شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : عثمان والتجار


سلسبيل كتبي
07-17-2011, 07:39 PM
عثمان والتجار

أمسكت السماء ماءها ، وجف الزرع ، ومات الضرع ، وأنشب القحط أظافره في الأكباد الغضة .
فاجتمع الناس زمرًا إلى أبي بكر t خليفة رسول الله r .
وقالوا في أسف وقد علا وجههم الحزن ، وفرق أحشاءهم الجوع :
السماء لم تمطر ، والأرض لم تنبت ، والناس في شدة شديدة .
فقال أبو بكر t بصوت يملؤه الأمل والثقة بالله : انصرفوا واصبروا ، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم .
لم يمض وقد بعيد حتى أقبل أجراء عثمان بن عفان t من الشام يزفون البشري إليه ، بأن جاءته مائة راحلة فمحًا وطعامًا .
وأسرع التجار والناس إلى بيت عثمان t ، وقرعوا عليه الباب ، فخرج إليهم .
فقالوا له : الزمان قد قحط ، والسماء لا تمطر ، والأرض لا تنبت ، والناس في شدة شديدة ، وقد بلغنا أن عندك طعامًا ، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين .
فقال عثمان t منشرح الصدر : حبًا وكرامة ادخلوا فاشتروا .
ودخل التجار ورأوا الطعام موضوعًا في الدار .
فقال عثمان t مبتسمًا : يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام ؟
قالوا : للعشر أثناء عشر .
قال عثمان t : قد زادني !!
فقالوا : للعشرة أربعة عشر .
قال عثمان t : قد زادني !!
قالوا : للعشرة خمسة عشر .
قال عثمان t : قد زادني !!
فقالوا في دهشة : يا أبا عمرو ما بقي بالمدينة تجار غيرنا ، فمن زادك ؟
قال عثمان t وقد صافحت وجهه مسحة خشوع وتواضع ، ولمعت دموع الرضي في عينيه :
زادني الله تبارك وتعالى بكل درهم عشرة ، أعندكم زيادة ؟
قالوا ، وقد أحنت رءوسهم كلمات عثمان t الصادقة المخلصة : اللهم لا .
فقال عثمان t وقد وضع بين شفتيه ابتسامة لخص فيها كل ما يتحرك به قلبه :
فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين .

المرجع :
100قصة وقصة من حياة عثمان بن عفان t - محمد صديق المنشاوي