شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : بحر الأربعين وبحر الطين في جدة


م.أديب الحبشي
01-22-2011, 09:07 AM
بحر الأربعين وبحر الطين في جدة
ويسمى أيضاً ( بحر الطين) وموقعه شمال غرب جدة القديمة خارج السور أمام ميدان البيعة حالياً . وتطل على البحيرة من الناحية الغربية حارة الشام . . وقد كانت متنزهاً لأهالي جدة خلال فترة العصيرة وفي الإجازات . . وأذكر قبل أكثر من نصف قرن وجود ( صندقة خشبية ) يسكنها شخص يدعى ( مرزوق ) على شاطئ البحيرة ،وكان يؤجر لساتك الكفرات ( الإطارات ) للأطفال حيث كنا نستأجرها ونقضي أجمل أوقات السباحة والمرح . . وتكاد البحيرة أن تكون خالية من الأسماك والأحياء البحرية إذ لم نشاهد شيئاً من ذلك خلال سنوات ارتيادنا للبحيرة . . غير أنه قيل بوجود أسماك ( العربي) بها وأنه كان يرتادها بعض الصيادين من قبل للصيد بصورة غير منتظمة.

‏والواقع أنه من الصعوبة بمكان تحديد مساحة البحيرة لكن من المؤكد أنها كانت أكبر مما هي عليه الآن حيث تم ردم أجزاء واسعة منها خاصة من الجهة الغربية بأنقاض المباني القديمة وبالذات لدى افتتاح الشارع الجديد ( شارع الذهب ) الذي اخترق المدينة القديمة من جنوبها إلى شمالها وبالتالي هدم أعداد هائلة من المباني .

‏وكانت مباني جدة القديمة تعتمد بصورة رئيسية على الطين المستخرج من أعماق البحر لتماسك الحجارة حيث كان له متعهدون يستخرجونه بالهوارة ويكوم معجونه هرمياً ثم يأتي معلمي البناء لشرائه ويخلطونه بشيء من العسل الأسود أو الدبس لزيادة تماسكه . ومن أواخر من تعهدوا ببيعه الشيخ / محمد باخريبه .

هذا وكانت تصب في البحيرة مياه السيول القادمة من الأودية بشرق جدة محملة بالتربة المنجرفة مع ما تحمله من طين سلتي ناعم ( ألرنق) والذي يعتبر مادة طينية لاحمه للحجارة في كافة مباني جدة القديمة . . وكانت بعض مجارى السيول مبنية بالحجر الصوان . . ويذكر أن عمق البحيرة لا يزيد عن مترين اثنين .

‏ومما يحز في النفوس أن البحيرة تكاد تكون ضحلة في بعض مواقعها . كما أن ما وصلت إليه حالة التلوث خلال العقود الأخيرة نتيجة التوسع العمراني والمنشئات التجارية بالمنطقة المحيطة بها ، مع إلقاء بعض مخلفاتها ومخلفات ‏بعض مياه المجاري التي كانت تلقى بها مما يجعلها في أمس الحاجة إلى التنظيف والرقابة على المخلفات .




يتبع

م.أديب الحبشي
01-22-2011, 09:12 AM
هذا وقد عملت وأنا بصدد كتابة هذه السطور أن الجهة المعنية (أمانة مدينة جدة) قد بدأت فعلاً في تنظيف البحيرة - فسرني ذلك أيما سرور- لكن الأهم هو المحافظة عليها بعد تنظيفها .

‏كذلك فقد يكون من المستحب التنويه بأنه كان يطلق اسم محدد على كل منطقة من مناطق شاطئ جدة من الشمال إلى الغرب ثم الجنوب . . ومن ذلك
بحر الطين :
وموقعة مسجد الجفالي أمام وزارة الخارجية .
بحر الحجر :
وموقعه فندق البحر الأحمر ومركز الفيصلية .
بحر أم الجاوا:
بحر أبو العيون :
وموقعة فندق النهضة : ويقال أنه كان في هذه المنطقة مزار لشخص يدعى ( أبو العيون ) وقل تهدم وأصبح قوزاً ( أي تلاً من الحجارة ).
وكانت بعض الفتيات اللاتي لم يتزوجن يذهبن إلى الموقع ومعهن بعض الفتوت ( نوع من الفطائر ) ويرددن:
يا أبو العيون . . . . أنا حايرة
البنات أتزوجت . . . . وأنا بايرة
‏ثم يأكلن الفتوت ويغتسلن في البحر . .وهذه من ضمن المعتقدات البالية التي ‏كانت سائدة.

ويورى أنه على بعد بضعة أمتار من الشاطئ ، وعلى عمق متر واحد تقريباً كانت تستخرج مياه عذبة . وقد أكد لي ذلك عدد ممن كانوا يرتادون تلك المنطقة وبعضهم لازال على قيد الحياة .




المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة – لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي – الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)