جمانة كتبي
07-06-2011, 01:15 AM
علم مختلف الحديث
وهو علم يبحث في الأحاديث التي ظاهرها التعارض من حيث إمكان الجمع بينها إما بتقييد مطلقا , أو بتخصيص عامها ، أو حملها على تعدد الحادثة (1) , أو بشرح الكلمة في كل من الحديثين عبا يتفق واللغة العربية من جهة وعبا يتفق
ومناسبة الحديث وأحكام الشريعة من جهة ثانية .
هذا ولا نضطر إلى الجمع بين الحديثين المتعارضين إلا إذ كانا صحيحين ولم
يكن بينهما نسخ . قال ابن خزيمة : "لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين ، فمن كان عنده فليأتني به لأولف بينهما " (2) . ومن الأمثلة الرائعة على هذا التوفيق والجمع ما ذكره الشافعي في رسالته في باب "ما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف " إذ جمع بين حديث رافع بن خديج " أسفروا بصلاة الفجر " وبين حديث عائشة " كن ، النساء من المؤمنات ، يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح وهن متلفعات بمروطهن ، ما يعرفهن أحد من الغلس " (3) .
قال الشافعي : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضّ الناس على تقديم الصلاة وأخبر بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين مَن يقدمها قبل الفجر الآخر فقال : " أسفروا بالفجر " يعني حتى يتبين الفجر الآخر معترضاً " (4) .
ومن الأمثلة التي يذكرها علماء المصطلح على هذا التوفيق بين حديثين ظاهرهما التعارض قوله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى " وقوله : " فِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد " (5) وكلاهما صحيح ، فقد قالوا في الجمع بينهما (6) :
إن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ، لكن الله جعل مخالطة المريض للصحيح سبباً في العدوى ولاسيما إن كان لديه استعداد لقبول المرض ، وقالوا : إن ذلك قد يتخلف عن سببه (7) .
وقد ألّف في هذا العلم الإمام الشافعي وكتابه مطبوع في هامش الجزء السابع من كتاب ( الأم ) . وابن قتيبة وكتابه مطبوع أكثر من مرة (8) ، والطحاوي ، وابن الجوزي وغيرهم .
(1) هناك أمثلة كثيرة على ذلك الجمع أوردها الحافظ ابن حجر في مواضع متعددة من ( فتح الباري ) .
(2) علوم الحديث : لابن الصلاح ، ص 258 .
(3) صحيح مسلم : 2/118 .
(4) انظر " الرسالة " المطبوعة مع " الأم " : ص 40 – 41 الطبعة الأميرية ، وص 282 بتحقيق الأستاذ أحمد شاكر . واقرأ ذلك الحوار الرائع بينه وبين المخالف ، فإنه من روائع ما عرفنا من الحوار والمناظرة .
(5) صحيح البخاري ، كتاب الطب ، باب لا هامة " الفتح " : 10/159 ، وصحيح مسلم برقم 2220 .
(6) انظر صحيح البخاري : 7/109 و " الفتح " 10/159 ، و " مسند أحمد " 2/443 ، وانظر " تهذيب الآثار " للطبري " مسند علي " تحقيق محمود محمد شاكر من ص 3 إلى ص 34 ، وقد كتبت – محمد الصباغ – بحثاً عن الطيرة تعرضت فيه إلى الجمع بين هذين الحديثين .
(7) هكذا جمع بينهما ابن الصلاح ص 257 ، ولم يعجب هذا الرأي ابن حجر فاقترح توفيقا آخر ، انظره في شرح النخبة ، ص 15 .
(8) طبعه في المرة الأولى العلامة السلفي الشيخ إسماعيل الخطيب الأسعردي ولم يتح لي – محمد الصباغ – الإطلاع عليها عند كتابة هذا الفصل – فصل الرواية والدراية وأهم علوم الحديث - ، وعلق عليه تعليقات يقول عنها الأستاذ محمد زهري النجار : إنها نفيسة في جمادي الآخرة 1326 ، ثم نشره الأستاذ محمد زهري النجار في 1386 نشرة مملوءة بالأغلاط والتحريف . سامحه الله .
المصدر كتاب : الحديث النبوي ، مصطلحه ، بلاغته ، كتبه / محمد بن لطفي الصَّباغ – بتصرف - .
وهو علم يبحث في الأحاديث التي ظاهرها التعارض من حيث إمكان الجمع بينها إما بتقييد مطلقا , أو بتخصيص عامها ، أو حملها على تعدد الحادثة (1) , أو بشرح الكلمة في كل من الحديثين عبا يتفق واللغة العربية من جهة وعبا يتفق
ومناسبة الحديث وأحكام الشريعة من جهة ثانية .
هذا ولا نضطر إلى الجمع بين الحديثين المتعارضين إلا إذ كانا صحيحين ولم
يكن بينهما نسخ . قال ابن خزيمة : "لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين ، فمن كان عنده فليأتني به لأولف بينهما " (2) . ومن الأمثلة الرائعة على هذا التوفيق والجمع ما ذكره الشافعي في رسالته في باب "ما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف " إذ جمع بين حديث رافع بن خديج " أسفروا بصلاة الفجر " وبين حديث عائشة " كن ، النساء من المؤمنات ، يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح وهن متلفعات بمروطهن ، ما يعرفهن أحد من الغلس " (3) .
قال الشافعي : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضّ الناس على تقديم الصلاة وأخبر بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين مَن يقدمها قبل الفجر الآخر فقال : " أسفروا بالفجر " يعني حتى يتبين الفجر الآخر معترضاً " (4) .
ومن الأمثلة التي يذكرها علماء المصطلح على هذا التوفيق بين حديثين ظاهرهما التعارض قوله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى " وقوله : " فِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد " (5) وكلاهما صحيح ، فقد قالوا في الجمع بينهما (6) :
إن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ، لكن الله جعل مخالطة المريض للصحيح سبباً في العدوى ولاسيما إن كان لديه استعداد لقبول المرض ، وقالوا : إن ذلك قد يتخلف عن سببه (7) .
وقد ألّف في هذا العلم الإمام الشافعي وكتابه مطبوع في هامش الجزء السابع من كتاب ( الأم ) . وابن قتيبة وكتابه مطبوع أكثر من مرة (8) ، والطحاوي ، وابن الجوزي وغيرهم .
(1) هناك أمثلة كثيرة على ذلك الجمع أوردها الحافظ ابن حجر في مواضع متعددة من ( فتح الباري ) .
(2) علوم الحديث : لابن الصلاح ، ص 258 .
(3) صحيح مسلم : 2/118 .
(4) انظر " الرسالة " المطبوعة مع " الأم " : ص 40 – 41 الطبعة الأميرية ، وص 282 بتحقيق الأستاذ أحمد شاكر . واقرأ ذلك الحوار الرائع بينه وبين المخالف ، فإنه من روائع ما عرفنا من الحوار والمناظرة .
(5) صحيح البخاري ، كتاب الطب ، باب لا هامة " الفتح " : 10/159 ، وصحيح مسلم برقم 2220 .
(6) انظر صحيح البخاري : 7/109 و " الفتح " 10/159 ، و " مسند أحمد " 2/443 ، وانظر " تهذيب الآثار " للطبري " مسند علي " تحقيق محمود محمد شاكر من ص 3 إلى ص 34 ، وقد كتبت – محمد الصباغ – بحثاً عن الطيرة تعرضت فيه إلى الجمع بين هذين الحديثين .
(7) هكذا جمع بينهما ابن الصلاح ص 257 ، ولم يعجب هذا الرأي ابن حجر فاقترح توفيقا آخر ، انظره في شرح النخبة ، ص 15 .
(8) طبعه في المرة الأولى العلامة السلفي الشيخ إسماعيل الخطيب الأسعردي ولم يتح لي – محمد الصباغ – الإطلاع عليها عند كتابة هذا الفصل – فصل الرواية والدراية وأهم علوم الحديث - ، وعلق عليه تعليقات يقول عنها الأستاذ محمد زهري النجار : إنها نفيسة في جمادي الآخرة 1326 ، ثم نشره الأستاذ محمد زهري النجار في 1386 نشرة مملوءة بالأغلاط والتحريف . سامحه الله .
المصدر كتاب : الحديث النبوي ، مصطلحه ، بلاغته ، كتبه / محمد بن لطفي الصَّباغ – بتصرف - .