شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : علي بن أبي طالب


ريمة مطهر
02-01-2011, 11:48 PM
علي بن أبي طالب

علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي ‏.‏ ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واسم أبي طالب عبد مناف ‏.‏ وقيل ‏:‏ اسمه كنيته ، واسم هاشم ‏:‏ عمرو‏ .‏ وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم ‏.‏ وكنيته ‏:‏ أبو الحسن أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصهره على ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين ، وأبو السبطين ، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين ، وأول خليفة من بني هاشم ، وكان علي أصغر من جعفر وعقيل وطالب‏ .‏ وهو أول الناس إسلاماً في قول كثير من العلماء على ما نذكره‏ .‏‏.‏ وهاجر إلى المدينة ، وشهد بدراً ، وأحداً والخندق ، وبيعة الرضوان ، وجميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله ، وله في الجميع بلاء عظيم وأثر حسن ، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة بيده ، منها يوم بدر - وفيه خلاف - ولما قتل مصعب بن عمير يوم أحد وكان اللواء بيده ، دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي‏ .‏ وآخاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين ، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة ، وقال لعلي في كل واحدة منهما‏ :‏ ‏" ‏أنت أخي في الدنيا والآخرة " .

إسلامه رضي الله عنه
أنبأنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال ‏:‏ ثم إن علي بن أبي طالب جاء بعد ذلك اليوم - يعني بعد إسلام خديجة وصلاتها معه – قال ‏:‏ فوجدهما يصليان ، فقال علي ‏:‏ يا محمد ، ما هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏"‏ دين الله الذي أصطفى لنفسه ، وبعث به رسله ، فأدعوك إلى الله وعلى عبادته وكفر باللات والعزى‏ " ‏‏. ‏فقال له علي ‏:‏ هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم ، فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب ‏.‏ فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره ، فقال له ‏:‏ يا عليّ ، إن لم تسلم فاكتم ‏.‏ فمكث عليّ تلك الليلة ، ثم إن الله أوقع في قلب عليّ الإسلام ، فأصبح غادياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فقال ‏:‏ ماذا عرضت عليّ يا محمد ؟ فقال له سول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏تشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وتكفر باللات والعزى ، وتبرأ من الأنداد‏ " ‏‏.‏ ففعل عليّ وأسلم ، ومكث عليّ يأتيه سراً خوفاً من أبي طالب ، وكتم عليّ إسلامه ‏.‏ وكان مما أنعم الله به علي عليّ أنه ربي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام‏ .‏ قال يونس عن ابن إسحاق قال ‏:‏ حدثني عبد الله بن أبي نجيح قال‏ :‏ رواه عن مجاهد قال ‏:‏ أسلم علي وهو ابن عشر سنين‏ . ‏أنبأنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي عن محمد بن حميد عن إبراهيم بن المختار ، عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، قال ‏:‏ ‏" ‏أول من أسلم علي " ومثله روى مقسم عن ابن عباس واسم أبي بلج ‏:‏ يحيى بن أبي سليم ‏.‏ قال ‏:‏ وحدثنا أبو عيسى ، حدثنا إسماعيل بن موسى ، حدثنا علي بن عابس ، عن سليم الملائي ، عن أنس بن مالك قال‏ :‏ بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين‏ .‏ وأسلم عليّ يوم الثلاثاء ‏. ‏قال‏ :‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا محمد بن بشار وابن مثنى قالا ‏:‏ حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي حمزة رجل من الأنصار ، عن زيد بن أرقم قال ‏:‏ أول من أسلم عليّ - قال عمرو بن مرة‏ :‏ فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فأنكره وقال ‏:‏ أول من أسلم أبو بكر ‏.‏ وأبو حمزة اسمه طلحة بن يزيد ‏. ‏أنبأنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد الله المخزومي بإسناده عن أحمد بن علي ‏:‏ حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا الأجلح ، عن سلمة بن كهيل ، عن حبة بن جوين ، عن علي قال‏ :‏ لم أعلم أحداً من هذه الأمة عبد الله قبلي ، لقد عبدته قبل أن يعبده أحد منهم خمس سنين ، أو سبه سنين‏ . ‏رواه إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ، عن شعيب بن صفوان ، عن الأجلح ، نحوه ‏.‏ أنبأنا عبد الله بن أحمد الطوسي الخطيب بإسناده عن أبي داود الطيالسي‏ :‏ حدثنا شعبة ، حدثنا سلمة بن كهيل بن حبة العرني قال ‏:‏ سمعت علياً يقول ‏:‏ أنا أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ‏. ‏وأنبأنا أبو الطيب محمد بن أبي بكر بن أحمد المعروف بكلي الأصبهاني كتابة ، وحدثني به عثمان بن أبي بكر بن جلدك الموصلي ، عنه ، أخبرنا أبو علي الحدلد ، أنبأنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق ، أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب ، حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن عليم الكندي ، عن سلمان الفارسي قال ‏:‏ أول هذه الأمة وروداً على نبيها أولها إسلاماً ، علي بن أبي طالب ‏.‏ رواه الدبري عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن قيس بن مسلم ‏. ‏أنبأنا ذاكر بن كامل الخفاف ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الباقرجي أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف المقري العلاف ، أنبأنا أبو علي مخلد بن جعفر بن مخلد الباقرجي ، حدثنا محمد بن جرير الطبري ، حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن مسلم ، عن أبيه ، عن أبي أيوب الأنصاري قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏لقد صلت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، وذاك أنه لم يصل معي رجل غيره ‏" ‏‏. ‏أنبأنا يحيى بن محمود بن سعد ، حدثنا الحسن بن أحمد قراءة عليه وأنا حاضر أسمع أنبأنا أحمد بن عبد الله أبو نعيم أنبأنا أبو القاسم الطبراني ، حدثنا العباس بن الفضل الاسقاطي ، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب ، حدثنا علي بن غراب ، عن يوسف بن صهيب ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال ‏:‏ خديجة أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم علي ‏.‏ وقال أبو ذر والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبو سعيد الخدري ، وغيرهم‏ :‏ إن علياً أول من أسلم بعد خديجة ، وفضله هؤلاء على غيره ‏.‏ قاله أبو عمر‏ . ‏وروى معمر ، عن قتادة ، عن الحسن وغيره قال ‏:‏ أول من أسلم عليّ بعد خديجة ، وهو ابن خمس عشرة سنة ‏.‏ وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم ‏:‏ علي أو أبو بكر ؟ قال ‏:‏ سبحان الله‏ !‏ عليّ أولهما إسلاماً ، وإنما اشتبه على الناس لأن علياً أخفى إسلامه عن أبي طالب وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه ‏.‏ وقد ذكرنا حديث عفيف الكندي في أن أول من أسلم :‏ علي في ترجمته‏ .‏ وقال أبو الأسود تيم بن عروة‏ :‏ إن علياً والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين ‏. ‏قال أبو عمر ‏:‏ ولا أعلم أحداً يقول بقوله هذا‏ .‏ وقد قال جماعة غير من ذكرنا‏ :‏ إن علياً أول من أسلم ، وقيل ‏:‏ أبو بكر، والله أعلم مع رسول الله عليه وسلم ، ثم علي‏ . ‏وقال أبو ذر والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبو سعيد الخدري ، وغيرهم‏ :‏ إن علياً أول من أسلم بعد خديجة ، وفضله هؤلاء على غيره ‏.‏ قاله أبو عمر‏ .‏ وروى معمر ، عن قتادة ، عن الحسن وغيره قال ‏:‏ أول من أسلم عليّ بعد خديجة ، وهو ابن خمس عشرة سنة‏ .‏ وسئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم ‏:‏ علي أو أبو بكر ؟ قال‏ :‏ سبحان الله‏ !‏ عليّ أولهما إسلاماً ، وإنما اشتبه على الناس لأن علياً أخفى إسلامه عن أبي طالب وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه ‏.‏ وقد ذكرنا حديث عفيف الكندي في أن أول من أسلم ‏:‏ علي في ترجمته ‏. ‏وقال أبو الأسود تيم بن عروة ‏:‏ إن علياً والزبير أسلما وهما ابنا ثمان سنين‏ .‏ قال أبو عمر‏ :‏ ولا أعلم أحداً يقول بقوله هذا‏ . ‏وقد قال جماعة غير من ذكرنا ‏:‏ إن علياً أول من أسلم ، وقيل ‏:‏ أبو بكر ، والله أعلم .

