شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : روايات حول الكعبة قبل إبراهيم .. تاريخ الكعبة


ثروت كتبي
06-04-2011, 10:03 PM
روايات حول الكعبة قبل إبراهيم .. تاريخ الكعبة

قام إبراهيم وابنه إسماعيل ببناء الكعبة بعد نزوحهما من فلسطين إلى بلاد الحجاز بأمر من الله سبحانه وتعالى . وهو ما يؤكده القرآن الكريم ، ويجمع عليه المؤرخون . ولكن يحلو لبعض المؤرخين أن يذكروا بعض الروايات التي تدور حول تاريخ بناء الكعبة ، فيجعلون لتاريخ الكعبة اصولا وجذوراً تمتد إلى ما قبل عهد إبراهيم وإسماعيل ، ويصبح الخيال الواسع عنصراً بارزاً في بعض الروايات . واختلاف بعض الروايات وتناقضها ، وعدم موافقتها للكتب السماوية ، يجعلنا لا نؤمن بصحتها . ولكننا ونحن ندرس تاريخ الكعبة المعظمة لا نرى بأساً من أن نذكر بعض هذه الروايات التي حوتها كتب بعض المؤرخين الأقدمين فقد أصبحت جزءاً من تواريخهم وهي محط أنظار القراء في كل زمان وحتى يمكننا ان نناقش هذه الروايات ونحكم عليها حكماً تاريخياً منهجياً .

فناك من المؤرخين القدماء من ينسب بناء البيت إلى الملائكة قبل أن يبرأ الله عز وجل الأرض ومنهم من نسب بناءها إلى آدم عليه السلام إلى ابنه (شيث) ولكن هذه الروايات لا تستند إلى مصدر أصلي قديم وجميع الشواهد تؤكد أن وادي مكة قبل نزوح إبراهيم وإسماعيل كان غير ذي زرع ، ولا يسكنه أحد ، لعدم توافر وسائل الحياة .

أما المؤرخون الذين ينسبون بناء البيت إلى الملائكة فيذكرون أن الله عز وجل غضب على الملائكة حين قال لهم : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } البقرة آية 30 ، وغضب الله سبحانه وتعالى على الملائكة وأعرض عنهم فلاذ الملائكة بالعرض ورفعوا رءوسهم وأشاروا بالاصابع يتضرعون ويبكون اشفاقاً من هذا الغضب وطافوا بعرش الله سبعاً كما يطوف الناس بالبيت الحرام وهم يقولون : "لبيك اللهم لبيك ، ربنا معذرة اليك ، نستغفرك ونتوب اليك" فنظر الله عز وجل اليهم ونزلت الرحمة عليهم ووضع الله سبحانه وتعالى تحت العرش بيتاً هو البيت المعمور ثم قال للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش فكان طوافهم بهذا البيت أيسر عليهم من طوافهم بعرش الخالق .

ثم أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة كما يذكر المؤرخون ، من سكان الأرض ، أن يبنوا في الأرض بيتاً على مثال البيت المعمور وأمر من في الأرض أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور .

فبنته الملائكة قبل خلق آدم بألفي عام وكانوا يحجون اليه . فملا حج آدم إلى هذا البيت قالت الملائكة له : "بر حجك يا آدم ، حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام" .

وروى العمري في كتابه "مسالك الابصار" عن عبد الله بن عمرو بن العاص انه قال : "خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة وكان عرشه على الماء على زبدة بيضاء فدحيت من تحته" واسند العمري هذه الرواية أيضاً إلى مجاهد وقتادة والسدى .

وأسند العمري إلى قتادة أنه قال : " ذكل لنا أن البيت هبط مع آدم وحين أهبط معك بيتي يطاف به كما يطاف حول عرشي . فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين حتى اذا كان زمن الطوفان رفعه الهل وطهره من ان تصيبه عقوبة أهل الأرض ، فصار معموراً في السماء . ثم ان إبراهيم تتبع منه اثراً بعد ذلك ، فبناه على اساس قديم كان قبله" .

وقال عطاء بن أبي رباح : وجه آدم إلى بكة حين استوحش فشكا ذلك إلى الله عز وجل في دعائه . فلما انتهى إلى بكة انزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن . فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث الله عز وجل إبراهيم فبناه فذلك قوله تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ } سورة الحج آية 26 . ويسند العمري هذه الرواية إلى ابي عروبة .

وروى أبو الوليد الأزرقي بسنده عن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب قال : ان الله تبارك وتعالى بعث ملائكته فقال ابنوا لي بناء في الأرض تمثال البيت وقدره . وأمر الله من في الأرض من خلقه أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور . قال : وكان هذا قبل خلق آدم عليه السلام والله أعلم .

ومن الروايات التي تدور حول بناء آدم البيت ، رواية تفرد ابن لهيعة في نسبتها إلى الرسول أنه قال : "بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا لي بيتاً فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى اذا أجابه الماء نودي من تحته : حسبك يا آدم . فلما بنيا أوحى الله تعالى اليه ان يطوف به وقيل له : انت أول الناس وهذا أول بيت . ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد فيه" .

ونسب ابن قتيبة في كتابه "المعارف" بناء الكعبة الى شيث بن آدم ، فروى "كان شيث بن آدم أجل ولد آدم وافضلهم وأشبههم به وأحبهم اليه وكان وصي أبيه وولي عهده وهو الذي ولد البشر كلهم اليه انتهى انساب الناس ، وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة وكان هناك خيمة لآدم وضعها الله له من الجنة" ويروي العمري : "وقيل ان آدم اول من بناها – أي الكعبة – وقيل شيث بن آدم ، وكانت قبل بنائه خيمة من ياقوتة حمراء ، يطوف بها آدم" . ولكن العمري بعد أن عدد روايات كثيرة لا يجزم اذا كان بناء الكعبة قبل إبراهيم كان على يد الملائكة أو على يد آدم ، او على يد ابنه شيث .

وهناك روايات كثيرة يذكرها مؤرخون اقدمون ولا نرى بأساً من ذكر بعضها ، فيذكر المؤرخ المسعودي أن قوم عاد لما اصابهم القحط "وفدوا إلى مكة يستسقون وكانوا يعظمون موضع الكعبة قبل ان يشيد بناءها إبراهيم وكان ربوة حمراء" وتتعدد الروايات عند بعض المؤرخين فيذهبون على انه كان في مكان الكعبة معبد قديم للعماليق اندثر واختفى قبل قدوم إبراهيم إلى بلاد الحجاز مما جعل هذه البلاد موضع تقديس حتى ان المصريين القدماء سموا بلاد الحجاز "البلاد المقدسة" .

قل الكعبة كان لبعض الانبياء بيوت فقد عرف نوح البيوت وسكنها قبل إبراهيم وكان لإبراهيم بيوت في وطنه ، ولكن الكعبة كانت أول بيت وضع للناس لعبادة الله الواحد الأحد وفيه آيات بينات .

يتبع : بناء إبراهيم وإسماعيل الكعبة .

المرجع
تاريخ الكعبة – د.علي حسني الخربوطلي – بتصرف