شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : حلقة الخضار بجرول . . والمواد الغذائية بمكة .. مكة الكرمة


ثروت كتبي
04-22-2011, 05:39 PM
حلقة الخضار بجرول . . والمواد الغذائية بمكة

حلقة الخضار الموجودة الآن بجرول هي على أرضية بستان الشريف عون الرفيق الذي تولى إمارة مكة سنة 1299هـ ولد بمكة سنة 1256هـ وتوفي بالطائف سنة 1323هـ والبستان بجرول بينه وبين المسجد الحرام أقل من ثلاثة كيلو متر ، وكان عامراً بكل أنواع الثمار والمزروعات يضرب به المثل ، أنشأه بعد بستان الوزير عثمان نوري باشا ، أي حوالي 1310هـ تقريباً .
وكان بستان الوزير عثمان باشا – كما يذكر صاحب مرآة الحرمين – أول بسان بمكة ، أنشئ بالقرب من معسكر المحمل المصري .
وكان بستاناً بهجة للناظرين ، أنشأه وأباحه لأهل مكة يتنزهون فيه ، وأنفق عليه آلاف الجنيهات ، فما كان من الشريف إلا أن سعى به لدى الخليفة فعزله وأمر بإزالة البستان الذي أنشأه .
وفيه بركة في وسطه وهي متصلة بعين زبيدة ، وبجوارها مقسم العين ليجري الماء دائماً ، فكانت ملوءة بالماء على الدوام ومنها يسقى هذا البستان .
وقد بقي هذا البستان عامراً إلى سنة 1350هـ تقريباً ، ثم خرب بتاتاً حتى لم يبق فيه اثر لزروع مطلقاً ، لا ماء فيه ولا شجر وقد بني على جزء منه مستشفى للولادة .
وقد اشترى أرضه من آل عون حضرة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز آل سعود في عام 1367هـ .
وقد كان يزرع فيه ايام الشريف الجوافة والجوز الهندي والبرتقال والليمون والنخيل والعنب والكادي والبرسيم والكرنب وأنواع الخضروات .
وهو الآن – البستان – لا يزال على صلة بالثمار والفاكهة والخضروات وإن لم تكن مزروعة فيه ، ومكانه كان قبل سنوات محلاً لحلقة الخضار الكبيرة بمكة قبل انتقالها إلى الكعكية – حالياً – ثم بقيت هذه مكاناً لبيع جميع أنواع الفاكهة والخضروات التي تجلب من حلقة الكعكية ، كذلك فيها محلات لبيع المواد الغذائية جملة ومفرقة ، واللحم والدجاج الطازع والمجمد ، وغير ذلك من أنواع المأكولات كالبقول والحبوب والدقيق كما يوجد بها أيضاً دكاكين لبيع أعلاف الدواب من (برسيم وحشيش) بجانب الجهة الشرقية الشمالية التي كان بها (حراج الحمير) على جانب الدكاكين التي على الواجهةالغربية والتي يباع فيها بعض أدوات ومساحيق الغسيل والنظافة والاستخدامات البلاستيكية وغير ذلك ، كما يوجد فيها أيضاً محلات للخياطة الرجالية ، وبقالات داخل المنشية التي تضم أيضاً حرام الروادي ، ويوجد على سطح هذه الدكاكين قهوة كبيرة ، ويطلق الآن على مجموع هذه الدكاكين – دكاكين الأمير متعب بجرول .
والحديث خاص عن تجارة المواد الغذائية فإنه لم تشهد مكة محلا يجمع بسطات ودكاكين الخضروات والمواد الغذائية جملة ومفرقة – بعد حلقة النقا إن صح فيها ذلك – مثل ما شهدت حلقة جرول هذه ، فهي تعد من أكبر أسواق مكة ازدهاراً ونشاطاً في الغذائية في النصف الأخير من القرن الرابع عشر الهجري ، فقد شهدت حركة كبيرة في بيع ونقل المواد الغذائية وما يتبعها من المشروبات الخارجية والمحلية .
وبالمناسبة كان وكيل الملك عبد العزيز في المواد الغذائية هو الشيخ عبد الرحمن الطبيشي الموظف بوزارة الماية ، وهو من حارة جرول ، وهو الذي كان (يصنّع) الناس ، أي – يوزع الأموال والأرزاق على الفقراء والمحتاجين بأمر جلالة الملك عبد العزيز – رحمه الله – وكل ما يصل من مواد غذائية إلى جهة معدمة أو جماعة فقيرة بأمر جلالة الملك فإن الطبيشي هو الذي يقوم بمهمة إيصالها إلى تلك الجهات .
وكان بلا شك على اتصال كبير بتجار المواد الغذائية بمكة حيث يشتري منهم بفتهم المستوردين والبائعين لها ، إضافة إلى تجار جدة التي تعد البوابة الرئيسة بالنسبة لكل المواد المستوردة من خارج البلاد .
ومن تجار جدة بالجملة : باغفار وباعشن وباعثمان والعيدروس وغيرهم .
والمواد الغذائية هي كل ما يُطعم ويُشرب ، ولا شك أن هناك تجار المواد الغذائية الذين يقومون باستيراد وتزويد الأسواق المحلية ، وهناك من يتخصص في صنف من أصناف هذه المواد -كاستيراد الحبوب مثلاً – وهم – الحبابة – من أرز وعدس وقمح وشعير وذرة ودخن وحمص وفول ودقيق أبيض الذي نسميه – الفينو – وسكر وشاي . . الخ .
وكان منهم باسنبل في المعابدة ، وعائلة أحمد السباعي في المعلاة ، وطه خياط في المدعى على طريق القرارة ، وباريان وعباس خيرو في القشاشية والقرارة في شارع عون .
ومنهم السيد حسن الشربتلي وهو تاجر كبير في المواد الغذائية ، ومنهم في ذلك أبوحرب في الآونة الأخيرة .
ومنهم النقلي في (النُقُل أوالمكسرات) كالفستق والبندق والزبيب والحب والسمسم والنارجيل ، واللوز بأنواعه المختلفة .
ومنهم من اختص في المعلبات كالصلصة والسمن والزيوت المعلبة وغيرها ، ومنهم من يتخصص في الألبان والأجبان والقشطة والحليب البقري البلدي ، قبل ورود الحليب المجفف من الخارج ، وكان أول حليب سائل يرد مكة (حليب جاموس) في الخمسينات وكان يأتي به بعض الحجاج الجاوا والهنود ، ثم جاء حليب مجفف – أبو ولد – في الستينات تقريباً . ومنهم في اللحوم والدجاج المجمدة والمبردة والطازجة كشركة الفقيه للدواجن ، ومنهم في أنواع الفواكه ، ومنهم الشيخ عبد القادر فقيه – والد الشيخ عبد الرحمن فقيه – في السمن وهو أول من استورد السمن من الخارج ، ومنهم أيضاً عبده وزان ، وكان أكثر محلاتهم بالمسعى وبالمدعى وسوق المعلاة وسوق الصغير ، والحلقة القديمة بالنقا .
هذا باستثناء حبوب العطارة ، كالنانخة والحبة السوداء واليانسون والحلبة ، والتفة – حب الرشاد – وبعض الزيوت والأعشاب والدهانات العلاجية الخ .
فإنها في الغالب لا تعد ضمن المواد الغذائية المذكورة آنفاً . كذلك باستثناء جميع أنواع الأعلاف المحلية والمستوردة .
أما تجارة بعض المواد الغذائية المحلية فهي الآن مختلفة جداً ، حيث تعدد أنواع من أنشطتها التجارية وتطورت طرقها في تموين وتوزيع المواد الغذائية ، ليس في مكة والحجاز فحسب بل مختلف مناطق ومدن المملكة وخارجها ، وتعد بعض الدكاكين والمحلات القديمة التي آلت اليوم إلى شركات ومؤسسات ومصانع كبيرة في تجارة المواد الغذائية المختلفة .

المرجع
صور من تراث مكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري - عبدالله محمد أبكر