أم شمس
02-02-2011, 01:10 AM
إبراهيم محمد سفر الحنفي
إبراهيم بن محمد المعروف بابن سفر الحنفي الغزى الشيخ الصوفي العالم الفاضل نشاء في غزة وحين حصل لجده بالإسلامبول عزه أخذ المترجم بنفسه وسافر إلى مصر القاهر وأقام وجد بالطلب في العلوم والتحصيل فنال الحظ الأوفر وتفقه مدة خمس عشرة سنة ومن جملة شيوخه السيد علي الضرير والشيخ سليمان المنصوري وغيرهما ورجع إلى غزة واجتمع بعد سنين بالأستاذ الشيخ مصطفى ابن كمال الدين الصديقي الدمشقي وأخذ عنه الطريق ولقنه بعض أسمائه المنوطه به وصار له ملكة قوية في علوم القوم وخاض في بحرها وعام وهو مع ذلك يفتي على المذهب الحنفي ويقري بعض الطلبة ما أرادوه من منطق وبيان وغير ذلك وكأن فيه بقية من الحظوظ النفسانية وهي التي أقعدته أخيراً كسيحاً وبقى في ذلك مدة ومرض بالاستسقاء آخراً ومات وكأن له شعر كثير فما وصلني منه قوله من قصيدة
ترفق رعاك اللّه بالصب يا حادي = ومل بي يا هادي إلى شاطىء الوادي
إلى كعبة التطواف وأنزل بشعب من = تملك قلباً ذاب بالوجد يا حادي
ويا راكباً بزلا عراباً وواصلاً = مقاما لسعدى ربة الخال والنادي
ويا هادياً تلك العراب وغادياً = فديتك يا هادي دخيلك يا غادي
تعرج لهاتيك الخيام بحاجر = ونحوز رودمل فثمة ميرادي
وقل يا حماك اللّه خلفت مغرما = أسيراً مشوق القلب من وجده صادي
يجن إلى لقيا الأحبة مولع = يئن إذا برق بدا دون ميعاد
كنت على نار الغرام ضلوعه = إذا هب من سلع نسيم وأجياد
وأن بارق من ثهمد لاح نحوه = وقد فاح عرف الندا وطيب أوراد
ترى دمعه يجري صبيباً كعندم = ويبدي زفيراً لا يحد بتعداد
فنوا عليه باللقا بعد بعده = وحنوا وحيوه تحية أجواد
عسى تنطفي نار الفراق بقربكم = ويطرب قريه على غصن مياد
عسى رأفة يد نوبها لمقامكم = وبلبله يشدو لها فوق أعواد
عسى ترحموه عطفة وتكرما = فيحيى بكم يا سادة القرب والبادي
يحن إذا ما الليل جن لما يرى = ويرقب طرف النجم في سيره العادي
يقول وقد ضاقت عليه مذاهب = ولا كالذي جاب البلاد بلا زاد
الأهل مجير لي اخا الكشف والولا = ومن لي معينا أرتجيه لارشادي
بحقك كن لي ناصحاً ومؤيدا = لمن ألتجي في كشف حجبي وامدادي
وقوله مخمساً أبياتاً للشيخ عبد الغني النابلسي قدس سره
حكم اللّه جل فيها أنبهار = وعلى العقل من مداها استتار
فلذا قاله عارف مختار = رب شخص تقوده الأقدار
للمعالي وما لذاك اختيار
مائلاً والهداية استقبلته = ما هلا والعناية اكتنفته
خاملاً والارادة استحسنته = غافلاً والسعادة احتضنته
وهو منها مستوجس نفار
فتراه أن قال قد قال حقا = وإذا سار سار بالحق صدقا
لا مضراً يخشى ولا يتوقى = يتعاطى القبح عمداً فيلقا
جميلاً ويستر الستار
وفقيهاً أن قال في الفقه أفتى = تقياً حاز الفضائل شتى
وأخا الزهد بت دنياه بتا = وفتى كابد العبادة حتى
مل من ذاك ليله والنهار
أن يروم الاحسان يلقاه ضرا = أو يذيع المعروف يرجع شرا
أخذا جانباً عن الناس طرا = يفعل الخير ثم يلقاه شرا
وإذا رام جنة فهي نار
منح جل قادر مبتديها = وشؤن لخلقه بمصطفيها
فهي حق أن رمت أن تجتليها = حكم حارت البرية فيها
وحقيق بأنها تحتار
ليس يدري شخص إذا ما أنجلت = كيف إقبالها ولا إذ تولت
غير أنها أحوال في الخلق جلت = وعطايا من المهيمن دلت
أن اللّه فاعل مختار
ومن شعره قوله
ساقي الندامى بدالي = بكأس خمر الدوالي
قديمة العصر تجلى = صرفا بنور الجمال
وزمزم الكاس منه = بريق شهد حلالي
وقال لي اشرب وعربد = واصدح بها لا تبالي
شربت شرباً هنياً = منه بدا ما بدا لي
حتى سكرت بحأني = وما علمت بحالي
فغبت عني بسكري = ولم أزل في توالي
سكرى بحأني حلالي = فيه اعتكاف الليالي
فقيل لي ذا حرام = عليك قلت حلالي
وكانت وفاته كما أخبرت في سنة اثنين وخمسين ومائة وألف ودفن ظاهر غزة رحمه الله تعالى
المرجع
الكتاب : سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر
المؤلف : المرادي
إبراهيم بن محمد المعروف بابن سفر الحنفي الغزى الشيخ الصوفي العالم الفاضل نشاء في غزة وحين حصل لجده بالإسلامبول عزه أخذ المترجم بنفسه وسافر إلى مصر القاهر وأقام وجد بالطلب في العلوم والتحصيل فنال الحظ الأوفر وتفقه مدة خمس عشرة سنة ومن جملة شيوخه السيد علي الضرير والشيخ سليمان المنصوري وغيرهما ورجع إلى غزة واجتمع بعد سنين بالأستاذ الشيخ مصطفى ابن كمال الدين الصديقي الدمشقي وأخذ عنه الطريق ولقنه بعض أسمائه المنوطه به وصار له ملكة قوية في علوم القوم وخاض في بحرها وعام وهو مع ذلك يفتي على المذهب الحنفي ويقري بعض الطلبة ما أرادوه من منطق وبيان وغير ذلك وكأن فيه بقية من الحظوظ النفسانية وهي التي أقعدته أخيراً كسيحاً وبقى في ذلك مدة ومرض بالاستسقاء آخراً ومات وكأن له شعر كثير فما وصلني منه قوله من قصيدة
ترفق رعاك اللّه بالصب يا حادي = ومل بي يا هادي إلى شاطىء الوادي
إلى كعبة التطواف وأنزل بشعب من = تملك قلباً ذاب بالوجد يا حادي
ويا راكباً بزلا عراباً وواصلاً = مقاما لسعدى ربة الخال والنادي
ويا هادياً تلك العراب وغادياً = فديتك يا هادي دخيلك يا غادي
تعرج لهاتيك الخيام بحاجر = ونحوز رودمل فثمة ميرادي
وقل يا حماك اللّه خلفت مغرما = أسيراً مشوق القلب من وجده صادي
يجن إلى لقيا الأحبة مولع = يئن إذا برق بدا دون ميعاد
كنت على نار الغرام ضلوعه = إذا هب من سلع نسيم وأجياد
وأن بارق من ثهمد لاح نحوه = وقد فاح عرف الندا وطيب أوراد
ترى دمعه يجري صبيباً كعندم = ويبدي زفيراً لا يحد بتعداد
فنوا عليه باللقا بعد بعده = وحنوا وحيوه تحية أجواد
عسى تنطفي نار الفراق بقربكم = ويطرب قريه على غصن مياد
عسى رأفة يد نوبها لمقامكم = وبلبله يشدو لها فوق أعواد
عسى ترحموه عطفة وتكرما = فيحيى بكم يا سادة القرب والبادي
يحن إذا ما الليل جن لما يرى = ويرقب طرف النجم في سيره العادي
يقول وقد ضاقت عليه مذاهب = ولا كالذي جاب البلاد بلا زاد
الأهل مجير لي اخا الكشف والولا = ومن لي معينا أرتجيه لارشادي
بحقك كن لي ناصحاً ومؤيدا = لمن ألتجي في كشف حجبي وامدادي
وقوله مخمساً أبياتاً للشيخ عبد الغني النابلسي قدس سره
حكم اللّه جل فيها أنبهار = وعلى العقل من مداها استتار
فلذا قاله عارف مختار = رب شخص تقوده الأقدار
للمعالي وما لذاك اختيار
مائلاً والهداية استقبلته = ما هلا والعناية اكتنفته
خاملاً والارادة استحسنته = غافلاً والسعادة احتضنته
وهو منها مستوجس نفار
فتراه أن قال قد قال حقا = وإذا سار سار بالحق صدقا
لا مضراً يخشى ولا يتوقى = يتعاطى القبح عمداً فيلقا
جميلاً ويستر الستار
وفقيهاً أن قال في الفقه أفتى = تقياً حاز الفضائل شتى
وأخا الزهد بت دنياه بتا = وفتى كابد العبادة حتى
مل من ذاك ليله والنهار
أن يروم الاحسان يلقاه ضرا = أو يذيع المعروف يرجع شرا
أخذا جانباً عن الناس طرا = يفعل الخير ثم يلقاه شرا
وإذا رام جنة فهي نار
منح جل قادر مبتديها = وشؤن لخلقه بمصطفيها
فهي حق أن رمت أن تجتليها = حكم حارت البرية فيها
وحقيق بأنها تحتار
ليس يدري شخص إذا ما أنجلت = كيف إقبالها ولا إذ تولت
غير أنها أحوال في الخلق جلت = وعطايا من المهيمن دلت
أن اللّه فاعل مختار
ومن شعره قوله
ساقي الندامى بدالي = بكأس خمر الدوالي
قديمة العصر تجلى = صرفا بنور الجمال
وزمزم الكاس منه = بريق شهد حلالي
وقال لي اشرب وعربد = واصدح بها لا تبالي
شربت شرباً هنياً = منه بدا ما بدا لي
حتى سكرت بحأني = وما علمت بحالي
فغبت عني بسكري = ولم أزل في توالي
سكرى بحأني حلالي = فيه اعتكاف الليالي
فقيل لي ذا حرام = عليك قلت حلالي
وكانت وفاته كما أخبرت في سنة اثنين وخمسين ومائة وألف ودفن ظاهر غزة رحمه الله تعالى
المرجع
الكتاب : سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر
المؤلف : المرادي