هجرته رضي الله عنه
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده ، عن يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال‏ :‏ وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة- ينتظر مجيء جبريل عليه السلام وأمره له أن يخرج من مكة بإذن الله له في الهجرة إلى المدينة ، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي ، وأرادوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرادوا ، أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ، ويتسجى ببرد له أخضر ، ففعل ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه ‏. ‏قال ابن إسحاق ‏:‏ وتتابع الناس في الهجرة ، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتن في دينه علي بن أبي طالب وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخره بمكة ، وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثاً ، وأمره أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل ‏.‏ ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم‏ . ‏أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي إجازة‏ :‏ أنبأنا أبي أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد ، حدثنا أبو محمد الجوهري ، حدثنا أبو حفص بن شاهين ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، حدثنا أحمد بن يوسف ، حدثنا أحمد بن يزيد النخعي ، حدثنا عبيد الله بن الحسن ، حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده عن أبي رافع (‏ح‏) قال عبيد الله بن الحسن‏ :‏ وحدثني محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي رافع في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ وخلفه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم - يعني خلف علياً - يخرج إليه بأهله ، وأمره أن يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه ، وما كان يأتمن عليه من مال ، فأدى عليّ أمانته كلها ، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج ، وقال ‏:‏ إن قريشاً لم يفقدوني ما رأوك ‏.‏ فاضطجع على فراشه ، وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي صلى الله عليه وسلم فيرون عليه علياً ، فيظنونه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه علياً ، فقالوا‏ :‏ لو خرج محمد لخرج بعلي معه ، فحبسهم الله بذلك عن طلب النبي حين رأوا علياً ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن يلحقه بالمدينة ، فخرج علي في طلبه بعدما أخرج إليه أهله يمشي الليل ويكمل النهار ، حتى قدم المدينة‏ .‏ فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قدومه قال ‏:‏ ادعوا لي علياً ‏.‏ قيل‏ :‏ يا رسول الله ، لا يقدر أن يمشي ‏.‏ فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه اعتنقه وبكى ، رحمة لما بقدميه من الورم ، وكانتا تقطران دماً ، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم في يديه ، ومسح بهما رجليه ، ودعا له بالعافية فلم يشتكهما حتى استشهد رضي الله تعالى عنه .

شهوده رضي الله عنه بدراً
وغيرها ‏: ‏أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن أبي إسحاق ، في تسمية من شهد بدراً من قريش ، ثم من بني هاشم قال ‏:‏ وعلي بن أبي طالب ، وهو أول من آمن به ‏.‏ وأجمع أهل التاريخ والسند على أنه شهد بدراً وغيرها من المشاهد ، وأنه لم يشهد غزوة تبوك لا غير ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله ‏. ‏أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا الفقيه وغير واحد بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل ‏:‏ حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا إسحاق بن منصور السلولي ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق قال ‏:‏ سأل رجل البراء وأنا أسمع ‏:‏ أشهد عليّ بدراً ؟ قال‏ :‏ بارز وظاهر ‏. ‏أخبرنا يحيى بن محمود ، أنبأنا عم جدي أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، أنبأنا أبو طاهر عم والدي وأبو الفتح ، قالا ‏:‏ أنبأنا أبو بكر بن زادان ، حدثنا أبو عروبة ، حدثنا أبو رفاعة ، حدثنا محمد بن الحسن - يعرف بالهجيمي - حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد قال ‏:‏ لقد رأيته - يعني علياً - يخطر بالسيف هام المشركين يقول ‏:‏ ‏( ‏سنحنح الليل كأنّي جنّي ) ‏‏. ‏أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان ، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن صرون ، وأبو طاهر أنبأنا أحمد بن شاذان ، قال‏ :‏ قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر قال ‏:‏ كتب إليّ محمد بن علي ومحمد بن يحيى يخبراني ، عن محمد بن الجنيد ، حدثنا حصن بن جنادة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال ‏:‏ لقد أصابت علياً يوم أحد ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأرض ، فما كان يرفعه إلا جبريل عليه السلام‏ .‏

قال‏ :‏ وحدثنا جدي حدثنا بكر بن عبد الوهاب ، حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا إسماعيل بن عياش الحمصي ، عن يحيى بن سعيد ، عن ثعلبة بن أبي مالك قال ‏:‏ كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواطن كلها فإذا كان وقت القتال أخذها علي بن أبي طالب ‏.‏

أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ ‏.‏ أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ، أنبأنا البناء قالوا ‏:‏ حدثنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن سليمان ، حدثنا الزبير بن بكار قال ‏:‏ وله يعني لعلي بن أبي طالب - يقول أسيد بن أبي أناس بن زنيم ، وهو يحرض مشركي قريش على قتله ويعيرهم‏ :‏

في كل مجمـع غـاية أخـزاكـم ** جذع أبر على المذاكي الـقـرح
للـه دركـم ألـمـا تـنـكــروا ** قد ينكر الحي الكريم ويستـحـي
هذا ابن فاطمة الـذي أفـنـاكـم ** ذبحاً، وقتلة قعـصة لـم تـذبـح
أعطوه خرجاً واتقـوا بـضـريبة ** فعل الذليل وبـيعة لـم تـربـح
أين الكهـول ؟ وأين كـل دعـامة ** في المعضلات ؟ وأين زين الأبطح
أفناهم قعصـاً وضـربـاً يفـري ** بالسيف يعمل حده لـم يصـفـح

أنبأنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن المديني بإسناده عن أحمد بن علي بن المثنى ‏:‏ حدثنا أبو موسى ، حدثنا محمد بن مروان العقيلي ، عن عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة قال ‏:‏ قال علي‏ :‏ لما تخلى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏ :‏ والله ما كان ليفر وما أراه في القتلى ، ولكن الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه ، فما فيّ خير من أن أقاتل حتى أقتل ، فكسرت جفن سيفي ، ثم حملت على القوم فأفرجوا لي ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم‏ .‏

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الدمشقي ، أنبأنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، أنبأنا زيد بن الحباب ، حدثنا الحسين بن وافد عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال‏ :‏ لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء ، فلما كان من الغد أخذه عمر – وقيل ‏:‏ محمد بن مسلمة - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ " لأدفعن لوائي إلى رجل لم يرجع حتى يفتح الله عليه " ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة ، ثم دعا باللواء ، فدعا علياً وهو يشتكي عينيه ، فمسحهما ثم دفع إليه اللواء ففتح – قال ‏:‏ فسمعت عبد الله بن بريدة يقول‏ :‏ حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب - يعني علياً - ‏.‏

وأخباره في حروبه كثيرة لا نطول بذكرها‏ .‏
علمه رضي الله عنه
روى علي عن النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر ، وروى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد وعمر ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عمر ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير ، وأبو موسى الأشعري ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو رافع ، وصهيب ، وزيد بن أرقم ، وجابر بن عبد الله ، وأبو أمامة ، وأبو سريحة حذيفة بن أسيد وأبو هريرة ، وسفينة ، وأبو جحيفة السوائي ، وجابر بن سمرة ، وعمرو بن حريث وأبو ليلى والبراء بن عازب ، وعمارة بن رويبة ، وبشر بن سحيم ، وأبو الطفيل ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وجرير بن عبد الله ، وعبد الرحمن بن أشيم ، وغيرهم من الصحابة‏ .‏

وروى عنه من التابعين ‏:‏ سعيد بن المسيب ، ومسعود بن الحكم الزرقي ، وقيس بن أبي حازم ، وعبيدة السلماني ، وعلقمة بن قيس ، والأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، والأحنف بن قيس، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو الأسود الديلي ، وزر بن حبيش ، وشريح بن هانئ ، والشعبي وشقيق ، وخلق كثير غيرهم‏ .‏

أنبأنا يحيى بن محمود ، أنبأنا زاهر بن طاهر ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو سعد محمد بن بشر بن العباس ، أنبأنا أبو الوليد محمد بن إدريس الشامي، حدثنا سويد بن سعيد ، أنبأنا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن رسول الله ، تبعثني إلى اليمن ، ويسألوني عن القضاء ولا علم لي به‏ !‏ قال ‏:‏ ادن ‏.‏ فدنوت ، فضرب بيده على صدري ، ثم قال ‏:‏ ‏" ‏اللهم ثبت لسانه ، واهد قلبه‏ " ‏‏.‏ فلا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد ‏.‏

