شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : لمحة تاريخية عن تطور التصوير الفوتوغرافي


ثروت كتبي
07-21-2011, 07:31 PM
لمحة تاريخية عن تطور التصوير الفوتوغرافي

يرتكز التصوير الفوتوغرافي على ركائز ثلاث : الأولى جهاز ضوئي لحفظ الصورة والثانية مادة كيماوية تستجيب لتغير الإضاءة ، والثالثة وجود وسط لتثبيت هذا التغير في الإضاءة .
لقد كانت أول خطوة في تطور التصوير الفوتوغرافي هي فكرة "الغرفة المظلمة" وهي عبارة

عن صندوق محكم لا ينفذ الضوء إليه إلا من خلال ثقب صغير في مقدمته فيمكن مشاهدة ظل المنظر الخارجي معكوساً على لوحة مثبتة في الطرف الآخر من الصندوق .

وقد عرف أرسطو قبل أكثر من ألفي عام ، مبادئ الإضاءة ثم طورها العالم العربي المسلم أبو علي الحسن بن الهيثم المتوفي عام 432هـ / 1040م ، ثم قام ليوناردو دافنشي ، الإيطالي بتطبيق الفكرة حوالي عام 896هـ / 1490م ، محاولاً رسم الصورة المنعكسة من الثقب ، ولكن عمله ظل مغموراً إلى أن استطاع الألماني "جوهان زان" عام 1097هـ / 1685م وضع أبعاد محددة للصندوق المظلم وشرح كيفية التحكم في مساحة الظل المنعكس ، فأصبح من الممكن وضع عدسة على الثقب فتنعكس صورة الشيء على الطرق الآخر على مرآة مائلة فتنعكس الصورة المقلوبة مرة أخرى على سطح الصندوق حيث يضع الرسام ورقة شفافة ويرسم الشيء بقلمه ، كما يظهر في الصورة المصاحبة .

(7a7b8e6609.html)

وفي عام 1172هـ / 1758م اخترع "جون دولاند" ما يسمى بالعدسة اللالونية . وفي بداية القرن التاسع عشر تطورت صناعة العدسات المحدبة والمقعرة وكذلك تطورت صناعة العدسات غير اللونية وظهر "الفانوس السحري" وهو بداية مبسطة لأجهزة إسقاط الصور الحديثة التي توضع عليها الشفافيات لعرضها على شاشة كبيرة . ومن جهة أخرى بدأت الكيمياء الحديثة في التطور ، ومنذ بداية القرن السابع عشر ازدادت معارف الكيماويين بالمواد التي تتأثر بالضوء مثل كلوريد الفضة ، وعرفوا أن النشادر يجعل كلوريد الفضة المسودة غير قابل للذوبان ، بمعنى أن النشادر مادة مثبتة ، ثم اكتشفت حساسية مركبات الفضة الأخرى يوديد الفضة وبروميد الفضة للضوء وتم إستخدام ذلك في التصوير .

ثروت كتبي
07-21-2011, 08:24 PM
المرحلة الأولى – بداية التصوير الفوتوغرافي 1255 – 1267هـ / 1839 – 1850م

نجح المخترع الهاوي الفرنسي "نيبس" في عام 1237هـ / 1822م في تثبيت الرسومات ، بنسخ الرسم المحفور على الحجر أو الزجاج أو الزنك ، بوضع لوح مطلي بمادة حساسة للضوء على الرسم وتعريضه لضوء الشمس . ثم أدخل بعض التحسينات فاستخدم "الغرفة المظلمة" لكي يضع بداخلها اللوح المطلي ويضع الرسم أمام ثقب الغرفة المظلمة في ضوء الشمس ، وكان زمن التعريض يصل إلى ثماني ساعات . وأطلق على هذه العملية اسم : الحفر الشمسي .

من جهة أخرى كان الرسام الفرنسي الممتهن "لويس جاكس داغير" قد سمع بجهود "نيبس" ، فاتصل به ، وقويت العلاقة بينهما واشتركا من عام 1245هـ / 1829م في عملية تحسين اختراع الحفر الشمسي وتطويره ، لكن "نيبس" مات عام 1249هـ / 1833م ، دون التوصل إلى نتائج ملموسة .

وفي عام 1251هـ / 1835م اكتشف "داغير" إمكانية إظهار الصورة من الألواح المطلية في نصف ساعة فقط إذا عرضت لبخار الزئبق ، لكن الصورة لا تصمد للضوء بعد ذلك ، وسرعان ما تسود . واستمرت محاولاته حتى استطاع بعد عامين تثبيت الصورة باستخدام محلول من ملح الطعام . وعنها أطلق على طريقته اسم "داغير تايب" ، وهذا يعني عدم إمكانية عمل نسخ أخرى من الصورة ، لأن العملية لا ترتكز على إنتاج سلبية "عفريتة" . وتبدو في الصورة السابقة ، أول كاميرا لهذا التصوير الشمسي . وفي ذي القعدة 1259هـ / يناير 1839م تبلغت أكاديمية العلوم والفنون الجميلة بباريس بخبر الاختراع الجديد . واتقفت الحكومة الفرنسية مع "داغير" ، وابن "تيبس" على شراء حقوق اختراع الحفر الشمسي والـ "داغير تايب" مقابل راتب سنوي يدفع لهما مدى الحياة ، وأباحت نشر الاختراع للجميع فأصدر "داغير" كتيباً يشرح كل التفاصيل الفنية حتى ظهرت منه 39 طبعة وترجمة خلال العام 1255هـ / 1839م نفسه ، في بريطانيا ، كان هناك منافس آخر يسمى "ويليام هنري تالبوت" وهو عالم متخرج في جامعة كيمبردح ، ولم يكن على علم بما حققه "داغير" في فرنسا ن وقد بدأ تجاربه منذ عام 1250هـ / 1834م لإنتاج ورق مطلي بمادة حساسة للضوء . لكن تثبيت الظل على الورق لم يكن كافياً حتى اقترح عليه العالم جون هيرشل ، في ذي الحجة 1254هـ / فبراير 1839م استخدام "الصوديوم ثايوسولفات" ، لتثبيت الظل ثم وضع طبقة من الشمع عليه قبل الطبع ، ثم توضع السلبية الناتجة – الفلم كما سيعرف فيما بعد – على ورق معالج في حمام ملحي بارد ، فتنطبع صورة موجبة يتم غسلها بالماء ثم تجفيفها ، وأطلق على عمليته هذه اسم "طالو تايب" وقد استطاع "تالبوت" بعد ذلك سريعاً تحسين المواد المستخدمة حتى ينخفض الوقت اللازم لتعريض الورق من حوالي ساعة كاملة إلى أقبل من الدقيقة الواحدة ، ثم قام أيضاً بإنتاج أول كاميرا سهلة النقل لاستخدامها أثناء السفر . ولكن طريقته لم تنتشر بين الناس لفترة من الزمن لتشدده في حفظ حقوقه لهذا الاختراع . ثم اصدر عام 1260هـ / 1844م أول كتاب عن التصوير أسماه "مرسمة الطبيعة" ، وضم الكتاب صوراً التقطت بهذه الطريقة وألزقت بالغراء على الصفحات ، وطبع من هذا الكتاب 150 نسخة فقط .

(f9ea748f79.html)

وبالموازنة ، فإن الإختراع الفرنسي يعطي صورة أكثر دقة من الطريقة الإنجليزية ، وإن كانت الطريقتان لا تسجلان الألوان الطبيعية . ونظراً لنشر التفاصيل الفنية لعملية التصوير الفرنسية ، فقد أصبحت أكثر انتشاراً ، وإن كانت لا تعطي إلا صورة موجبة واحدة . وعلى أي حال فلقد أحدث ظهرو الاختراعين "داغير تايب" و "الكالوتايب" في فترة متقاربة الاهتمام لدى الكثيرين لتطوير عملية التصوير وتسهيلها ، وسارع آخرون إلى إنشاء معامل تصوير ، فقد ظهر أول معمل تصوير في العالم في مدينة نيويورك في المحرم 1256هـ / مارس 1840م ، ثم في لندن عام 1257هـ /1841م ثم تلاه ظهرو المعامل في فيلادلفيا وباريس وبرلين وهامبورغ . وقبل نهاية عام 1255هـ / 1839م كان السياح قد رجعوا بصور "دتايب" للمعالم المشهورة في مصر وفلسطين واليونان وأسبانيا ، ومنها كان يتم عمل صور محفورة حتى يمكن طبعها في كتاب ، وفعلاً ظهر أول مجلدين يضمان الصور المحفورة للشرق عام 1260هـ / 1844م . ونظراً لصعوبة طبع كتيب تضم صوراً فوتوغرافية بذاتها ، فقد بدأ نشرها أولاً في ألبومات ، وهنا تكون طريقة البريطاني تالبوت "كالوتايب" أكثر مناسبة ، لوجود فلم يستخرج منه عدد كبير من الصور ، وفعلاً ظهر أول ألبوم لمصور يسمى "غوستاف فلوبرت لاجري" ، عام 1268هـ 1852م يضم صوراً التقطها زميله "ماكسيم دي كامب" في مصر والنوبة وفلسطين وسوريا عندما زار تلك المناطق خلال السنتين السابقتين .

