شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : البرنية


م.أديب الحبشي
06-19-2011, 09:56 AM
الطب والصحة العامة في جدة


البرنية
وبها كانت تعالج آلام الظهر ونقل السرة . . وهي عبارة عن شكل زير مغير الحجم أو ما يسمى حاليا بالكاسات ولكن من الفخار وله ثقب علوي . . ثم يلف شيء من القطن في قطعة من الشاش تسقى في الزيت ويوقد الجزء العلوي فيه بما يشبه الهمبة . . وتوضع على موضع الألم أو السرة المنقولة وفوقها الفخار. . ويقال أنها تشفط الرطوبة بإذن الله .

‏ومن جهة ثانية ونتيجة لعمق العقيدة والتبرك بالقرآن والعلاج بآياته الكريمة فقد كان الناس حينما يصابون ببعض الأمراض خاصة النفسية منها يلجئون لمن كان يطلق عليهم السادة فيكتبون لهم التمائم والحجب التي تعلق في الرقبة تحت الثياب أو توضع تحت الوسادة أثناء النوم.

‏وكثيراً ما كنا نعالج بشرب " المحو " وأذكر أن الوالد يرحمه الله كان يأخذني حينما أمرض وأنا طفل إلى أحد المشايخ فيتلوا على رأسي بعض التلاوات في سره ثم نحضر له بعض الصحون " الأطباق " يبيتها لديه ويكتب على كل واحد منها سبع آيات للشفاء بحبر " الكوبيا " و "الزعفران ". وفي كل يوم يتم وضع قليل من الماء في أحد الأطباق لتحل في الكتابة ويصبح لون الماء بلون الحبر " الكوبيا " فنشربه تبركاً وتحصيناً من العين . .

‏وكانت بعض الأسر الهندية التي تقيم في " قصبة الهنود " متخصصة في علاج " الصفاري " المتصل بالكبد حيث يميل لون البشرة والعينيين إلى الصفار . . وكان العلاج يتم بوضع " طاسة " أو ماعون به زيت يمسكه المعالج فوق رأس المريض ثم يحرك الزيت بالكراث ويقرأ في سرة بعض الآيات القرآنية . . وبعد بضع جلسات يشفى المريض بإذن الله . . ويتم العلاج مجانا . .

‏أما فيما يتصل بكسور العظام فقد برع في علاجها وتجبيرها بعض ابناء جده . ومن أشهر من عايشناهم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري الشيخ / يوسف عشماوى بحارة البحر ، وآخر من بيت الريفي في العمارية . .

‏أيضاً كان العلاج لبعض الأمراض يتم عن طريق الكي . وكان يشتهر به بعض البدو في ضواحي جدة ( الرويس- النزلة) .

‏هذا وقد اشتهرت في جدة في النصف الثاني من القرن الماضي (14هـ) السيدة / فاطمة بنت عمرو ابنة الشيخ / عمرو الجحدلي كبير وشيح أهل الرويس في زمانه . . وقد برعت هذه السيدة الفاضلة في الطب العربي . وكان أهالي جدة يلجئون إليها لعلاج الحالات المستعصية وغيرها . وقد عايشت ذلك شخصياً حينها ذهبنا مع الوالد يرحمه الله ونحن أطفال لعلاج شقيقي ‏الدكتور/ إبراهيم بعد أن عجز الأطباء في علاجه فكان آخر العلاج ( الكي ) ، ولازال صوت أخي يدوي في مسامعي حتى اللحظة عندما كانت الشيخة فاطمة تكويه في مواضع محددة . وقد شفي بحول الله . . وكانت هذه السيدة تعالج الكسور وعرق النساء ، وما إلى ذلك .
‏وما دام الشيء بالشيء يذكر فإن منطقة الرويس قبل هدم السور عبارة عن مجموعة مساكن من العشش يسكنها الصيادون وهم في ‏الغالب من الجحادله و الجدعانية وكان البيت الوحيد المبني منذ ما يزيد على مائة عام ولازال موجوداً هو بيت الشيخ / عمرو الجحدلي الذي تولى ابنه الشيخ / عبد العزيز بن عمرو عمدة الرويس وبعد وفاته يرحمه الله تولى العمودية ابنه / طلال بن عبد العزيز بن عمرو العمدة الحالي الذي يعتبر بحق مثالاً مشرفاً للتفاني في أداء الوظيفة ، علاوة على ما يتمتع به من استقامة ودماثة الأخلاق .






المرجع
( كتاب جدة .. حكاية مدينة– لمحمد يوسف محمد حسن طرابلسي–الطبعة الأولى 1427هـ ، 2006م)