أنبأنا زيد بن الحسن بن زيد وأبو اليمن الكندي وغيره كتابة قالوا ‏:‏ أنبأنا أبو منصور زريق ، أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت ، أنبأنا محمد بن أحمد بن زريق ، أنبأنا أبو بكر بن مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي ، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنباري ، حدثنا أبو الصلت الهروي ، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال‏ :‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏أنا مدينة العلم ، وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت بابه‏ " ‏‏.‏

رواه غير أبي معاوية عن الأعمش‏ .‏ كان أبو معاوية يحدث به قديماً ثم تركه ‏.‏

وروى شعبة عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود قال ‏:‏ كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب ‏.‏

وقال سعيد بن المسيب ‏:‏ ما كان أحد من الناس يقول ‏:‏ ‏" ‏سلوني‏ " ‏، غير علي بن أبي طالب ‏.‏

وروى يحيى بن معين ، عن عبدة بن سليمان ، عن عبد الملك بن أبي سلمان قال ‏:‏ قلت لعطاء‏ :‏ أكان في أصحاب محمد أعلم من علي ؟ قال ‏:‏ لا ، والله لا أعلمه ‏.‏

وقال ابن عباس ‏:‏ لقد أعطي عليّ تسعة أعشار العلم ، وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر‏ .‏

وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة‏ :‏ يا عم ، لم كان ضغو الناس إلى علي ؟ قال‏ :‏ يا ابن أخي ، إن علياً كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له البسطة في العشيرة ، والقدم في الإسلام ، والصهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والفقه في السنة والنجدة في الحرب ، والجود بالماعون ‏.‏

وروى ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال ‏:‏ كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن ‏.‏

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ‏:‏ قال ‏:‏ إذا ثبت لنا الشيء عن علي ، لم نعدل عنه إلى غيره ‏.‏

وروى يزيد بن هارون ، عن فطر ، عن أبي الطفيل قال ‏:‏ قال بعث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لقد كان لعلي من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيراً‏ .‏

وله في هذا أخبار كثيرة نقتصر على هذا منها ، ولو ذكرنا ما سأله الصحابة - مثل عمر وغيره رضي الله عنهم – لأطلنا ‏.‏

زهده وعدله رضي الله عنه
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين ، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد ، أنبأنا أبو طالب بن غيلان ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي ، حدثنا محمد بن المسيب قال ‏:‏ سمعت عبد الله بن حنيف يقول ‏:‏ قال يوسف بن أسباط ‏:‏ الدنيا دار نعيم الظالمين - قال‏ :‏ وقال علي بن أبي طالب ‏:‏ الدنيا جيفة ، فمن أراد منها شيئاً ، فليصبر على مخالطة الكلاب ‏.‏

أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله ، أنبأنا أبو غالب بن البناء ، أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن العباس إملاء ، حدثنا أحمد بن علي الرقي ، أخبرنا القاسم بن علي بن أبان ، حدثنا سهل بن صقير ، حدثنا يحيى بن هاشم الغساني ، عن علي بن جزء قال ‏:‏ سمعت أبا مريم السلولي يقول ‏:‏ سمعت عمار بن ياسر يقول ‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب‏ :‏ ‏" ‏يا علي ، إن الله عز وجل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها ‏:‏ الزهد في الدنيا ، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً ، ولا تنال الدنيا منك شيئاً‏ .‏ ووهب لك حب المساكين ، ورضوا بك إماماً ، ورضيت بهم أتباعاً ، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، فأما الذين أحبوك وصدقوا فيك ، فهم جيرانك في دارك ، ورفقاؤك في قصرك ، وأما الذين أبغضوك وكذبوا عليك ، فحق على الله أن يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة‏ " ‏‏.‏

أنبأنا عمر بن محمد بن المعمر بن طبرزد ، أنبأنا أبو غالب بن البناء ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، حدثنا حمزة بن القاسم الإمام حدثنا الحسين بن عبيد الله ، حدثني إبراهيم - يعني الجوهري - حدثنا المأمون - هو أمير المؤمنين - حدثنا الرشيد ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن عاصم بن كليب ، عن محمد بن كعب القرظي قال‏ :‏ سمعت علي بن أبي طالب يقول ‏:‏ لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع ، وإن صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار ‏.‏

ورواه حجاج الأصبهاني وأسود عن شريك ، فقالا ‏:‏ أربعين ألف دينار‏ .‏

ورواه حجاج ، عن شريك فقال ‏:‏ أربعين ألفاً‏ .‏

لم يرد بقوله ‏:‏ ‏" ‏أربعين ألفاً ‏"‏ زكاة ماله ، وإنما أراد الوقوف التي جعلها صدقة كان الحاصل من دخلها صدقة هذا العدد ، فإن أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه لم يدخر مالاً ، ودليله ما نذكره من كلام ابنه الحسن رضي الله عنهما في مقتله أنه لم يترك إلا ستمائة درهم ، اشترى بها خادماً‏ .‏

أخبرني أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو محمد هبة الله بن سهل الفقيه ، أنبأنا جدي أبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين – قال ‏:‏ وأنبأنا أبي ، وأنبأنا زاهر ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين - قالا‏:‏ حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبيه قال‏ :‏ سمعت أبا نعيم قال ‏:‏ سمعت سفيان يقول‏ :‏ ما بنى علي لبنة على لبنة ، ولا قصبة على قصبة ، وإن كان ليؤتي بجبوته من المدينة في جراب ‏.‏ أنبأنا السيد أبو الفتوح حيدر بن محمد بن زيد العلوي الحسيني ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الدورسي بالموصل ، أنبأنا النقيب الطاهر أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني ، أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف أنبأنا أبو بكر بن مالك ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر ، عن أبي بحر ، عن شيخ لهم قال ‏:‏ رأيت علي عليّ ، عليه السلام إزاراً غليظاً ، قال‏ :‏ اشتريته بخمسة دراهم ، فمن أربحني فيه درهماً بعته ‏.‏ قال ‏:‏ ورأيت معه دراهم مصرورة ، فقال‏ :‏ هذه بقية نفقتنا من ينبع‏ .‏

قال ، وحدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا مطير بن ثعلبة التميمي ، حدثنا أبو النوار بياع الكرابيس قال ‏:‏ أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام له ، فاشترى مني قميصي كرابيس ، فقال لغلامه ‏:‏ اختر أيهما شئت ، فأخذ أحدهما ، وأخذ عليّ الآخر ، فلبسه ، ثم مد يده فقال ‏:‏ اقطع الذي يفضل من قدر يدي‏ .‏ فقطعه وكفه ، ولبسه وذهب ‏.‏

أنبأنا عبد الله بن أحمد الخطيب ، أنبأنا أبو الحسين بن طلحة النعال ، إجازة إن لم يكن سماعاً ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا جعفر بن زياد الأحمر ، عن عبد الملك بن عمير قال ‏:‏ حدثني رجل من ثقيف قال ‏:‏ استعملني علي بن أبي طالب على مدرج سابور ، فقال ‏:‏ لا تضربن رجلاً سوطاً في جباية درهم ، ولا تتبعن لهم رزقاً ولا كسوة شتاءً ولا صيفاً ، ولا دابة يعتملون عليها ، ولا تقيمن رجلاً قائماً في طلب درهم ‏.‏ قلت ‏:‏ يا أمير المؤمنين ، إذن أرجع إليك كما ذهبت من عندك‏ .‏ قال‏ :‏ وإن رجعت ويحك ‏!‏ إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفر - يعني الفضل - ‏ .‏

وزهده وعدله رضي الله عنه لا يمكن استقصاء ذكرهما ، فلنقتصر على هذا‏ .‏

فضائله رضي الله عنه
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي الزرزاري إسناده إلى الأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر قال ‏:‏ رأيت في بعض الكتب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة ، خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه ، وقال له‏ :‏ ‏" ‏أتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه ، إن شاء الله تعالى‏ "‏‏ .‏ ففعل ذلك ، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام أني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختارا كلاهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل إليهما‏ :‏ أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟‏!‏ آخيت بينه وبين نبيي محمد ، فبات على فراشه ، يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه‏ .‏ فنزلا ، فكان جبريل عند رأس عليّ ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي ‏:‏ بخ بخ ‏!‏ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله عز وجل به الملائكة ‏!‏‏!‏؟ فأنزل الله عز وجل على رسوله ، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي ‏:‏ ‏" ‏ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ‏" ‏‏.‏

أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي ، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن أبي الخير الميهني قراءة عليه قال‏ :‏ أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن متويه- قال أبو محمد ‏:‏ وأنبأنا أبو القاسم بن أبي الخير الميهني والحسين بن الفرحان السمناني قالا‏ :‏ أنبأنا علي بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر التميمي ، أنبأنا أبو محمد بن حبان ، حدثنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي ، حدثنا محمد بن سهل الجرجاني ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله تعالى ‏:‏ ‏"‏ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية "‏ قال ‏:‏ نزلت في علي بن أبي طالب ، كان عنده أربعة دراهم ، فأنفق بالليل واحداً ، وبالنهار واحداً ، وفي السر واحداً وفي العلانية واحداً ‏.‏

ورواه عفان بن مسلم ، عن وهيب ، عن أيوب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله‏ .‏

أنبأنا إسماعيل بن علي وإبراهيم بن محمد وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة قال ‏:‏ حدثنا قتيبة ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال ‏:‏ أمر معاوية سعداً فقال ‏:‏ ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ قال ‏:‏ أما ما ذكرت ، ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي‏ :‏ يا رسول الله ، تخلفني مع النساء والصبيان ؟‏!‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏"‏ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ؟ ‏"‏ وسمعته يقول يوم خيبر ‏:‏ ‏"‏ لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله‏ "‏‏ .‏ قال ‏:‏ فتطاولنا لها ، فقال‏ :‏ ‏" ‏ادعوا لي علياً‏ " ‏‏.‏ فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ‏.‏ وأنزلت هذه الآية ‏:‏ ‏{ ‏فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم‏ } ‏‏.‏ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فقال ‏:‏ ‏"‏ اللهم هؤلاء أهلي‏ " ‏‏.‏

قال‏ :‏ وحدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا أبي، عن شريك ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش حدثنا علي بن أبي طالب بالرحبة ، قال ‏:‏ ‏" ‏لما كان يوم الحديبية خرج إليه ناس من المشركين ، فيهم ‏:‏ سهيل بن عمرو ، وأناس من رؤساء المشركين ، فقالوا‏ :‏ خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا ، وليس بهم فقيه في الدين ، وإنما خرجوا فراراً من أموالنا وضياعنا ، فارددهم إلينا ‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ يا معشر قريش ، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ، قد امتحن قلبه على الإيمان ‏" ‏‏.‏ قالوا ‏:‏ من هو يا رسول الله ؟ فقال أبو بكر‏ :‏ من هو يا رسول الله ؟ وقال عمر ‏:‏ من هو يا رسول الله ؟ قال ‏:‏ خاصف النعل ، وكان قد أعطى علياً نعلاً يخصفها – قال ‏:‏ ثم التفت إلينا علي فقال ‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏" ‏من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار‏ " ‏‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا عيسى بن عثمان بن أخي يحيى بن عيسى الرملي أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي قال ‏:‏ لقد عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم - النبي الأمي - ‏" ‏أن لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ‏"‏‏ .‏

قال :‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا محمد بن بشار ويعقوب بن إبراهيم وغير واحد قالوا ‏:‏ حدثنا أبو عاصم ، عن أبي الجراح قال ‏:‏ حدثني جابر بن صبح قال‏ :‏ حدثتني أم شراحيل ، عن أم عطية قالت ‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فيهم علي ، قالت ‏:‏ فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏" ‏اللهم ، لا تمتني حتى تريني علياً‏ "‏‏ .‏

أنبأنا أبو منصور مسلم بن علي بن محمد بن السيحي ، أنبأنا أبو البركات بن خميس ، أنبأنا أبو نصر بن طوق أنبأنا أبو القاسم بن المرجي ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا سعيد بن مطرف الباهلي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الماجشون ، عن أبي المنذر ، عن سعيد بن المسيب ، عن عامر بن سعد ، عن سعد أنه قال ‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي ‏:‏ ‏"‏ أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؛ إلا أنه لا نبي بعدي‏ "‏‏ .‏ قال سعيد ‏:‏ فأحببت أن أشافه - بذلك سعداً ، فلقيته فذكرت له ما ذكر لي عامر ، فقلت‏ :‏ أنت سمعته ؟ فأدخل يده في أذنيه وقال ‏:‏ نعم وإلا فاستكتا‏ .‏

أنبأنا أبو بكر مسمار بن عمر بن العويس البغدادي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية ، أنبأنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الحسين الأنماطي ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي أبو حامد ، حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد بن رفاعة ، حدثنا محمد بن فضل، حدثنا الأعمش ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال‏ :‏ لما كان يوم الطائف دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فناجاه طويلاً ، فقال بعض أصحابه‏ :‏ لقد أطال نجوى ابن عمه قال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ‏"‏ ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ‏" ‏‏.‏

أنبأنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي ‏:‏ حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين قال‏ :‏ بعص رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى في السرية ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه‏ .‏ فتعاقد أربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏ :‏ إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي ‏.‏ وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام أحد الأربعة فقال‏ :‏ يا رسول الله ، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا ؟ فأعرض عنه رسول الله ‏.‏ ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه رسول الله ‏.‏ ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه ‏.‏ ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا‏ .‏ فأقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب يعرف في وجهه فقال ‏:‏ ‏"‏ ما تريدون من عليّ ؟ ما تريدون من عليّ ؟ ما تريدون من عليّ ؟ إن علياً مني وأنا من عليّ ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي ‏" ‏‏.‏

أنبأنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال ‏:‏ حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي عمرة ، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال‏ :‏ إنما وجد جيش عليّ الذين كانوا معه باليمن عليه ، لأنهم حين أقبلوا خلف عليهم رجلاً ، وتعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر ‏.‏ فعمد الرجل فكسا كل رجل منهم حلة ، فلما دنوا خرج عليّ يستقبلهم ، فإذا عليهم الحلل ، فقال علي ‏:‏ ما هذا ؟ قالوا ‏:‏ كسانا فلان‏ .‏ قال ‏:‏ فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء ؟ فنزع الحلل منهم‏ .‏ فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوه لذلك ‏.‏ وكان أهل اليمن قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما بعث علياً على جزية موضوعة ‏.‏

أنبأنا أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي ، وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فنا خسرو الديلي التكريتي وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل ‏:‏ حدثنا قتيبة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم قال ‏:‏ أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر ‏:‏ ‏" ‏لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ‏"‏ - قال ‏:‏ فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم بعطاها ؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ‏.‏ فقال ‏:‏ أين علي بن أبي طالب ؟ قالوا‏ :‏ يا رسول الله ، يشتكي عينيه ‏.‏ قال ‏:‏ فأرسلوا إليه ‏.‏ فأتي فبصق في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ‏.‏ فقال عليّ‏ :‏ يا رسول الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ‏.‏ فقال‏ :‏ ‏" ‏لتغد على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً ، خير لك من حمر النعم‏ " ‏‏.‏

أنبأنا أبو الفضل بن أبي عبد الله الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي ‏:‏ أنبأنا القواريري حدثنا يونس بن أرقم ، حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ‏:‏ شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس ‏:‏ أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم :‏ من كنت مولاه فعليّ مولاه لما قام‏ .‏ قال عبد الرحمن :‏ فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل ، فقالوا ‏:‏ نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم‏ :‏ ‏"‏ ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟ ‏"‏ قلنا‏ :‏ بلى يا رسول الله‏ .‏ فقال ‏:‏ من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه‏ " ‏‏.‏

وقد روي مثل هذا عن البراء بن عازب ، وزاد‏ :‏ فقال عمر بن الخطاب ‏:‏ يا ابن أبي طالب ، أصبحت اليوم ولي كل مؤمن ‏.‏

أنبأنا الحسن بن محمد بن هبة الله ، أنبأنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة أبو الحسن الأطرابلسي ، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن ابن ظالم قال ‏:‏ جاء رجل إلى سعيد بن زيد - يعني ابن عمرو بن نفيل – فقال ‏:‏ إني أحببت علياً حباً لم أحبه أبداً‏ .‏ قال ‏:‏ أحببت رجلاً من أهل الجنة ‏.‏

