ما أثني عليكِ يا خديجة ، وقد يجعل الله في الكره خيراً كثيراً ، أما علمت أن الله تعالى زوجني معك في الجنة مَرْيَم بِنْت عُمران ، وكَلْثَم أخت موسى ، وآسية امْرَأَة فرعون ‏" ‏‏.‏ فقالت ‏:‏ وقد فعل ذلك يا رسول الله ? قال ‏:‏ ‏" ‏نعم‏ "‏‏ .‏ قالت ‏:‏ بالرفاء والبنين ‏.‏

أخبرنا عُبَيْد الله بن أحمد بإسناده عن يونس ، عن ابن إسحاق قال ‏:‏ ثم إن خديجة توفيت بعد أبي طالب وكانا ماتا في عام واحد ، فتتابعت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المصائب بهلاك خديجة وأبي طالب ، وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام كان يسكن إليها ‏.‏

وقال أبو عُبَيْدة معُمر بن المثنى ‏:‏ توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل ‏:‏ بأربع سنين ‏.‏ وقال عروة وقتادة ‏:‏ توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين ‏.‏ وهذا هو الصواب ‏.‏ وقالت عائشة ‏:‏ توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ‏.‏ قيل ‏:‏ إن وفاة خديجة كانت بعد أبي طالب بثلاثة أيام وكان موتها في رمضان ، ودفنت بالحجون ‏.‏ قيل‏ :‏ كان عُمرها خمساً وستين سنة‏ .‏

أخرجها الثلاثة‏ .‏

المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير

ريمة مطهر
09-26-2011, 08:58 PM
أُمّ المُؤْمِنِين
(68 - 3ق هـ = 556 - 620م)

خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ، من قريش : زوجة رسول الله r الأولى ، وكانت أسن منه بخمسة عشرة سنة . ولدت بمكة ، ونشأت في بيت شرف ويسار ، ومات أبوها يوم الفجار وتزوجت بأبي هالة بن زرارة التميمي فمات عنها . وكانت ذات مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام ، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة . فلما بلغ رسول الله r الخامسة والعشرين خرج في تجارة لها إلى سوق بصرى ( بحوران ) وعاد رابحاً ، فدست له من عرض عليه الزواج بها ، فأجاب ، فأرسلت إلى عمها ( عمرو بن أسعد بن عبد العزى ) فحضر وتزوجها رسول الله ( قبل النبوة ) فولدت له القاسم ( وكان يكن به ) وعبد الله ( وهو الطاهر والطيب ) وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة . وكان بين كل ولدين سنة . وكانت تسترضع لهم وتُهيئ ذلك قبل أن تلد . ولما بعث رسول الله r دعاها إلى الإسلام ، فكانت أول من أسلم من الرجال والنساء . ومكثا يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة . وكانت تكنى بأم هند ( وهند من زوجها الأول ) وأولاد النبي r كلهم منها ، غير إبراهيم ابن مارية . ولعبد الحميد الزهراوي كتاب في أخبارها سماه ( خديجة أم المؤمنين – ط ) ومثله لبثينة توفيق . وكانت وفاة خديجة بمكة .
المرجع
خير الدين الزركلي ، الأعلام ، الجزء الثاني .