(f48de13c35.html)

واستمرت عمليات تحسين التصوير الفوتوغرافي ، فقد اكتشفت أنطوان كلودي في بريطانيا أن اللون الأحمر لا يؤثر في الألواح الحساسة ، وبذلك أمكن استخدام الضوء الا؛مر بأمان في الغرف المظلمة ، وحدثت تحسينات مهمة على العدسات عام 1257هـ / 1841م بواسطة ثلاثة من النمساويين ، فأنتج أحدهم العدسات اللالونية ، وأنتج آخر صندوقاً رشيقاً للكاميرا يمن نقله مع السياح بدلاً من الصندوق الخشبي غير المتقن ، ونشر الثالث تفاصيل طريقة تعجيل كيماوية لزيادة حساسية الألواح خمس مرات . وأدى كل ذلك إلى تخفيض الوقت اللازم للتعريض إلى حوالي 20 أو على الأكثر 40 ثانية فقط .

ثروت كتبي
07-21-2011, 08:43 PM
المرحلة الثانية – ظهور الألواح الرطبة "الغروية"
1266 – 1295هـ / 1850 – 1878م

دخل التصوير الفوتوغرافي مرحلة جديدة ، في منتصف القرن التاسع عشر ، عندما أصبح إنتاج الأفلام الرطبة على ألواح الزجاج شائعاً وحل محل الطرق السابقة . وقد بدأت فكرة إنتاج هذه الألواح عام 1262هـ / 1846م ، عندما قام نحات بريطاني يسمى "فريدريك سكوت آرثر" ، باختراع محلول غروي مصنوع من قطن البارود "نتروسيلولوز" المغمور في الحكول الأثيلي ، تطلى به الألواح الزجاجية ، فتتكون طبقة رقيقة "فلم" على سطح الزجاج ، ثم يوضع اللوح الزجاجي قبل أن يجف في محلول نتراث الفضة ، ثم يوضع في الكاميرا وتلتقط الصورة ، ثم تجري عملية التحميض آنياً والحصول على فلم يمكن استخدامه لإنتاج أي عدد من الصور على الورق فيما بعد . إن هذه الألواح الرطبة أسرع عشرين مرة من جميع الطرق السابقة ، لذلك أصبحت هي السائدة لحوالي ثلاثين سنة قادمة . وكان الأمر في البداية يتطلب من المصور الذي يريد تصوير مناطق نائية إعداد خيمة مظلمة متنقلة تحوي المحاليل والألواح الزجاجية والمواد الكيماوية ، بسبب ضرورة التحميض الآني للوح الزجاجي . ولا شك أن مجموع هذه الأدوات قد يصل وزنها على مئة كيلو غرام ، مما يعكس صعوبة التصوير الخارجي آنذاك بهذه الطريقة .

وفي البداية كان يتم طبع الصور من الفلم الزجاجي على الورق الملحي الذي اخترعه تالبوت ، ولكن ما أن جاء منتصف الخمسينيات من القرن التاسع عشر "حوالي 1272هـ" ، حتى تم إنتاج أول نوع من الورق المطلي بزلال البيض لطبع الصور الفوتوغرافية ، بدون حاجة إلى محاليل كيماوية ، لكن هذا الورق بحاجة إلى وقت طويل أمام الفلم حتى تنطبع الصورة عليه ، ويعطي الزلال طبقة لامعة تحسن الصورة الملتقطة ، لكن المشكلة هي ابيضاض الصورة المطبوعة بسرعة ن وعدم صمودها كثيراً للضوء ، ولكن عملية التطوير كانت مستمرة فتم إنتاج اصبغة الأنيلين وهي أصبغة زيتية لتزيد من كفاءة ورق التصوير وتصحيح عيوبه .

(98fca1346e.html)

وبحلول عام 1277هـ / 1860م ، نزلت على الأسواق الكاميرات القابلة للطي ، وهي تستخدم الأفلام الرطبة . وفي العام نفسه ظهرت العدسات البانورامية أي ذات الزاوية المتسعة ، حيث تم إنتاج عدسة كروية تملأ بالماء تستطيع عكس صورة بعرض 120 درجة . والحقيقة أن تصحيح عيوب العدسات لم يكتمل إلا في مرحلة تالية . لقد شهد عقد الستينيات من القرن التاسع عشر الميلادي افتتاح العديد من معامل التصوير في مصر والشام وتركيا ، وعلى العموم فإن الفترة من منتصف القرن شهدت تسجيل الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية فوتوغرافياً في أنحاء العالم أجمع ، لكن الغريب أن الصحافة – آنذاك – لم تكن الميدان المناسب للنشر ، لأن الصور – كي تظهر على صفحات الجرائد – تحتاج إلى نقل على قوالب خشبية أو الطبع على الحجر مما يفقد الصورة كثيراً من مصداقيتها ، والشيء نفسه يقال عن الكتب المطبوعة ، وأصبحت عملية إصدار الصور مشكلة حادة حتى إن الجمعية الفوتوغرافية الفرنسية نظمت مسابقة عام 1273هـ / 1856م فازت فيها طريقة إصدار الصور بالفحم ، ثم أدخل على العملية تحسينات حتى أصبح من الممكن عام 1281هـ / 1864م عمل 1500 صورة في اليوم الواحد ، لكن هذا لا يلبي طلب الصحف . ثم أدخلت تعديلات أخرى حتى ظهرت طريقة الـ "فوتو تايب" ، وهي طريقة كيماوية تعتمد على خاصية Bicheomated Gelatine الذي يوضع على لوح زجاجي ، ثم يستخدم اللوح كقالب ، يعرض تحت الإضاءة أمام الفلم ، وأصبح بالإمكان إنتاج الصور التي أطلق عليها "هاف تون" والمقصور بالهاف تون هو تدرج الألوان في الصورة من الأسود إلى الأبيض بشكل دقيق . وفي عام 1285هـ / 1868م أدخلت عليها تحسينات جيدة ، لكن مشكلة وضوح شبكية الصورة لم تحل إلا في المرحلة الثالثة .

ثروت كتبي
07-21-2011, 09:00 PM
المرحلة الثالثة – ظهور الأفلام الجافة عام 1295هـ / 1878م

دخل التصوير الفوتوغرافي عهده الحديث عام 1295هـ / 1878م عندمات تم إنتاج أفلام زجاجية جافة ، في مصنع بكميات تجارية تباع على المصورين . وهذه الألواح أكثر حساسية بستين مرة من الألواح الرطبة ، وقد تطورت الفكرة من اقتراح طبيب بريطاني يسمى "فريتشارد ليتش مادوكس" عام 1288هـ / 1871م ، باستخدام بروميد الفضة مع مستحلب الجيلاتين لطلاء الألواح الزجاجية . وهكذا فقد سمحت السرعة الفائقة للأفلام الجديدة بتخليص الكاميرات من الحوامل ثلاثية القوائم ، وتم صنع كاميرات صغيرة الحجم تمسك باليد ، تسمح بالتقاط صور آنية .

وفي عام 1296هـ / 1879م ، تم حل مشكلة وضوح شبكية الصورة . وفي العام نفسه استطاع "كارل كليتش" تطوير طريقة الحفر الشمسي المسماة "هليوجرافي" ، التي استخدمت مع طريقة الـ "فوتو تايب" للحصول على طبعات عالية الجودة من الكتب المصورة ، ثم جاءت الطريقة الحاسمة لطباعة الصورة للكتب والصحف عام 1881م على يد "جورج ميسنياخ" الذي اخترع طريقة الـ "أوتو تيب" التي مكنت من إنتاج الصور الـ "هاف تون" آنيا مع طباعة الحروف ، فأصبح بالإمكان إنتاج عدد غير محدود من النسخ المصورة فوتوغرافياً .

وفي عام 1304هـ / 1887م ظهرت الأفلام الملفوفة على بكرة ، وأنتجت شركة كوداك كاميرات تستعمل هذه الأفلام ، فأصبح من الممكن التقاط عدد من الصور على الفلم الواحد والاستغناء عن الألواح الزجاجية المفردة والثقيلة . ثم أدخلت تحسينات واسعة على المواد الكيماوية المستخدمة للإظهار والتثبيت ، فأصبحت عملية التحميض سهلة .

وفي عام 1326هـ / 1908م أنتجت شركة أكفا ملبة "فلاش" لورق النترات ، ولم يظهر الفلاش الكهربائي السريع الذي يسمح بالتقاط صور متوالية إلا عام 1350هـ / 1931م . وفي عام 1352هـ / 1933م ظهرت لأول مرة أفلام "الشرائح Slide" الملونة ، لكن الأفلام الملونة التي يستطيع أن يستخدمها الهواة لم تظهر إلا عام 1361هـ / 1942م .

وتطورت طريقة التصوير الملون الآني في عام 1380هـ / 1960م ، وفي عام 1383هـ / 1963م ظهرت الكاميرات ذات التركيز البؤري الذاتي Auto-Focusing Automatic وفي عام 1393هـ / 1973م ظهرت أول كاميرا ذاتية "أوتوماتيكية" بالكامل . وأخيراً ظهرت الكاميرات الرقمية "Digital Cameras" في عام 1412هـ / 1991م .

المرجع
الأطلس المصور لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة – دارة الملك عبد العزيز