ثم أنه حدثنا قال ‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ، فذكر عشرة في الجنة‏ :‏ ‏" ‏أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ، وعبد الله بن مسعود‏ " ‏‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا خيثمة ، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى ، حدثنا قبيصة حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال ‏:‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سور بالمدينة ، فقال ‏:‏ ‏" ‏يطلع عليكم رجل من أهل الجنة‏ "‏‏ .‏ فجاء أبو بكر فهنيناه ، ثم قال ‏:‏ يطلع عليكم رجل من أهل الجنة‏ :‏ فجاء عمر فهنيناه ، ثم قال‏ :‏ ‏" ‏يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ‏"‏‏ .‏ قال ‏:‏ ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي رأسه من تحت السعف ويقول ‏:‏ ‏" ‏اللهم إن شئت جعلته علياً‏ " .‏ فجاء عليّ فهنيناه‏ ‏‏.‏

أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد وغيره قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي ‏:‏ حدثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا علي بن صالح بن حي ، عن حكيم بن جبير عن جميع بن عمير التيمي ، عن ابن عمر قال ‏:‏ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، فجاء عليّ فقال ‏:‏ يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد ‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏أنت أخي في الدنيا والآخرة ‏"‏‏ .‏

أنبأنا أبو الفضل الفقيه المخزومي بإسناده إلى أحمد بن علي ، أنبأنا أبو خيثمة حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، حدثنا سفيان ، عن زبيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة‏ :‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل علياً وفاطمة والحسن والحسين كساء ثم قال ‏:‏ ‏" ‏اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً‏ " ‏‏.‏ قالت أم سلمة ‏:‏ قلت ‏:‏ يا رسول الله ، أنا منهم‏ .‏ قال ‏:‏ ‏" ‏إنك إلى خير ‏" ‏‏.‏

وأنبأنا غير واحد بإسنادهم إلى محمد بن عيسى حدثنا خلاد بن أسلم البغدادي ، حدثنا النضر بن شميل ، حدثنا عوف ، عن عبد الله بن عمرو بن هند الجملي قال‏ :‏ قال علي ‏:‏ كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني ، وإذا سكت ابتدأني ‏.‏
قال ‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى‏ :‏ حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا علي بن جعفر بن محمد ، أخبرني أخي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب‏ :‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال ‏:‏ ‏"‏ من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة ‏" ‏‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا قتيبة ، حدثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال ‏:‏ كنا نعرف المنافقين - نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب ‏.‏

أنبأنا المنصور بن أبي الحسن الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى ‏:‏ حدثنا الحسن بن حماد ، حدثنا مسهر بن عبد الملك ، ثقة ، حدثنا عيسى بن عمر ، عن السدي ، عن أنس بن مالك ‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده طائر ، فقال ‏:‏ ‏" ‏اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر‏ "‏‏ .‏ فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عثمان فرده ، فجاء عليّ فأذن له ‏.‏ ذكر أبي بكر وعثمان في هذا الحديث غريب جداً‏ .‏ وقد روي من غير وجه عن أنس ، ورواه غير أنس من الصحابة ‏.‏

أنبأنا أبو الفرج الثقفي حدثنا الحسن بن أحمد ، وأنا حاضر أسمع ، أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي ، حدثنا الحسن بن عيسى حدثنا الحسن بن السميدع ، حدثنا موسى بن أيوب ، عن شعيب بن إسحاق ، عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن أنس قال‏ :‏ أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طير ، فقال ‏:‏ ‏" ‏اللهم ائتني بأحب خلقك إليك " ‏.‏ فجاء علي ، فأكل معه ‏‏.‏

تفرد به شعيب ، عن أبي حنيفة ‏.‏

أنبأنا محمد بن أبي الفتح بن الحسن النقاش الواسطي ، حدثنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل البزاز الفضل محمد بن ، أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أنبأنا أبو سعيد الكنجرودي ، أنبأنا الحاكم أبو أحمد ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمرو بن الحسين الأشعري بحمص ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، حدثنا موسى بن سعيد البصري قال ‏:‏ سمعت الحسن يقول ‏:‏ سمعت أنس بن مالك يقول ‏:‏ أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير ، فقال ‏:‏ ‏"‏ اللهم ائتني برجل يحبه الله ويحبه رسوله‏ " ‏‏.‏ قال أنس ‏:‏ فأتى علي فقرع الباب ، فقلت ‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول ، وكنت أحب أن يكون رجلاً من الأنصار ، ثم إن علياً فعل مثل ذلك ، ثم أتى الثالثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏"‏ يا أنس ، أدخله فقد عنيته‏ "‏‏.‏ فلما أقبل قال ‏:‏ ‏"‏ اللهم وال ، اللهم وال‏ " ‏‏.‏

وقد رواه عن أنس غير من ذكرنا حميد الطويل وأبو الهندي ، ويغنم بن سالم ‏.‏

يغنم ‏:‏ بالياء تحتها نقطتان ، والغين المعجمة والنون ، وآخره ميم ‏.‏ وهو اسم مفرد‏ .‏

خلافته رضي الله عنه
أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده إلى عبد الله بن أحمد‏ :‏ حدثني أبي ، حدثنا أسود بن عامر ، حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر- يعني الفراء - عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن علي قال ‏:‏ قيل ‏:‏ يا رسول الله ، من يؤمر بعدك ؟ قال ‏:‏ ‏" ‏إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أميناً زاهداً في الدنيا ، راغباً في الآخرة ، وإن تؤمروا عمر تجدوه قوياً أميناً ، لا يخاف في الله لومة لائم ‏.‏ وإن تؤمروا علياً - ولا أراكم فاعلين - تجدوه هادياً مهدياً ، يأخذ بكم الصراط المستقيم‏ "‏‏ .‏

أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر ، أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني ، إجازة أنبأنا أبو علي بن شاذان ، أنبأنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا العباس بن بكار ، عن شريك ، عن سلمة ، عن الصنابحي ، عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏أنت بمنزلة الكعبة ، تؤتى ولا تأتي ، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم ، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك ‏"‏‏ .‏

أنبأنا يحيى بن محمود ، أنبأنا الحسن بن أحمد قراءة عليه وأنا حاضر ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي عن يحيى بن عروة المرادي قال ‏:‏ سمعت علياً رضي الله عنه يقول‏ :‏ قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق بهذا الأمر ، فاجتمع المسلمون على أبي بكر ، فسمعت وأطعت ، ثم إن أبا بكر أصيب ، فظننت أنه لا يعدلها عني ، فجعلها في عمر ، فسمعت وأطعت ثم إن عمراً أصيب ، فظننت أنه لا يعدلها عني ، فجعلها في ستة أنا أحدهم ، فولوها عثمان ، فسمعت وأطعت‏ .‏ ثم إن عثمان قتل ، فجاءوا فبايعوني طائعين غير مكرهين ، ثم خلعوا بيعتي ، فو الله ما وجدت إلا السيف أو الكفر بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم ‏.‏

أخبرنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وغيره إجازة قالوا‏ :‏ أخبرنا أبو غالب بن البنا ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن الأبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عثمان بن يحيى بن حنيقاً ، أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي قال ‏:‏ استخلف أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه ، وبويع له بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان ، في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين ‏.‏

قال ‏:‏ وحدثنا إسماعيل الخطبي‏ :‏ حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع القرشي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن الزهري ، عن ابن المسيب قال ‏:‏ لما قتل عثمان جاء الناس كلهم إلى علي يهرعون ، أصحاب محمد وغيرهم ، كلهم يقول ‏:‏ ‏" ‏أمير المؤمنين علي ‏"‏ ، حتى دخلوا عليه داره ، فقالوا‏ :‏ نبايعك فمد يدك ، فأنت أحق بها‏ .‏ فقال علي ‏:‏ ليس ذاك إليكم ، وإنما ذاك إلى أهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة ‏.‏ فلم يبق أحد إلا أتى علياً ، فقالوا ‏:‏ ما نرى أحداً أحق بها منك ، فمد يدك نبايعك ‏.‏ فقال ‏:‏ أين طلحة والزبير؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه ، وسعد بيده ، فلما رأى عليّ ذلك خرج إلى المسجد ، فصعد المنبر ، فكان أول من صعد إليه ، فبايعه طلحة ، وتابعه الزبير ، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين ‏.‏

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، عن رشأ بن نظيف ، حدثنا الحسن بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن مروان ، حدثنا محمد بن موسى بن حماد ، حدثنا محمد بن الحارث ، عن المدائني قال‏ :‏ لما دخل علي بن أبي طالب الكوفة ، دخل عليه رجل من حكماء العرب فقال ‏:‏ والله يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، وهي كانت أحوج إليك منك إليها‏ .‏

أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد قال ‏:‏ حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا قبيصة ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي وائل قال قلت لعبد الرحمن بن عوف ‏:‏ كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً ؟ فقال ‏:‏ ما ذنبي ؟ قد بدأت بعلي فقلت ‏:‏ أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر ‏.‏ قال فقال ‏:‏ فيما استطعت‏ .‏ قال ‏:‏ ثم عرضتها على عثمان فقبلها‏ .‏

ولما بايعه الناس تخلف عن بيعته جماعة من الصحابة ، منهم ‏:‏ ابن عمر ، وسعد ، وأسامة ، وغيرهم ‏.‏ فلم يلزمهم بالبيعة ، وسئل علي عمن تخلف عن بيعته ، فقال ‏:‏ أولئك قعدوا عن الحق ، ولم ينصروا الباطل ‏.‏ وتخلف عنه أهل الشام مع معاوية فلم يبايعوه ، وقاتلوه ‏.‏

أنبأنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش ، كتابة ، أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يوسف ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ ، أنبأنا محمد بن الحسن بن طازاد الموصلي ، حدثنا علي بن الحسين الخواص ، عن عفيف بن سالم عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ، عن أبي سعيد قال ‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطع شسعه ، فأخذها علي يصلحها ، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏:‏ ‏"‏ إن منكم رجلاً يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ‏"‏‏ .‏ فاستشرف لها القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏لكنه خاصف النعل ‏" ‏‏.‏ فجاء فبشرناه بذلك ، فلم يرفع به رأساً ، كأنه شيء قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم‏ .‏

أنبأنا أرسلان بن بعان الصوفي ، حدثنا أبو الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد بن أبي سعيد الميهني ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن خلف الشيرازي ، أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حدثنا الحسين بن الحكم الحيري ، حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال ‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا ‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من ؟ فقال ‏:‏ مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمار بن ياسر‏ .‏

قال ‏:‏ وأخبر الحاكم ، أنبأنا أبو الحسن علي بن حمشاد العدل ، حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا عبد العزيز بن الخطاب ، حدثنا محمد بن كثير ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن مخنف بن سليم قال ‏:‏ أتينا أبا أيوب الأنصاري ، فقلنا ‏:‏ قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جئت تقاتل المسلمين ؟ قال‏ :‏ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين‏ .‏

وأنبأنا أبو الفضل بن أبي الحسن بإسناده عن أبي يعلى ‏:‏ حدثنا إسماعيل بن موسى ، حدثنا الربيع بن سهل ، عن سعيد بن عبيد ، عن علي بن ربيعة قال ‏:‏ سمعت علياً على منبركم هذا يقول‏ :‏ عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين‏ .‏

أنبأنا أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي ‏.‏ قال ‏:‏ حدثني عمي أبو المجد عبد الله بن محمد بن أبي جرادة‏ .‏ أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن محمد بن أبي جرادة ، حدثنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن سعيد بحلب ، حدثنا الأستاذ أبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رغبان الحمصي ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن خالويه ، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزار ، حدثنا محمد بن الحسن بن موسى الكوفي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن حبيب ، أخبرني أبي قال‏ :‏ قال ابن عمر حين حضره الموت‏ :‏ ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية ‏.‏

وقال أبو عمر‏ :‏ روى من وجوه عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر أنه قال ‏:‏ ما آسي على شيء إلا أني لم أقاتل مع علي بن أبي طالب الفئة الباغية‏ .‏

وقال الشعبي‏ :‏ ما مات مسروق حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن القتال مع علي‏ .‏

ولعلي رضي الله عنه في قتال الخوارج وغيرها آيات مذكورة في التواريخ ، فقد أتينا على ذكرها في الكامل في التاريخ‏ .‏

مقتله وإعلامه أنه مقتول رضي الله عنه
أنبأنا نصر الله بن سلامة بن سالم الهيتي ، أنبأنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي ؛ أنبأنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي المأمون ، أنبأنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن يحيى بن زاهر بن يحيى الرازي بالبصرة ، حدثني أحمد بن محمد بن زياد القطان الرازي ، حدثنا عبد الله بن زاهر بن يحيى ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي سنان الدؤلي ، عن علي قال ‏:‏ حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏" ‏لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب هذه - وأومأ إلى لحيته وهامته - ويقتلك أشقاها ، كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود - نسبه إلى جده الأدنى ‏"‏‏ .‏

قال علي بن عمر ‏:‏ هذا حديث غريب من حديث الأعمش ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي سنان ، عن علي تفرد به عبد الله بن زاهر عن أبيه‏ .‏

قلت ‏:‏ قد رواه عبد الله بن جعفر ، عن زيد بن أسلم ، أنبأنا أبو الفضل الطبري بإسناده إلى أبي يعلى ، عن القواريري ، عن عبد الله بن جعفر ، عن زيد ، عن أبي سنان أتم من هذا‏ .‏

أنبأنا أبو الفضل المخزومي بإسناده عن أحمد بن علي قال‏ :‏ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن سنان ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبي إسرائيل ، عن سنان ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه ، عن علي قال ‏:‏ أتاني عبد الله بن سلام - وقد وضعت رجلي في الغرز - فقال لي‏ :‏ لا تقدم العراق ، فإني أخشى أن يصيبك فيها ذباب السيف ‏.‏ قال علي ‏:‏ وأيم الله لقد أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الأسود ‏:‏ فما رأيت كاليوم قط محارب يخبر بذا عن نفسه ‏.‏

قال ‏:‏ وأنبأنا أحمد بن علي ، أنبأنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن سبع قال ‏:‏ خطبنا علي بن أبي طالب فقال ‏:‏ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه - يعني لحيته من دم رأسه - فقال رجل‏ :‏ والله لا يقول ذلك أحد إلا أبرنا عترته ‏!‏ فقال : أذكر الله ، وأنشد أن يقتل مني إلا قاتلي ‏.‏

أنبأنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب أنبأنا أبو الخير المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال المقرئ الشافعي ، حدثنا أبو محمد الخلال، حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين النحاس بالكوفة ، حدثنا علي بن العباس البجلي ، حدثنا عبد العزيز بن منيب المروزي ، حدثنا إسحاق - يعني ابن عبد الملك بن كيسان - حدثني أبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال ‏:‏ قال علي - يعني للنبي صلى الله عليه وسلم -‏ :‏ إنك قلت لي يوم أحد ، حين أخرت عني الشهادة ، واستشهد من استشهد ‏:‏ ‏" ‏إن الشهادة من وراءك ، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه بدم وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه ‏‏، فقال علي ‏:‏ يا رسول الله ، إما أن تثبت لي ما أثبت ، فليس ذلك من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والكرامة‏ .‏

وأنبأنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى ‏:‏ أنبأنا سويد بن سعيد ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن عثمان بن صهيب ، عن أبيه قال ‏:‏ قال علي ‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏من أشقى الأولين ؟ ‏"‏ قلت ‏:‏ عاقر الناقة ‏.‏ قال‏ :‏ صدقت ‏.‏ قال‏ :‏ ‏" ‏فمن أشقى الآخرين ؟‏ "‏ قلت ‏:‏ لا علم لي يا رسول الله . قال‏ :‏ ‏" ‏الذي يضربك على هذا‏ "‏- وأشار بيده إلى يافوخه - وكان يقول‏ :‏ ‏" ‏وددت أنه قد انبعث أشقاكم ، فخضب هذه من هذه - يعني لحيته من دم رأسه " ‏‏.‏

أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة ، أنبأنا أبو غالب بن البناء ، حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون ، أنبأنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله السراج ، حدثنا عبد الله بن أبي داود ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ‏:‏ أن علياً جمع الناس للبيعة ، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، فرده مرتين ، ثم قال ‏:‏ علام يحبس أشقاها ؟ فو الله ليخضبن هذه من هذه ، ثم تمثل‏ :‏

