شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : الاسراء والمعراج


خالد محمود علوي
06-20-2011, 10:43 PM
الإسراء والمعراج

يقول الله تعالى في كتابه الكريم : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير } ( سورة الإسراء – آية 1 ) .
فضل الله سبحانه وتعالى بعض الأماكن على بعض ، وفضل بعض الأزمنة على بعض ، وفضل بعض الرسل على بعض .. قال الله تعالى { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } ( سورة البقرة – آية 253 ) .
وفي الحديث الشريف : « إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها » ومن نفحات الله ما خص به بعض الأيام والليالي بمضاعفة الثواب ، وقبول المتاب وإغداق الرحمات على عباده المؤمنين .
فحادث الإسراء والمعراج معجزة من المعجزات التي خص بها سيدنا محمد r فقد وقعت في السنة الحادية عشرة للبعثة قبل الهجرة بسنة أو بسنة وشهرين ..
وكان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة ، الإسراء رحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، والمعراج رحلة سماوية إلى الملأ الأعلى كما جاء في سورة النجم من آية ( 1 -18 ) .
فرجب شهر الله الحرام ، فيه وقع الإسراء والمعراج وهما الحادثتان الإلهيتان وقد تم فيهما تكريم النبي صلى الله عليه وسلم والانتقال به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وهناك صلى r إماماً بالأنبياء وصُعد به إلى السموات العلا حيث استقبله من كل سماء مقربوها .. وفي أشرف مكان وأسمى بقعة حفته الأنوار وغشيته الأسرار ، وصار في ضيافة الجبار ، ورأى من عجائب الكون ما رأى .
قال أمير الشعراء / أحمد شوقي :

يتساءلـون وأنت أطهـر هيكل ! --- بالروح أم بالهيكل الإسـراء ؟!

بهمـا سموت مطهراً ، وكلاهمـا --- نـور وروحـانيـة وبـهـاء

فضل عليك لـذى الجلال ومنـة --- والله يفعـل ما يـرى ويشــاء

تغشى الغيـوب من العوالم كلـما --- طـويت سمـاء قلدتـك سمـاء

في كل منطقـة حواشي نورهـا --- نـون وأنـت النقطـة الزهراء

أنت الجمال بها .. وأنت المجتلي --- والكـف والمـرآة والحسنـاء

اللـه هيـأ من حظيـرة قدسـه --- نـزلاً لذاتـك لم يجـزه علاء

والرسل دون العرش لم يؤذن لهم --- حاشا لغيرك موعــد ولقــاء

خالد محمود علوي
06-20-2011, 10:45 PM
أمر الإسراء والمعراج أوسع وأعم من أن يكون حدثاً تاريخياً انقضى وانتهى .. وذلك أنه منهج لحياة المسلم ، وفيه من العظات والعبر ما لا يكاد يحيط به الإنسان . ومن هذا المنطلقة سأذكر قصة الإسراء والمعراج كما جاءت في الأحاديث النبوية الشريفة :-
عن أنس بن مالك t ، أن رسول الله r قال : « أُتيت بالبراق : وهو دابة بيضاء ، فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته ، فأسري بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة في الحلقة التي يربط فيها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فأتاني جبريل بإناء من خمـر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن .
فقال جبريل : أصبت الفطرة .
قال : ثم عـرج بي إلى السماء الدنيا ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعاء لي بخير .
قال : ثم عـرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال : قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال : قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف u ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن . فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا بإدريس ، فرحب بي ودعا لي بخير ، يقول الله تعالى { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } ( آية 57 : مريم ) .
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟
قال : محمد . فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى u ، فرحب بي ودعا لي بخير .
ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل فقيل له : من أنت ؟
قال : جبريل – قيل : ومن معك ؟
قال محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم u ، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه .
ثم ذهبت إلى سدرة المنتهى ، فإذا أوراقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال فأوحى الله إليّ ما أوحى ، وقد فرض عليّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة .
فنزلت حتى انتهيت إلى موسى . قال : ما فرض ربك على أمتك ؟
قلت : خمسين صـلاة في كل يوم وليلة ، قال : ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم .
قال : فرجعت إلى ربي فقلت : أي رب خفف عن أمتي ، فحط عن أمتي خمساً .
فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فعلت ؟ فقلت : حط عني خمساً ، فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك .
قال : فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى . ويحط عني خمساً خمساً حتى قال : يا محمد هن خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر . فتلك خمسون صلاة ، ومن همّ بحسنة ، فلم يعملها كتبت له حسنة . فإن عملها كتبت له عشراً ، ومن هم بسيئة ، فلم يعملها لم تكتب ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة .
فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته . فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال رسول الله r « لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت» .
رواه مسلم بهذا السياق .
قال البيهقي في هذا السياق : إن المعراج كان ليلة أسرى به عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس .
ويقول ابن كثير عن ذلك :
وهذا الذي قاله هو الحق الذي لاشك فيه ولا مرية .

المرجع
خالد محمود علوي ، آخر الكلام نظرات من نافذة الحياة