جمانة كتبي
02-03-2011, 02:03 AM
أبحاث الخلية
شكَّل غموض الخلية تحديًا لزمن طويل. فمنذ 2000 عام حاول الناس معرفة كيفية نمو الكائن البشري من خلية بيضية واحدة، حيث اعتقد بعضهم أن هذه الخلية تحتوي على كائن بشري صغير كامل التكوين، بينما اعتقد البعض الآخر أن أعضاء الجسم، مثل القلب والرجلين والذراعين، تكونت بالتتابع. ولكن غموض الخلية لم يكتشف إلا مع استخدام المجهر.
قبل 1900م.
في عام 1665م فحص العالم الإنجليزي روبرت هوك قطعة رقيقة من الفلين تحت المجهر، ولاحظ أنها تتكون من ثقوب جوفاء محاطة بجدران، وسمى هذه الثقوب الخلايا.
كذلك درس علماء آخرون الخلايا والكائنات الحية الدقيقة تحت المجهر، ولكن لسنوات طويلة لم يعرف الكثيرون أهمية الخلية.
وفي عام 1838م، أوضح عالم النبات الألماني ماتياس شلايدن أن الخلية هي الوحدة الأساسية للحياة.
وفي العام التالي، طورالفيزيولوجي الألماني ثيودور شوان نفس الفكرة.
وكان عدد من العلماء الآخرين قد توصلوا إلى قناعة بأن كل الكائنات الحية مكونة من خلايا.
ومنذ ذلك التاريخ اعتبر علماء الأحياء أن الخلية هي الكتلة البنائية للحياة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر
اكتشف الراهب النمساوي جريجور مندل قوانين الوراثة من خلال تجارب على بازلاء الحدائق.
وبترجمة عمل مندل بمصطلحات حديثة يمكننا القول بأنه توصل إلى أن الوراثة مكونة من وحدات أساسية هي المورثات، وأن هذه المورثات توجد في نواة الخلية في أزواج، حيث يأتي فرد من كل زوج من كل من الوالدين.
وقد نشر مندل نتائج أبحاثه فيعام 1865م، ولكن عمله ظل مجهولاً حتى عام 1900م.
وفي أثناء منتصف القرن التاسع عشر وأواخره
اكتشف العلماء الكثير عن الخلايا، باستخدام مجاهر ذات عدسات مطورة.
فقد عرفوا أن الخلية تتكاثر بالانقسام، وأن نواة كل خلية تحتوي على مادة تسمى الكروماتين، وأن الكروماتين يتكثف أثناء الانقسام الخلوي إلى عدد من أزواج الصبغيات المرئية، يتفاوت حسب نوع الكائن الحي.
كما عرفوا أيضًا أن كل خلية جسدية جديدة تتلقى عددًا من الصبغيات مساويًا لعدد صبغيات خلايا الوالدين، بينما تتلقى الخلايا البيضية والنطاف نصف عدد صبغيات الخلايا الجسدية.
ومع نهاية القرن التاسع عشر :
طرح عدد من العلماء فكرة أن الصبغيات هي أساس الوراثة، ولكن هذه الفكرة لم تنل القبول حتى الآن.
القرن العشرون :
أعيد اكتشاف عمل مندل عبر ثلاثة أعمال مختلفة في عام 1900م، قام بها كل من الهولندي هوجودو فريس، والألماني كارل كونز، والنمساوي إيريخ فون تشيرماك، حيث توصل الثلاثة، كل على حدة، أثناء تجاربهم على الوراثة، إلى نفس ما توصل إليه مندل من نتائج.
وفي عام 1902م أشار العالم الأمريكي وولتر ساتون إلى أن الصبغيات تسلك أثناء الانقسام الخلوي نفس سلوك الصفات الوراثية، الذي أشار إليه مندل.
وبعد سنوات قليلة، أثبت علماء في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية، على رأسهم توماس هنت مورجان، أن المورثات هي وحدات الوراثة، كما أثبتوا أن المورثات تنتظم بترتيب معين على الصبغيات.
وهنا برز السؤال:
كيف تحدد المورثات تركيب الكائنات الحية وسلوكها؟
وقد توصل العالمان الأمريكيان جورج بيدل وإدوارد تاتوم إلى جزء من الإجابة في أوائل الأربعينيات،عندما اكتشفوا أن بعض المورثات تتحكم في التفاعلات الكيميائية في الخلايا بتوجيه تكوين الإنزيمات، وأن هناك مورثًا محددًا لكل إنزيم.
وفي الأربعينيات :
أصبح العلماء أكثر اهتمامًا بكيمياء المورثات، حيث عرفوا أن الصبغيات تتكون من د ن أ وبروتين.
وفي الواقع كان د ن أ معروفًا منذ عام 1868م، عندما اكتشفه البيوكيميائي السويسري فريدريتش ميتشر، ولكن العلماء تجاهلوا دور د ن أ، مركزين فقط على أهمية البروتينات في العمليات الحيوية.
وقد جاءت نقطة التحول في عام 1944م، عندما عثر فريق من العلماء برئاسة عالم الوراثة الأمريكي أوزوالد إيفري، على دليل يثبت أن د ن أ وحده هو الذي يحدد الوراثة.
كان العلماء يعرفون أن جزيء د ن أ يتكون من الفوسفات والربيوز منقوص الأكسجين وأربع قواعد هي الأدنين والسيتوسين والجوانين والثيمين، ولكنهم لم يعرفوا كيف تترابط هذه الواحدات، بعضها مع بعض.
وفي عام 1953م اقترح كل من عالم الأحياء الأمريكي جيمس واطسون، وعالم الأحياء البريطاني فرانسيس كريك، أن تركيب د ن أ يشبه سلمًا ملتويًا، حيث بنوا هذا الاكتشاف على نتائج أبحاث عالمة الأحياء البريطانية روزالند فرانكلين، وعالم الفيزياء الحيوية البريطاني موريسولكنز.
وأثبتت التجارب أن نموذجهما صحيح.
وفي عام 1957م، أنتج عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي آرثر كورنبرغ د ن أ في أنبوب اختبار، حيث خلط نوويدات د ن أ مع إنزيم، ثم أضاف سلسلة من د ن أ طبيعي كقالب، فارتبطت نوويدات د ن أ معًا في سلسلة تشبه قالب د ن أ.
وبعد عشر سنوات تمكن كورنبرغ من صناعة د ن أ نشط أحيائيًا (قادر على التكاثر طبيعيًا).
عمل العديد من العلماء على فك الشفرة الوراثية المضمنة في ترتيب قواعدد ن أ.
ففي عام 1962م، اكتشف عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي مارشال نيرنبرج شفرة إحدى الحموض الأمينية، كما تمكن هو وآخرون بعد ذلك من تحديد شفرة الأحماض الأمينية العشرين، التي تدخل في إنتاج البروتين.
كذلك اكتشف علماء آخرون كيفية إنتاج نسخ ر ن أ عن شفرة د ن أ.
وفي السبعينيات :
اكتشف العلماء تقنيات لنزع مورثات من كائن حي، وإدخالها في كائن حي آخر.
وتسمى هذه التقنيات الآنتقانة د ن أ المولَّف.
وقد ساعدت التجارب التي أجريت باستخدام تقانة د ن أ المولف العلماء على جمع معلومات أكثر عن تركيب المورثات ووظيفتها، وأدت إلى تقدم في مجالات الزراعة والطب والصناعة.
وفي الثمانينيات :
بدأ العلماء استخدام مجهر قوي يسمى المجهر النفقي المسحي، وبذلك تمكنوا من الحصول على تفاصيل أدق لتركيب د نأ.
وفي التسعينيات :
بدأ الأطباء استخدام العلاج بالمورثات، في علاج بعض الأمراض.
وينطوي هذا العلاج على إدخال مورث في خلايا المريض، لإصلاح عيوب الخلية. .
المستقبل :
يحمل في طياته تحديات هائلة وتوقعات مذهلة في مجال أبحاث الخلية.
فالانتصارات الطبية المستقبلية ربما تكون في مجال التحكم في الاضطرابات التي تنشأ في الخلية.
وقد يكشف العلماء المزيد حول كيفية عمل المورثات، حيث يعرفون الآن أنها تنتج البروتينات.
وهناك الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة مثل:
ما الذي يسبب موت الخلية؟
هل يمكن تصحيح أخطاء الشفرة الوراثية التي تنتج عنها الاضطرابات العقلية والجسدية؟
ما الذي يجعل الخلية تتمايز؟
وبازدياد معلومات العلماء عن د ن أ والشفرة الوراثية، ربما يتمكنون في المستقبل من تغيير الشفرة، وعلاج مئات الأمراض الوراثية العقلية والجسدية، وقد يتمكنون من التحكم في السرطان، أو تغيير الخلايا التالفة أو المريضة.
وبمعالجة العمليات الوراثية قد يتمكن العلماء من إنتاج محاصيل حقلية وحيوانات مقاومة للأمراض، مما يؤدي إلى زيادة المنتجات الزراعية.
شكَّل غموض الخلية تحديًا لزمن طويل. فمنذ 2000 عام حاول الناس معرفة كيفية نمو الكائن البشري من خلية بيضية واحدة، حيث اعتقد بعضهم أن هذه الخلية تحتوي على كائن بشري صغير كامل التكوين، بينما اعتقد البعض الآخر أن أعضاء الجسم، مثل القلب والرجلين والذراعين، تكونت بالتتابع. ولكن غموض الخلية لم يكتشف إلا مع استخدام المجهر.
قبل 1900م.
في عام 1665م فحص العالم الإنجليزي روبرت هوك قطعة رقيقة من الفلين تحت المجهر، ولاحظ أنها تتكون من ثقوب جوفاء محاطة بجدران، وسمى هذه الثقوب الخلايا.
كذلك درس علماء آخرون الخلايا والكائنات الحية الدقيقة تحت المجهر، ولكن لسنوات طويلة لم يعرف الكثيرون أهمية الخلية.
وفي عام 1838م، أوضح عالم النبات الألماني ماتياس شلايدن أن الخلية هي الوحدة الأساسية للحياة.
وفي العام التالي، طورالفيزيولوجي الألماني ثيودور شوان نفس الفكرة.
وكان عدد من العلماء الآخرين قد توصلوا إلى قناعة بأن كل الكائنات الحية مكونة من خلايا.
ومنذ ذلك التاريخ اعتبر علماء الأحياء أن الخلية هي الكتلة البنائية للحياة.
وفي منتصف القرن التاسع عشر
اكتشف الراهب النمساوي جريجور مندل قوانين الوراثة من خلال تجارب على بازلاء الحدائق.
وبترجمة عمل مندل بمصطلحات حديثة يمكننا القول بأنه توصل إلى أن الوراثة مكونة من وحدات أساسية هي المورثات، وأن هذه المورثات توجد في نواة الخلية في أزواج، حيث يأتي فرد من كل زوج من كل من الوالدين.
وقد نشر مندل نتائج أبحاثه فيعام 1865م، ولكن عمله ظل مجهولاً حتى عام 1900م.
وفي أثناء منتصف القرن التاسع عشر وأواخره
اكتشف العلماء الكثير عن الخلايا، باستخدام مجاهر ذات عدسات مطورة.
فقد عرفوا أن الخلية تتكاثر بالانقسام، وأن نواة كل خلية تحتوي على مادة تسمى الكروماتين، وأن الكروماتين يتكثف أثناء الانقسام الخلوي إلى عدد من أزواج الصبغيات المرئية، يتفاوت حسب نوع الكائن الحي.
كما عرفوا أيضًا أن كل خلية جسدية جديدة تتلقى عددًا من الصبغيات مساويًا لعدد صبغيات خلايا الوالدين، بينما تتلقى الخلايا البيضية والنطاف نصف عدد صبغيات الخلايا الجسدية.
ومع نهاية القرن التاسع عشر :
طرح عدد من العلماء فكرة أن الصبغيات هي أساس الوراثة، ولكن هذه الفكرة لم تنل القبول حتى الآن.
القرن العشرون :
أعيد اكتشاف عمل مندل عبر ثلاثة أعمال مختلفة في عام 1900م، قام بها كل من الهولندي هوجودو فريس، والألماني كارل كونز، والنمساوي إيريخ فون تشيرماك، حيث توصل الثلاثة، كل على حدة، أثناء تجاربهم على الوراثة، إلى نفس ما توصل إليه مندل من نتائج.
وفي عام 1902م أشار العالم الأمريكي وولتر ساتون إلى أن الصبغيات تسلك أثناء الانقسام الخلوي نفس سلوك الصفات الوراثية، الذي أشار إليه مندل.
وبعد سنوات قليلة، أثبت علماء في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية، على رأسهم توماس هنت مورجان، أن المورثات هي وحدات الوراثة، كما أثبتوا أن المورثات تنتظم بترتيب معين على الصبغيات.
وهنا برز السؤال:
كيف تحدد المورثات تركيب الكائنات الحية وسلوكها؟
وقد توصل العالمان الأمريكيان جورج بيدل وإدوارد تاتوم إلى جزء من الإجابة في أوائل الأربعينيات،عندما اكتشفوا أن بعض المورثات تتحكم في التفاعلات الكيميائية في الخلايا بتوجيه تكوين الإنزيمات، وأن هناك مورثًا محددًا لكل إنزيم.
وفي الأربعينيات :
أصبح العلماء أكثر اهتمامًا بكيمياء المورثات، حيث عرفوا أن الصبغيات تتكون من د ن أ وبروتين.
وفي الواقع كان د ن أ معروفًا منذ عام 1868م، عندما اكتشفه البيوكيميائي السويسري فريدريتش ميتشر، ولكن العلماء تجاهلوا دور د ن أ، مركزين فقط على أهمية البروتينات في العمليات الحيوية.
وقد جاءت نقطة التحول في عام 1944م، عندما عثر فريق من العلماء برئاسة عالم الوراثة الأمريكي أوزوالد إيفري، على دليل يثبت أن د ن أ وحده هو الذي يحدد الوراثة.
كان العلماء يعرفون أن جزيء د ن أ يتكون من الفوسفات والربيوز منقوص الأكسجين وأربع قواعد هي الأدنين والسيتوسين والجوانين والثيمين، ولكنهم لم يعرفوا كيف تترابط هذه الواحدات، بعضها مع بعض.
وفي عام 1953م اقترح كل من عالم الأحياء الأمريكي جيمس واطسون، وعالم الأحياء البريطاني فرانسيس كريك، أن تركيب د ن أ يشبه سلمًا ملتويًا، حيث بنوا هذا الاكتشاف على نتائج أبحاث عالمة الأحياء البريطانية روزالند فرانكلين، وعالم الفيزياء الحيوية البريطاني موريسولكنز.
وأثبتت التجارب أن نموذجهما صحيح.
وفي عام 1957م، أنتج عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي آرثر كورنبرغ د ن أ في أنبوب اختبار، حيث خلط نوويدات د ن أ مع إنزيم، ثم أضاف سلسلة من د ن أ طبيعي كقالب، فارتبطت نوويدات د ن أ معًا في سلسلة تشبه قالب د ن أ.
وبعد عشر سنوات تمكن كورنبرغ من صناعة د ن أ نشط أحيائيًا (قادر على التكاثر طبيعيًا).
عمل العديد من العلماء على فك الشفرة الوراثية المضمنة في ترتيب قواعدد ن أ.
ففي عام 1962م، اكتشف عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي مارشال نيرنبرج شفرة إحدى الحموض الأمينية، كما تمكن هو وآخرون بعد ذلك من تحديد شفرة الأحماض الأمينية العشرين، التي تدخل في إنتاج البروتين.
كذلك اكتشف علماء آخرون كيفية إنتاج نسخ ر ن أ عن شفرة د ن أ.
وفي السبعينيات :
اكتشف العلماء تقنيات لنزع مورثات من كائن حي، وإدخالها في كائن حي آخر.
وتسمى هذه التقنيات الآنتقانة د ن أ المولَّف.
وقد ساعدت التجارب التي أجريت باستخدام تقانة د ن أ المولف العلماء على جمع معلومات أكثر عن تركيب المورثات ووظيفتها، وأدت إلى تقدم في مجالات الزراعة والطب والصناعة.
وفي الثمانينيات :
بدأ العلماء استخدام مجهر قوي يسمى المجهر النفقي المسحي، وبذلك تمكنوا من الحصول على تفاصيل أدق لتركيب د نأ.
وفي التسعينيات :
بدأ الأطباء استخدام العلاج بالمورثات، في علاج بعض الأمراض.
وينطوي هذا العلاج على إدخال مورث في خلايا المريض، لإصلاح عيوب الخلية. .
المستقبل :
يحمل في طياته تحديات هائلة وتوقعات مذهلة في مجال أبحاث الخلية.
فالانتصارات الطبية المستقبلية ربما تكون في مجال التحكم في الاضطرابات التي تنشأ في الخلية.
وقد يكشف العلماء المزيد حول كيفية عمل المورثات، حيث يعرفون الآن أنها تنتج البروتينات.
وهناك الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة مثل:
ما الذي يسبب موت الخلية؟
هل يمكن تصحيح أخطاء الشفرة الوراثية التي تنتج عنها الاضطرابات العقلية والجسدية؟
ما الذي يجعل الخلية تتمايز؟
وبازدياد معلومات العلماء عن د ن أ والشفرة الوراثية، ربما يتمكنون في المستقبل من تغيير الشفرة، وعلاج مئات الأمراض الوراثية العقلية والجسدية، وقد يتمكنون من التحكم في السرطان، أو تغيير الخلايا التالفة أو المريضة.
وبمعالجة العمليات الوراثية قد يتمكن العلماء من إنتاج محاصيل حقلية وحيوانات مقاومة للأمراض، مما يؤدي إلى زيادة المنتجات الزراعية.