اشدد حيازيمك للموت ** فإن الموت لاقيكـا
ولا تجزع من القتـل ** إذا حـل بـواديكـا

وأنبأنا أبو ياسر إجازة ، أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي ، أنبأنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدثنا الحسين بن قهم ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا خالد بن مخلد ومحمد بن الصلت ، حدثنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه أن محمد بن الحنفية قال ‏:‏ دخل علينا ابن ملجم الحمام ، وأنا وحسن وحسين جلوس في الحمام ، فلما دخل كأنهما اشتمأزا منه وقالا ‏:‏ ما جرأك تدخل علينا ؟ قال ‏:‏ فقلت لهما‏ :‏ دعاه عنكما ‏:‏ فلعمري ما يريد منكما أحشم من هذا ، فلما كان يوم أتي به أسيراً قال ابن الحنفية‏ :‏ ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام‏ !‏ فقال علي‏ :‏ إنه أسير فأحسنوا نزله ، وأكرموا مثواه ، فإن بقيت قتلت أو عفوت ، وإن مت فاقتلوه ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين ‏.‏

أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين وغير واحد ، إجازة قالوا ‏:‏ أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني ، كلاهما إجازة قالا‏ :‏ أنبأنا أبو علي بن شاذان قال ‏:‏ قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال ‏:‏ حدثنا جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن ، حدثنا سعيد بن نوح ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عثمان بن المغيرة قال‏ :‏ لما دخل شهر رمضان جعل علي يتعشى ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين ، وليلة عند عبد الله بن جعفر ، لا يزيد على ثلاث لقم ، ويقول ‏:‏ يأتي أمر الله وأنا خميص ، وإنما هي ليلة أو ليلتان ‏.‏

قال ‏:‏ وأنبأنا جدي ، حدثنا زيد بن علي ، عن عبيد الله بن موسى ، حدثنا الحسن بن كثير ، عن أبيه قال ‏:‏ خرج علي لصلاة الفجر ، فاستقبله الأوز يصحن في وجهه ، قال ‏:‏ فجعلنا نطردهن عنه فقال ‏:‏ دعوهن فإنهن نوائح ‏.‏ وخرج فأصيب ‏.‏

وهذا يدل على أنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها ، والله أعلم‏ .‏

أنبأنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد ، أنبأنا النقيب طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعاً ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا الحسين بن صفوان ، أنبأنا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عمرو بن هاشم الحسيني عن حكاب ، عن أبي عون الثقفي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال ‏:‏ قال لي الحسين بن علي‏ :‏ قال لي علي ‏:‏ سنح لي الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد ؟ قال‏ :‏ ادع عليهم ‏.‏ قلت‏ :‏ اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم ، وأبدلهم بي من هو شر مني فخرج ، فضربه الرجل ‏.‏

كذا في هذه الرواية الحسين بن علي ، وإنما هو الحسن ‏.‏

أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب إذناً ، أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن قهم ، أنبأنا محمد بن سعد قال‏ :‏ انتدب ثلاثة نفر من الخوارج‏ :‏ عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، وهو من حمير ، وعداده في بني مراد ، وهو حليف بني جبلة من كندة ‏.‏ والبرك بن عبد الله التميمي ، وعمرو بن بكر التميمي ‏.‏ فاجتمعوا بمكة‏ .‏ وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاث علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص ويريحوا العباد منهم ‏.‏ فقال ابن ملجم ‏:‏ أنا لكم بعلي، وقال البرك ‏:‏ أنا لكم بمعاوية ، وقال عمرو بن بكر ‏:‏ أنا كافيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا عليه ، وتواثقوا أن لا ينكص منهم رجل عن صاحبه الذي سمي له ، ويتوجه له حتى يقتله أو يموت دونه ‏.‏ فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من رمضان ، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه ، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة ، فلقي أصحابه من الخوارج ، فكاتمهم ما يريد‏ .‏ وكان يزورهم ويزورونه ، فزار يوماً نفراً من بني تيم الرباب ، فرأى امرأة منهم يقال لها ‏:‏ قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب ، وكان علي قتل أباها وأخاها بالنهروان ، فأعجبته فخطبها ، فقالت ‏:‏ لا أتزوجك حتى تشتفي لي ‏.‏ فقال‏ :‏ لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك‏ .‏ فقالت ‏:‏ ثلاثة آلاف ، وقتل علي بن أبي طالب ‏.‏ فقال‏ :‏ والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي ، وقد أعطيتك ما سألت ‏.‏ ولقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي ‏.‏ فأعلمه ما يريد ، ودعاه إلى أن يكون معه ، فأجابه إلى ذلك ‏.‏ وظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل علياً في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى يطلع الفجر ، فقال له الأشعث ‏:‏ فضحك الصبح ، فقام ابن ملجم ، وشبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما ، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي - قال الحسن بن علي ‏:‏ فأتيته سحيراً ، فجلست إليه فقال‏:‏ إني بت الليلة أوقظ أهلي ، فملكتني عيناي وأنا جالس ، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، ما لقيت من أمتك من الأود واللدد ، فقال لي ‏:‏ ‏" ‏ادع الله عليهم ‏" ‏‏.‏ فقلت ‏:‏ اللهم أبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً لهم مني‏ .‏ ودخل ابن التياح المؤذن على ذلك فقال‏ :‏ الصلاة ، فقام يمشي ابن التياح بين يديه وأنا خلفه ، فلما خرج من الباب نادى ‏:‏ ‏"‏ أيها الناس ، الصلاة الصلاة‏ "‏ ، كذلك كان يصنع كل يوم يخرج ومعه درته يوقظ الناس فاعترضه الرجلان ‏.‏ فقال بعض من حضر :‏ ذلك بريق السيف ، وسمعت قائلاً‏ :‏ ‏" ‏يقول لله الحكم يا علي لا لك‏ "‏ ثم رأيت سيفاً ثانياً فضربا جميعاً ، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه ، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق ، فسمع لي يقول ‏:‏ ‏" ‏لا يفوتنكم الرجل ‏" ‏‏.‏

وشد الناس عليهما من كل جانب ، فأما شبيب فأفلت ، وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي ، فقال‏ :‏ أطيبوا طعامه ، وألينوا فراشه ، فإن أعش فأنا ولي دمي ‏:‏ عفو أو قصاص ، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين ‏.‏ فقالت أم كلثوم بنت علي ‏:‏ يا عدو الل ه، قتلت أمير المؤمنين ‏!‏ قال ‏:‏ ما قتلت إلا أباك‏ .‏ قالت ‏:‏ والله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس ‏.‏ قال‏:‏ فلم تبكين إذاً ثم قال ‏:‏ والله لقد سممته شهراً- يعني سيفه - فإن أخلفني أبعده الله وأسحقه‏ .‏

وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي ، فقال ‏:‏ أي بني ، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين ؟ فذهب فنظر إليه ، ثم رجع فقال‏ :‏ رأيت عينيه داخلتين في رأسه‏ .‏ فقال الأشعث‏:‏ عيني دميغ ورب الكعبة ‏.‏

قال ‏:‏ ومكث علي يوم الجمعة ويوم السبت وبقي ليلة الأحد لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة أربعين ، وتوفي رضوان الله عليه ، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص‏ .‏

قالوا‏ :‏ وكان عبد الرحمن بن ملجم في السجن ، فلما مات علي ودفن بعث الحسن بن علي إلى ابن ملجم ، فأخرجه من السجن ليقتله ، فاجتمع الناس وجاءوا بالنفط ، والبواري والنار ، وقالوا ‏:‏ نحرقه ‏.‏ فقال ‏:‏ عبد الله بن جعفر ، وحسين بن علي ، ومحمد بن الحنفية ، دعونا حتى نشفي أنفسنا منه فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه ، فلم يجزع ولم يتكلم ، فكحل عينيه بمسمار محمي ، فلم يجزع ، وجعل يقول ‏:‏ إنك لتكحل عيني عمك بمملول ممض، وجعل يقرأ ‏ { ‏اقرأ باسم ربك الذي خلق‏ } ‏حتى أتى على آخر السورة ، وإن عينيه لتسيلان‏ .‏ ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه ، فجزع ، فقيل له ‏:‏ قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك يا عدو الله ، فلم تجزع ، فلما صرنا إلى لسانك جزعت ‏.‏ قال ‏:‏ ما ذاك من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقاً لا أذكر الله فقطعوا لسانه ، ثم جعلوه في قوصرة فأحرقوه بالنار ، والعباس بن علي يومئذ صغير ، فلم يستأن به بلوغه‏ .‏

