شبكة تراثيات الثقافية

المساعد الشخصي الرقمي

Advertisements

مشاهدة النسخة كاملة : أبو رجاء العطاردي


ريمة مطهر
02-01-2011, 08:03 PM
أبو رجاء العطاردي
( الطبقة الأولى من كبراء التابعين )

الإمام الكبير ، شيخ الإسلام، عمران بن ملحان التميمي البصري ، من كبار المخضرمين ، أدرك الجاهلية ، وأسلم بعد فتح مكة ، ولم يَرَ النبي صلى الله عليه وسلم .

أورده أبو عمر بن عبد البر في كتاب " الاستيعاب " . وقيل : إنه رأى أبا بكر الصديق .

حدث عن : عمر ، وعلي ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن عباس ، وسمرة بن جندب ، وأبي موسى الأشعري -وتلقن عليه القرآن ، ثم عرضه على ابن عباس ، وهو أسنُّ من ابن عباس .

وكان خيِّرا تلاء لكتاب الله .

قرأ عليه أبو الأشهب العطاردي وغيره .

وحدث عنه : أيوب ، وابن عون ، وعوف الأعرابي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وسلم بن زرير ، وصخر بن جُوَيرية ، ومهدي بن ميمون ، وخلق كثير .

قال جرير بن حازم : سمعته يقول : هربنا من النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت له : ما طعم الدم ؟ قال : حلو .

قال الأصمعي : حدثنا أبو عمرو بن العلاء ، قلت لأبي رجاء : ما تذكر ؟ قال : أذكر قتل بسطام ، ثم أنشد :

وخـر علـى الألاءة لـم يُوَسَّـــد *** كـأن جبينـه ســيف صقيــل

ثم قال الأصمعي : قُتِل بسطام قبل الإسلام بقليل .

أبو سلمة المنقري : حدثنا أبو الحارث الكرماني - وكان ثقة - قال : سمعت أبا رجاء يقول : أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا شاب أمرد ، ولم أرَ ناسا كانوا أضلّ من العرب ، كانوا يجيئون بالشاة البيضاء فيعبدونها ، فيختلسها الذئب ، فيأخذون أخرى مكانها يعبدونها ، وإذا رأوا صخرة حسنة ، جاءوا بها ، وصلّوا إليها ، فإذا رأوا أحسن منها رَمَوْها . فبُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أرعى الإبل على أهلي ، فلما سمعنا بخروجه ، لحقنا بمسيلمة .

وقيل : إن اسم أبي رجاء العطاردي عمران بن تيم ، وبنو عطارد : بطن من تميم ، وكان أبو رجاء - فيما قيل - يخضب رأسه دون لحيته .

قال ابن الأعرابي : كان أبو رجاء عابداً ، كثير الصلاة وتلاوة القرآن كان يقول : ما آسى على شيء من الدنيا إلا أن أُعفِّر في التراب وجهي كل يوم خمس مرات .

قال ابن عبد البر كان رجلاً فيه غفلة ، وله عبادة ، عُمِّر عمراً طويلاً أزيد من مائة وعشرين سنة .

ذكر الهيثم بن عدي ، عن أبي بكر بن عياش ، قلت : اجتمع في جنازة أبي رجاء الحسن البصري والفرزدق ، فقال الفرزدق : يا أبا سعيد ، يقول الناس : اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم . فقال الحسن : لست بخير الناس ولست بشرهم، لكن ما أعددت هذا اليوم يا أبا فراس ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده ورسوله ، ثم انصرف وقال :

ألـم تَرَ أن الناس مات كبيـرهم *** وقـد كـان قبل البعث بعث محمــد
ولم يُغْنِ عنه عيش سبعين حجـة *** وســتين لمـا بـات غـير موسـد
إلى حفرة غبراء يُكْرَه وردهـــا *** سـوى أنهـا مثـوى وضيـع وسـيد
ولـو كان طول العمر يخلد واحـدا *** ويــدفع عنـه عيـب عمـر عمـرد
لكـان الـذي راحوا به يحملونـه *** مقيمــا ولكـن ليس حـي بمخـلـد
نـروح ونغـدو والحـتوف أمامنا *** يضعـن بنـا حتف الردى كل مرصــد

أخبرنا إسحاق بن طارق ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا أحمد بن محمد ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ، حدثنا أبو العباس السراج ، حدثنا المفضل بن غسان ، حدثنا وهب بن جرير ، عن أبيه ، سمعت أبا رجاء يقول : بلغنا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن على ماء لنا يقال له سند فانطلقنا نحو الشجرة هاربين بعيالنا ، فبينا أنا أسوق القوم ، إذ وجدت كراع ظبي ، فأخذته فأتيت المرأة ، فقلت : هل عندك شعير ؟ فقالت : قد كان في وعاء لنا عام أول شيء من شعير ، فما أدري بقي منه شيء أم لا ، فأخذته فنفضته فاستخرجت منه ملء كفٍّ من شعير ، ورضخته بين حجرين ، وألقيته والكراع في برمة لنا ، ثم قمت إلى بعير ، ففصدته إناء من دم ، وأوقدت تحته ، ثم أخذ (ت) عوداً فلبكته به لبكا شديدا حتى أنضجته ، ثم أكلنا . فقال له رجل : وكيف طعم الدم ؟ قال : حلو .

محرز بن عون : حدثنا يوسف بن عطية ، عن أبيه : دخلت على أبي رجاء فقال : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان لنا صنم مُدَوَّر ، فحملناه على قتب ، وتحولنا ففقدنا الحجر ، انسل فوقع في رمل ، فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه ، فاستخرجته ، فكان ذلك أول إسلامي ، فقلت : إن إلها لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء وإن العنز لتمنع حياها بذنبها ، فكان ذلك أول إسلامي . فرجعتُ إلى المدينة وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم .

قال عمارة المِعْوَلي : سمعت أبا رجاء يقول : كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه فنعبده ، وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده .

قال أبو الأشهب : كان أبو رجاء العطاردي يختم بنا في قيام لكل عشرة أيام .

قال ابن عبد البر وغيره : مات أبو رجاء سنة خمس ومائة وله أزيد من مائة وعشرين سنة .

وقال غير واحد من المؤرخين : مات سنة سبع ومائة وقيل : سنة ثمان .

المرجع
سير أعلام النبلاء ، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي