شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : المحاريب في العمارة الدينية


ثروت كتبي
02-03-2011, 07:16 PM
المحاريب في العمارة الدينية

الموقع الإلكترونية لعميد الآثاريين بتونس سليمان مصطفى زبيس


http://www.smzbiss.org/ (http://www.smzbiss.org/)



المحاريب في العمارة الدينية

بالمغرب الإسلامي


للأستاذ سليمان مصطفى زبيس




إن للمحاريب في العمارة الإسلامية دورا عظيما في تاريخ الفن الزخرفي: ففي هذه الناحية المتوسطة من قبله المساجد تتضافر الجهود لتحلية الهندام وبهرجة المظهر وتنميق الكساء وتدبيج الحلة.

وهكذا نرى البناة يعنون بالمحاريب حتى لا تكون خالية من شيء، ولو ضئيل جدا، من التزويق يميزها عن بقية أجزاء المسجد عندما يتوخون بناء هذه على غاية البساطة لسبب من الأسباب كالاقتصاد في الإنفاق.
وليس لنا هنا أن نذكر تاريخ المحاريب من عهد نشأتها ولا أن نتحدث عن تطورها. كما يخرج عن نطاق موضوعنا درس ما ظهر منها في المشرق إلا بإشارة خفيفة إلى التي تعيننا على إدراك القرابة بينها وبين المحاريب المغربية التي جعلناها مادة هذا البحث.
وبالمحاريب المغربية نعني التونسية والجزائرية والمراكشية والأندلسية والصقلية وهو موضوع متسع جدا سوف نقتصر هنا على الإلماح إلى بعض الخصائص التي تبدو لنا طريفة تاركين إلى فرصة أخرى توفية الموضوع بما يحتاجه من التعمق في الدرس والاستفاضة في البيان والشرح كما نقتصر على محاريب الصلاة تاركين جانبا الزخرفية الموجودة في القصور وكذلك في المساجد.
هنا وإننا على علم من أن أول مسجد بني في المغرب الإسلامي هو جامع عقبة في ا لقيروان (سنة 25هـ) ثم جامع الزيتونة في تونس. وقد بنى المسلمون في بقية أقطار المغرب الإسلامي جوامع أخرى في ذلك العصر ولكنها زالت كلها ولا نعرف على أية صورة كانت. فإن أقدم المحاريب الذي وصلنا سالما وهو محراب مسجد رباط المنستير الراجع إلى سنة 180 هـ وهو على غاية البساطة يتألف من تجويفة نصف إسطوانية تعلوها نصف قبة تستقيم رجلاها في سمت الواجهة على كبشين مرتكزين على عمودين تحملهما قاعدتان. وكل هذه العناصر تختلف نوعا وحجما وكيفية تنسيق فقد أخذت من الخرائب الرومانية واستعملت لتوفى بالحاجة بدون مراعاة موجبات المناظرة الفنية وائتلاف العناصر وانسجامها. فالعمارة الإسلامية في عصورها الأولى بالخصوص لم تكن تنشد من البنيان إلا قيامه بالوظيفة التي أعد من أجلها وماعدا ذلك إنما هو نافلة.
ويأتي بعد هذا المحراب مسجد الرباط بسوسة ويرجع تاريخه إلى ما بين سنة 180 هـ وسنة 206 هـ وهو لا يختلف كثيرا عن السابق من حيث المواد التي تؤلفه والتي جلبت من هنا ومن هناك بدون تبصر إنما نرى فيه محاولة فنية محتشمة وهي تغطية أقطاع الحجارة بأشرطة من المطاط مع ترصيف هذه الحجارة ترصيفا فينا صار تحلية للمحراب. نضيف إلى ذلك ما فرغ من هذه الحجارة في بعض المناطق على شكل هندسي قصد به الزخرفة.
ثم ننتظر إلى سنة 221هـ. حتى نرى محرابا تعمد منشئه تحليته بالزخرفة البديعة المعروفة. ذلك هو محراب جامع القيروان الذي صنع – حسب الظاهر على شكل أقواس النصر الرومانية كما يلوح ذلك بالمقارنة بينه وبين قوس الإمبراطور طراجان في مكثر وسائر الأقواس الرومانية التونسية المصنوعة على هذا النحو. فالمحراب مثل القواس قد جعل في إطار خارجي يحده يمينا وشمالا عمودان ضخمان يرتفعان إلى جهاز أعلى يغلق الإطار من فوق وهو قوس مزخرف في المحراب وكورنيش بالغ البروز في قوس النصر ثم إن هناك إطار أصغر تندرج فيه فوهة الباب في قوس النصر ويحده يمينا وشمالا أسطوانتان أصغر حجما من السابقتين ترتفعان إلى حد أعلى يتألف من جهاز زخرفي بالغ الأناقة ويقابل ذلك في المحراب نفس العناصر مع فارق بسيط فالأسطوانتان الصغيرتان جعلتا لتحمل نصف قبة المحراب وجعل فوق هذا الأخير جهاز زخرفي أتقن صنعه إلى أبعد الحدود وأما تجويفة المحراب فقد كسيت بلوحات رخامية بديعة النقش وهذا الكسو لا نظير له في جميع المحاريب التونسية والمغربية والأندلسية التي عرفناها إلى اليوم إلا محراب جامع الزيتونة الذي أزيل عنه هذا الكسو أو طمس كما نبين ذلك فيما بعد.
وقد وجدنا ما يقارب هذا الكسو في المحراب الموصلي الذي تفضل بعرض صورته علينا الأستاذ العلامة سعيد الديوه جي. وهو محراب مسجد بنات الحسن [1] . فلعل هذه الطريقة قد جاءتنا من العراق إما عن طريق عبيد الله بن الحبحاب منذ بداية القرن الثاني هـ. فانتشرت في البلاد وصارت سنة حتى اتبعها الأغالبة عند بنائهم المسجدين العظيمين: جامع القيروان وجامع الزيتونة ولا غرابة في ذلك فإن المشهور عن هذا الوالي الأموي الموصلي الأصل أنه جلب معه ألفين من عائلات الموصل إلى البلاد التونسية فأقرهما فيه. فلا يبعد أن تكون هذه الجالية هي التي جاءت إلى ربوعنا بالطريقة المذكورة لكسو المحاريب كما لا يبعد أنها دخلت هذه الربوع في مدة بني العباس في أيام أمرائهم الأغالبة، كما يحمل على اعتقاد ذلك ما كتب فوق محراب جامع الزيتونة أنه صنع بأمر من الخليفة العباسي المستعين بالله فلا شك أنه توخى تجهيزه ببعض العناصر الفنية العراقية المألوفة عنده ومنها هذا الكسو بلوحات الرخام المنقوش.
وقد أتى محراب جامع الزيتونة في هيكلة ومحيطاته على نسق محراب جامع القيروان ويظهر ذلك جليا لو نزيل عنه الزيادات التي أضيفت إليه والتحويرات التي أدخلت عليه في عصور مختلفة وكذلك لو يرجع إليه ما طمس فيه أو أزيل عنه. ويشتمل ذلك على الكسو الجديد بالجبس المنقوش على الطريقة الأندلسية وإبدال كل من إسطوانتي تجويفة المحراب باثنتين نحيفتين وذلك أيضا على نسق المحاريب الأندلسية التي نراها اليوم في القروين بفاس وجامع الكتبيين في مراكش.
أما كسو محراب جامع الزيتونة بالألواح الرخامية فإن ذلك يبدو حقيقة لا نزاع فيها فإن بالمحراب ما زالت لوحة من بقية الجهاز الذي كان موجودا عند بناء الجامع فإما أن يكون هذا الجهاز ما زال في مكانه ويكفى لإبرازه إزالة المطاط الذي لبس به فطمسه، وإما أن يكون هذا الجهاز قد نزع من مكانه في وقت من الأوقات. ويجوز ذلك لأن بالمسجد لوحات من نمط لوحات جامع القيروان قد بنيت في أماكن متعددة وكان الغرض من بنائها حفظها من التلاشي أكثر منه تحلية الجامع بالألواح الفنية لأنها بعثرت هنا وهناك بدون انتظام ولا تنسيق وفي أماكن لا تمكن رؤية زخارفها، فما هو المانع أن تكون هذه اللوحات هي التي كانت في المحراب؟ وعلى كل فإن النية معقودة على التحري من هذا الأمر حتى نتبين الحقيقة وذلك بإزالة التلبيس الموجود في المحراب فإذا ما وجدنا تحته شيئا لم يعد يخامرنا الشك بان القطع المبعثرة هي ألواح المحراب الأولى.
وفي دار شعبان قرب مدينة نابل يوجد مرقب جميل سالم البنيان به محراب لطيف قد صنع على شاكلة محراب رباط المنستير ومحراب رباط سوسة ولكن الطرافة فيه أن نصف القبة التي تعلو التجويفة النصف اسطوانية قد صنعت على شكل محارة إشعاع أضلاعها من الداخل إلى الخارج على شكل الأكتاف المحارية التي تشاهد في قباب القرن الثالث هـ. التونسية، وليس لدينا كتابة تؤرخ لنا هذا المحراب ولكننا لا نحسبه – بموجب طريقة صنعه وبموجب وجوده في رباط صغير تبدو عليه خاصيات الرباطات الأولى – بموجب ذلك لا نحسبه إلا راجعا تاريخه إلى القرن الثالث هـ ، وإلى هذه الفصيلة يمكن إرجاع محراب مسجد الد ز بالمنستير.
وبحلول الدولة الفاطمية في هذه الديار في نهاية القرن الثالث تغير شكل تجويفة المحراب تغييرا كبيرا وخرج الصانع نهائيا عن الطريقة المألوفة إلى طريقة سوف نراها تؤول إلى سنة تقليدية لا حياد عنها إلى هذا اليوم وأقدم النماذج المثالية لمحاريب الفاطميين محراب جامع المهدية الذي بنى ما بين سنة 303 وسنة 308 هـ. وقد وصلنا هذا المحراب منقوصا ذلك أنه طمس وراء محراب جديد فلما نزع هذا الاخير بان الأول ولكن نصف قبته قد زال عنها حرجها. وتبدو التجويفة النصف إسطوانية متالفة من محاريب نصف دائرية غائرة ضيقة جدا بالنسبة إلى علوها وتعلو كلا من هذه المحاريب الفرعية محارات زخرفية. وقد زالت أيضا الأسطونتان اللتان كانتا تحملان نصف قبة المحراب الأصلي.
وفي مسجد الإشبيلي بتونس محراب يرجع إلى القرن الرابع هـ. إذا ناظرنا صنعته بصنعة مماثلة تمام المماثلة نجدها في قبة البهو من جامع الزيتونة المؤرخة بسنة 481 هـ. ويظهر في هذا المحراب إطار مربع قد وضعت فيه قوس المحراب وهي طريقة تقليدية نشاهدها في جميع المحاريب الأندلسية والمغربية والتونسية المتأثرة بذلك ونلاحظ أيضا استعمال نوع لطيف من الفسيفساء الهندسية المصنوعة بالجرش وهي حجارة رملية وذلك بلونها الطبيعي أو ملونة بالمغرة الحمراء أو بالغنج وهو السواد الذي يعلق بالقدور بعد وضعها على النار.
وإلى فصيلة محراب مسجد الإشبيلي يمكن إرجاع محراب مسجد شارع الخمسة في تونس.
وأقرب المحاريب التونسية إلى محراب المهدية هو محراب مسجد السيدة بالمنستير ومحراب الجامع الكبير بها مع إضافة عنصر جديد وهو "القمرة" المزخرفة الموجودة في أعلى كل من المحاريب الفرعية وكسو نصف القبة التي تعلو التجويفة بمحارة إشعاع إضلاعها من الخارج إلى الداخل خلافا لمحارات المعالم الأغلبية. وإلى فصيلة المحرابين السابقين يرجع محراب جامع سيدي عقبة في الوطن الجزائري قرب مدينة بسكرة. والفصيلة يمكن توريخها في النصف الأول من القرن الخامس هـ [2]. وأما محراب جامع سوسة فقد صنع على منوال محراب جامع المهدية مع الاحتفاظ بالعناصر الهيكلية لجامع القيروان ويظهر أنه مما أمر بصنعه الأمير الصنهاجي المعز بن باديس قبل الزحفة الهلالية أواسط القرن الخامس هـ.
ويشبه المحراب السابق محراب جامع القصر بتونس مع إضافة محارة مشعة من الداخل إلى الخارج. ويبين الرسم اليدوي استمرار طريقة محراب جامع القيروان في محاكاة قوس النصر. ويرجع تاريخ محراب جامع القصر الذي بناه الأمير أحمد بن خراسان إلى ما بين سنة 500 و520 هـ.
وفي مدينة صفاقس يوجد في أحد أبراج السور مسجد صغير صنع محرابه على نسق أحد المحاريب الزخرفية التي تكسى الواجهة الشرقية من جامع صفاقس حلة بهيجة في منتهى الروعة وهي تعتمد على أمور بسيطة وهي الإكثار من الناتئات والغائرات والإتيان بها متسلسلة متتابعة في مساحة متسعة فإذا ما أشرقت الشمس عليها تلاعب فيها النور والظلام بصورة فاتنة. ويرجع جامع صفاقس إلى عصور متعددة تبتدئ من القرن الثالث هـ حيث انتهى من الزيادات فيه فنحن إذا اعترنا أن الواجهة الشرقية من الجامع قد زيدت في هذه المرحلة الأخيرة فلا يبعد أن يكون محراب السور قد صنع في ذلك العصر. وأما محراب جامع صفاقس فلا نعرف عنه شيئا لأنه طمس في العصور الأخيرة ولكنه طمس بحاجز مبنى غطاه فقط حسب الظاهر ونأمل أنه ما زال على حالته وسوف نزيل هذا الحاجز للتحقق من أمره.
ولنقدم الآن محرابين آخرين من القرن الخامس أولهما محراب مسجد التوبة بالمنستير ومحراب مسجد البقالين في سوسة وهما على غاية البساطة.
وفي جامع بلاد الحضر بتوزر في الجنوب التونسي نرى المحراب مصنوعا مصورة غريبة جدا عن الأساليب التونسية فقد صنع محرابنا هذا على شاكلة المحاريب المغربية الأندلسية التي تعتمد على الكسو المطرد بالجبس المنقوش ونغتم هذه الفرصة لعرض المهم من المحاريب المراكشية والجزائرية : فهذا محراب جامع تلمسان المرابطى الراجع إلى بداية القرن السادس هـ ، فمحراب جامع المهدى بن تومرت بتنمل المبنى أواسط القرن المذكور فمحراب جامع الكتبين بمراكش وجامع القصبة بها وهما من نهاية القرن السادس. ثم تأتي المحاريب المدينية وجلها من إنشاء أبي الحسن المديني أو ابنه أبوعنان في أواسط القرن الثامن فلا فرق بين المحاريب السابقة وهذه التي أنشئت بعد قرنين كما يظهر ذلك في: مسجد أبى الحسن في تلمسان ومسجد أبى مدين الغوث في قرية العباد قرب تلمسان ومسجد المدرسة البوعنانية بفاس. واستمر الاسلوب الأندلسي إلى مدة السعدين في القرن الحادي عشر كما يشهد بذلك محراب مقبرتهم بل إن هذا الأسلوب لم يتغير إلى يوم الناس هذا.
ولنعد إلى محراب جامع توزر وقد استغربنا فيه دخول الأساليب المغربية الإسبانية ولكن الامر سهل جدا إذا علمنا أن هذا المحراب مؤرخ بسنة 590 هـ. وأن ذلك الوقت يطابق الفترة التي احتل فيها ابن غانية الجنوب التونسي وأن ابن غانية هذا أندلسي الاصل قد خرج من جزيرة ميورقة إلى تونس محاولا اغتصابها من الموحدين فلا شك أنابن غانية هو الذي بنى محراب توزر على شكله الحالي فجاء به على نسق المحاريب الأندلسية.
وإذا استثنينا هذا المحراب الشاذ فإن جميع المحاريب التونسية التي ظهرت فيما بعد لم تخرج عن الشكل التقليدي المشترك بين محراب جامع القيروان وجامع المهدية وذلك حتى في العصور التي كان فيها الذوق الاندلسي واسع الشيوع ففي العهد الحفصي كان الأمراء على تونس ممن سبقت لهم الرئاسة في الأندلس ثم أقلت إلينا معهم جاليات أندلسية من الصنف الممتاز بعد سقوط بلنسية وإشبيليا في يد النصارى ثم استمرت الهجرة إلينا بعد سقوط غرناطة ثم بعد الجلاء الأخير الذي أعقب أمر الملك الإسباني فيليب الثالث سنة 1609 م. حيث أقبل إلى هذه الربوع عشرات الآلاف من اللاجئين المسلمين الذي اندمجوا في المجتمع التونسي اندماجا كليا أو أقاموا بإزائه محافظين على شخصيتهم. وعلى كل فإن جميع المحاريب التي صنعت طيلة تلك المدة وإن تأثرت بعض الشيء بالمؤثرات المغربية الأندلسية إلا أنها بقيت دوما محتفظة مظهرها التقليدي التونسي.
هذا محراب جامع الموحدين بتونس أو جامع القصبة وقد بناه الأمير أبو زكريا الأكبر مؤسس الدولة الحفصية سنة 633 هـ. وكانت لهذا الأمير ولاية في الأندلس كما كان بلاطه بتونس مكتظا بالمبرزين من رجال الأندلس كابن سعيد المغربي وإبراهيم الغساني وابن أبي الحسين.
وهذا محراب سيدي محي في تونس المؤرخ بأواسط القرن الثامن هـ. وهذا محراب سيدي قاسم الزليجى المبنى على رأس المائة العاشرة، بناه مهاجر أندلسي جاء إلى تونس بعد سقوط غرناطة.
وهذا محراب جامع يوسف داي بتونس وكتب على رخامة في الصحن أن البانى له هو ابن غالب الأندلسي في بداية القرن الحادي عشر هـ.
وهذا محراب جامع حمودة باشا المرادي ومحراب جامع محمد باي أمام زاوية سيدي محرز بتونس. وغيرها من المحاريب المصنوعة في العهد التركي كثير، والملاحظ فيها أنها صنعت بإذن الحكام الأتراك وأن صانعيها قد كانوا غالبا من الصناع الأندلسيين ومع ذلك فإن العاملين المذكورين لم يؤثرا على الأسلوب التقليدي التونسي. نرى ذلك بأكثر جلاء في محرابين كانا في بلدتين أنشأهما من عدم واستقل بهما المهاجرون الأندلسيون وهما محراب جامع بلدة تستور ومحراب جامع بلدة سليمان. ومن تمكن الأسلوب التونسي التقليدي التمكن الشديد في صنع المحاريب أن هناك بالمرسى في ضاحية تونس جامعا قد بني منذ أقل من عشرين سنة وقد جلب إليه صناع من المغرب حتى يكون الجامع مغربي الشكل حسب الإمكان ولكننا إذا تأملنا في المحراب وجدناه تونسيا صميما.
هذا وقد بقيت لنا كلمة وجيزة عن محاريب صقلية والاندلس فلم يبق في صقلية إلا محراب واحد في كنيسة سان جيوفانى في بالرمو وهو غير إسلامي بل مقلد.
وأما في الأندلس قد بقي على الوجود محراب جامع قرطبة ومحراب مسجد الخراطين (Las Tornerias) في طليطلة وهو على شكل السابق مبسطا. ويوجد ثالث في مدينة سراقسطة في قصر الجعفرية وهو الحلقة الوسطى بين محراب قرطبة والمحاريب التي اشتهرت منذ القرن الخامس في المغرب، ولنلاحظ أن هذا المحراب لم يكن محرابا للصلاة بل هو محراب زخرفي ولكننا أوردناه هنا لانعدام النماذج التي تمثل المرحلة الثانية من العمارة الأندلسية بعد عصر الأمويين.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


[1] - هذا المحراب قد حفظ بمتحف الموصل والمحراب الذي كان فيه يرجع إلى القرن السابع هـ.

[2] - يلاحظ أن المحارة في هذا المحراب معكوسة الاتجاه بالنسبة إلى المحرابين السابقين.




الكاتب
أ. سليمان مصطفى زبيس




المصدر
موقع سليمان مصطفى زبيس