وكان ابن ملجم أسمر أبلج ، في جبهته أثر السجود‏ .‏

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد ، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدثنا ابن أبي الدنيا ، حدثني هارون ابن أبي يحيى ، عن شيخ من قريش أن علياً لما ضربه ابن ملجم قال ‏:‏ فزت ورب الكعبة‏ .‏

أنبأنا عبد الوهاب بن أبي منصور بن سكينة ، أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون وأحمد بن الحسن الباقلاني ، كلاهما إجازة قالا‏ :‏ أنبأنا أبو علي بن شاذان قال ‏:‏ قرئ على أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، حدثني جدي ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، حدثني إسماعيل بن أبان الأزدي ، حدثني فضيل بن الزبير ، عن عمر ذي مر قال ‏:‏ لما أصيب علي بالضربة ، دخلت عليه وقد عصب رأسه ، قال قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين ، أرني ضربتك ‏.‏ قال ‏:‏ فحلها ، فقلت‏ :‏ خدش وليس بشيء‏ .‏ قال ‏:‏ إني مفارقكم‏ .‏ فبكت أم كلثوم من وراء الحجاب ، فقال لها‏ :‏ اسكتي ، فلو ترين ما أرى لما بكيت ‏.‏ قال‏ :‏ فقلت ‏:‏ يا أمير المؤمنين ، ما ذا ترى ؟ قال ‏:‏ هذه الملائكة وفود، والنبيون ، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏" ‏يا علي ، أبشر ، فما تصير إليه خير مما أنت فيه‏ " ‏‏.‏

هذه أم كلثوم هي ابنة علي زوج عمر بن الخطاب ‏.‏

البرك ‏:‏ بضم الباء الموحدة ، وفتح الراء ‏.‏ وبجرة‏ :‏ بفتح الباء والجيم قاله ابن ماكولا‏ .‏ والذي ضبطه أبو عمر بضم الباء وسكون الجيم‏ .‏

أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الخطيب ، أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد إجازة قالا ‏:‏ أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن بشر - أخي خطاب - حدثنا عمر بن زرارة الحدثي ، حدثنا الفياض بن محمد الرقي ، حدثنا عمرو بن عبس الأنصاري ، عن أبي مخنف ، عن عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الله ، عن أبيه قال ‏:‏ لما فرغ علي من وصيته قال ‏:‏ اقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ‏.‏ ثم لم يتكلم إلا بـ ‏" ‏لا إله إلا الله‏ "‏ حتى قبضه الله ، رحمة الله ورضوانه عليه ‏.‏

وغسله ابناه ، وعبد الله بن جعفر ، وصلى عليه الحسن ابنه ، وكبر عليه أربعاً‏ .‏ وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ‏.‏ ودفن في السحر ‏.‏

قيل‏ :‏ إن علياً كان عنده مسك فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أوصى أن يحنط به ‏.‏

واختلفوا في عمره ، فقال محمد بن الحنفية سنة الحجاف ‏.‏ حين دخلت سنة إحدى وثمانين‏ :‏ هذه لي خمس وستون سنة ، وقد جاوزت سن أبي ‏.‏ قال ‏:‏ وكان سنه يوم قتل ثلاثاً وستين سنة‏ .‏ قال الواقدي ‏:‏ وهذا أثبت عندنا‏ .‏

وقال أبو بكر البرقي‏ :‏ توفي علي وهو ابن سبع وخمسين سنة‏ .‏ وقيل ‏:‏ توفي ابن ثمان وخمسين سنة ‏.‏

وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ‏.‏ وقيل ‏:‏ أربع سنين ، وتسعة أشهر ، وستة أيام ‏.‏ وقيل ‏:‏ ثلاثة أيام ‏.‏

قال محمد بن علي الباقر ‏:‏ كان علي آدم ، مقبل العينين عظيمهما ذا بطن ، أصلع ربعة ، لا يخضب ‏.‏

وقال أبو إسحاق السبيعي‏ :‏ رأيته أبيض الرأس واللحية ، وكان ربما خضب لحيته‏ .‏

وقال أبو رجاء العطاردي‏ :‏ رأيت علياً ربعة ، ضخم البطن ، كبير اللحية قد ملأت صدره ، أصلع شديد الصلع‏ .‏

وقال محمد بن سعد ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن رزام بن سعيد الضبي قال‏ :‏ سمعت أبي ينعت علياً قال ‏:‏ كان رجلاً فوق الربعة ، ضخم المنكبين طويل اللحية - وإن شئت قلت‏ :‏ إذا نظرت إليه قلت‏ :‏ آدم ، وإن تبينته من قريب قلت ‏:‏ أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم ‏.‏

وقال محمد بن سعد‏ :‏ حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن قدامة بن عتاب قال ‏:‏ كان علي ضخم البطن ، ضخم مشاش المنكب ، ضخم عضلة الذراع ، دقيق مستدقها ، ضخم عضلة الساق ، دقيق مستدقها – قال ‏:‏ ورأيته يخطب في يوم من الشتاء ، عليه قميص وإزار قطريان معتم بشيء مما ينسج في سوادكم ‏.‏

وقال ابن أبي الدنيا‏ :‏ حدثني أبو هريرة ، حدثنا عبد الله بن داود ، حدثنا مدرك أبو الحجاج قال ‏:‏ رأيت علياً يخطب ، وكان من أحسن الناس وجهاً‏ .‏

وقيل‏ :‏ كان كأنما كسر ثم جبر ، لا يغير شيبه ، خفيف المشي ، ضحوك السن‏ .‏

وبالجملة فمناقبه عظيمة كثيرة ، فلنقتصر على هذا القدر منها ، ومن يريد أكثر من هذا فقد جمعنا مناقبه في كتاب جامع لها ، والحمد لله رب العالمين ‏.‏

ورثاه الناس فأكثروا ؛ فمن ذلك ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، وبعضهم يرويها لأم الهيثم بنت العريان النخعية ‏:‏

ألا يا عين ويحك أسعـدينـا ** ألا تبكي أمير المؤمـنـيا
تبكي أم كلـثـوم عـلـيه ** بعبرتها وقد رأت اليقـينـا
ألا قل للخوارج حيث كانوا ** فلا قرت عيون الشامتينـا
أفي الشهر الحرام فجعتمونا ** بخير الناس طرا أجمعينـا
قتلتم خير من ركب المطايا ** فذللها ومن ركب السفينـا
ومن لبس النعال ومن حذاها ** ومن قرأ المثاني والمبينـا
وكل مناقب الخيرات فـيه ** وحب رسول رب العالمينا
لقد علمت قريش حيث كانوا ** بأنك خيرها حسبـاً ودينـا
إذا استقبلت وجه أبي حسين ** رأيت البدر راق الناظرينا
وكنا قبل مقتـلـه بـخـير ** نرى مولى رسول الله فينا
يقيم الحق لا يرتـاب فـيه ** ويعدل في العدا والأقربينا
وليس بكاتم علـمـاً لـديه ** ولم يخلق من المتجبرينـا
كأن الناس إذا فقدوا عـلـياً ** نعام حار في بلد سنـينـا
فلا تشمت معاوية بن حرب ** فإن بقية الخلفـاء فـينـا

وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب فيه أيضاً ‏:‏

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ** عن هاشم ثم منها عن أبي حسـن
البر أول من صلى لـقـبـلـتـه ** وأعلم الناس بالقرآن والـسـنـن
وآخر الناس عهداً بالنبـي ومـن ** جبريل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهم لا تمتـرون بـه ** وليس في القوم ما فيه من الحسن

وقال إسماعيل بن محمد الحميري ‏:‏

سائل قريشاً به إن كنت ذاعـمـه ** من كان أثبتها في الـدين أوتـادا
من كان أقدم إسلاماً وأكثـرهـا ** علماً وأظهرهـا أهـلاً وأولاداً
من وحد الله إذ كانـت مـكـذبة ** تدعو من اللـه أوثـانـاً وأنـدادا
فمن كان يقدم في الهيجاء إن نكلوا ** عنها وإن يبخلوا في أزمة جـادا
من كان أعدلها حكماً، وابسطهـا ** كفا واصدقهـا وعـداً وإيعـادا
إن يصدقوك فلن يعدوا أبا حسـن ** إن، أنت لم تلق للأبرار حسـادا
إن أنت لم تلق أقواماً ذوي صلف ** وذا عناد لحق الـلـه جـحـادا

ومدائحه ومراثبه كثيرة ، رضي الله عنه‏ .‏ فلنقتصر على هذا ، ففيه كفاية، والحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى‏ .‏

المرجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير